الأحد، يونيو 01، 2008

صيف حزبي إسرائيلي ساخن

د. عدنان بكريه
فلسطين الداخل


(ايهود اولمرت) رئيس الحكومة الذي راهن عليه الإسرائيليون بعد تقلده منصبه اثر غياب شارون عن الحلبة السياسية ... والصدفة وربما الحظ جعله الرجل الأول في الدولة تلتف اليوم الفضائح على حلبته السياسية كحبل المشنقة ! وهو يسير بسرعة في طريقه نحو النهاية السياسية .
كثيرة هي الهزائم ترافق هذا الرجل فلا يكاد يخرج من أزمة حتى تتلقفه انتكاسة أخرى ! ومنذ أن تسلم السلطة بدأ يتقهقر على وقع ملفات الفساد حتى أصبح بلا كيان شعبي أو حزبي وخصومه يدركون سهولة تنحيته ، كونه شخصا غير مرغوب به في أوساط حزبه (كاديما) ولا يملك رصيد سياسي ... وكيف لا وهو الذي ادخل إسرائيل إلى مآزق سياسية وعسكرية حطت من جبروت الجيش الإسرائيلي وهيبته بعد حرب تموز عام 2006 وخسارته أمام قوات حزب الله .. فبعد أن كان يعتبر الجيش الخامس في العالم تراجعت درجته ليصبح جيشا كأي جيش متوسط !
اولمرت ... في عهده أصبحت صواريخ القسام الفلسطينية تطال العمق الإسرائيلي الآمن وازداد الوضع الأمني تعقيدا وتدهورا ولم تسعفه كل الضربات التي وجهت لقطاع غزة ولا حتى الحصار ألتجويعي في كسر شوكة الشعب الفلسطيني ... غزة أحرجت كل القادة السياسيين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين فالحصار الذي مورس وعمليات القتل اليومي لم تنجح في فك اسر (غلعاد شاليط ) وحرب تموز لم تنجح في فك اسر الجنديين المحتجزين لدى حزب الله ! كل هذه الإخفاقات رافقت رئيس الوزراء وائتلافه الحكومي الأمر الذي جعل أسهمه واسهم حزبه تتدنى بشكل مثير للغاية .
على أي مسؤول يمنى بهذه الهزائم أن يبرح موقعه ويخليه... فكيف إذا كان المسؤول محاصرا من قبل خصومه السياسيين وحتى من أعضاء حزبه الذين يرون به سبب الفشل والتراجع على كافة المستويات الاجتماعية الاقتصادية السياسية والعسكرية وحتى الحزبية .
باراك يجهد في سبيل تنحية اولمرت لرفع أسهم حزب العمل وتنقية الأجواء من الخلافات الداخلية التي تتمحور حول الموقف من اولمرت وحكومته ... (ونتنياهو) اكبر المستفيدين من تنحية اولمرت فهو لم ينسى الانقسام الذي حصل داخل الليكود وفقس حزب (كاديما) إضافة إلى طموح نتنياهو باستعادة هيبة وقوة حزب الليكود وترؤسه الحكومة خاصة وان الاستطلاعات تشير الى ان قوة الليكود ستتضاعف ثلاث مرات .
الكل سيحاول استغلال الفرص وتقديم موعد الانتخابات للتخلص من أعباء الفترة السابقة واحباطاتها ولتبوء رئاسة الحكومة وحصد مكاسب انتخابية سيتم ترجمتها لاحقا إلى لغة سياسية وأمنية !!! نتنياهو الذي لوح دائما بالخيار العسكري ، ينتظر اللحظة التي يتمكن فيها من تنفيذ خياراته ! الانقلاب الإسرائيلي القادم سيكون له مردوده على الوضع الشرق أوسطي وربما العالمي .
بعد إصدار تقرير فينوغراد كان واضحا بان اولمرت يسير نحو نهايته السياسية ! وها هو اليوم يسرع نحو النهاية فالطوق حول اولمرت يضيق شيئا فشيئا، وباتت الإطاحة به شبه مؤكدة بالرغم من إعلانه أنه متمسك بمنصبه
عاصفة تقرير لجنة فينوغراد، عززت فيه البلادة السياسية، إلا أن وضعه هذه المرة أصعب والاحتمالات بأن ينجو أكثر ضآلة !
على ماذا يراهن اولمرت بتمسكه بالكرسي وأية معجزة ينتظرها ؟! فقد يلجأ اولمرت لشن حرب على قطاع غزة وارتكاب مجازر وبدعم أمريكي كامل أو شن حرب وقائية خاطفة ضد إيران والتهويل إسرائيليا "للخطر القومي الأمني" لدفن قضايا الفساد والرشاوى وجعلها في خبر كان !
*****
بات من الواضح أن الذهاب إلى انتخابات مبكرة هو الحل الذي سيلبي نزوات الأحزاب ( العمل والليكود ) وسيطرتها
وزير الدفاع رئيس حزب العمل (باراك) أطلق قنبلته الموقوتة وطالب اولمرت بالتنحي... كيف لا ... وباراك انتظر بفارغ الصبر هذه اللحظة... ليس حفاظا على القيم والقانون بل أن مصلحته الشخصية والحزبية تتطلب تنحية اولمرت والذهاب إلى انتخابات مبكرة .
يجمع الائتلاف والمعارضة على ضرورة الذهاب إلى انتخابات مبكرة والكل يحاول استثمار الوضع الحزبي المتدهور لرئيس الحكومة وحزب كاديما لحصد مكاسب انتخابية حزبية خاصة وان الاستطلاعات تشير إلى أن (كاديما سيخسر نصف مقاعده والليكود سيضاعفها ثلاث مرات وسيحصل على 35 مقعدا ... الكل سيحاول استثمار الوضع السياسي والأمني المتدهور في المنطقة لطرح خيارات حربية للخروج من دوامة الصراع مع حركة حماس وحزب الله.. الكل سيحاول البروز على انه الأقدر على استعادة هيبة الجيش الإسرائيلي ! الكل سيحاول إبراز أفضليته على اولمرت .. والسؤال هل سيختلف الوضع الإسرائيلي وينقلب مع ذهاب اولمرت ؟!
البعض يتخوف من ذهاب اولمرت ومجيء باراك أو نتنياهو خاصة في الأوساط الفلسطينية ! ليس هناك ما يدعو للتخوف وليس هناك ما يدعو للتفاؤل فلن تفرز الساحة الإسرائيلية اشد عداءا ولا اقل عداءا من اولمرت ... فهو الذي حاصر غزة وما يزال يحاصرها وهو الذي شن حربا ضروسا على لبنان ومجيء زعيم آخر لن يغير ويبدل من الواقع شيئا واقع العداء للسلام والحق واقع الاحتلال المقيت والبغيض !
نستطيع القول بأن ذهاب اولمرت لن يجعل الشعب الفلسطيني يستبشر خيرا بقائد أفضل فالمدرسة الصهيونية هي نفسها التي خرجت اولمرت وباراك ونتنياهو... والمراهنة عليهم وعلى تغيير جذري في سياستهم ما هي إلا أحلام يقظة ! وعلينا إلا نعول على أي قائد إسرائيلي يحل مكان اولمرت ... بل علينا أن نعول على تغيير جذري في ثوابت سياسات حكام إسرائيل ... هذه الثوابت التي تترسخ وتتعز بعد كل انتخابات وهي أن حكام إسرائيل لا يملكون النية الصادقة ولا الإرادة الكافية لصنع سلام مع شعبنا الفلسطيني... ليذهب اولمرت وليأتي باراك أو نتنياهو فلن يتغير الحال ... وآمل أن أكون مخطئا !

ليست هناك تعليقات: