لاحظ س. حداد
حزب الله،
ليس للشيخ حسن نصرالله أية صفة تُخَوّله رفض أو قبول ما تقرره الأمم المتحدة أو مجلس أمنها.
للشيخ نصرالله حرية التصرّف والقرار في كافة الأمور المتعلقة بحزبه، عقائدية دينية كانت أم تنظيمية، لكنه ليس في موقع يُجيز له ما هو خلاف ذلك. هذا بالطبع ينطبق على نائبه أو نوابه من المشايخ الذين نحترم صفاتهم الدينية لكننا لا يمكن أن نتقبّل تدخلهم السافر في كل شاردة وواردة في الشأن السياسي العام للبلاد.
قد يمثّل السيد نصرالله فئة من أبناء الطائفة اللبنانية الشيعية أي تلك المنضوية تحت نظام حزبه. لكنه قطعاً ليس في موقع التحدّث أو النطق باسم كافة أبناء هذه الطائفة اللبنانية. إن في هذه الطائفة من الحكماء والقيادات من يمثّل ويتكلّم بكل جدارة وحق ويعبّر عن أراء أبنائها. وهؤلاء وإن خفَتت أصواتُهم لبعض الوقت، بنتيجة هيمنة السيد نصرالله وغوغائية وعناصر حزبه ( نوّابُه)، فهي الآن ترتفع عالية ومدوّية بعدَ أن تجاوز نصرالله وعناصر حزبه كافة الخطوط الحمراء التي تحددها المواطنية الصحيحة والمصالح الوطنية الحقيقية لأبناء هذه الطائفة الأصيلة في الوطن.
ولأن انتفخت أوداج حزب الله ورئيسه المحلي بفعل تعففِ باقي قيادات هذه الطائفة الكريمة عن مجاراته، فهذا لا يعدو كونه بُعد نظر هذه القيادات في ألاّ تتسبب في شرذمة طائفتها دينيّاً أو عقائدياً والمحافظة عليها وطنياً.
ومن باب أولى بالشيخ نصرالله أن ينصرف إلى أمورٍ عقائدية وربما طائفية أثبت براعته فيها ويتخلى عن التدخل في السياسة التي أثبت فراغ جعبته من قواعدها. والأدلة دامغة على فشله في كل شأنٍ سياسي تولاه إلى الآن. وجل ما نجح فيه هو تعطيل الدولة وأجهزتها وتعطيل مصالح الناس واقتصادهم وتسبب في كوارثَ لا تحصى شملت البلاد والعباد.
ولعلّه من المفيد اليوم أن يقتصر الشيخ حسن نصرالله وفقهائه على التوجيه الديني وليدع نوابه الأشاوس يتصدرون الساحة السياسية بما لهم من حصانةٍ أخطأ الكثيرون من أبناء طائفتهم إضفائها عليهم وليقارعوا الحجة بمثلها إذا كانوا بالغين.
والنصحُ لهذا الشيخ، ولو أتى متأخراً، لاسيّما بعدَ أن بهُتت صورتُه، هو أن يرعوي عن محاولات تدمير الوطن في سبيل تنفيذ رغبات أوليائه. وإذا لم يكن، إلى اليوم، قد استوعب رسائل الأمم فاأحرى به أن يعتكف إلى تأملاتٍ ذاتية، فلربما أزاح الكأس عن شفتيه ولن ينفعه الاندفاع إلى تصعيدٍ لا طائل تحته سوى زيادة الأذى لنفسه ولمن يوالونه.
إن رفضه قيام المحكمة الدولية بان واتضح وهو رعبه الكامن جرّاء موبقات ارتكبها في سابق الأوان وقد آن أوان محاسبته عليها. لذلك، نصيحةً قد تكون الأخيرة هي أن يتقدم تلقائياً بتسليم أسلحته إلى حكومة وطنه ويعلن حل حزبه من نفسه قبل أن يُفرض عليه ذلك. والمُفتَرض منه أن يضحي بصلفه من أجل أبناء طائفته الملتحقين به وبحزبه وليس أن يضحي هؤلاء بأنفسهم من أجل صلفه.
إن تهديداته المتكررة بتهديم دستور البيت اللبناني، الذي يأويه ويأوي جميع اللبنانيين، إن من خلال ضربه كافة القيم الانسانية والاجتماعية أو جرّاء تطاوله على جميع من يخالفه الرأي، باتت ممجوجة وعليه وحده تحمل مسئوليتها. مسئولية، إذا ما ثابر على تعنثه، قد تقوده إلى مجابهة ليس المجتمع اللبناني بأسره وحسب بل مجابة المجتمع الدولي كله.
إنها الحشرجة بدأت تضرب حزبه ومعارضته بعدَ النزاع الذي أدخل نفسه فيه طوال الفترة الماضية ولن ينفعه، مِن بعد، أية قفزة قد يفكر في اصطناعها ابّان انتخابات رئاسة اللاد. ونتمنى أن يكون قد استوعب الاشارات المتعددة التي بدأت تتالى من حليفه الرئيس بأن هذا الأوان سيكون في موعده. ونحن بأبناء طائفتنا اللبنانية الشيعية المنضوين إلى حزبه ضنينون. قف!
الجنرال الكبير،
إن التماهي في الغوغائية والتلاعب بمصير الوطن وأهله لم يعد ذي فائدة.
لا الدستور اللبناني ولا مسيحيو لبنان في حاجة إلى من يدافع أو يحصّل حقوقهم. خاصةً إذا كان هذا المدافع، ومنذ أن وطأت قدماه أرض الوطن، فشل في كل خطوةٍ سياسية اتخذها حتى اليوم. لا بل هو عطل ولا زال كل مقومات الدستور ويعارض كافة رغبات المسيحيين وآمالهم وبالتالي أرعب شبابهم وهجرهم بعد أن كانوا أملوا منه وفيه.
إن الادعاء بتمثيل المسيحيين لا يسوِّغ له أن يلجأ إلى المطالبة بانتخابات شعبية. فلو كان ما يدّعيه صحيحاً لما طالب بما يطالب. ومن يدعي تمثيل المسيحيين لا يعاند مثلهم الأعلى ويرفض نصائحه ويضع ذاته فوق مستوى جميع القيادات المسيحية.
ولعله من المفيد أن نذكّره هنا بأن هذه القيادات التي يجعل من نفسه أسمى وأعلى وأحق منهم، بتمثيل المسيحيين، هم الذين صارعوا المعتدين على الوطن طوال فترة الحرب اللبنانية التي أقاموها عليه في حين اقتصر دوره على ما ترتّب على اعتلى كتفيه من نجوم عسكرية. وإذا أردتنا الزيادة نقول أن الغفلة الزمنية التي أتت به إلى موقع سياسي والتي استغلّها في استكمال تدمير وتشتيت أولئك المسيحيين، الذي يدعي اليوم تمثيلهم، في سبيل أن يبقى وحده في الواجهة فأتت قراؤته السياسية خاطئة وقادت عموم المسيحيين إلى مجاهل النسيان وغياهب السجون والمنافي.
رأفةً بنفسه وبمن معه، هذا الجنرال الكبير، نصيحةً فريدة نزفها إليه هي: أن يستلحق نفسه قبل أن يتخلى الجميع عنه، ويكون مصيره ما لا نحب لأي مسيحي، أنَّ مَن كان أن يلقى. جزاء سنمار (حزب الله) الذي يبني له اليوم دولة أو يساعده على بنائها. ولن يعد، مِن بعد، ينفعه نبش القبور واجتزاء الأخطاء التي تسبب هو، بصلفه وأنانيته المفرطة، بارتكابها حين لم يعطِ مال قيصر إلى قيصر ومال الله لله.
أما الدستور، وما أدراك بالدستور! للتذكير أيضاً: لقد كلفت الوطن عشرات ألاف القتلى والدمار من أجل الوصول إلى تغيير كلمة واحدة وردت في صدر الدستور اللبناني القديم. هذه الكلمة كانت: لبنان ذو وجه عربي.
ترى هل يُعقل اليوم أن نأتي ونغيّر الدستور بإدخال نصوص خاصة للسماح بانتخاب رئيس للجمهورية من الشعب مباشرةً. كل هذا من أجل انتخاب هذا الجنرال الكبير وكأنّ لم يعد في لبنان شخص واحد مؤهلٌ لتبوّء مركز الرئاسة. ألا يمكن أن يفكر هذا الجنرال بالوطن قبل أن يفكر بنفسه أم أن لبنان بات أقل قيمة من شخص الجنرال. ثمّ، ألَم يفكر جنرالنا الكبير بتداعيات انتخاب الرئيس من الشعب قبل أن يتخلى الجميع، جميع الطوائف وتتخلى عن توافقية الطوائف.
لقد طرحت بكركي ميثاقاً ببنود من بينها انتخاب رئيس الجمهورية. وتولى أحد المطارنة شرح هذا البند ببساطة كلية ومختصرة وواضحة تعتمد اختيار المعارضة شخصاً يكون مقبولاً من كافة الأطراف وتعتمد الموالاة شخصاً آخر يكون هو الآخر مقبولاً من الجميع ويصار إلى انتخاب أحد الرجلين من قبل مجلس النواب. وكفى الله المرشحين شر الاختلاف. فلماذا يصرّ الجنرال على مصادرة قبول جميع الأطراف بشخصه ويرفض قبول شخصاً آخر يكون له ذات الامتياز. هذه الشوفينية الغريبة، هلاّ يعلم الجنرال الكبير إلى ما ستؤدي؟ إذا كان لا يعلم فهي مصيبة وإن كان يدري فهي كارثة ستصيب الوطن! ومع ذلك يطرح جنرالنا الكبير نفسه منقذاً للبنان من ... أنـا.
ومع ذلك أيضاً: لنفرض جدلاً أن انتخابه من الشعب مباشرة قد قُبِل! فما قوله بأن يشمل الانتخاب جميع اللبنانيين في الانتشار أسوةً بجميع دول العالم، فهل يقبل؟ أم أنه يعتمد فقط على صفوف حزب الله المنظومة كي تأتي به رئيساً؟ وبئس الرئاسة إن أتت من تلك الصفوف. أهكذا إذن، يتم تمثيل المسيحيين قف!
وهذا الجنرال الكبيرنسأل: ماذا لو ترشّح شخصٌ من خارج المعارضة والموالاة وارتضت به الموالاة. هل ترفضه أيضاً؟
سؤال يُوجّه إلى حزب الله والجنرال الكبير:
لنفرض أن الموالاة نزلت إلى مجلس النواب وبحضور المعارضة أيضاً ولم تشارك في انتخابه رئيساً. وبالتالي لم يحصل على النسبة القانونية لانتخابه أي النصف زائد واحد. ما هو موقف جنرالنا الكبير إذ ذاك؟
سؤال آخر يوجّه أيضاً إلى حزب الله والجنرال الكبير:
ماذا لو، بالاضافة إليه، وفي آخر ساعة تسمح بها القوانين، رُشِّحَ شخصاً وواضطر رئيس المجلس أن يجري انتخاب أحدهما وفاز الشخص الآخر بالرئاسة؟ هل لن تقبل به أيضاً؟
سؤال أخير: ماذا لو لم يتم التوافق على شخص الجنرال وأوعِزَ إلى رئيس الجمهورية الحالي بتنفيذ تهديده بتعيين رئيس حكومة جديدة، تقوم بالتجديد لشخصه بالذات؟ هل يقبل الجنرال، ورفاقه في المعارضة، مثل هذا التدبير المخالف لكل مفاهيم الدستور ونصوصه ويستولي على الحكم بقوة سلاح حزب الله أم تراه يستجير بالسوريين؟ ويشابه شمشون بهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع .
نحن نرى إلى حشرجة هذا الجنرال الذي يريد من كل شيء شيئاً وحيداً: رئاسة الجمهورية ومن بعده فلياتِ الطوفان!
نحن على ثقة بأن الجنرال الكبير سوف يربأ بالتاريخ أن يسجل عليه موقفه أن يكون جاحداً بل يتمناه: مُمَجَّداً!
ولبنان يبقى أهم بكثير من شبقِ العقائديين المغامرين.
صانك الله لبـنان
لاحظ س. حداد
التيار السيادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق