الأحد، فبراير 17، 2008

عام الاغتيالات عام الحسم


عطا مناع

بدا سماحة الأمين العام لحزب اللة غاضبا حزينا وهو يقف أمام جثمان الشهيد عماد مغنية المعلم الأول لطراز جديد من المقاومين الذين تتلمذوا في مدرسته التي أذاقت دولة الاحتلال طعم الهزيمة، الحاج رضوان ..عماد مغنية..ساحر المقاومة..الشبح، هندس المقاومة اللبنانية في بدايتها وكنس الاحتلال الإسرائيلي من لبنان وادخل الرعب في قلب من اعتقد أن جيشه لا يقهر، جيش تضعضعت عقيدته القتالية لتتفجر التباينات في أوساط قيادته التي اتضح أنها نمر من ورق يرتكز على ترسانة من الأسلحة المتطورة والدعم السياسي والتسليحي العالمي.

كل المعطيات تؤكد أن الدولة العبرية فقدت البوصلة وجن جنونها بعد هزيمتها في حرب تموز وتصاعد المقاومة الفلسطينية التي هددت العمق الاستراتيجي لدولة الاحتلال التي تقف عاجزة أمام شعبها، فحزب اللة خرج من الحرب قويا وأعطى المقاومة الفلسطينية نموذجا نضاليا في الصلابة وطول النفس وعدم التراجع عن الأهداف الإستراتيجية، انتصار حزب اللة قوض القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي شهدت موجة استقالات التي أكدت عمق الأزمة فقد استقال وزير الحلاب الإسرائيلي عمير بيرتس ورئيس هيئة الأركان الجنرال دان حالوتس إضافة إلى تقرير لجنة فينوغراد الذي كشف عن هزيمة الدولة العبرية أمام حزب اللة من الناحيتين العسكرية والاستخباراتية ناهيك عن التفوق السياسي والنفسي في إدارة المعركة التي كشفت عن هشاشة الكيان.

إمكانات دولة الاحتلال كبيرة ومساحة حركتها على ارض الصراع واسعة، فهي الدولة التي تحارب العرب على الصعد الاقتصادية والنفسية والفكرية والصحية والاستخباراتية، ويعتبر البعد ألاستخباراتي من أهم اوجة الصراع ويتمثل بتجنيد الخلايا الجاسوسية الناشطة قي الدول العربية ، هذه الخلايا التي تستهدف المجتمع بالاغتيال السياسي حينا ونشر الفوضى والارباك أحيانا أخرى، حيث الخلايا التي تنشر الأمراض الاجتماعية والفوضى الاقتصادية والإحباط الذي يقود إلى اليأس واللامبالاة والابتعاد عن القضايا القومية، وقد شكل العمل ألاستخباراتي الإسرائيلي رأس حربة الصراع وكانت الاغتيالات السياسية لقادة المقاومة الفلسطينية على سلم أولويات الدولة العبرية.

دولة الاحتلال اغتالت وبانتقائية شديد أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني من أمثال كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار وأبو جهاد وأبو إياد وغسان كنفاني ووديع حداد، العشرات من قادة العمل الوطني كانوا مستهدفين حيث غيرت عمليات الاغتيال الإسرائيلية وجه الصراع وأحدثت فراغ قيادي في الثورة الفلسطينية، وحتى بعد اتفاقية أوسلو لم تتخل دولة الاحتلال عن هذا السلاح لتعيد الكرة وتحاصر الرئيس ياسر عرفات وتغتاله بأيد فلسطينية ضمن مسلسل مستمر من الاغتيال الذي طال أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والشيخ احمد ياسين الأب الروحي لحركة حماس والرنتيسي والعشرات من قادة العمل المقاوم في فلسطين.

وعودة لعملية الاغتيال التي نفذها الموساد الإسرائيلي للقائد العسكري لحزب الله عماد مغنية ، فقد فتحت هذه العملية الباب واسعا لتصاعد عمليات الاغتيال للقادة السياسيين وبالتحديد في فلسطين المحتلة، ليتحول عام 2008 وثمانية إلى عام الاغتيالات العلنية والقاسية حيث بدأت باغتيال أيمن الفايد القيادي في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بإلقاء قنبلة فراغية على منزل الفايد في مخيم البريج بقطاع غزة ليسقط العشرات من الشهداء والجرحى بعد أيام من اغتيال مغنية ومن التهديدات الإسرائيلية المباشرة باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية .

وزراء إسرائيليون وعلى رأسهم رئيس وزراء دولة الاحتلال يهود اولمرت نادوا علنا بتصفية قادة المقاومة الفلسطينية، وزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور ليبرمان رئيس حزب"إسرائيل بيتنا المتطرف" دعا لاحتلال قطاع غزة ، ودعا وزير الخارجية السابق سلفان شالوم بتصفية ما اسماه بالإرهاب ورؤساءه وبنيته التحتية كما طالب بعضهم هنية الاختباء ، مما يؤكد أن المقاومة الفلسطينية تواجه حربا من نوع آخر، إنها الاغتيالات التي ستأخذ نمطا آخر وتعطي الصراع بعدا جديدا في تصفية القيادة السياسية لفصائل المعارضة أملا منها في خلق واقع جديد يراكم لتنازلات سياسية.

المشهد الفلسطيني المقاوم جزء لا يتجزأ من نهج الممانعة العربية التي تتشكل ملامحها ويكتمل بنائها وتراكم انجازاتها التي أزعجت التحالف القديم الجديد الغير مقدس بين الامبريالية الأمريكية والرجعية العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وقد فرضت انجازات المقاومة شروط جديدة للصراع بين النقيضين، حيث اللعب على المكشوف، الرجعية العربية تعلن ليل نهار أنها ضد حزب الله والمقاومة الفلسطينية، وقد ارتبط القول بالفعل من خلال مواقف واضحة مباشرة وغير مباشرة، ففي الحرب على لبنان كان التآمر والتساوق مع إسرائيل واضحا بوصف عملية خطف حزب اللة لجنود إسرائيليون بأنها مغامرة غير محسوبة وبالطبع لا يخفى على احد الصمت العربي الرسمي على جرائم الاحتلال تجاه المدنيين خلال الحرب، وفي فلسطين المحاصرة بتنا ندرك أن اللعبة اكبر من حماس وفتح، وهذا ما لمحت إلية قيادات في رام اللة، فالحصار ألاحتلالي لقطاع غزة ليس إسرائيليا مئة بالمئة فهناك أطراف عربية تعمل في الخفاء رغم المساعدات التموينية المبرمجة والتي تأتينا بمباركة إسرائيلية.

إن عام 2008 لن يكون عام السلام كما أعلن في مؤتمر انابولس، ولن يكون عام الحسم لقضايا الخلاف، وأكد هذا الكلام الرئيس محمود عباس وأشار إلية أمنون شاحك الذي قال أنة سيكون عام لاتفاق المبادئ على ابعد تقدير والمعطيات الميدانية تأتي بعكس التوقعات الساذجة التي جاءت على لسان بعض الفلسطينيين، هذا العام هو عام الاغتيالات والموت بالجملة، إسرائيل تقول أن ستبدأ الحرب الشاملة على غزة بعد سنة في الربيع أو الصيف، لكن التطورات تفرض نفسها بطريقة متسارعة، وخاصة بعد تورط دولة الاحتلال مع حزب اللة الذي لا يعرف الرحمة ، حيث أعلن وعلى لسان أمينة العام السيد حسن نصراللة الحرب المفتوحة ردا على اغتيال مغنية.

دولة الاحتلال ستهرب إلى الإمام وباتجاه الحلقة الضعيفة المتمثلة في الفلسطينيين، وستكون القنبلة الفراغية التي أسقطت على منزل الفايد أول الغيث، مما بفرض على المقاومة اخذ التدابير والتكتيكات الكفيلة بتخفيف الخسائر ، وهذا لن يتأتى إلا بتوحيد الشعار المقاوم قولا وممارسة، والعمل بإستراتيجية موحدة وخطاب فلسطيني واضح يفضح الممارسات الاحتلالية وحشد الطاقات باتجاه المعركة القادمة التي ستكون فاصلة، مع العلم أن عزة تهزم دولة الاحتلال بوحدتها وصمود أهلها وليس فقط بصواريخها ومقاوميها في الضفة وغزة، ولن يكون عام 2008 عام الاغتيالات والموت والمذابح فقط، أنة عام الحسم والحرب المتوقعة في المنطقة بهدف الخروج من الدائرة المفرغة ، أنة عام الحرب العالمية الثالثة حيث ستتكالب الأمم على الحالة النهضوية العربية المتمثلة بحزب اللة والمقاومة الفلسطينية العراقية، وعام 2008 سيسقط ما تبقى من ورقة التوت عن عورات الأنظمة الرسمية المتساوقة مع المرحلة الأمريكية وستسقط طبقات بأكملها في أحضان الولايات المتحدة وإسرائيل.

ليست هناك تعليقات: