الجمعة، فبراير 29، 2008

أطفال بعمر الزهورتبيت في ثلاجة الموتى


نيللي المصري
اغتيال الطفولة بات واقعا مريرا تعيشه الأمهات الفلسطينيات بكل ألم وحسرة..قذيفة تاهئة بل مقصودة تتجه صوب تلك الضحكة البرئية التي اعتادت الأولى على رائحة الدم وأشلاء الأبرياء المتناثرة هنا وهناك..دون أدنى رحمة..من بين فكي تلك الوحوش تتهاوى الصواريخ بكل مكان وبأي توقيت...
وتهرول مسرعة لتخرس ضحكة هؤلاء الأطفال البرئية لتعانق الروح السماء وتعود الى بارئها..الطفل الرضيع محمد ناصر البرعي ذو الستة شهور لم يكن يدري أنه بضحكاته الأخيرة التي كان يلهو بها أن يودع والديه اللذان طالما انتظراه طويلا بعد خمس سنوات من العلاج...
حجارة ضخمة وشظايا وقطع من السقف الأسبستي المتهالك انهارت على الطفل محمد وهو متعلق بصدر أمه، أطلق صرخة واحدة وسط الظلام الدامس الذي خيم على المنزل جراء انقطاع التيار الكهربائي...انفجار كبير يهز أرجاء المكان والطفل الرضيع لم يعد بحضن أمه من شدة الانفجار ..
هرول الأب مسرعا وكذلك الأم في وسط الغبار والحجارة والظلام يبحثون عن ابنهم فلذة كبدهم علهم سمعوا ضحكته ويدلهم على مكانه... 'ذهبا باتجاه الصوت يتحسسون وسط الركام، لمس الأب يداي طفله، سائل دافء لزج بلل يداه، أيقن حينها أن ابنه مصاب، لم يسمعه يصرخ أو يصدر اصواتا كالمعتاد، تلك هي المرة الأخير التي سمع فيها صوته' ....
اصيب الطفل اصابة بالغة في راسه ومن شدة الالم لم يستطع البكاء وفارق الحياة وفارقت ضحكته البرئية تاركة دموع الألم والحسرة بقلوب والديهما اللذان لاحول لهما ولا قوة الا بالله...الأم لم تستطع ان تتحمل هول المفاجأة والصدمة وبلمح البصر أن يفارقها الابن الوحيد الذي رزقهما الله به بعد خمس سنوات من رحلة علاج من العقم من اجل انجاب طفل يزين لهما حياتهما وانهارت امام ما رأته من مشهد قاس يصعب على اي ام ان تتحمل رؤيته....
فلذة كبدها بعد أن كان يلهو بحضنها الدافئ أصبح بعد ساعات يرقض بثلاجة الموتى على مقربة منها حيث ترقد في قسم الاستقبال بنفس المستشفى ..الفاجعة كانت قوية..لم تتمالك نفسها وهي ترى سريره فارغا بجانب ألعابه التي دمرتها أيضا آلة الحرب والموت الاسرائيلية من جراء القصف الذي دمر أيضا أحلامها بتربيته الى أن يكبر وأحلام الطفل البرئي الذي قضي مع سبق الاصرار والترصد بأسلوب همجي اشد قسوة وأكثر توحشا واستهدافا للأبرياء خاصة الاطفال .
Nsport9@gmail.com

ليست هناك تعليقات: