الاثنين، فبراير 02، 2009

تركيا أردوغان .. وأعراب

شوقي مسلماني
فيما عربٌ يفقأون أعينهم ويصمّون آذانهم ويقطعون ألسنتهم ويجدعون أنوفهم إمعاناً في الذلّ .. ينهض أناس إيرانيّون ليرفعوا راية فلسطين والقدس ثمّ ينهض أناس أتراك ليرفعوا الراية ذاتها في مفارقة تؤكّد أن الحقّ مهما حجبته سحب دخان سيظلّ يُشرِق مذكِّراً العالم أنّه الحقّ وأنّه لا يموت.
تحدّث شمعون بيريز رئيس دولة الكيان الصهيوني 25 دقيقة في مؤتمر دافوس الإقتصادي العالمي ودافع بشراسة عن جرائم جيش الدفاع الإسرائيلي الأخيرة في غزّة. لاحظ رئيس وزراء تركيا رجب طيّب أردوغان مدى العنجهيّة والإستكبار في لهجة بيريز .. وقرأ جيّداً ذلك الصوت الحاد الذي يفضح أكثر ممّا أُريد منه أن يستر. إستمع أردوغان، وكان يسمع أمين الجامعة العربيّة عمرو موسى (وربّما كان يعمل أنّه لا يسمع) أمسكَ أردوغان زمام المبادرة وقال لبيريز: "إنّ صوتك المرتفع له علاقة بشعور عميق بالذنب" وأردف: "عندما يتعلّق الأمر بالقتل فأنتَ تعرف جيّداً كيف تقتل" .. وأخيراً نهض وقال: "انتهى دافوس بالنسبة لي".
هكذا تكلّم رجب طيّب أردوغان وأعطى ظهره لبيريز وأمين عام الأمم المتّحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربيّة عمرو موسى وخرج عائداً إلى بلاده لكي يستقبله شعبه استقبال الأبطال. الكلّ يعلم أنّ لتركيا علاقات دبلوماسيّة وتجاريّة مع دولة الكيان الصهيوني مثلما هي عضو في حلف شمالي الأطلسي الذي تقوده الولايات المتّحدة الأميركيّة الراعية الإمبرياليّة الأكبر لإسرائيل منذ حلّت محلّ الإستعمار القديم متمثِّلاً ببريطانيا وفرنسا في الهيمنة على مقدّرات المنطقة العربيّة المقهورة بأنظمة لا هي للعير ولا هي للنفير إذا لم نقل متآمرة عن سابق تصميم وتصوّر .. تركيا على رغم علاقاتها الوطيدة بقوى أعداء الإنسانيّة والإرهابيين بامتياز تقف وقفتها بشخص رئيس وزرائها الطيبّ الذكر رجب طيّب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية وتقول كلمتها في دافوس فأين وقفت وقفتها وقالت كلمتها بلاد عربيّة لها ثقل شعبي ومالي وعلاقات مع أغلب بلدان ما يُسمّى بالمجتمع الدولي؟ ولكن مهلاً .. ألم تقف هذه البلاد العربيّة وقفتها حينما أعلنت أنّها ستحاسب الذين تجرّأوا ويتجرأون على الوقوف بوجه الصهاينة ورعاة الصهاينة وأذناب الصهاينة؟ ألم تقف وقفتها وتقول كلمتها حينما أعلنت أنّها ستحطّم أرجل الجياع الفلسطينيين بسبب الحصار الهمجي الإسرائيلي إذا تجاوزوا حدودهم من أجل كسرة خبز؟.
قال شكسبير: جريمة هي في أحسن أحوالها جد شنيعة .. إلاّ أنّ هذه الشناعة الشديدة غريبة وغير طبيعيّة.
Shawki1@optusnet.com.au


ليست هناك تعليقات: