الأحد، مارس 30، 2008

ديك تشيني.....رايس ......ايران والقمة العربية في دمشق

راسم عبيدات
الراصد والمتتبع لرحلات الحجيج الأمريكي المكثفة والمتواصلة للمنطقة، يرى ان المنطقة مقبلة على تطورات في غاية الخطورة، وبما ينذر بانفجار عسكري واسع،قد يطال كامل منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، فديك تشيني يزور المنطقة في أقل من شهرين من زيارة الرئيس الأمريكي بوش لها، ورايس تقوم برحلات متواصلة ومكوكية للمنطقة، وكلا الزيارتين إذا ما تم ربطهما، مع استقالة وليم فالون قائد القوات العسكرية المركزية الأمريكية في المنطقة، والقمة العربية التي عقدت في دمشق، تؤشر الى أن الحرب باتت أقرب من أي وقت مضى، ونحن نستطيع أن نتلمس ذلك بسهولة وبساطة من خلال المعطيات الملموسة والحسية، فالولايات المتحدة الأمريكية،ألقت بثقلها من أجل إفشال القمة العربية في دمشق، وضغطت على حلفائها من دول معسكر الاعتدال العربي بعدم حضور هذه القمة، من خلال شعار الدور والتدخل السوري في لبنان، ومنعها انتخاب رئيس للبنان خارج إطار التوافق والدستور اللبناني، مقابل وعودات من تشيني ورايس لهذه الدول بدفع المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المتعثرة بفعل التعنت الإسرائيلي الى الأمام ، من خلال ممارسات الضغوط على إسرائيل لتقديم تنازلات ولو في الإطار الشكلي ، وبما يحفظ لهذه الدول ماء وجهها،حيث التعنت الإسرائيلي، يفقدها المزيد من الشعبية والمصداقية المفقودتين أصلاً، وبالفعل استجابت دول الاعتدال العربي للمطلب الأمريكي، وحضرت القمة بوفود على مستوى ممثليها في الجامعة العربية، كما أنها على المستوى الرسمي شنت هجوماً إعلاميا على سوريا ووفق السيناريو الأمريكي،يبرر سبب حضورها لهذه القمة بالمستويات المتدنية، بالحديث عن تعطيل سوريا لانتخاب رئيس لبناني، وهذا ما أدى الى مقاطعة لبنان للقمة على حد زعمهم،ناهيك عن الاتهام لسوريا بالخضوع لايران، وخطوة دول الاعتدال العربي هذه مربوطة تماماً بالعلاقة مع الحجيج الأمريكي المكثف للمنطقة، والذي يبدو أن عنوانه الأبرز والأهم، تهيئه وتبريد على الجبهات الفلسطينية واللبنانية السورية، مع تصعيد على الجبهة الإيرانية، وهذا نلمسه من خلال انه في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان يجري حديث عن اجتياح إسرائيلي واحتلال القطاع عسكرياً مرة ثانية، ولكن رايس منعت ذلك، وفوضت مصر بعقد هدنة غير مباشرة بين إسرائيل وحماس،وأيضاً عودة رايس للمنطقة مجدداً ووعدها لدول الاعتدال العربي، بالضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات في الملف الفلسطيني، وكذلك هناك محاولات أمريكية حثيثة لفك عرى التحالف بين سوريا وإيران، من خلال إشارات أمريكية وإسرائيلية لسوريا بإعادة الجولان مقابل فك تحالفها مع إيران وتخليها عن حزب الله، وبالعودة لزيارة ديك تشيني للمنطقة ،نرى أنها جاءت في إطار التحضير والإعداد لتوجيه ضربة للقواعد والمنشآت النووية الإيرانية، فتشيني زار خمس محطات ولكل محطة دلالتها في هذه الزيارة، فإسرائيل جزء من التحالف الاستراتيجي الأمريكي- الإسرائيلي، وبالتالي قد تكون طرف مباشر في شن العدوان على إيران، فشمعون بيرس يقول، انه إذا ما شنت إسرائيل حرباً على إيران، فلن تشن هذه الحرب لوحدها، والمحطة السعودية حيث السعودية الشريان الرئيسي للنفط، ومطلوب منها تأمين الاستمرار في تدفق النفط وتغطية العجز الناتج عن وقف تدفق النفط الايراني، وهيتلعب دور القائد لدول الاعتدال العربي، وبالتالي مطلوب منها ومن تلك الدول عدم حضور القمة العربية في سوريا وإفشالها،أما المحطة العمانية، ففيها تنتشر القواعد وحاملات الطائرات والبوارج الأمريكية،،وهي تشرف وتطل على مضيق هرمز، وحوالي عشرين في المائة من البترول يتدفق من خلاله لأمريكا، والمحطة التركية، حيث ترى تركيا أن امتلاك إيران للسلاح النووي يشكل خطر مباشر عليها، وتحتاجها أمريكيا لنشر درع صاروخي لصد ومواجهة الهجمات الإيرانية، ومحطة الضفة الغربية، وذلك للحاجة لتبريد هذه الجبهة ولو الى حين، وإذا ما ربطنا ذلك بالآتية:- تحركات عسكرية أمريكية مكثفة قبالة الشواطئ اللبنانية ،تحمل طابع تحذيري لسوريا وحزب الله إذا ما أرادوا المشاركة في هذه الحرب،أو محاولة حزب الله للسيطرة على لبنان، وكذلك التغطية على الطائرات الإسرائيلية التي قد تشارك في الهجوم، واعتراض وإسقاط أية صواريخ إيرانية، قد تطلق على إسرائيل،وإذا ما ربطنا ذلك بالتحذيرات الإسرائيلية لسوريا،بأنها ستكون مسؤولة عن أي رد عسكري،قد يقوم به حزب الله على اغتيال أبرز قادته العسكريين الشهيد مغنية،وكذلك فإن استقالة وليم فالون قائد القوات الأمريكية المركزية في المنطقة في أقل من عام، تكشف أن المحافظين الجدد في أمريكيا، وعلى رأسهم ديك تشيني، مصممون على توجيه ضربة عسكرية لإيران قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي بوش وأيضاً من الخبرة والتجارب السابقة،فإن الأمريكان بحاجة لأوسع حشد عربي لشن هذه الضربة، وطبعاً الوعود جاهزة حل للقضية الفلسطينية، مقابل هذا الاصطفاف العربي، وتجربة العراق الذي هدمت فيه أمريكيا أساسات الدولة العراقية، وتنهب نفطه وخيراته وتقتل وتشرد أبنائه، وتدمر نسيجه المجتمعي،مقابل هذا الوعد الذي لم يتحقق منه شيء، ولكن بما أن أنظمة النظام الرسمي العربي فاقدة لإرادتها وقرارها السياسي ،فليس أمامها سوى القبول بالطرح الأمريكي والتنظير له،ونحن بانتظار ما يحمله المستقبل القريب من تطورات،فإنه أيضاً من الهام جداً قوله،أن الحجيج الأوروبي الغربي المكثف والمتزايد والمتواصل الى المنطقة،له أيضاً علاقة بهذا الجانب،حيث أن دولاً مهمة مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا، تريد أن تضمن مصالحها في المنطقة ،إذا ما أقدمت أمريكيا وإسرائيل،طبعاً بدعم وإسناد من العديد من أنظمة النظام الرسمي العربي، ولربما بمشاركة وإن كانت رمزية من العديد من دول أوروبا الغربية وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الحرب على إيران.
وهذه الحرب التي قد تشن على إيران،عدا عن تبعاتها الإقليمية والدولية، والتي قد تطال أكثر من جبهة في سياق تداعياتها،فإنه من غير المستبعد، أن تحقق ما تصبو إليه أمريكيا وحلفائها في المنطقة من استقرار، وفي التجارب المثالة أمامنا ،نرى أن الحرب على أفغانستان والعراق، ولدت المزيد من الحروب وعدم الاستقرار في المنطقة، والحسم والسيطرة التي تطمح لهما إدارة المحافظين الجدد،لن تتحقق بسهولة،بل أن ذلك سيخلق المزيد من حالة عدم الاستقرار، وستمتد جبهة المقاومة والعداء للمشاريع الأمريكية في المنطقة على رقعة واسعة من الأرض ،من أفغانستان وحتى فلسطين.


القدس- فلسطين
Quds.45@gmail.com

ليست هناك تعليقات: