يوسف فضل
كل ما يحتاج إليه الشيطان لكي يحقق الانتصا ر هو أن يجلس الأخيار دون أن يفعلوا شيئا .
أيدموند بورك
هل فاشلا هي الكلمة المناسبة لسد فراغ نهاية العنوان .... ؟ لعلها الأنسب في اقتناص فضيلة التواضع لأنها نقيض كلمة ناجحا لأننا في عالمنا العربي غير معتادون على النجاح لأنه مثل من يؤمن أن العنقاء طائر يولد من الرماد . لا أقصد بالمحلل ذاك الشخص الذي يُتَيس ليعيد الزوجة المطلقة بائنة بينونة كبرى إلي طليقها ولا ذاك الذي يُتَيس سياسيا ليعيد العلاقة القائمة على الاغتصاب وبلا أي عقد بين الحاكم العربي والمحكوم . بل اقصد ذاك الشخص الذي يمتطي صهوة التحليل السياسي وقد تسعفه ذاكرته وتحليلاته وتخميناته في اكتشاف خواص العلاقات السياسية الشوهاء فتكون سببا كافيا لدى القاريء ليفجر غضبه عليه لأنه لا يتوقع الشكر .
إذ بعد التمعن في الحالة الفلسطينية التي تعيش في عالم عربي مدهش وكل شيء لا يصدق فيه تبقى الحالة الفلسطينية هي الأقرب للتحليل بسبب ما تسببه من وجع القلب المستمر طوال التسعة وخمسون عاما الماضية فقد :
اكتشفت أنني كمواطن بسيط لست بذاك الغباء الذي تعتقده القيادة الفلسطينية وهي ليست بذاك الذكاء لأنها اعتقدت عكس ذلك وبما أنني لا أبحث عن الحب المتبادل معها فستبقى هي في حاجة الإنسان البسيط لتوعده بمليء الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا !
اكتشفت أن إسرائيل وأمريكا متآمرتان على الشعب الفلسطيني (يا سلام ) . البعض سينعتني بالذكاء الخارق على هذا الاكتشاف المكتشف الذي حير كبار المحللين السياسيين . ودليلي انه بين الحين والآخر تجري مذبحة في غزة بأيدي فلسطينية بحتة حتى لو لم نفهم سبب الاقتتال فهذه عادة عربية أن يتقاتل العرب ولا يعرفوا على ماذا يتقاتلون . والسيد/عباس والسيد/هنيئة لا يعرفان سبب الاقتتال لكنها يعرفان من وراءه . ولتبسيط الأمر قلت أن السبب أمريكا وإسرائيل وبذلك أكون قد فشيت خلق الإنسان البسيط وأرضيت رجال السياسة في فتح وحماس . وضمنت عدم عداوتهما لان عداوة بل ومحاربة إسرائيل وأمريكا مقدور عليهما لأنها على قاعدة الحلال بين والحرام بين أما عداوة فتح وحماس فالله يجيرنا منهما في الدنيا كما يجيرنا من النار في الآخرة .
اكتشفت انه طالما إسرائيل تكره الفلسطينيين (لا يعد ذلك اكتشافا جديدا ) فهي متسامحة معهم في حمل السلاح بل والسماح بإدخاله لهم إلى قطاع غزة . طبعا اكتشفت أن السلاح يحتاج إلى ذخائر فمن أين تأتي الذخائر وعناصر فتح وحماس كرماء باستخدام الذخائر في الغالب ضد المدنيين وليس ضد عناصر بعضهما ؟ أقول أنها تأني إما من إسرائيل أو بعلم إسرائيل أم يا تُرى أن علماء فتح وحماس العسكريين قد طعموا أشجار البرتقال والزيتون لتثمر الذخائر المطلوبة لهم . وهم يقطفونها طوال العام من على أغصان الأشجار.
واكتشف أنه بما أن إسرائيل تكره الشعب الفلسطيني لأنها تحتل أرضه وترفض إعادة الأرض له وهي لم تقل انها ستعيد الارض وهي لن تسمح بإقامة سلطة أو سُليطة فلسطينية ذات سيادة تدار بحرمية أم بمعدومين لان إسرائيل لديها القوة بحيث لا تستطيع أي دولة عربية أو إسلامية فرض حل سياسي عليها .
واكتشفت أن الحل الاستسلامي العربي ترفضه إسرائيل لان أي حل استسلامي عربي سيفرض على إسرائيل التزامات المنتصر من طرف واحد وإسرائيل غير مهيأة نفسها لتقبل بالاستسلام العربي . ولا تريد الانضمام إلى تابوت الجامعة العربية .
اكتشفت انه لا يوجد حل سياسي من أي نوع وإنما القضية الفلسطينية هي كما نقول في العامية رُب وزيت ، وزيت و رُب وإسرائيل تلهي الشعب الفلسطيني ببعضه حاليا بالجهجهة والعجن . فكلما قل الإنجاز كبرت كلمات المتحدثون الرسميون وكلما خوت الحياة كثر الهرج .
واكتشفت أنني لم استطع أن اكتشف بسبب سذاجتي أو تظاهري بالسذاجة انه طالما إسرائيل عدوة للشعب الفلسطيني فلماذا لا يتوقع الشعب الفلسطيني الأذى والشر منها فهي عدوته ؟
واكتشفت أنه إذا كانت اتفاقيات اسلوا يرفضها الشعب الفلسطيني حاليا لأنها سيئة في بنودها السياسية فهل هناك بند في اتفاقية اسلوا ينص على أن يكون القادة الفلسطينيين المنتخبين وغير المنتخبين في الدرك الأسفل من التواطؤ والابتذال وحتى العمل على توفير سبل الإهانة الشخصية للشعب الفلسطيني . فإذا كانت إسرائيل عدوة لنا (معقول ) فلماذا الاحتراب بيننا . أهو عين العقل ؟
اكتشفت أن الوضع سيبقى على ما هو عليه ولا حل للقضية الفلسطينية لان هذا ما جنته علينا القيادات الفلسطينية الثورجية التي أساءت للثورة وللشعب الفلسطيني وهذا ما ستجنيه على أطفالنا .
اكتشفت أنه إذا تقاتلت فتح وحماس وقامت إسرائيل بضرب الفلسطينيين فهذا يعني أن معادلة القتال هي طرفان ضد طرف واحد ولو مؤقتا والدور القادم على الطرف الفلسطيني المنتصر إذا سمح لأحدهما بالنصر .
اكتشفت أن كل مكسب لدى أي طرف فلسطيني يعني أن يدفع الثمن ليحافظ على هذا المكسب على حساب الشعب الفلسطيني وفق أجنده من يدعمه فهم مثل الحيوانات الكبيرة التي تترك آثارها المدمرة على البيئة.
اكتشفت انه طالما شِرش (عِرق) الحياء قد طق من الزعامات الفلسطينية مما يهون علينا استيعاب النتائج الحاصلة التي نرفضها على ارض الواقع .فإذا لم نستطع أن نغفر لهذه الزعامات فهل سنغفر للعدو .
اكتشفت أن حماس وحلفائها لن يحرروا فلسطين إلا عبر فتح وحلفائها . وأن فتح وحلفائها لن يحرروا فلسطين إلا بالمرور عبر حماس وحلفائها لان " كل حزب بما لديهم فرحون " وكل حزب له ثمنه في سوق النخاسة السياسية وان ". إنشاء دولتين فلسطينيتين أو حتى ثلاثة لا يكفي " . وكل عصابة فلسطينية تبني دولتها داخل جدار فصل (وطني) اصلب وأعلى من جدار شارون .
اكتشفت حجم الغباء الذي تتحلى به إسرائيل عندما لم ترد على صواريخ القسام وأبدت صبرا في تلقي الصواريخ حين وضعت خمسة سيناريوهات حربية للرد بعد أن ظهرت للعالم بأنها المتعدى عليها وأنها رحلت (عن ضعف ) بعض المغتصبين (نساء ورجال ) أمام الكاميرات وتركت المجال للفلسطينيين للتفاخر أمام وسائل الإعلام وتهديد إسرائيل بمزيد من الويل والثبور وعظائم الأمور الصاروخية . والآن جاء دور الفلسطينيين ليطلقوا نداءات الاستغاثة للعالم للتدخل لوقف الرد الإسرائيلي . طبعا سنناشد عدوتنا أمريكا لتضغط على إسرائيل لتكف يدها الثقيلة عنا .
اكتشفت من حيث لا أدري أنني مدين بالشكر لفتح وحماس لثقتهما الكبيرة بي عندما كتبت متشائما عن اجتماع مكة المكرمة وقبل وصول الوفدين إليها بان الاجتماع هو " موعد مع الفشل " وقد كان .
اكتشفت أن السياسي الشريف هو من لا يكون عميلا (وهذا صعب ) وبعيد عن المشاركة بسفك الدماء الفلسطينية والعربية فحالة قريبة من حالة الخليفة الخامس عندما سئل عن دماء الصحابة فقال :" تلك الدماء طهر الله أيدينا منها " .
اكتشفت انه يوم بعد يوم نكتشف الجديد في التحليل السياسي الفاشل وإننا سعداء بذلك . لأنه ما أسهل كتابة المقال السياسي لأنه يحقق المصلحة الذاتية على حساب هموم المجموع (الوطن المسكين ) .
اكتشفت انه في حالة عدم اتفاق أمريكا وإيران (حول العراق والملف النووي ) حتى شهر يونيو 2007 فان المناطق السورية واللبنانية والفلسطينية ستشهد صيفا حارا جدا
editor@grenc.com
nfys001@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق