عطا مناع
جاء إعلان صنعاء الذي وقعت علية حركتي فتح وحماس ليعيد الأمل لملايين الفلسطينيين والعرب الذين انتظروا طويلا انتهاء كابوس الاقتتال الفلسطيني الداخلي الذي جلب الدمار على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث المحرقة التي استهدفت علنا المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة في عملية مدعومة من قبل البعض الفلسطيني الذي تمنى بينة وبين نفسه إن تغرق غزة قي البحر، وتجلى هذا النهج بالتصريحات العلنية التي حملت المقاومة الفلسطينية مسئولية المحرقة علنا كما جاء على لسان وزير الإعلام الفلسطيني الناطق باسم الحكومة الفلسطينية الدكتور رياض المالكي، ولم يختلف الحال في الضفة الغربية عن قطاع غزة لتأتي عمليات الاغتيال في بيت لحم وطولكرم وكافة محافظات الضفة الغربية كاستكمال للمحرقة الذي استهدفت الأرض الفلسطينية بمزيد من المصادرة وتسمين المستوطنات بالإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستعمارية ناهيك عن عملية الاعتقالات المتواصلة في الضفة الغربية، الجريمة الإسرائيلية كانت واضحة للفلسطينيين والعرب والعالم الذي واجه جرائم دولة الاحتلال بالصمت المشبوه.
شكلت الأشهر الماضية كابوسا مخيفا بالنسبة للفلسطينيين، ليس لان الاحتلال الإسرائيلي يوغل بالدم الفلسطيني فقط بل لان تلك الجرائم تحدث في ظل الصراع الفلسطيني الداخلي الذي عكس الإحباط واليأس في صفوف قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، وكان واضحا أن صوت الموت والدمار ولون الدم سينتصر على مهزلة الاقتتال وخاصة ان القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني ممثلة بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح مدركة لمخاطر المرحلة التي أفرزت قيادات جديدة لا تتقاطع مع مصالح الشعب الفلسطيني ونضاله، هذه القيادات التكنوقراطية التي ولدت بعمليات قيصرية وضعت كل ثقلها لتوسيع رقعة الخلاف الداخلي مستخدمة كافة الأسلحة والإمكانيات المتوفرة لديها لقناعتها بان استمرار الاقتتال يوفر المبرر الوحيد لوجودها المرتبط بأجندة تتناقض مع برنامج حركة فتح قبل غيرها.
فور التوقيع على إعلان صنعاء الذي باركته الجماهير الفلسطينية برزت أصوات تحاول أن تفسر المفسر وتشكك وتضع الشروط التعجيزية رغم أن حركة فتح بممثلها عزام الأحمد وقعت على الاتفاق، ولم ينتظر البعض عودة الأحمد من صنعاء ليناقش ويحلل ليخرج على الفضائيات العربية التي ركبت الموجة كالعادة ولها الحق بذلك، التوتر الذي ساد بعض الأوساط الفلسطينية التي بدأت بإطلاق التصريحات كيفما أتى دفعت القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر التحذير من فشل المبادرة اثر الخلاف الذي اندلع بين عزام الأحمد ممثل وفد حركة فتح إلى صنعاء ومكتب الرئاسة الذي اتهم الأحمد بالتوقيع على الاتفاق دون الرجوع للرئيس.
كان ياسر عبد ربة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد صرح أن إعلان صنعاء ولد ميتا لان المنظمة على حد قولة لا تريد الحوار من اجل الحوار، أما احمد فريع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض التعبئة التنظيم قال: أن عزام الأحمد ممثل حركة فتح في وفد صنعاء لم يتصل بالرئيس عباس قبل توقيعه على إعلان صنعاء، وان الرئيس كان مشغولا مع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الذي كان في زيارة لمدينة رام اللة، وأنة أي الأحمد وقع الاتفاق على مسئوليته الشخصية.
موقف اللجنة المركزية لحركة فتح الذي جاء على لسان حكم بلعاوي الذي تحدث باسم أمانة السر في الحركة يؤكد تثمين حركة فتح للجهد اليمني برئاسة الرئيس على عبداللة صالح وأشادت بالنتائج التي تمت بالتوقيع على الاتفاق من قبل ممثلي فتح وحماس، وعبرت عن تطلعها لاستمرار الجهود لإعادة الأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت علية وبما يعزز اللحمة الوطنية وعودة الشرعية وإفشال مطامع الاحتلال، ومن جهته أكد الوزير رياض المالكي على التزام حكومة تسيير الأعمال بقرار الرئاسة التي رحبت بالمبادرة اليمنية ووافقت على بنودها وطالبت بالتطبيق السريع.
الاختلاف في المواقف بين أقطاب القيادة الفلسطينية في رام اللة تجاه إعلان صنعاء يبين حدة التناقض والفرقة بينهم، ويعكس عدم الانسجام في المواقف حتى من قبل أعضاء في اللجنة المركزية مثل احمد قريع مما يطرح السؤال الكبير، باسم من حاور ووقع عزام الأحمد؟ ولماذا الاختلاف بين البلعاوي وقريع خاصة أن البلعاوي يعكس وجه نظر أمانة سر الحركة، وبعيدا عن الحرفية ومتابعة التصريحات وردود الفعل الارتجالية وبالتحديد ما صدر عن ياسر عبد ربة الذي حكم على الاتفاق بأنة ولد ميتا وهذا التصريح من اخطر ما صرح بة مسئول فلسطيني، كل ذلك يعطي إشارات بان رياح صنعاء لا تتفق مع سفن بعض القاطنين في رام اللة بمواقفهم المسبقة التي لا تميل للوصول لاتفاق بين فتح وحماس، ولا زالت تراهن على إسقاط حماس بالعنف والحصار، وقد يكون لصوت هؤلاء وفعلهم التأثير الأكبر في مجرى الأحداث على الساحة الفلسطينية.
إعلان صنعاء حلم جميل انتظره كافة الحريصين على إعادة اللحمة للشعب الفلسطيني ولكن هناك شخصيات من أصحاب الوزن الثقيل لها برنامجها الخاص البعيد عن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، هؤلاء سيدافعون بشكل مستميت عن مصالحهم التي تتطلب بقاء الوضع على ما هو علية لان التغير سيطيح برؤؤس كثيرة عبثت بالساحة الفلسطينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق