محمود الزهيري
ماذا بعد الإنتخابات الإسرائيلية التي جرت أخيراً ؟, وكما يصف البعض تلك الإنتخابات , بأن المجتمع الإسرائيلي أعطي تسيبي ليفني الشقة , ولكن ترك المفتاح لإيهود باراك , وهذه حقيقة مشاهدة من الإنتاج الفعلي للمجتمع الإسرائيلي الذي ينحو بشدة تجاه العنصرية والدموية التي سيطرت علي عقليته المتصلة بمنظومة الأمن المنفقودة والباحث عنها في طيات الحروب والصراعات وفواتير الدم التي يدفعها الشعب الفلسطيني الأعزل إلا من اسلحة بعض الفصائل الفلسطينية المقاومة التي تسبب رغم بساطتها ونتائجها المتواضعة / تنتج حالات من فقدان الأمن للمجتمع الإسرائيلي الراغب في الحياة علي حساب حياة الآخرين .
وهذا ماعبرت عنه نتائج الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة في الدولة العبرية , من صعود لتيار ليبرمان بتاريخية كاهانا المتمثلة في نتائج تلك الإنتخابات , وهذا ماعبر عنه جدعون ليفي في عدد هاآرتس 8 2 2009 إذ قال بالحرف الواحد : ليبرمان هو صوت الجمهور، وهذا الجمهور متعطش للكراهية والانتقام والدم. حرب عدمية مع مئات الأطفال القتلى استقبلت هنا بالتعاطف، إن لم نقل بالفرحة. حاولوا استبعاد القوائم العربية بمبادرة من أحزاب من الوسط ومن اليسار، وهذه القوائم مستبعدة مسبقًا من أية حسابات سياسية. الطلاب العرب لا يستطيعون استئجار شقة. عندما ستندلع هنا ذات مرة انتفاضة للعرب في إسرائيل سنعرف من الذي نوجه إليه أصابع الاتهام -من حرّض بصورة إجرامية ضدهم، وبدرجة لا تقل عن ذلك من حوّل هذا التحريض إلى مسألة دارجة مقبولة وشرعية. لقد امتد الورم الخبيث لكافة أنحاء المجتمع، ولم يتبق الآن إلا توجيه نداء يائس وصرخة اللحظة الأخيرة: أبعدوا أياديكم عن هذا البغيض. إياكم و «إسرائيل بيتنا» حتى لا يتحول هذا الحزب فعلاً -لا سمح الله- إلى «إسرائيلي بيتنا».
وقال في بداية مقاله :يمكن للحاخام مائير كاهانا أن يرقد بسلام وطمأنينة؛ عقيدته انتصرت. بعد عشرين سنة على رفض قائمته، وبعد 18 عاما على اغتياله، تحولت الكاهانية إلى نهج شرعي في الخطاب العام المركزي في إسرائيل. إذا كان ثمة ما يميز هذه الحملة الانتخابية الخاوية، التي ستنتهي بعد غد، فهو تحويل العنصرية والشوفينية إلى قيم مقبولة.
لو كان كاهانا حيًّا وتنافس في انتخابات الكنيست الثامن عشر، فلن يتوقف الأمر على عدم استبعاد قائمته بل كان سيفوز بأصوات كثيرة على غرار ما يتوقع لقائمة «إسرائيل بيتنا». المحظور أصبح مباحًا، والمنبوذ أصبح مقبولاً والمكروه أصبح موهوبًا وكفؤا.. هذا هو المنحدر الشديد الذي تدهور إليه المجتمع في إسرائيل خلال العقدين الأخيرين.
يري غيل سمسونوف في صحيفة غلوبس عدد 8 2 2009 مقارناً بين ماحدث في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل قائلاً : إذا كانوا في الولايات المتحدة اضطروا للاختيار بين أوباما وماكين، فإن الطريقة العجيبة التي لدينا تمكننا من الحصول على الاثنين. وهنا فعليا تنتهي المعركة الانتخابية. لأنه إذا كان ممكنا الحصول على الجميع، فلماذا الخروج إلى الشوارع؟ لماذا التظاهر؟ إذا كان المرشحون منفتحين ومتواصلين مع بعضهم البعض، ويلتقون ببعضهم البعض، بل ويقولون إنهم سيقترحون على خصومهم مناصب وزارية رفيعة في الحكومة، فلماذا علينا نحن، الناخبين، الاقتناع بمرشح متنافس؟
وهذا مايدلل علي سقوط خيار الشفافية والديمقراطية في الدولة العبرية , فالغالبية منقادة لطريق الدم والعنصرية ولايوجد إتفاق بين الأحزاب الإسرائيلية إلا علي فاتورة الدم والعنصرية في تلك المرحلة البائسة من تاريخ الصراع في الشرق الأوسط , وعلي أخص وجه الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي الذي يمثل الوجه الحقيقي للصراع , أو الصراع الزائف الذي يرسم علي أنه الصراع العربي / الإسرائيلي .
الرهان علي الشفافية في إسرائيل لم يعد مقبولاً لدي القادة في الدولة العبرية وإنما الرهان الصالح هو المعول عليه بالديمقراطية المنتقاة والموظفة لصالح ولاءات الدم والعنصرية , فالخيار المطروح علي طاولة السياسة بإرادة المجتمع الإسرائيلي , هو خيارالديمقراطية المبنية قواعدها علي الدم والعنصرية في مقابل إدعاء مزعوم مفاده أن الدم والعنصرية يجلبان الأمن للدولة العبرية , وهذا خيار خاطئ عن عمد وسوء قصد ترعاه وتسانده كفة المصالح السياسية لأحزاب اليمين الإسرائيلي واحزاب الوسط , المتصارعة علي كسب ولاءات الدم والعنصرية ضد الأطفال والنساء والشيوخ والعجزي والمصابين من الشعب الفلسطيني , في حالة تصورية ملعونة يؤكدها ويسعي لتفعيلها المجتمع الإسرائيلي بإختيارته المقامة علي أساسات مغلوطة وخائنة لقيم الإنسانية والأخلاق , التي تستمرئ الإجرام الدموي والعنصرية برايات دينية عنصرية مغلفة بأغلفة محتمية برايات سياسية مخادعة يصنعها قادة الأحزاب السياسية الإسرائيلية .
وكاهانا يسترجع تاريخيته ووصاياه لأفيجدور ليبرمان , وعلي حد قول جدعون ليفي : الآن يوشك مبتدع العنصرية الإسرائيلية الجديدة على التحول إلى قائد لحزب كبير، على ما يبدو سيكون شريكًا في الحكم مرة أخرى؛ فقد تعهد بنيامين نتنياهو بأن ليبرمان سيكون في حكومته وزيرًا هامًا.
لو أن شخصًا شبيهًا به انضم إلى حكومة ما في أوروبا لقطعت إسرائيل العلاقات معها.
ولو أن أحدا ما توقع في أيام كاهانا البائسة بأن الوعد بتحويل خليفته إلى وزير هام سيعتبر هنا ذات يوم ذُخرا انتخابيا، لقالوا إن هذا كابوس . ولكن الكابوس أصبح هنا والآن .
والحقيقة المغيبة والتي يعلمها القادة الإسرائيليين في الدولة العبرية أنه لايمكن أن تكون هناك حدود ثابتة للدولة العبرية في حالة غياب سلام حقيقي فلسطيني في الأساس , وأن خلفية الصراع الدموي ومحاولات تحقيق الأمن المفقود لن تحققها فواتير الدم والعنصرية التي يتم تغذية المجتمع الإسرائيلي بها بخلفياتها العدائية الدينية العنصرية الممقوتة والتي ترفضها الأخلاق وتمقتها الإنسانية .
إن الحدود التي تسعي الدولة العبرية إلي تثبيتها لايمكن أن تصل إلي حالة الإستاتيكية في ظل الصراع الدموي المستمر الذي يغذيه الساسه ويفتح له شلالات ومنابع , وينفذه الجيش الإسرائيلي بعدوانية وشراسة ضد الشعب الفلسطيني في غزة , والمحاولات البائسة التي ترعاه إسرائيل , والتي تجعل الشارع العربي شاخصاً بأبصاره لغزة / حماس علي أنهم أنبياء , ورامقاً للضفة / فتح علي انهم خونة .
ولنا أن نسأل سؤالاً عن الصورة في الجانب الآخرالذي يريد لحدود أسرائيل أن تكوم ديناميكية ليستمر الصراع إلي الأبد ممثلاً في الجانب العربي / الفلسطيني ؟
mahmoudelzohery@yahoo.com
الاثنين، فبراير 16، 2009
العنصرية تجتاح المجتمع الإسرائيلي .. والعرب يزايدون !! 1 / 2
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق