سعيد علم الدين
كنت أصِفُ في مقالاتي قوى 14 آذار بالأحرار، والآن سأصفهم بالحكماء أيضا. ولا أعتقد أني سأكون مبالغاً في وصفي هذا الذي سأدغمه بالوقائع، وكلي ثقة بأن الرأي العام اللبناني والعربي والعالمي يشاركني في هذا الوصف، الذي أقل ما يمكن أن نطلقه في هذه الأيام على ساسة كبار وزعماء ورجال فكر حكماء اثبتوا أنهم كأشجار الأرز صبراً على الشدائد وثباتا في مواجهة الملمات. كيف لا وقد جربتهم الأيام وتعلموا بما فيه الكفاية من الدروس المريرة التي مررنها بها خلال الثلاثين عاما.
مذكرين ببيروت مدينة الحكمة وأم الشرائع وكأنهم تلاميذ مدرسة الحقوق. ففي بيروت تأسست أول مدرسة حقوق في العالم في عهد الامبراطور الروماني سبتيموس وكشفت معالمها المطمورة في باطن الأرض حفريات شركة سوليدير.
أثبتت الجريمة البشعة النكراء التي هزت بيروت الغالية ولبنان الحبيب وكان لها صدى استنكارٌ عالميٌّ واسعُ النطاق، والتي لم يُحترمْ فيها:
لا ربيعَ المدينة المخضبِ بدموع أزهار عيد العشاق الحمراء، ولا مستقبلَ تلاميذ مدارسها النجباء، ولا زخم شبابها الهادر المعطاء، وأودت بلا شفقة ولا ضمير ولا دين ولا أخلاق، وبهمجية فاقت التصورات، بربيع حياة الشهيدين المظلومين زياد قبلان وزياد غندور، أثبتت أنه رغم الآلام العظيمة والدموع، ومشاعر الغضب العارم والأجواء المشحونة بإشاعات المخابرات الشريرة المعروفة الجهات، أثبتت أن هناك قادةً تاريخيين في لبنان ورجالَ إطفاء، هم في الحقيقة عقلاءٌ يعملون بحكمة وصبر: على إطفاء نار الفتنة وليس الاستدراج إليها، وعلى احتواء انفلات الشارع وليس النزول إلى الشوارع، وعلى مقابلة الحماقةِ برباطة الجأش، والجهالة بالعقلانية، والرعونة بالحكمة، والشتيمة بشجاعة الصمت، والتجني بغض النظر، والتهمةُ الكاذبةُ والافتراء بالبسمةِ الآسفةِ على فاقدي الحياء، وتجاوز المصيبة بصبر الأنبياء، والتغلب على الشدائد بالعض على الجراح.
فهذا الحكيم غسان تويني يقف شامخا أمام نعش فلذة كبده الوحيد شهيد الكلمة الحرة النائب جبران قائلا للبنانيين : لندفن الأحقاد! للأسف أن الحاقدين كثر وقلوبهم سوداء ملطخة بدماء الأبرياء ولا يمكن أن تصبح نقية بيضاء كقلب عميد الصحافة العربية الأستاذ غسان تويني.
وهذا الرئيس الحكيم أمين الجميل يقف بشموخ طالبا من مناصريه المصدومين الثائرين غضباً على اغتيال ابنه الشهيد النائب الوزير الشاب بيار الجميل والدموع متحجرة في عينيه: الهدوء والابتعاد عن أعمال العنف وردات الفعل والفوضى وترك الأمور للقضاء.
وهذا الزعيم الشاب الحكيم سعد الحريري بعد أن فقد شابين عزيزين بيروتيين غيلة وغدرا وبأبشع ما يكون، يطلب من مناصريه الهدوء وكتم أي هتاف استفزازي بحق الآخرين وترك الأمور للدولة والقضاء.
أما بالنسبة للزعيم الوطني الشجاع وليد جنبلاط فقد أشبعوه اتهامات واليوم يعترف الجميع بأنه من أحكم الحكماء حيث فقد شابين من حزبه "التقدمي: وعندما طالبه الشباب الغاضب بالثأر رد عليهم بحكمة الحكماء: الدولة ثم الدولة وشرعية القانون فقط هي التي يجب أن تحصل على حق المظلوم وتردع الظالم وتعاقبه!
هذه الأمثلة التي ذكرتها يوجد مثلها العشرات من من يضحون من أجل قيامة لبنان. والد الشهيد الطفل المغدور زياد غندور قال: أقدم ولدي قربانا للشعب اللبناني.
فشكرا لأحرار 14 آذار الحكماء الذين يقفون هذه الوقفة التاريخية المميزة الشجاعة من أجل قيامة لبنان الحر الديمقراطي العربي السيد المستقل والرد على جرائم الاغتيال والخطف الشنيعة المتكررة والانفجارات، وعلى الدسائس والمكائد والمؤامرات، بترك الأمور تأخذ مجراها عبر شرعية الدولة وعدالة القانون وليس عبر منطق عشائرية أخذ الثأر الذي أصبح من مخلفات ماضِ القرون.
فمنطق العين بالعين والسن بالسن لن يحل مشكلة وإنما ستتفاقم من خلاله الأمور، وسنبقى في الدائرة الجهنمية الدموية إلى ما شاء الله ندور إلى أن نكسِّرَ أسنان المجتمع ونطفئَ نور العيون.
قبل 1400 سنة تقريبا حدثت مأساة رهيبة في العراق هزت الضمير العربي والإسلامي وسُيِّسَتْ من قبل الفارسي المتأسلم واستغلت لتفريق العرب أبشع استغلال. وللأسف لم نخرج بعد من منطق الثأر الذي تختزنه في داخلها وتجدده سنويا ودمويا بحالة من الصعب علاجها.
وما زال الإيراني الصفوي يستغلها للسيطرة على العالم العربي.
فمنطق الدولة المدنية الديمقراطية الشرعية يجب أن يسود لكي تسود العدالة التي هي أساس الملك. وعندما نادى الإمام محمد عبدة بشعار "الحاكم العادل المستبد" لم يكن يحلم بأن شعاره سيستغل أبشع استغلال من قبل رؤساء أقزام دمروا دولهم الكبيرة والعريقة والغنية من خلال شريعة الغاب والاستبداد وعشائرية الاستزلام واحتقار الإنسان ومخابرات صارت عصابات هدفها الوحيد الحفاظ على كرسي الاستعباد للحاكم بأمرهِ الدكتاتور الجلاد.
فالدولة اللبنانية التي أفرغت من جوهرها الديمقراطي وتحطمت جدرانها وتخلعت شبابيكها وتكسرت أبوابها بعد 30 سنة من الاحتلال البعثي الدكتاتوري المشؤوم لا بد وأن تبنيها الحكماء: مدماكاً مدماكاً وشباكاً شباكاً وبابا تلو باب. وإغلاق كل الثغرات التي من الممكن أن يدخل منها الغراب. والغراب هو تاجر الموت المبشر بالحداد والذي يشتغل برفع الشعارات وتشويه الأخلاق ولا يريد الخير للبلاد.
ليس فقط لبنان وإنما العراق الحبيب أيضا عاث به البعثُ 40 سنة من ثقافة الفساد والحروب وأوصل الدولة إلى الاحتلال والانهيار، ولكي ينهض العراق من كبوته دولة جديدة ديمقراطية فهو بحاجة إلى حكماء عصماء يعيدون بنائه: مدماكاً مدماكاً وشباكاً شباكاً وبابا تلو باب، وإغلاق كل الثغرات التي من الممكن أن يدخل منها الغراب ومعه مخابرات الجيران وكل فصائل الإرهاب.
ولهذا يجب أن تحمي الصدرية الأعظمية وليس الجدار العازل. ويجب أن يحمي الكركوكي البصراوي في وجه كل عدو شرير غادر. ويجب أن يحمي الإنسان العراقي أخيه الإنسان لا فرق بين أعراقٍ وأديان.
إن كل شيعي يسقط هو خسارة لا تعوض للسني وكل سني يسقط هو خسارة كبيرة للشيعي، إن كل كردي يسقط هو خسارة للعربي وإن كل تركماني يسقط هو خسارة للآثوري فكلنا أهل وإخوان وبالحكمة تبنى الأوطان.
نحن بحاجة إلى ثقافة الوعي والعقلانية ورفض منطق العنف والثأر والعشائرية.
ومأساة شعب الصومال لا تذهب عن البال الذي هدم دولته بسبب فشل قادته الذين تحولوا من حكماء إلى حمقاء حرب وأمراء خراب. أملنا كبير بأن يعود الصومال دولة تأخذ مكانها الصحيح في التقدم والنجاح إلى جانب الأمم المتقدمة.
فمن السهل جدا أن نشعل حربا ونخرب دولة أما إعادة إعمارها فبحاجة إلى جهودٍ جبارة ورجال عظماء حكماء يعضون على الجراح حفاظاً على مستقبل الأهل والجيران والأبناء وليس إلى قادة موتورين بالكبرياء ومغامرين مخادعين وأشقياء.
كنت أصِفُ في مقالاتي قوى 14 آذار بالأحرار، والآن سأصفهم بالحكماء أيضا. ولا أعتقد أني سأكون مبالغاً في وصفي هذا الذي سأدغمه بالوقائع، وكلي ثقة بأن الرأي العام اللبناني والعربي والعالمي يشاركني في هذا الوصف، الذي أقل ما يمكن أن نطلقه في هذه الأيام على ساسة كبار وزعماء ورجال فكر حكماء اثبتوا أنهم كأشجار الأرز صبراً على الشدائد وثباتا في مواجهة الملمات. كيف لا وقد جربتهم الأيام وتعلموا بما فيه الكفاية من الدروس المريرة التي مررنها بها خلال الثلاثين عاما.
مذكرين ببيروت مدينة الحكمة وأم الشرائع وكأنهم تلاميذ مدرسة الحقوق. ففي بيروت تأسست أول مدرسة حقوق في العالم في عهد الامبراطور الروماني سبتيموس وكشفت معالمها المطمورة في باطن الأرض حفريات شركة سوليدير.
أثبتت الجريمة البشعة النكراء التي هزت بيروت الغالية ولبنان الحبيب وكان لها صدى استنكارٌ عالميٌّ واسعُ النطاق، والتي لم يُحترمْ فيها:
لا ربيعَ المدينة المخضبِ بدموع أزهار عيد العشاق الحمراء، ولا مستقبلَ تلاميذ مدارسها النجباء، ولا زخم شبابها الهادر المعطاء، وأودت بلا شفقة ولا ضمير ولا دين ولا أخلاق، وبهمجية فاقت التصورات، بربيع حياة الشهيدين المظلومين زياد قبلان وزياد غندور، أثبتت أنه رغم الآلام العظيمة والدموع، ومشاعر الغضب العارم والأجواء المشحونة بإشاعات المخابرات الشريرة المعروفة الجهات، أثبتت أن هناك قادةً تاريخيين في لبنان ورجالَ إطفاء، هم في الحقيقة عقلاءٌ يعملون بحكمة وصبر: على إطفاء نار الفتنة وليس الاستدراج إليها، وعلى احتواء انفلات الشارع وليس النزول إلى الشوارع، وعلى مقابلة الحماقةِ برباطة الجأش، والجهالة بالعقلانية، والرعونة بالحكمة، والشتيمة بشجاعة الصمت، والتجني بغض النظر، والتهمةُ الكاذبةُ والافتراء بالبسمةِ الآسفةِ على فاقدي الحياء، وتجاوز المصيبة بصبر الأنبياء، والتغلب على الشدائد بالعض على الجراح.
فهذا الحكيم غسان تويني يقف شامخا أمام نعش فلذة كبده الوحيد شهيد الكلمة الحرة النائب جبران قائلا للبنانيين : لندفن الأحقاد! للأسف أن الحاقدين كثر وقلوبهم سوداء ملطخة بدماء الأبرياء ولا يمكن أن تصبح نقية بيضاء كقلب عميد الصحافة العربية الأستاذ غسان تويني.
وهذا الرئيس الحكيم أمين الجميل يقف بشموخ طالبا من مناصريه المصدومين الثائرين غضباً على اغتيال ابنه الشهيد النائب الوزير الشاب بيار الجميل والدموع متحجرة في عينيه: الهدوء والابتعاد عن أعمال العنف وردات الفعل والفوضى وترك الأمور للقضاء.
وهذا الزعيم الشاب الحكيم سعد الحريري بعد أن فقد شابين عزيزين بيروتيين غيلة وغدرا وبأبشع ما يكون، يطلب من مناصريه الهدوء وكتم أي هتاف استفزازي بحق الآخرين وترك الأمور للدولة والقضاء.
أما بالنسبة للزعيم الوطني الشجاع وليد جنبلاط فقد أشبعوه اتهامات واليوم يعترف الجميع بأنه من أحكم الحكماء حيث فقد شابين من حزبه "التقدمي: وعندما طالبه الشباب الغاضب بالثأر رد عليهم بحكمة الحكماء: الدولة ثم الدولة وشرعية القانون فقط هي التي يجب أن تحصل على حق المظلوم وتردع الظالم وتعاقبه!
هذه الأمثلة التي ذكرتها يوجد مثلها العشرات من من يضحون من أجل قيامة لبنان. والد الشهيد الطفل المغدور زياد غندور قال: أقدم ولدي قربانا للشعب اللبناني.
فشكرا لأحرار 14 آذار الحكماء الذين يقفون هذه الوقفة التاريخية المميزة الشجاعة من أجل قيامة لبنان الحر الديمقراطي العربي السيد المستقل والرد على جرائم الاغتيال والخطف الشنيعة المتكررة والانفجارات، وعلى الدسائس والمكائد والمؤامرات، بترك الأمور تأخذ مجراها عبر شرعية الدولة وعدالة القانون وليس عبر منطق عشائرية أخذ الثأر الذي أصبح من مخلفات ماضِ القرون.
فمنطق العين بالعين والسن بالسن لن يحل مشكلة وإنما ستتفاقم من خلاله الأمور، وسنبقى في الدائرة الجهنمية الدموية إلى ما شاء الله ندور إلى أن نكسِّرَ أسنان المجتمع ونطفئَ نور العيون.
قبل 1400 سنة تقريبا حدثت مأساة رهيبة في العراق هزت الضمير العربي والإسلامي وسُيِّسَتْ من قبل الفارسي المتأسلم واستغلت لتفريق العرب أبشع استغلال. وللأسف لم نخرج بعد من منطق الثأر الذي تختزنه في داخلها وتجدده سنويا ودمويا بحالة من الصعب علاجها.
وما زال الإيراني الصفوي يستغلها للسيطرة على العالم العربي.
فمنطق الدولة المدنية الديمقراطية الشرعية يجب أن يسود لكي تسود العدالة التي هي أساس الملك. وعندما نادى الإمام محمد عبدة بشعار "الحاكم العادل المستبد" لم يكن يحلم بأن شعاره سيستغل أبشع استغلال من قبل رؤساء أقزام دمروا دولهم الكبيرة والعريقة والغنية من خلال شريعة الغاب والاستبداد وعشائرية الاستزلام واحتقار الإنسان ومخابرات صارت عصابات هدفها الوحيد الحفاظ على كرسي الاستعباد للحاكم بأمرهِ الدكتاتور الجلاد.
فالدولة اللبنانية التي أفرغت من جوهرها الديمقراطي وتحطمت جدرانها وتخلعت شبابيكها وتكسرت أبوابها بعد 30 سنة من الاحتلال البعثي الدكتاتوري المشؤوم لا بد وأن تبنيها الحكماء: مدماكاً مدماكاً وشباكاً شباكاً وبابا تلو باب. وإغلاق كل الثغرات التي من الممكن أن يدخل منها الغراب. والغراب هو تاجر الموت المبشر بالحداد والذي يشتغل برفع الشعارات وتشويه الأخلاق ولا يريد الخير للبلاد.
ليس فقط لبنان وإنما العراق الحبيب أيضا عاث به البعثُ 40 سنة من ثقافة الفساد والحروب وأوصل الدولة إلى الاحتلال والانهيار، ولكي ينهض العراق من كبوته دولة جديدة ديمقراطية فهو بحاجة إلى حكماء عصماء يعيدون بنائه: مدماكاً مدماكاً وشباكاً شباكاً وبابا تلو باب، وإغلاق كل الثغرات التي من الممكن أن يدخل منها الغراب ومعه مخابرات الجيران وكل فصائل الإرهاب.
ولهذا يجب أن تحمي الصدرية الأعظمية وليس الجدار العازل. ويجب أن يحمي الكركوكي البصراوي في وجه كل عدو شرير غادر. ويجب أن يحمي الإنسان العراقي أخيه الإنسان لا فرق بين أعراقٍ وأديان.
إن كل شيعي يسقط هو خسارة لا تعوض للسني وكل سني يسقط هو خسارة كبيرة للشيعي، إن كل كردي يسقط هو خسارة للعربي وإن كل تركماني يسقط هو خسارة للآثوري فكلنا أهل وإخوان وبالحكمة تبنى الأوطان.
نحن بحاجة إلى ثقافة الوعي والعقلانية ورفض منطق العنف والثأر والعشائرية.
ومأساة شعب الصومال لا تذهب عن البال الذي هدم دولته بسبب فشل قادته الذين تحولوا من حكماء إلى حمقاء حرب وأمراء خراب. أملنا كبير بأن يعود الصومال دولة تأخذ مكانها الصحيح في التقدم والنجاح إلى جانب الأمم المتقدمة.
فمن السهل جدا أن نشعل حربا ونخرب دولة أما إعادة إعمارها فبحاجة إلى جهودٍ جبارة ورجال عظماء حكماء يعضون على الجراح حفاظاً على مستقبل الأهل والجيران والأبناء وليس إلى قادة موتورين بالكبرياء ومغامرين مخادعين وأشقياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق