الأحد، يونيو 01، 2008

أضم صوتي إلى صوت رئيس الجمهورية

سعيد علم الدين
إلى المجلس النيابي الموقر والسيدات والسادة نواب الشعب الأفاضل!
صوت المغترب أيها السيدات والسادة هو صدى الوطنِ في الآفاق فأعيدوا رَجْعَهُ إلى الوطن!
وعندما دندن المغترب اللبناني الكبير جبران خليل جبران في نيويورك: أعطني الناي وغني. لم يكن سوى جسدا في نيويورك وروحا هيمانة تحلق عشقا فوق الوادي المقدس وتدندن اناشيد الغربة للأرز المهيب.
واعتقد ان القسم الاعظم من المغتربين اللبنانيين اجسادهم في الغربة وارواحهم ترفرف فوق بقاع وهضاب وسهول وقرى ومدن وشوارع وحارات الوطن الحبيب.
تأتي هذا المقالة انسجاما مع خطاب القسم الذي ألقاه فخامة الرئيس ميشال سليمان لاحظا فيه حق المغتربين بقوله : " إن جناح لبنان الثاني، يلتفت إلينا اليوم، يحدوه الأمل في أن يرى وطنه الأم، وقد تعملق من جديد، من هنا، علينا الاعتراف بحقوق المغتربين، والمضي قدما في الإجراءات الآيلة إلى تعزيز التصاقهم، وتداخلهم بالوطن، والاستعانة بقدراتهم وتوظيفها، حتى لا يبقوا في غربة عن الوطن. إنهم الأحق بالجنسية اللبنانية من الذين حصلوا عليها من دون وجه حق".شكرا يا فخامة الرئيس على هذه الاتفاتة الصادقة الكريمة!
ولهذا فإننا كمغتربين نرفع الصوت عاليا إلى جانب صوتك مطالبين السادة النواب أن يلحظوا في مداولاتهم ومناقشاتهم لقانون الانتخاب الجديد حق المغترب اللبناني في المشاركة في الانتخابات النيابية.
وهكذا سيتحقق هدف عظيم لا يستهان به في خدمة الوطن وتمتين أواصر العلاقة العضوية مع مغتربيه.وهنا لا بد من الإجابة عن السؤال التالي: أهل مشاركة المغترب في الانتخابات عموماً حق وواجب وطني مطلوب، أم هو عمل تجميلي لا جدوى منه ولا فائدة؟ فلبنان ايها السيدات والسادة كما هو معروف بلد صغيرٌ فريد من نوعه. ومن فرادته المميزة انتشاره الكبير في كل أنحاء المعمورة. وكما أنه طائرٌ لا يستطيع التحليق إلا بجناحيه المسيحي والإسلامي، كذلك هو قلب لا يستطيع الخفقان إلا بالمقيمين بحيوية وعطاء على أرضه المعطاء والمغتربين المنتشرين بنشاطٍ نفتخرُ به في البقاع.
لا أبالغ هنا إذا قلت: أن لبنان هو الدولة الوحيدة الكبيرة على صغرها في العالم، والتي يفوق عدد أبنائها المغتربين عدد المقيمين على أراضيها. هذا يعتبر مصدر قوة لا حدود له. ولبنان الصغير لم يُصَدِّرْ فقط الحرف والأرجوان والمهارة والحذق وخشب الأرز والتجارة والشطارة، بل أيضا وما زال رجال الفكر والأدب والشعر والصحافة والسياسة والاقتصاد والعلم والفن الإبداع والجمال. لا مجال لذكر الأسماء فهم بعشرات الآلاف، ومنهم من بنى صروحاً في المهاجر ومنارات، ومنهم من ارتقى أعلى المناصب والمراتب، ومنهم من حصل على جوائز عالمية في كل الحقول والعلوم، ومنهم من يقود الجيوش العظمى دون غرور. والكل أي كل المغتربين يخفق قلبهم مع وطنهم الصغير. خاصة هذه الأيام حيث يمر الوطن ومنذ سنوات بأحداث مأساوية عظام. تهزَّهُ وتهزنا معه، وتعصف به وتعصف بنا أيضاً. زلازلٌ سياسيةٌ إرهابية شنعاء تضرب الوطن يعيشها المغترب اللبناني بكامل أحاسيسه ومشاعره ألماً وأملاً. والأمل أصبح، رغم الاغتيالات البشعة الإرهابية النكراء ورغم التفجيرات الحاقدة المجرمة بحق الأبرياء ورغم محاولات المحور الإيراني السوري بقيادة حزب الله المكشوفة والمستهجنة زرع الفتنة بين الاشقاء وزعزعة الأمن وتدمير الاقتصاد، رغم كل ذلك يظل الأمل يفوق الألم بعودة السيادة الكاملة والحرية والديمقراطية والحضارة والسلام الحقيقي بقيادة المخلصين من ابناء الوطن.
من خلال انتشار الفضائيات أصبحت مشاكل الوطن داخل غرفنا وعلى سرائرنا وأمام أنظارنا نعيشها لحظة بلحظة، نبكي مع الباكين أمام ضريح شهيد لبنان العظيم رفيق الحريري، وننتفض مع المنتفضين في ساحة الحرية من أجل الخلاص والاستقلال، ونبتهل مع المبتهلين من أجل حفظ لبنان من أيدي الأشرار المجرمين، الذين يحاولون بكل انحطاط أخلاقي خسيس إشعال الفتنة التي لن تشتعل إلا في صدورهم الحاقدة، ونفرح بصدق مع فرح الوجوه المشرقة بإنهاء الاعتصام الفاشل وعودة الحياة البيروتية الطبيعية لتنبض بنشاط الشباب في وسط قلبها التجاري.
نعلن هنا بأننا نكن مشاعر الحب والصداقة للشعب السوري الشقيق، مطالبين بتبادل سفراء وفتح سفارات بين بيروت ودمشق، كما هو حاصل بين كل الدول العربية الشقيقة ونطالب أيضاً بأفضل العلاقات الأخوية السليمة الندية لمصلحة وخير الشعبين الجاريّن. نحن المغتربون حتى ولو ابتعدنا لظروف آلاف الكيلومترات عن الوطن، إلا أننا نظل بأرواحنا جزء لا يتجزأ من المقيمين على أرضه، فقلوبنا وعقولنا ومشاعرنا عندكم يا أهل الجبل ودوحة عرمون وعالية والشويفات والبقاع وسعد نايل وزحلة والشمال وطرابلس وباب التبانة وعكار وحلبا والمنية والجنوب وصيدا وصور والنبطية وبيروت والطريق الجديدة والمزرعة وراس النبع وعائشة بكار وكل منطقة من ارض لبنان المقدسة.
الانتخابات النيابية ستكون ناقصة إذا لم تضمن حق المغترب بالمشاركة فيها. لماذا؟ لأنه واجب على كل لبناني المشاركة في تقرير مصير وطنه، وهذا لا يتم إلا من خلال صوته الانتخابي. الكلام هنا موجه لجميع القائمين على هذا الأمر من موالاة ومعارضة، والى رئاسة الجمهورية وحكومة الوحدة الوطنية العتيدة.
أليس من الحكمة أن يشارك كلٌ من أماكن تواجده، في دفع عجلة الديمقراطية اللبنانية وتنشيطها إلى الأمام!
لبنان المخطوف منذ أكثر من ثلاثين سنة يجب أن يعود إلى كل أبنائه، مقيمين ومغتربين، لكي يحلق طائر الفينيق في الأفق من جديد، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بسواعد وأصوات الجميع. المقصود بالصوت هو الصوت الحضاري الراقي الصامت المجلجل في صندوق الاقتراع وليس الصراخ الغوغائي الفاشي المتلاشي في الهواء.
لبنان ما زال في بداية الطريق، ولكي يتعافى من سنواته العجاف وينطلق إلى بناء المستقبل، فهو بحاجة إلى كل أبنائه. الاغتراب اللبناني يجب أن يشارك في القرار الوطني لصنع المستقبل، وإلا ستكون الانتخابات كما اسلفت ناقصة ديمقراطيا وغير ممثلة للبنان بجناحيه المقيم والمغترب. السفارات اللبنانية متواجدة في كل أنحاء العالم وهي أماكن طبيعية يستطيع المغترب فيها أن يدلي بصوته.مشاركة المغترب مسألة مهمة جداً، لربطه أكثر بوطنه الأم. ثم أليس تقرير مصير الوطن مهمة كل اللبنانيين الحريصين عليه، مقيمين ومغتربين، وعلى قراره الحر المستقل وقدسية ترابه! ثم لماذا يحق للمغترب السوداني والألماني والعراقي والفرنسي والتركي والأمريكي والإنكليزي... إلخ، أينما كان المشاركة في انتخابات بلاده وتقرير مصيرها وننسى مشاركة المغترب اللبناني، مع العلم أن معظم الدول الديمقراطية يشارك مغتربوها في انتخاباتها من أماكن تواجدهم، ويعتبر ذلك تنشيطاً للديمقراطيةفي بلادهم الأم ومشاركة في صياغة القرار الوطني.كم أتمنى أن تهتم الموالاة والمعارضة الوطنية بهذا الأمر، لكي تكون على جدول أعمالها، ولكي يكون لها صدى وتؤخذ بعين الاعتبار. عملياً لا أعتقد أن هناك مشكلة بتحقيق هذا الهدف الديمقراطي السليم، الذي سيكون بلا شك دعماً للديمقراطية وتحقيقاً للسلام الوطني والعمران، وشد المغترب إلى وطنه أكثر ليشارك في همومه ويعمل بصوته من أجل التغيير والخلاص. فنعم لمشاركة المغترب في الانتخابات ليكون ذلك حقاً من حقوقه وواجباً وطنيا من واجباته مطلوبا منه، ولكي لا يذهب صوته سدى في الافاق.
برلين

ليست هناك تعليقات: