سعيد علم الدين
لا بد من التوضيح مسبقا بان ما سأورده هنا هو تحليل فكري سياسي استشفافي. هو استنتاجات للحقيقة وليس حكما قضائيا بحق أحد.
ولا يعدو عن كونه وجه نظر. من اقتنع بها كان به ومن لم تقنعه فلن يجبره أحد على الاقتناع بها. ووجهات النظر هدفها توضيح الأمور وإعمال التفكير، وهي جزء مهم من حرية التعبير في مجتمع ديمقراطي سليم قائم على التعددية الفكرية وليس الأحادية والشمولية.
نشرت جريدة السفير 13 شباط 2007، في ذكرى مرور سنتين على استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري رسالة لحسن نصر الله بهذه المناسبة يتوجدن فيها جدا، وينحزن الى أبعد الحدود على صديقه الحميم رفيق الحريري، الذي كانت تربطه به علاقة ود وصراحة حوار وزيارات اسبوعية وتبادل أفكار، حيث تكاد دموع التماسيح تنهمر من العينين مدراراً، بعنوان:
" خسرناه جميعاً .. مَن حالفه ومَن خالفه".
ما زال فحوى الرسالة يجول في خاطري منذ قراءتها، كيف لا وتصرفات وممارسات نصر الله تجاه الشعب اللبناني المجروح وعائلة الحريري المفجوعة وتيار المستقبل المكلوم ومنذ اغتيال رئيسه تتعارض كليا مع وجدانياته التى حاول إصباغها على رسالته.
ولهذا فقد تركت كلماته التي سأتطرق اليها بالتفصيل أثرا في نفسي لا يمكن ان يمحى، وانطباعا أكدته سلسلة جرائم الاغتيال والخطف والانفجارات البشعة المتتابعة، والأحداث العاصفة التي هزت البلاد لجرها الى الحرب الأهلية وبكل تصميم، والأيام الخطيرة التي مر بها الشعب اللبناني الطيب وهو يتعرض لأبشع المؤامرات والدسائس في تناغم غريب وانسجام بل ووحدة حال بين النظامين السوري والإيراني من الخارج، وأدواتهم من جماعة 8 اذار وفي مقدمتهم يأتي نصر الله كمندوب سامي مسلح حتى الأسنان لهذين النظامين، والذي لم تهتز شعرة من ذقنه لكل الأهوال التي تعرض لها اللبنانيون، بل وفوق هذا وذاك زجهم في كارثة تموز المدمرة وما زال حتى اليوم يرقص على جراحهم سائرا على نفس المنوال.
فهو يقول مثلا شكرا للنظام السوري، في الوقت الذي يوجه فيه الشعب اللبناني المفجوع أصابع الاتهام بعملية الاغتيال الزلزال الى رأس النظام بشار الأسد علنا.
على القليلة لو سكت لكان اشرف له بكثير في اعين اللبنانيين!
وكأنه يقول شكرا يا بشار على عملية الاغتيال، لأنك حذفت من طريق مشروع الملالي المذهبي خصما سنيا كبيرا بحجم رفيق الحريري.
مستفزا بشكره هذا الشعب اللبناني بطريقة بشعة كعملية الاغتيال نفسها التي ذهب ضحيتها عشرات الابرياء ومئات الجرحى عدا الدمار والحفرة التي تؤكد على الحقد الدفين على لبنان وشعبه.
وهكذا كان كلما:
تأزم نصر الله وتهجَّم، وعَلَّكَ بالكلام وشتم، ودجل على الشعب وتمرجل، ووعد بصيف هادئ وكذَّب، وصرخ في خطاباته وأرعد، وأرغى على الشاشة وأزبد، وهدد اللبنانيين وتوعد، واعتكف عن العمل الحكومي وذهب، ثم استقال وعلى قفاه قعد، والحكومة بالشائعات والعمالة رجم، وأغلق البرلمان بسبب المحكمة وعلى النظام الديمقراطي انقلب، وخطف في 12 تموز مستدرجا اسرائيل عن سابق تصور وتصميم لتدمير لبنان وندم، بقوله لو كنت أعلم لما فعلت، والأنكى من ذلك أنه أحرار الوطن وقوى 14 اذار خوَّن، وثَلَّثَ بالثلث المعطل وقسَّم، وفي وسط العاصمة اعتصم، وغير آبه بلقمة عيش اللبنانيين احتل وعطل، والهجوم الإجرامي على بيروت والجبل في 7 ايار ارتكب، معلنا الحرب على الطوائف اللبنانية التي ترفض الانصياع لإرادته الشريرة دون سبب.
ما ذكرته هنا هو جزء بسيط من وقائع وحقائق واحداث راقبها العالم أجمع عرت نصر الله بالكامل، كاشفةً حقيقة تورطه أمام الرأي العام اللبناني والعربي والعالمي بزلزال 14 شباط المشؤوم.
ولهذا فهناك شيء غير طبيعي في داخله يحركه، يثيره، ينخزه، يوتره ويجعله يفقد اتزانه ويطول لسانه كرجل دين، ويفقد صوابه معتديا في أكثر من مناسبة على المواطنين الآمنين، كما فعل في 7 ايار وقبلها وبعدها.
لأن هناك مسلة تنعره وتتركه ومنذ عملية الاغتيال مأزوما لسببين:
الأول، بدأ يصدعه ويؤزمه ويؤرقه منذ تعزيته لآل الحريري في قريطم إثر عملية الاغتيال، الذين طلبوا منه دعمهم في موضوع محكمة دولية لعدم ثقتهم بالقضاء اللبناني المسيطر عليه في تلك الفترة من وكيل النظام الأمني السوري اللبناني عدنان عضوم.
هنا سقط في يده وبدأت مشكلته تتفاقم مع ال الشهيد وتيار المستقبل وقوى 14 اذار والشعب اللبناني ككل.
حتى ان اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميل يأتي بالدرجة الأولى بسبب اصراره على موضوع المحكمة. ومن هنا نستطيع استشفاف التحالف العضوي للاعبين الصغار كنصر الله وشاكر العبسي واحمد جبريل وفتحي يكن ووئام وهاب وميشال عون وسليمان فرنجية وناصر قنديل والقوميين السوريين وغيرهم.
لأنه: لا نصر الله ولا جماعة 8 اذار ولا اسيادهم في النظامين السوري والايراني يريدون سماع كلمة محكمة.
لأنها ستكون محاكمتهم وأمام العالم أجمع ومنذ اغتيال الشهيد كمال جنبلاط عام 77.
الثاني، هو صرخة الملايين المدوية بكلمة الحقيقة. بدنا الحقيقة!
ترجمت الى كل لغات العالم وسمعتها شعوبه التي تريد أيضا مع الشعب اللبناني معرفة الحقيقة.
فنصر الله مأزوم لهذين السببين ومن خلال أزمته يؤزم لبنان.
فنصر الله مرعوب ومن خلال رعبه يرعب اللبنانيين.
فنصر الله متوتر ومن خلال توتره يوتر الأوضاع.
فنصر الله متورط ومن خلال تورطه لا يستطيع ان ينام.
وهل ممكن ان يتمتع بنوم من يلاحقة سيف العدالة؟
كيف لا وهو واقع وباقي المتورطين كبارا وصغارا ورؤساء ومرؤوسين بين مطرقة المحكمة وسندان الحقيقة. ومن هنا يأتي حقده على تيار المستقبل بحرق محطاته ومؤسساته، وعلى قوى 14 آذار وعلى الشعب اللبناني وأكثريته البرلمانية في إصرارهم على المحكمة والحقيقة.
المحكمة على الأبواب. الحقيقة ستظهر. العدالة ستتحقق. والقتلة سيعاقبون وسيدفعون ثمن إجرامهم وإرهابهم غاليا جدا وعارا سيلاحقهم الى الأبد.
لا بد وأن أحيي هنا قوة عزيمة وشجاعة ووطنية مفتي صور وجبل عامل السابق العلامة السيد علي الامين، الذي كشف بعد مشاركته في مهرجان 14 آذار المليوني عام 07 في ساحة الحرية/الشهداء عن تلقيه تهديدات سلمها الى السلطات. قائلا: "نحن نخاف على امننا لكننا لسنا أفضل من الذين سبقونا". أطال لنا الله في عمره ذخرا للبنان الجريح وهامة عالية من هاماته الوطنية. هذه التهديدات تم تنفيذها بواسطة زعران "أمل" وعصابات "حزب الله"، الذي تحمل منهم الأذى والضرر حيث فرضوا علية وبالعنف والإرهاب وتحت قوة السلاح التخلي عن دار الإفتاء الجعفري.
إن دل هذا على شيء فهو يدل على الفكر الشمولي الإلغائي الخصب عند أتباع ولاية الفقيه"حزب الله" وحلفائهم.
وفي إيران الملالي لا يوجد أي مكان للفكر الآخر الذي يتم إخراسه: سجنا وإعداما أو خطفا واغتيالا.
قال نصر الله في رسالته التي نشرتها السفير وأشرنا إليها التالي:
"في السنة الأخيرة من حياة الرئيس الشهيد أتيحت لي فرصة التواصل الدائم معه. وعلى مدى أشهر كانت لقاءاتنا الأسبوعية تُعقَد بعيداً عن العيون والآذان، وكانت الساعات من كل لقاء تحوّل المتحاورين سياسياً إلى أصدقاء وأحباء. نعم، كنا على خلاف عميق وطويل، لكن الإرادة الصادقة أعانتنا على أن نتصارح ونقيّم بصدق كل المرحلة السابقة، لنقول ما لنا وما علينا، وليقول الرئيس الشهيد ما له وما عليه".
الفت نظر القراء الى كلمة "خلاف". ووصفه نصر الله له ب "عميق وطويل". سأتطرق بإسهاب إلى هذه النقطة المهمة جدا في الجزء الثاني من هذا المقال.
أي عميق عمق حفرة السان جورج التي أحدثها انفجار 14 شباط، وطويل طول المسافة بين الضاحية الجنوبية مركز نصر الله وطهران مرورا بدمشق. يتبع
هناك تعليق واحد:
THIS IS a garbage analysis from a stinky person If I were you I'd bury myself a live!
إرسال تعليق