لاحظ حداد
إن أمَّةً عَرَفَت جوهَرَ الخالق دياناتُها، ورصَّعَت جمالَ الكون أرزاتُها ووشَّحَ حَمَلَةَ الصولجان أُرجُوانُها؛لَهيَ جديرةٌ بأن تستكملَ بفِكرِ أبنائها، رِسالةَ مجدٍ نشرتها في غابر أيامنا وتستعيدَ ريادتَها في عابر حاضرنا، شُعْلةً تتقِدُ في آتيات الزمان.
إن التخبُّط السياسي الذي، لأول مرة في تاريخ لبنان المعاصر، يَحْجُرُ على قدرةِ التعاطي بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين ويمنع عنهم مجرد التحادث مباشرةً لم يعد مدعاة استغراب اللبنانيين في عالم الانتشار واستهجانهم وحسب بل أمسى مدار شعورهم بالأسى من سخرية العالم بهم وبعراقة تاريخهم الدبلوماسي الطويل.
وبات من المُعيب في حقِّ من يدّعي الديموقراطية أن يعالج الأمور الوطنية بهذه الخفة والشوفينية المبتكرة في حياة لبنان السياسية، فيمارسُ أشدَّ أنواع الدكتاتورية تطرفاً للوصول إلى تحقيق غاياته السياسية ويتناسى حقَّ الوطن وحقوقَ شعبه الأساسية في دولته.
إننا نرى، أن لا زالت الفرصُ مُتاحة أمام السياسيين في لبنان لإخراج الوطن الصغير من حلقة الصراع التي تضيق حول المنطقة الشرقأوسطية كلها؛ سيَّما وأن وجود لبنان داخل هذه الحلقة قد يعني جميع دول المنطقة لكنّه قطعاً لايعنيه مباشرةً.
لقد أزفَّ أوانُ الحقيقة. فإمّا أن يتخلى الجميع عن عنجهيتهم السياسية ويستعيدوا ولاءَهم لوطنهم فينطلقوا جمعاً لاستكمال بناء دولتهم، رائدةَ الأنظمة الديمقراطية في الشرق، أو أن يستمروا في تصلبِّهِم وتعنُّثِهِم فيذهبُ الوطن أيدي سبأ الطائفية والعقائدية والشخصانية. فيستحقوا بذلك لعنةَ الأجيال اللبنانية.
في نظرنا، إن العودة إلى ممارسة الديمقراطية الحقيقية تبقى الوسيلة الوحيدة المنتظرةَ ممارستُها دون وضع الشروط المسْبِقة من قِبَلِ أحد. فمهما كانت الغايات السياسية التي تقود تصرفات السياسيين الديموغاجية فهي دون ريب أقل أهمية من بقاء الوطن وديمومة وجوده.
إن الشعب اللبناني، غير المنضوي تحت شعارات الأراء السياسية المتعددة، بالاضافة إلى جموع اللبنانيين في عالم الانتشار، باتوا متأكدين من أن سياسيي لبنان أضحوا ضحايا تحجّر مواقفهم السلبية والايجابية معاً ما أقعدهم عن انتاج الحلول الوطنية
المطروحة بينهم فيستعيضوا عن تدخل العالم في أمورهم الذي لن يؤدي إلاّ إلى تراكم الديون المعنوية، ليس عليهم وحسب على على جميع اللبنانيين، فيستوجب عليهم تسديدها على حساب شعبهم ووطنهم.
آخر الدواء: الكي!
إن لبنانيي الانتشار، إذ يرون إلى مصير وطنهم، بأيدي من هم في أيديهم، أصبح في مهب الرياح العاتية المتسارعة باتجاهه؛ يطالبون، بإلحاحٍ شديد، الرؤساء الروحيين لطوائف لبنان أن يأخذوا بناصية الأمور بأيديهم ويرفعوا غطاءَهم عن كل من من يحتمي بعباءاتهم كي يعيثَ في انتمائه فساداً في طائفته، ويحفز الآخرين على التماثل به فينجرّ الجميع إلى بؤرة فسادٍ لا تمتّ إلى الطوائف أو المذاهب بصلة؛ لذلك، ومنعاً لانجذاب الجميع إلى وهدة التقاتل والاقتتال التي يصر البعض جرّ
اللبنانيين إليهما كنتيجة نهائية لهذا التحفّز الذي ظاهِرُهُ معروفٌ وباطِنُهُ معلومٌ وكلاهما مدمِرٌ.
ونتمنى على القادة الروحيين المبادرة إلى فرض الحل الوطني الأسلم على الجميع، تحت طائلة التحريم الشرعي والنبذ، وإلزامهم التخلي عن كل ما يُعيق قيام دولة الوطن من انتماءات حزبية أو عقائدية أو الارتباط بأية محاور اقليمية أو دولية مهما كانت منافعها شخصية محلية، والانحياز الكلي إلى الوطن وحده للانطلاق معاً لتثبيت استقلال الوطن وسيادة كيانه وحرية قراره واستقرار ورفاهية شعبه.
قديماً قالت العرب: عند الشدائد تذهب الأحقاد!
ليس من شدةٍ بعد أشدّ مما يعاني الوطن الصغير! فاندثاره أضحى على قابٍ قوسٍ واحد فقط، والجميع في غيهم سادرون!
وليس بالغيِّ والضغينة والحقد والنكايات تبنى الأوطان بل بالثقة وصدق الولاء للوطن وحده دون سائر الأوطان!
خبط عشواء!
إرهابُ الداخل ليس بديلاً عن مقاومة الخارج وانتم كالمستجير من الرمضاء بالنار فلا الوصاية السورية تنفعكم ولا الولاية الفارسية تحميكم و فطعاً: الحماية الدولية سوف تذلّنا وتذلّكم. إن الوطن أحقّ بعنفوانكم. إن كنتم أكثرية أو أقلية فالوطن للجميع ولن يكن لكم وحدكم فلا تجربوا المُجرب. والوطن ليس ولن يكن موضوعاً في المزاد.
الثقة بالنفس وبالوطن!
نحن على ثقة مطلقة بأن رجال السياسة في لبنان، متى استعادوا الثقة ببعضهم أولاً وبالوطن ثانياً، قادرون على اتخاذ الخطوات التقدمية الديمقراطية لانقاذ وطنهم من براثن الولاءات الغريبة ... فهلاّ كنتم فيما تدّعون صادقين؟
كلمة إلى المعارضة ودعوة!
إن الشَبَقَ غير المسبوق إلى السلطة لا يبرر إطلاقاً تدمير مقوِّمات الحياة المدنية للشعب وتعطيل سير الدولة كلها وكذلك استغلال عاطفة التعايش، التي يحافظ عليها الأطراف الأخرى، كي تبنى عليها المواقف الإفتزازية المتلاحقة وجرّ المحازبين إلى الفتنة والتقاتل. كل هذا لم يكن ليكون لو نفّذت الحكومة قانون العدالة الاجتماعية الموكولة إليها. إن حكمة عدم تنفيذ القانون لا يُؤخذ به ضعفاً أو وهناً فلا تنسوا المثل: زادَ في الرقةِ حتى انفلق!
إن الهروب والتهرّب من المحاسبة الكبرى لما تسببت به معارضتكم من دمار وخراب وقتل وتهجير، لا ولن تُغطى بشعارات فارغة عن محاسبات لماضي، قد تكون مُحِقَّة فيها ولكن لا المكان مقامها ولا الزمان أوانها، وتالياً، زمان المحاسبات، قديمها وجديدها، آتٍ لا محالة... أليس هذا ما يرعبكم؟ إذن: اتقوا الله والشعب في ذواتكم!
إن التلطي وراء خبرة سياسية وحنكة ودهاء لا يعفي حامليها من مسئولية توقيفهم عمل المؤسسات الرسمية، دستورية أو تشريعية، وليس بالحكمة تعطيل الدستور بادعاءاتٍ واتهامات ليست مطلقاً من اختصاص حامليها.
فالحكمة لا تكون بتأجيج مشاعر الفرقة تحت شعار التروي أو استحيان الفرص لإلغاء بعض المنافسين للاستفراد بالمقدمية أو أقله الحفاظ على التميّز بمقامٍ لم يعد البقاءُ فيهِ مقبولاً. والعودة عن الخطأ فضيلة ولن نعتبره خطاً!
إن التقلّب المستمر في المواقف والتماهي في استرجالها لا ينتج سوى الاهتراء الداخلي لكم ولصدق نواياكم. لمبادئكم وارفضاض الجميع من حولكم.
إن الادعاء بتمثيل طائفة أو مذهب، انتخابياً، لا يُجيز التحكّم بالمذهب أو الطائفة بل على العكس من ذلك، بعد كل مأ اتيتم به من تطاول على هذه أو ذاك [وعلى من انتخبكم من غير مذهب وطائفة]، سوف تجدون أنفسكم كمن يغرّد خارج سربه... ولاتَ ساعة مندم! أما الادعاء بخيانة حلفاء الانتخابات فجميعكم، إنتخابياً، خائنون! والمدرسة للشعب ألاّ يعيد انتخاب الخونة!
إن المزاحمة في الاستفزاز والاحباط، التي يداوم عليها بعض اللاهثين وراء المعارضة، غرض استعادة دوراً بائساً كان لهم أيام الوصاية السورية، لن تجدي فتيلاً بل هي تزيد طينة تصلّبِ بعض المعارضين بلةً إذ تستشعرهم وهمَ الدعم الشعبي الذي بدؤوا يفقدوه. وهم بذلك كالغراب الذي أراد تقليد مشية الحجل فلا هو تعلّم ولا عاد إلى مشيته!
إن استفحال الأزمة والسير بها إلى ذروة التفاقم لن تحيل الخطأ إلى حق ولن تستفيد من الوقت المهدور المنقلب تدريجياً إلى غير مصلحتهم. كما أن التهديد المستمر والغرور المنقطع نظيره والتشاوف غير المبرَر بسوى استعراض القوة المتخفيّة تحت شعارات المشاركة في القرارات، كل هذه لن تجدي أحداً نفعا.
نذكّر بأن مشاركة الطائفة الشيعية، التي يدّعون فقدانها لدى استقالتهم من الحكومة، تفقد معناها الدستوري متى تذكّر المطالبون بالمشاركة أنهم لا يمثلون هذه الطائفة الكريمة وحدها بل جميع تطالبون بالاستفتاء الشعبي! فليكن ولكن يجب أن يشمل جميع اللبنانيين في الوطن وفي عالم الانتشار وسوف نرى إلى أيّ دركٍ أنتم منحدرون.
اللبنانيين الذين انتخبوهم، فعلاً أو قهراً بسبب قانون الانتخاب، وندعوهم إلى إجراء استفتاء حقيقي وحرّ ومستقل لدى طائفتهم ولنرى إن كانوا فعلاً يمثلونهم. ولن نذكر أبناء هذه الطائفة اللبنانية غير الراضين عن محاولات الاستيعاب لارادتهم.
تطالبون بالاستفتاء الشعبي! فليكن ولكن يجب أن يشمل جميع اللبنانيين في الوطن وفي عالم الانتشار وسوف نرى إلى أيّ دركٍ أنتم منحدرون.
انطلاقاً من هذه الكلمة المختصرة جداً: ندعوا المعارضة إلى العودة إلى صوابية الضمير والوطنية والتخلي عن عنادٍ لن تصححه بضعُ خطابات سياسية تهييجية لشعبٍ آمن بمصداقيةٍ كانت لهم وأضحى اليوم يفتقدها تماماً. ندعوها إلى العودة إلى الاستظلال بقوة القانون التي يدّعون أنهم قادمون من أجل تأكيد ضمانته إذ ليس بمخالفة القانون تكون حمايته. أدخلوا عمق أعماق أذهان الشعب تطالعون مشاعر الخيبة والاحباط!
وللحكومة نقول:
إن تخاذل الحكومة عن تأدية واجبها الوطني نحو شعبها وترك مدّعي المعارضة يجرونها من موقعٍ متطرّف إلى موقعٍ أكثر تطرفاً في استراتيجية المراحل يجعلها أقل قدرة على معالجة الأمور بالحزم المطلوب والمفترض في أية حكومة مسئولة عن تنفيذ القوانين.
إن ادعاء الالتزام بالأصول الديمقراطية وحرية الرأي لا يعني إطلاقاً التعدي على حرية الآخرين والتسلّط على مقدرات البلاد والعباد تحت شعارات الديمقراطية المفقودة، لذلك على الحكومة الدعوة فوراً إلى رفع الاعتصام من شوارع العاصمة وغير مكان تحت طائلة تنفيذ القانون واستطراداً إيقاف كل متعدي أو مشاغب أو داعية إلى الفتنة وتحميل المعارضة كل المسئولية الأدبية والقانونية وحظر كافة أنواع الاعلام المجيِّش لعواطف الشعب.
تحميل كل مسئول مسئولية عدم تحمل مسئوليته والدعوة إلى تحمُّلِها تحت طائلة رفع الغطاء عنه وإقالته من مسئوليته. وإن لم تفعلوا فالشعب سيحمِّلكم هذه المسئولية.
إن محاسبة من تسبب في هدر دماء اللبنانيين وفي تدمير بنية وطنهم التحية ومرافق مواصلاته بالكامل ناهيكم بدمار منطقة الجنوب اللبناني بأكملها بسبب العبث الصبياني لبعض مدعي الاستراتيجيات الهمايونية والأخوية يجب ألاّ تمر مرور الكرام بل من واجب الحكومة، بالاضافة إلى مبادرات تصليح ما تهدم وتعويض ما فُقِد، محاسبة هؤلاء، صبية السياسة المحاورية ومعاقبتهم في نبذهم وإقصائهم عن كل تصرّفٍ قد يقود البلاد مجدداً إلى مواجهة عدوها اللدود في دورة عنفٍ لا تبقي ولا تذر يُحضّر لها هذا العدو الشرس الرهيب، خاصةً وهو يسمع يومياً نداءات التحدي والاستهزاء المتتالية من أولئك الصبية بالذات. فهؤلاء على ما يبدو، قد فقدوا ميزة التمييز بين سياسة الانتقام العشائرية التي يتميّز بها العدو الذي يدعون أنه وأياهم يشتركون في جدٍ واحد.
إن عنتريات حزب الله، بواسطة أمينه العام أو نائبه المقدام ونوابه ووزرائه الموهوبين، لن تثني العالم من مساندة العدو ضده طالما بقي أو أبقى على سياسة التحدي التي يعتمدها اليوم ليس ضد العدو وحسب بل ضد دولته وشعبها بل العكس مرجّح تماماً بعد أن تبيّن للقاصي والداني انحيازه التام إلى حلفاء أو أسياد ليس في عهدتهم إلاّ المال والسلاح الذي يقوّي عناصر الشر عنده ويدفعه دفعاً نحو متابعة استراتيجية الاستيلاء على الدولة اللبنانية.
إن اللبنانيين بانوا على وشك فقدان الثقة بكم وبطروحاتكم والاحتكام إلى الشارع. وحدها قوة القانون تدعم وجودَكم إن كنتم حقاً صادقين! فأوقفوا الشر المستشري في مفاصل البلاد وإلاّ فأنتم أول الخائفين من المحاسبة.
إنطلاقاً من هذه الكلمة الموجزة، ندعوكم: إمّا التخلي عن السلطة أو الاقدام على التصرّف بمقتضيات هذه السلطة. أنتم الآن لم تعودوا في زمن الوصاية أو "المَونة" فترسل مبعوثي هذه أو اوامر تلك. أوقفوا المهاترات والرد عليها وانكبوا على العمل الصادق والحازم الذي وحده يكون الرد على معارضة المعارضة.
إن سياسة حرق المراحل لم تعد مُجدية، فلا التعالي والترفّع عن اتخاذ المبادرات يخدم مصلحة الدولة ولا التنزّه عن معالجة الأمور المستعصية، بنظركم، يفيد في تسهيل عمل هذه الدولة وشعبها.
إن الانتظار، في مهب الرياح، والاسترسال في تمنّي الخير مِنْ مَنْ فقدوه أو أفقدوه، لن يعفي أحداً من مسئولياته. والدولة ومؤسساتها لا تقوم بأعمالها مستَقطَعة بل بالتزامن والترافق وفي كافة المرافق. والاسلوب المتّبع اليوم، سيّما في الأعمال غير المعلنة، يقدم فرصاً مجانية لجميع متحيّني الفرص لضرب الحكومة. وهم ليسوا بغافلين.
أخيراًً،
إن اللبنانيين، وهم الأدرى بمصالح وطنهم، باتوا اليوم أشد حرصاً على هذا الوطن من جميع أهل السياسة في الوطن، إذ يرون إلى نتائج تصرفات هؤلاء، الأقرب والأبعد، واستهتارهم بكل القيم الوطنية، آخذةً بالوطن إلى مهاوي التهلكة وفقدان استقلال الكيان. وما لم يبادر الجميع إلى استرجاع ما فقدوه من عنفوان وطني في الأنا الشخصية الخاصة بكل فرد فيهم والعودة إلى صب أنّاتهم هذه في بوتقة الأنا الكبرى أي الوطن، فإننّا نراهم في محاور الغير عابرون وإلى الحضيض وحدهم ذاهبون والوطن واللبنانيون، ولو بعد حين، إلى الاستغناء عن خدماتهم مقررون.
صانك الله لبنان
لاحظ س. حداد
المجلس الوطني/ نيوزيلندا
المجلس العالمي لثورة الأرز
إن أمَّةً عَرَفَت جوهَرَ الخالق دياناتُها، ورصَّعَت جمالَ الكون أرزاتُها ووشَّحَ حَمَلَةَ الصولجان أُرجُوانُها؛لَهيَ جديرةٌ بأن تستكملَ بفِكرِ أبنائها، رِسالةَ مجدٍ نشرتها في غابر أيامنا وتستعيدَ ريادتَها في عابر حاضرنا، شُعْلةً تتقِدُ في آتيات الزمان.
إن التخبُّط السياسي الذي، لأول مرة في تاريخ لبنان المعاصر، يَحْجُرُ على قدرةِ التعاطي بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين ويمنع عنهم مجرد التحادث مباشرةً لم يعد مدعاة استغراب اللبنانيين في عالم الانتشار واستهجانهم وحسب بل أمسى مدار شعورهم بالأسى من سخرية العالم بهم وبعراقة تاريخهم الدبلوماسي الطويل.
وبات من المُعيب في حقِّ من يدّعي الديموقراطية أن يعالج الأمور الوطنية بهذه الخفة والشوفينية المبتكرة في حياة لبنان السياسية، فيمارسُ أشدَّ أنواع الدكتاتورية تطرفاً للوصول إلى تحقيق غاياته السياسية ويتناسى حقَّ الوطن وحقوقَ شعبه الأساسية في دولته.
إننا نرى، أن لا زالت الفرصُ مُتاحة أمام السياسيين في لبنان لإخراج الوطن الصغير من حلقة الصراع التي تضيق حول المنطقة الشرقأوسطية كلها؛ سيَّما وأن وجود لبنان داخل هذه الحلقة قد يعني جميع دول المنطقة لكنّه قطعاً لايعنيه مباشرةً.
لقد أزفَّ أوانُ الحقيقة. فإمّا أن يتخلى الجميع عن عنجهيتهم السياسية ويستعيدوا ولاءَهم لوطنهم فينطلقوا جمعاً لاستكمال بناء دولتهم، رائدةَ الأنظمة الديمقراطية في الشرق، أو أن يستمروا في تصلبِّهِم وتعنُّثِهِم فيذهبُ الوطن أيدي سبأ الطائفية والعقائدية والشخصانية. فيستحقوا بذلك لعنةَ الأجيال اللبنانية.
في نظرنا، إن العودة إلى ممارسة الديمقراطية الحقيقية تبقى الوسيلة الوحيدة المنتظرةَ ممارستُها دون وضع الشروط المسْبِقة من قِبَلِ أحد. فمهما كانت الغايات السياسية التي تقود تصرفات السياسيين الديموغاجية فهي دون ريب أقل أهمية من بقاء الوطن وديمومة وجوده.
إن الشعب اللبناني، غير المنضوي تحت شعارات الأراء السياسية المتعددة، بالاضافة إلى جموع اللبنانيين في عالم الانتشار، باتوا متأكدين من أن سياسيي لبنان أضحوا ضحايا تحجّر مواقفهم السلبية والايجابية معاً ما أقعدهم عن انتاج الحلول الوطنية
المطروحة بينهم فيستعيضوا عن تدخل العالم في أمورهم الذي لن يؤدي إلاّ إلى تراكم الديون المعنوية، ليس عليهم وحسب على على جميع اللبنانيين، فيستوجب عليهم تسديدها على حساب شعبهم ووطنهم.
آخر الدواء: الكي!
إن لبنانيي الانتشار، إذ يرون إلى مصير وطنهم، بأيدي من هم في أيديهم، أصبح في مهب الرياح العاتية المتسارعة باتجاهه؛ يطالبون، بإلحاحٍ شديد، الرؤساء الروحيين لطوائف لبنان أن يأخذوا بناصية الأمور بأيديهم ويرفعوا غطاءَهم عن كل من من يحتمي بعباءاتهم كي يعيثَ في انتمائه فساداً في طائفته، ويحفز الآخرين على التماثل به فينجرّ الجميع إلى بؤرة فسادٍ لا تمتّ إلى الطوائف أو المذاهب بصلة؛ لذلك، ومنعاً لانجذاب الجميع إلى وهدة التقاتل والاقتتال التي يصر البعض جرّ
اللبنانيين إليهما كنتيجة نهائية لهذا التحفّز الذي ظاهِرُهُ معروفٌ وباطِنُهُ معلومٌ وكلاهما مدمِرٌ.
ونتمنى على القادة الروحيين المبادرة إلى فرض الحل الوطني الأسلم على الجميع، تحت طائلة التحريم الشرعي والنبذ، وإلزامهم التخلي عن كل ما يُعيق قيام دولة الوطن من انتماءات حزبية أو عقائدية أو الارتباط بأية محاور اقليمية أو دولية مهما كانت منافعها شخصية محلية، والانحياز الكلي إلى الوطن وحده للانطلاق معاً لتثبيت استقلال الوطن وسيادة كيانه وحرية قراره واستقرار ورفاهية شعبه.
قديماً قالت العرب: عند الشدائد تذهب الأحقاد!
ليس من شدةٍ بعد أشدّ مما يعاني الوطن الصغير! فاندثاره أضحى على قابٍ قوسٍ واحد فقط، والجميع في غيهم سادرون!
وليس بالغيِّ والضغينة والحقد والنكايات تبنى الأوطان بل بالثقة وصدق الولاء للوطن وحده دون سائر الأوطان!
خبط عشواء!
إرهابُ الداخل ليس بديلاً عن مقاومة الخارج وانتم كالمستجير من الرمضاء بالنار فلا الوصاية السورية تنفعكم ولا الولاية الفارسية تحميكم و فطعاً: الحماية الدولية سوف تذلّنا وتذلّكم. إن الوطن أحقّ بعنفوانكم. إن كنتم أكثرية أو أقلية فالوطن للجميع ولن يكن لكم وحدكم فلا تجربوا المُجرب. والوطن ليس ولن يكن موضوعاً في المزاد.
الثقة بالنفس وبالوطن!
نحن على ثقة مطلقة بأن رجال السياسة في لبنان، متى استعادوا الثقة ببعضهم أولاً وبالوطن ثانياً، قادرون على اتخاذ الخطوات التقدمية الديمقراطية لانقاذ وطنهم من براثن الولاءات الغريبة ... فهلاّ كنتم فيما تدّعون صادقين؟
كلمة إلى المعارضة ودعوة!
إن الشَبَقَ غير المسبوق إلى السلطة لا يبرر إطلاقاً تدمير مقوِّمات الحياة المدنية للشعب وتعطيل سير الدولة كلها وكذلك استغلال عاطفة التعايش، التي يحافظ عليها الأطراف الأخرى، كي تبنى عليها المواقف الإفتزازية المتلاحقة وجرّ المحازبين إلى الفتنة والتقاتل. كل هذا لم يكن ليكون لو نفّذت الحكومة قانون العدالة الاجتماعية الموكولة إليها. إن حكمة عدم تنفيذ القانون لا يُؤخذ به ضعفاً أو وهناً فلا تنسوا المثل: زادَ في الرقةِ حتى انفلق!
إن الهروب والتهرّب من المحاسبة الكبرى لما تسببت به معارضتكم من دمار وخراب وقتل وتهجير، لا ولن تُغطى بشعارات فارغة عن محاسبات لماضي، قد تكون مُحِقَّة فيها ولكن لا المكان مقامها ولا الزمان أوانها، وتالياً، زمان المحاسبات، قديمها وجديدها، آتٍ لا محالة... أليس هذا ما يرعبكم؟ إذن: اتقوا الله والشعب في ذواتكم!
إن التلطي وراء خبرة سياسية وحنكة ودهاء لا يعفي حامليها من مسئولية توقيفهم عمل المؤسسات الرسمية، دستورية أو تشريعية، وليس بالحكمة تعطيل الدستور بادعاءاتٍ واتهامات ليست مطلقاً من اختصاص حامليها.
فالحكمة لا تكون بتأجيج مشاعر الفرقة تحت شعار التروي أو استحيان الفرص لإلغاء بعض المنافسين للاستفراد بالمقدمية أو أقله الحفاظ على التميّز بمقامٍ لم يعد البقاءُ فيهِ مقبولاً. والعودة عن الخطأ فضيلة ولن نعتبره خطاً!
إن التقلّب المستمر في المواقف والتماهي في استرجالها لا ينتج سوى الاهتراء الداخلي لكم ولصدق نواياكم. لمبادئكم وارفضاض الجميع من حولكم.
إن الادعاء بتمثيل طائفة أو مذهب، انتخابياً، لا يُجيز التحكّم بالمذهب أو الطائفة بل على العكس من ذلك، بعد كل مأ اتيتم به من تطاول على هذه أو ذاك [وعلى من انتخبكم من غير مذهب وطائفة]، سوف تجدون أنفسكم كمن يغرّد خارج سربه... ولاتَ ساعة مندم! أما الادعاء بخيانة حلفاء الانتخابات فجميعكم، إنتخابياً، خائنون! والمدرسة للشعب ألاّ يعيد انتخاب الخونة!
إن المزاحمة في الاستفزاز والاحباط، التي يداوم عليها بعض اللاهثين وراء المعارضة، غرض استعادة دوراً بائساً كان لهم أيام الوصاية السورية، لن تجدي فتيلاً بل هي تزيد طينة تصلّبِ بعض المعارضين بلةً إذ تستشعرهم وهمَ الدعم الشعبي الذي بدؤوا يفقدوه. وهم بذلك كالغراب الذي أراد تقليد مشية الحجل فلا هو تعلّم ولا عاد إلى مشيته!
إن استفحال الأزمة والسير بها إلى ذروة التفاقم لن تحيل الخطأ إلى حق ولن تستفيد من الوقت المهدور المنقلب تدريجياً إلى غير مصلحتهم. كما أن التهديد المستمر والغرور المنقطع نظيره والتشاوف غير المبرَر بسوى استعراض القوة المتخفيّة تحت شعارات المشاركة في القرارات، كل هذه لن تجدي أحداً نفعا.
نذكّر بأن مشاركة الطائفة الشيعية، التي يدّعون فقدانها لدى استقالتهم من الحكومة، تفقد معناها الدستوري متى تذكّر المطالبون بالمشاركة أنهم لا يمثلون هذه الطائفة الكريمة وحدها بل جميع تطالبون بالاستفتاء الشعبي! فليكن ولكن يجب أن يشمل جميع اللبنانيين في الوطن وفي عالم الانتشار وسوف نرى إلى أيّ دركٍ أنتم منحدرون.
اللبنانيين الذين انتخبوهم، فعلاً أو قهراً بسبب قانون الانتخاب، وندعوهم إلى إجراء استفتاء حقيقي وحرّ ومستقل لدى طائفتهم ولنرى إن كانوا فعلاً يمثلونهم. ولن نذكر أبناء هذه الطائفة اللبنانية غير الراضين عن محاولات الاستيعاب لارادتهم.
تطالبون بالاستفتاء الشعبي! فليكن ولكن يجب أن يشمل جميع اللبنانيين في الوطن وفي عالم الانتشار وسوف نرى إلى أيّ دركٍ أنتم منحدرون.
انطلاقاً من هذه الكلمة المختصرة جداً: ندعوا المعارضة إلى العودة إلى صوابية الضمير والوطنية والتخلي عن عنادٍ لن تصححه بضعُ خطابات سياسية تهييجية لشعبٍ آمن بمصداقيةٍ كانت لهم وأضحى اليوم يفتقدها تماماً. ندعوها إلى العودة إلى الاستظلال بقوة القانون التي يدّعون أنهم قادمون من أجل تأكيد ضمانته إذ ليس بمخالفة القانون تكون حمايته. أدخلوا عمق أعماق أذهان الشعب تطالعون مشاعر الخيبة والاحباط!
وللحكومة نقول:
إن تخاذل الحكومة عن تأدية واجبها الوطني نحو شعبها وترك مدّعي المعارضة يجرونها من موقعٍ متطرّف إلى موقعٍ أكثر تطرفاً في استراتيجية المراحل يجعلها أقل قدرة على معالجة الأمور بالحزم المطلوب والمفترض في أية حكومة مسئولة عن تنفيذ القوانين.
إن ادعاء الالتزام بالأصول الديمقراطية وحرية الرأي لا يعني إطلاقاً التعدي على حرية الآخرين والتسلّط على مقدرات البلاد والعباد تحت شعارات الديمقراطية المفقودة، لذلك على الحكومة الدعوة فوراً إلى رفع الاعتصام من شوارع العاصمة وغير مكان تحت طائلة تنفيذ القانون واستطراداً إيقاف كل متعدي أو مشاغب أو داعية إلى الفتنة وتحميل المعارضة كل المسئولية الأدبية والقانونية وحظر كافة أنواع الاعلام المجيِّش لعواطف الشعب.
تحميل كل مسئول مسئولية عدم تحمل مسئوليته والدعوة إلى تحمُّلِها تحت طائلة رفع الغطاء عنه وإقالته من مسئوليته. وإن لم تفعلوا فالشعب سيحمِّلكم هذه المسئولية.
إن محاسبة من تسبب في هدر دماء اللبنانيين وفي تدمير بنية وطنهم التحية ومرافق مواصلاته بالكامل ناهيكم بدمار منطقة الجنوب اللبناني بأكملها بسبب العبث الصبياني لبعض مدعي الاستراتيجيات الهمايونية والأخوية يجب ألاّ تمر مرور الكرام بل من واجب الحكومة، بالاضافة إلى مبادرات تصليح ما تهدم وتعويض ما فُقِد، محاسبة هؤلاء، صبية السياسة المحاورية ومعاقبتهم في نبذهم وإقصائهم عن كل تصرّفٍ قد يقود البلاد مجدداً إلى مواجهة عدوها اللدود في دورة عنفٍ لا تبقي ولا تذر يُحضّر لها هذا العدو الشرس الرهيب، خاصةً وهو يسمع يومياً نداءات التحدي والاستهزاء المتتالية من أولئك الصبية بالذات. فهؤلاء على ما يبدو، قد فقدوا ميزة التمييز بين سياسة الانتقام العشائرية التي يتميّز بها العدو الذي يدعون أنه وأياهم يشتركون في جدٍ واحد.
إن عنتريات حزب الله، بواسطة أمينه العام أو نائبه المقدام ونوابه ووزرائه الموهوبين، لن تثني العالم من مساندة العدو ضده طالما بقي أو أبقى على سياسة التحدي التي يعتمدها اليوم ليس ضد العدو وحسب بل ضد دولته وشعبها بل العكس مرجّح تماماً بعد أن تبيّن للقاصي والداني انحيازه التام إلى حلفاء أو أسياد ليس في عهدتهم إلاّ المال والسلاح الذي يقوّي عناصر الشر عنده ويدفعه دفعاً نحو متابعة استراتيجية الاستيلاء على الدولة اللبنانية.
إن اللبنانيين بانوا على وشك فقدان الثقة بكم وبطروحاتكم والاحتكام إلى الشارع. وحدها قوة القانون تدعم وجودَكم إن كنتم حقاً صادقين! فأوقفوا الشر المستشري في مفاصل البلاد وإلاّ فأنتم أول الخائفين من المحاسبة.
إنطلاقاً من هذه الكلمة الموجزة، ندعوكم: إمّا التخلي عن السلطة أو الاقدام على التصرّف بمقتضيات هذه السلطة. أنتم الآن لم تعودوا في زمن الوصاية أو "المَونة" فترسل مبعوثي هذه أو اوامر تلك. أوقفوا المهاترات والرد عليها وانكبوا على العمل الصادق والحازم الذي وحده يكون الرد على معارضة المعارضة.
إن سياسة حرق المراحل لم تعد مُجدية، فلا التعالي والترفّع عن اتخاذ المبادرات يخدم مصلحة الدولة ولا التنزّه عن معالجة الأمور المستعصية، بنظركم، يفيد في تسهيل عمل هذه الدولة وشعبها.
إن الانتظار، في مهب الرياح، والاسترسال في تمنّي الخير مِنْ مَنْ فقدوه أو أفقدوه، لن يعفي أحداً من مسئولياته. والدولة ومؤسساتها لا تقوم بأعمالها مستَقطَعة بل بالتزامن والترافق وفي كافة المرافق. والاسلوب المتّبع اليوم، سيّما في الأعمال غير المعلنة، يقدم فرصاً مجانية لجميع متحيّني الفرص لضرب الحكومة. وهم ليسوا بغافلين.
أخيراًً،
إن اللبنانيين، وهم الأدرى بمصالح وطنهم، باتوا اليوم أشد حرصاً على هذا الوطن من جميع أهل السياسة في الوطن، إذ يرون إلى نتائج تصرفات هؤلاء، الأقرب والأبعد، واستهتارهم بكل القيم الوطنية، آخذةً بالوطن إلى مهاوي التهلكة وفقدان استقلال الكيان. وما لم يبادر الجميع إلى استرجاع ما فقدوه من عنفوان وطني في الأنا الشخصية الخاصة بكل فرد فيهم والعودة إلى صب أنّاتهم هذه في بوتقة الأنا الكبرى أي الوطن، فإننّا نراهم في محاور الغير عابرون وإلى الحضيض وحدهم ذاهبون والوطن واللبنانيون، ولو بعد حين، إلى الاستغناء عن خدماتهم مقررون.
صانك الله لبنان
لاحظ س. حداد
المجلس الوطني/ نيوزيلندا
المجلس العالمي لثورة الأرز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق