الأربعاء، مارس 19، 2008

ويلٌ للإرهاب؛ نعم للجهاد "الأكبر"!ا


د. ابراهيم عباس نــَـتــّو
عميد سابق في جامعة البترول- السعودية
في يوم الاثنين 3-3-2008م (25 من صفر 1429هـ) تم التوفق في القبض في المملكة العربية السعودية على ما مجموعه 56 إرهابياً و معهم مخططات من عند انفسهم و بالتنسيق مع جماعات الارهابيين في حركة القاعدة للقيام بمختلف اعمال التدمير و التخريب في انحاء البلاد؛ و كان 28 إرهابياً تم القبض عليهم في موسم الحج الأكبر من عام 1428هـ، في الثالث عشر من ذي الحجة، في رابع ايام عيد الاضحى؛ و كان هؤلاء متوزعين في عدة مناطق في انحاء المملكة.
و عبر السنوات القليلة الماضية تمادى الارهابيون و عاثوا في الأرض فساداً و تخريباً و دموي، غالباً باسم الجهاد و تحت مسمى الجهاديين ..و الجهاد الحق منهم براء. الجهاد (الأكبر) الذي ارمي اليه هنا هو ذلك الذي يأتي بمعنى بذل قصارى الجهود، و إفراز اشد الطاقات.. بما يشمل انواع الجهد و مجاهدة النفس في احقاق و إعلاء الحق و العدل و المساواة و رفع قيمة الانسان و رعاية البيئة و أوجه التنمية و إصلاح المجتمع.
فالجهاد الذي افضله هو (الجهاد المدني). أقصد ذلك النوع الذي جاء في تراثنا مشاراً اليه ‮ ‬بالجهاد الاكبر، جهاد النفس، و هو المنظور اليه بأنه اهم من الجهاد بمعني النشاطات الحربية .(جاء في الأثر عن الرسول (ص) بعيد غزوة من غزواته، أنه قال ما معناه: عدنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر و ذلك في سياق المفارقة بين حالة الحرب من ناحية..مفارقة باعمال التنمية و البناء و و التأسيس والتنظيم و الانشاء.ا كما و قد جاء في الفلسفة الاغريقية أن "الفضيلة" هي الخير الأوحد، و أن جوهرها هو "ضبط النفس".ا
إنه من المحزن اننا سمحنا لأنفسنا بالتمادي في التفكير بممارسة النشاطات الحربية الهجومية و التوسعية..الخ، بل و في ولوج مجالات متزايدة و متجددة من التخريب و التدمير و الارهاب، و كل هذا و ذاك -للأسف- تحت مظلة تفسير "الجهاد"..مع التعبير به او "الدعوة" اليه ..و الترويج له..
في مناطق مختلفة من اصقاع أمتنا؛ بل و حتى سعياً لـ"المثوبة" و الأجر!!و خلال السنوات السبع الماضية، تفاقمت الأمور و توسعت الاعمال التخريبية التدميرية الارهابية في مناطق مختلفة و متعددة من العالم، و صار الوضع الى منزلة "الحرب شبه العالمية"؛ و نتج عن ذلك انواع من الهجوم و الاحتلال و التحالفات القارية.و كان من احدث انواع التخريب و الأرهاب ما حدث في يوم السبت، اليوم الأول من شهر فبراير، 2008م/ الموافق 24 من الشهر المحرم(!) 1429هـ،.. حينما حدث انفجاران انتحاريان ارهابيان في سوقين من اسواق بغداد..
و الى هنا كان الخبر بكل الأسف شيئاً مألوفاً، خاصة في العراق الجريح مثلاً، و أيضاً في غيره من البلدان. و لكن الجديد هنا هو كون الانفجارين جاءا من تنفيذ (امرأتين)، إحداهما في احد الأسواق و الأخرى في سوق آخر..و حتى هذا الجانب من الحدث اضحى ايضاً -بمزيد الأسى- مألوفاً (بل إن مسلسل العنف و الخراب ما كان ليتوقف عند هذا او يقتصر عليه)..بل تلاه الجديد و المؤلم بشكل لا يمكن وصفه و التعبير عنه، و هو أن التفجيرين الانتحاريين كانا (بواسطة) سيدتين معوقتين! ..و في نوع من الإعاقة في غاية من الحساسية، ..من نوع الإعاقة المغولية!ثم تبين أيضاً! ان تنفيذ ذلك التفجير الأليم اللئيم كان بتفعيل عن بعد، بمعنى أن شخصاً ما او اشخاصاً كانوا يراقبون الموقف و يديرون التنفيذ بضغط زر يشعل ما كانوا قد البسوا تلكما السيدتين من متفجرات؛ و بذا تحققت التفجيرات -و عن بعد؛ و تم تدمير المواقع المكانية المرغوب تدميرها؛ و معها -طبعاً- انفجر جسدا السيدتين البريئتين المعوقتين اللتين استخدمتا كانتحاريتين ("جهاديتين"!).. دونما حتى وعي أي منهما بما جرى!
كيف يمكن لأي منتم لبني الانسان ان يستغل و يستعمل امرأتين معوقتين تأتيان عادةً -و بطبيعة الاعاقة هذه- في غاية البراءة و الانقيادية الطيّعة و الضعف الجسدي و الذهني!ا
كيف يمكن ان يقوم اي انسان من اي جنسية او عرق و من اي من الأديان بعمل هكذا عنفوي، اجرامي، ارهابي. كيف له ان يقوم بعمل هكذا جبان!او مؤخراً قامت جماعة ارهابية/"جهادية" بخطف و اغتيال المطران العراقي الكلداني (بولص فرج رَحّو) ..مطران مدينة الموصل و معه ثلاثة من رفاقه؛
و في نفس الفترة قامت جماعة من القساة الجهاديين بخطف عدد من السياح النمساويي و اخذوهم رهائن مع التخطيط لقتلهم. (و قبل هذا..كان قد اختطف امثال هؤلاء امثال اولئك بما فيهم اعداد من الزوار حلوا ضيوفاً على البلاد و جاؤا سياحاًً ..في اليمن..)و كانت في2001م قد حلَّت فاجعة كبرى في أمريكا بعد بداية القرن الواحد والعشرين، بوقوع عدة تخريبات عظمى هناك في 11 من سبتمبر/ايلول؛ ومن بعدها تداعت الأعمال الإرهابية في معظم أنحاء االعالم؛ و سرعان ما وصلت الينا هنا في عقر منطقة الخليج مضاعفات ذلك الحدث الجلل، و أيضاً بعد تسجيل مصيبتنا في أبنائنا السعوديين فيمن حُسبوا ضمن تعداد "كوادر" إرهابيي ذلك الحادث بنسبة حوالي 80% من المنفذين(15 من مجموع 19مشاركاً.)إن ما حدث في نيويورك في صباح11 من سبتمبر/ايلول2001م ما كان لينبغي أن يحدث لأي شعب، ولأي تبرير، في أي مكان في العالم.
و علينا نحن العرب،و خاصة السعوديين، مواجهة الأمور مباشرة، والتوقف مطلقاً عن التأرجح بين الصمت والتبرير.كما أن علينا أن نحس بفداحة ذلك الحدث الفظيع، و أن نعبـّر بحزننا و أسفنا على آلاف الضحايا البريئة:2683 قتيلاً في برجيْ نيويورك، ..أُزهقت ارواحهم دون مبرر و بلا ذنب.بعد حادثة نيويورك بأقل من سنتين، ثارت مصيبة متجمعة قامت بها مجموعة ضالة مضللة اتخذت لنفسها لقب وشعار "الجهاد"، و أقدمت على أعمال مشينة حدثت هذه المرة في عقر دورنا ، في مدننا، بما لم يستثن حتى مكتنا، البلد الحرام. ثم توالت جرائم أولئك الانتحاريين المجرمين الإرهابيين.. ممن نُعتوا..بـ"الجهاديين"!
و استمرت سلسلةٌ جرائم أولئك الارهابيين في أنحاء عدة من البلاد، كانت أُولاها في 1424هـ /2004م قد أخذت بعداً جديداً، أو درامائياً؛ ففي ليلة واحدة دُمِّر مجمع سكني بلغ تعداد القتلى فيه الـ 30 شهيداً، و عددٌ كبير من الجرحى في عدة مستويات من الألم و احتمالات فرص التشافي والبقاء ..وكان ذلك في عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض.
و كان ان تصادف مع ليلة تلك المصيبة ليلةَ مولد الرسول(ص) في 12من مايو/ آذار2003م =11 من ربيع الأول 1424هـ ؛ كما صادف -ولا طِيَرة- أن يكون ذلك الرقم التعيس "11" صار منذها 11من ربيع الأول(في السعودية) يوازي 11من سبتمبر/ ايلول (في أمريكا).و كان قبلها، و بعدها، أعمال تخريب إرهابية في حارة "العـُلــّيا" في الرياض، و كذلك في جزء سكني في مدينة الخُبر في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية،.. وفي غيرها و غيرها.
ثم كان الحدث المروع في موضع إنساني آخر لم يسلم من أيدي الجناة، فكانت التفجيرات هذه المرة في مستشفى عام في مدينة جيزان؛ و كان توقيت ذلك موافقاً لليلة الإسراء والمعراج في 1424هـ ومواكباً أيضاً لمناسبة العيد الوطني للمملكة العربية السعودية.. 23 من سبتمبر 2003م! ثم قامت أيدي التخريب فعاودت الدمار و سفك دماء الأبرياء، مرة في البلد الأمين (في مكة المكرمة)؛ ومرة أخرى في غرب عاصمة البلاد، في الرياض..بتفجيرها مجمع المُحَيَّا السكني؛ فأزهقت -مرة أخرى- الأرواح بالعشرات.
ثم في عيد الفطر أيضاً، بل و في أول أيامه، لم يرعو أولئك الظلاميون حتى عن مناسبة سعيدة للناس كهذه -إبان احتفال الناس مع أهليهم وأطفالهم وذويهم- لم يكف المخربون عن معاودة محاولات التدمير والخراب، حتى في يوم العيد، عيد الفطر 1424هـ الثلاثاء 25من نوفمبر 2003م! و كان نتيجة إحدى المداهمات ضد تلك العصابات أن تم الكشف عن مئات الألوف من الأسلحة والأعيرة النارية، وأدوات القتل والمتفجرات بأنواعها، 900000 قطعة، كما ورد في 3 من سبتمبر2003م، ثم أذيع عن الكشف عن صواريخ "أرض-جو"(هكذا!)كما قد أشيرَ، و بدأت اصابعُ الاتهام منذ مدة توجَّهُ مباشرة إلى جماعات القاعدة، وخاصة إلى كبيرهم سيئ-السمعة منشئِها صاحب تورا بورا، ..و إلى بصمات الجناة في حوادث إرهابية حَملوا واستعملوا فيها الرشاشات ومختلف أنواع المدمرات؛ و كذلك ما لم يخطر على قلب أي بشر، ناهيك قلب"مؤمن!": تصميم و تجهيز "المصاحف المفخخة"!
هل سمع أحد في الدنيا عبر آلاف سِـني الحضارة الإنسانية عن تصنيع متفجرات في شكل كتب دين! بل في شكل مصاحف! مصاحف مفخخة! فأرجو أن نقولها بغاية الوضوح بأننا لا نقبل ما يقوم به هؤلاء المسمّون بـالجهاديّين، و نرفض تماماً و بتاتاً ما قاموا و يقومون به من أعمال تدميرية تخريبية إرهابية في طول البلاد وعرضها ..وفي غيرها من المناطق. إن لب الموضوع هنا هو طلب التركيز على "الجهاد الأكبر" و العمل المدني البنائي التنموي السلمي. فنود أن ننوه بما يقابل اعمال التخريب و الارهاب و التدمير و سفك الدماء..
فندعوا هنا الى التركيز حتى و لو على بعض مجالات "الجهاد"-الأكبر.. بمعني التركيز على مجالات جهاد النفس.و هنا سنجد قائمة طويلة من الأعمال، منها ما يحسن أداؤه ومنها ما يلزم اجتنابه.. و في كتا الحالتين "جهاد". والملاحظة الثانية هي أننا نجد أن مجالات (الجهاد الأكبر) تحتاج إلى مجاهيد عميقة، طويلة المدى.. و تتطلب الجزيل من الصبر والمصابرة والمرابطة.
كما اننا نجدها كلها متميزة بالبناء لا الهدم، والتعمير لا التدمير، والتدريب لا الترهيب، وبتصبب العرق لا بسفك الدماء، وبالمحبة لا بالبغضاء.. فلنتناول في الفقرات التالية عدداً من مجالات الجهاد الأكبر، المتمثلة في انواع مجاهدة النفس؛ و هنا نقدِّم هذا الجانب على ما سواه، ليس فقط لأنه هو الأوْلى و الأقرب، ولكن لأنه أيضاً في غالب الأحيان الأصعب!
فإن من أصعب الأشياء مغالبة النفس و ردها عن هواها، و"النفس أمارة بالسوء"، فمن الصعب ان نمتنع عن التعاطي مع ما يتناغم مع رغباتنا وحاجاتنا المغروسة والمغروزة. فمثلاً، من الجهاد الأكبر: قول الحق والصدع به، و خاصة في المواقف الصعبة، و إزاء القضايا الساخنة.. و خاصة في المجتمعات التسلطية..
و أمام الحاكم المستبد الجائر. فمن الجهاد-الأكبر مقاومة النفاق و التملق، رغم صعوبة تحقيق تلك المقاومة. و من أهم عناصر الوعي ألا ينشأ شبابنا إمَّعين ولا شاباتنا إمَّعات؛ وألاَّ نغفل مبادئ الشفافية و المحاسبية في الخدمة المدنية. فإن قول الحق و خاصة في المجتمعات غير الديموقراطية يتبعه الكثير من التضحيات و يحتاج إلى الجهد الجهيد.
مجاهدة الاستبداد: من الأهمية مقاومة المستبدين القابعين في مختلف المستويات، من ناحية، و أيضاً مقاومة جُبن المستبَد بهم من ناحية أخرى، فنزعة الاستبداد مهيئة لكل كل واحد منا، فإذا ما ترك المرء لنفسه هواها وجد نفسه مستبداً بزوجه وأولاده وأقاربه و حيِّه، بل بجميع وطنه ومجتمعه.وفي مثل هذا يقول توماس پين ما معناه: على كل من يسعى منا نحو صيانة حريته، أن يحمي اولاً غيره -حتى لو كان من أعدائه- من الوقوع في رذيلة الاستبداد؛ أما إذا تخلى أيٌ منا عن هذا الواجب، فإن دائرة السوْء ستحوق به هو ولوبعد حين! فالسلطة مَفسدةٌ، والسلطةُ المطْلقة هي مفسدة مضاعفة: مَفسدةٌ في مَفسدة! مجاهدة النفس لتحمــُّل الرأي الآخر: إن من غير اليسير تنازل الفرد منا عن موقفه، أو التفريط برأيه، بل غالباً ما يكون معتداً به، إلاّ أن الحاجة إلى التعايش في سلام وبشيء من الوئام مع بقية الأنام تتطلب منا المجالدة لتحمل وجهات نظر الآخرين؛ و هذا قد يتطلب تدريبات محددة بالانخراط في برامج للمناظرات، والمحاورات، و فنون الخطابة والإلقاء الأدبي المتأدب. فإن البعض منا في موقف من المواقف قد يركب رأسه، فيصر، مثلاً، على نصف الكأس الفارغ..وينسى أو يتناسى النصف الممتلىء ..أوالعكس؛ بينما بعضنا قد يصل به مستوى التعصب لرأيه بحيث تنطبق عليه الحكاية الطريفة: "عنزة و لو طارت!"
فمن "الجهاد الأكبر" مقاومة إغراءات التعصب والتنطع وأنواع التزمت والتشدد التي لا تؤدي إلاّ إلى اختلال الميزان.اكما أن من الجهاد الأكبر ما يأتي في سلوكنا الخاص، و منها مجاهدتنا لذاتنا، و بذل الجهد لصيانة ابداننا و في الحفاظ على قوامنا، و خاصة حين الحاجة الى تحقيق تخفيض ملموس في مستوى سمنة أجسامنا. فهنا نجد أننا نستصعب القيام بالتمارين الرياضية المنتظمة -ناهيك بالجمع بينها مع تخفيض عدد السعرات الحرارية في كمية ونوعية غذائنا.
كما و إننا عادة ما نجد صعوبة في تولي المهام والمسئوليات المنزلية العائلية اللازمة؛ ففي مثل هذا يكمن الجهاد المرغوب.
و كذلك الجهاد في طلب العلم، و التفاني بجد و اجتهاد في التحصيل العلمي و النماء الثقافي و العمل على الوقوف على علوم الغير.. فهي ليست فقط مستحبة ..بل إن "طلب العلم" فريضة على كل منا. وليس هناك حدود جغرافية لمواقع تحصيله ولوبَعُد بُعْدَ الصين عن الحجاز؛ و في ذلك جهاد! و كما جاء في الأثر، فإن كل طالب للعلم يغترب ساعياً للتحصيل العلمي فهو "مجاهد" حتى يرجع إلى أهله! العمل التطوعي.. هو أحد مجالات الجهاد الأكبر: و في هذا خدمة الناس كأفراد، ورعاية البيئة التي فيها يعيشون ويسعدون كجماعات، و يلزم ان تكون الخدمة العامة فرض عين.
قد تبدو لفظتا "العمل التطوعي" خفيفتين، بل و أحياناً شبه مبهمتين، و لكن علينا ان نتذكر -كما يذكـّرنا تراثنا: أن من لم تهمه شؤون الناس ومصالحهم فليس منهم! ففي العمل المدني جهاد، و ذلك بالمشاركة الفعالة في أعمال جماعات المجتمع المدني، و منها: الجمعيات الخيرية، و الجمعيات التعاونية، و المؤسسات التنموية التي لا تستهدف الربح، و ما يسمى بمتطوعي "أطباء بلا حدود"، وجماعات حماية البيئة، و جمعيات الرأفة بالحيوان.. و جمعيات رعاية فئات الإنسان! ..فيحسن تشجيع شبابنا و شاباتنا على الانخراط في هذه الاعمال، ففيها العديد من الجهاد المحمود .. الجهاد الأكبر.و يحسن ان يتبارى الناس بمختلف فئات اعمارهم و جنسهم و جنسياتهم في مخلتف مجالات "الجهاد الأكبر" في مجال "العمل التطوعي".
و كثيراً ما نسمع عن بعض مشاهير عصرنا المساهمين بوقتهم و جهدهم لصالح المجتمع ..و منهم السيدة "شيري بلير"، فهي محامية مرموقة لها مكتب حقوقي خاص مستقل يفوق دخلُه دخلَ زوجها رئيس وزراء بريطانيا السابق؛ وهي أم لها أربعة اطفال(وكادت أن تأتي بخامس). تعمل السيدة بلير متطوعة في عدة جمعيات خيرية، بينما تؤدي دورها كأم و كزوجة. و كل متطوع يحتاج بالطبع الى الكثير من التنظيم الجاد، وإلى الجهد والمجاهدة.الخدمة شبه-العسكرية: و يمكن التركيز عليها بعد نهاية المرحلة الدراسية الثانوية، هب لمدة سنة أولتسعة شهور يتبعها معسكر صيفي، يتلقى فيها المتدرب أو المتدربة نوعاً أو أكثر من التدريبات، بما فيها النشاطات اليدوية المهنية تنسقها مؤسسات رعاية الشباب بالتعاون مع الجهات المساهمة العسكرية وغير العسكرية، الحكومية والأهلية، لتحقيق عدد من التدريبات المهنية اليدوية، ومهارات الإشراف الاجتماعي، و مجالات الإسعاف و الطوارئ.و مرة اخرى.. فالغرض وراء كل هذا و ذاك هو بالطبع: بذل الجهد للنهوض عن التواني والكسل، وإلى الانخراط في البرامج والتدريبات التي تدفع الشباب إلى الأداء، وإلى عدم التواكل.. وبذا لا يبقى المواطن السوي وكأنه أشلٌ مُقعدٌ.. ينتظرُ من الغير أداء كل شيء له، و بالنيابة عنه! من انواع الجهاد الاكبر و مقاومة نزوات النفس بالانخراط في الاعمال التنموية كمجال من المجالات. و من هذا مقاومة الترفع والتأنُّف عن العمل اليدوي. فمن أمثلة البرامج اليدوية التنموية التي يحسن بالشباب والشابات ألاّ يتحرجوا عن الانخراط فيها، مثل أعمال الصيانة بأنواعها، و برامج الديكور والتجميل والأزياء، والصباغة والحدادة والنجارة، والصياغة، والنسيج. و المطلوب في كل هذا وذاك أن يتم الجد و الاجتهاد في الإتقان.و من ابواب الجهاد الأكبر مقاومة الموبقات. كلمتا "الجهاد الاكبر" قد تظهران خفيفتين على اللسان، لكنهما لا تتحققان إلاّ بالمجاهدة والمجالدة. فيحسن أن نجاهد انفسنا و أن نستعين بجميع الموارد المتاحة لمساعدتنا على مجاهدة كافة المضرات، كتناول أي نوع من المخدرات، بما يشمل التبغ وما به من النيكوتين؛و تعاطي تدخين الأرگیلة/ الشيشة؛ وفي تناول المشروبات الكحولية (فــالكحول -لمن لم يدري او يسمع- هو حقاً مخدر!)الصبر والمصابرة: ربما كان من الغني عن البيان القول أن في الصبر مجاهدة ومجالدة؛ فالصبر يشمل تحملنا غيرنا من أصحاب الفكر المغاير لفكرنا، أو من متبعي مذهب اقتصادي أو فلسفي أو ديني غير مذهبنا.و من المجاهدة السعي لتحقيق مبدأ و تطبيقات المساواة و الإنصاف، بأن نعطي كل ذي حق حقه، أو أن نقر بأن الناس شركاء في مناكب الحياة، و أن نؤمن بضرورة التوزيع (المنصف) للموارد و المداخيل العامة، و كذلك التكافؤ في فرص العمل؛ فهكذا أمور تحتاج إلى كثير من الجهد والمجاهدة، يوماً بعد يوم.. في مجالات الحياة المختلفة. و يحسن الا ألا نركن الى مجرد التعبير بمقولات مثل "النساء شقائق الرجال".. دونما مجاهدة غطرستنا وعنجهيتنا الذكورية المتفشية سواء في مجال التنظير او مجالات العمل والتطبيق. وبعد..فلنقل "لا".. بوضوح تام لممارسي عناصر التخريب والتدمير والإرهاب، ذوي الشعار المغلف بـ"الجهاد" بينما هم -في الواقع- يقومون بالتدمير و التخريب و سفك الدماء. وليتعاون وليتكاتف كل منا مع المجاهدين الحقيقيين، أولئك المجالدين في مناكب الحياة التنموية كافة، المنشغلين و المشتغلين في الإنشاء و في عمران الأرض، المنخرطين في التنمية و الإنماء.عندها سننادي بـ"الجهاد" بمعنى الجهاد-الأكبر/ جهاد النفس بجميع أنواعه؛ و ذلك هو الجهاد الحقيقي..و المرغوب.و هل لنا في الختام ان نقول:ا
جاهدتَ نفسَكَ، والجهادُ فضيلة ٌ
هذا جهادُ النفسِ خيرُ جهادِ!
د.ابراهيم عباس نــَـتــّو
dr.ibraheem abbas nattoص ب 30658 جــدة 21487

ليست هناك تعليقات: