الأربعاء، مارس 05، 2008

على من يدجل حسن نصر الله ؟(2)

سعيد علم الدين
وهل يعتقد نصر الله أن ما يقوله مقدسٌ حتى ولو كان تشويها للوقائعِ وافتراءً على الحقيقة وتزويرا للتاريخ وتلفيقا وأكاذيب؟
وهل يعتقد أن الشعب اللبناني المنكوب بجيران السوء والخبث والشر والطمع والحقد والمكْر، وبالأخص ابن الجنوب المستباح في وجوده واستقراره منذ أربعين سنةً لكافة أنواع الاجتياحات والاختراقات والحروب والقنابل الضوئية والانشطارية والعنقودية (والتي ما زالت تحصد الأبرياء)، والدمار والهلع والدموع والخطوب، بلا ذاكرة وبلا تاريخ؟
النظام السوري لا يهمه هنا من يحضر او لا يحضر إلى القمة العربية التي ستستضيفها دمشق الصفوية، بقدر ما يهمه ان يبقى محتفظاً بالورقة اللبنانية في لعبة السمسرة الإقليمية والصفقات البازارية لعله وعسى يتخلص بهذه الطريقة الابتزازية من مقصلة المحكمة الدولية.
وهل تدرون من هي الورقة التي بيد بشار؟
لا ليس لبنان، وإنما هذه الأقلية المسلحة: بميليشياتها المخربةِ لربيع ثورة الأرز، والمحتلة لوسط بيروت التجاري ببلطجية وهمجيةٍ ودون مشاعر إنسانية وإحساس مع أصحاب المصالح والمحلات، والمعطلةِ بذلك لأشغال الآلاف من الناس، والمتسلطةِ على قرار الحرب والفتن والخراب فقط، لأنها لا تفهم معنى السلم الأهلي الصحيح القائم على العدالة والمساواة وسيادة القانون، والْمُثَقَلََّةِ بأفعالها الحمقاء ونزقاتها العمياء لقلب الوطن المتعب من عقدها المصطنعة وتعجيزاتها المستوردةِ من وراء الحدود بالسَّلَّة، والخائنةِ بتبجحٍ وتَكبُّرٍ ودون ذرةِ حياءٍ وذريرةِ خجل لمصالح وطنها ومواطنيها وعلى رأسها صاحب "المفتوحة".
فحسن نصر الله هنا هو وأقليته ورقة بيد بشار. ويلبي طلباته على الرأس والعين، ويُكَبِّرُ برأسه الصغير على حساب كرامة شعب لبنان، وإرادة نوابه، وقرار حكومته، ومستقبل أطفاله، وانتفاضة أحراره، وسِلْمِه وأمنه واستقراره، وحريته وسيادته وازدهاره، وديمقراطيته وقيام دولته واستقلاله.
وهل سبب الفراغ الرئاسي التي سبَّبتْهُ الأقلية وعلى رأسها نصر الله، هو أن يصبح بشار رئيساً للجمهورية اللبنانية؟
لا بالتأكيد! وإنما فقط ليحكم لبنان رئيس دمية كاميل لحود أو ميشال عون يحركها بشار الأسد من البعيد بالتلفون.
وإذا كان نصر الله متعلق ومنسجم وعاشق ومتيم بدكتاتورية سوريا الأسد إلى هذا الحد فلماذا لا يطالب بانضمام لبنان إليها؟
هل يجرؤ على هذا الطلب؟ أتحداه أن يطالب بذلك!
على العكس فحسن يتشبث بلبنان الحالي المستباح تشبثا إلى حد الخنق والاختناق، ويهدد أحراره الذين نفذ صبرهم من سياسته المدمرة العوجاء، بالحديث عن الطلاق، بقوله"لبنان هذا لن يقسّم، ولبنان هذا لن يفدرل،" وبالتالي من لا يطع حسن نصر الله ويخنع لمحوره الإيراني السوري، متابعا: "ومن يطلب الطلاق فليرحل من هذا البيت، فليذهب إلى أسياده في واشنطن وفي تل أبيب". هذا الكلام إن دل على شيء فإنه يدل على نفسية وضيعة ذليلة، وروحٍ مستعبَدَةٍ خانعة لأسيادها في قم وطهران ودمشق. والدليل على ذلك تشبثه بلبنان! ولماذا هذا التشبث الغريب يا هل ترى؟ هناك سبب!
والسبب هو أنه يريد لبنان فقط ورقة بيد أسيادة في سوريا وإيران وليس وطنا لشعب سيد حر مستقل. ولأنه إذا تم ضم لبنان إلى سوريا ينتهي مفعول الورقة وتسقط من شجرتها الديمقراطية اليانعة التي يتظلل بها الشيخ حسن وأشياخه ويستغلها أبشع استغلال أسياده، وحقق من خلالها ومن خلال تشريع الرئيس الشهيد رفيق الحريري السياسي الدولي لحق لبنان بالمقاومة، انتصاره على إسرائيل بدحرها من الجنوب عام ألفين.
وهو من أجل ذلك ولكي يبقى لبنان ورقة بيد أسياده شوه التاريخ وزور الحقيقة وكذب علناً في خطابه العرمرمي الجمعة 22 شباط، في اسبوع عماد مغنية. سأذكر مقتطفات من خطابه وأعلق عليها ليكتشف القارئ حقيقة الشيخ المعمم حسن نصر الله.
هو يقول قاصداً تجهيل اللبنانيين التالي: " العدوان الصهيوني بدأ على لبنان منذ سقوط فلسطين، وكثير من اللبنانيين لا يعرفون تلك المرحلة، وبعضهم قادة سياسيون كبار يجهلون او يتجاهلون تلك المرحلة. في جلسات الحوار كنا نتحدث عن الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان منذ 48 الى السبعينات احتج بعض الحاضرين وقالوا ان الاعتداءات بدأت منذ مجيء الفصائل الفلسطينية ما استدعى جلب اوراق من ارشيف مجلس النواب لنثبت تلك الافتراءات ".
عجباً وكأنه الوحيد قدس الله سره وحفظ لنا جعبة أزراره وأرشيف أسراره الذي يعرف تلك المرحلة!
هذا الكلام من نصر الله استعباطي خطير وغوغائي غير دقيق وفيه تضليل للرأي العام. وهو يقوله على طريقة جهلاء بعض العرب المعهودة في خلط: شعبان برمضان، وزيد بعبيد، والسمن بالزيت، والدين بالسياسة، والحاضر بالماضي، والطهارة بالنجاسة وكله عند العرب صابون!
فكيف إذا دخل ملالي الفرس على الخط؟
ولكي نحكم على صحة هذا الكلام النصر إلهي فلا بد من وضعه:
- في إطاره الزمني الصحيح على ضوء حرب 48 ومشاركة الجيش اللبناني إلى جانب الجيوش العربية وببسالة مشهود له فيها، والتي توقفت على كل الجبهات ومنها الجبهة اللبنانية بتوقيع اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في رأس الناقورة 23 آذار 1949،
- وأيضا في إطاره المكاني الصحيح أي على ضوء الحدود التي رسمها الاستعمار الفرنسي الإنكليزي في الثالث من شباط عام 1922 بين لبنان وفلسطين واعترفت بها الشرعية الدولية.
أما بالنسبة إلى أرشيف مجلس النواب فإن الإستيز بري الخفيف الظريف وأحد أبناء الشعب المقاوماتي الشريف، فإنه وبإشارة من نصر الله الرهيب العنيف، يستطيع وبدعم المال الطاهر النظيف أن يفبرك على طريقة جميل السيد الأمنية من الأرشيف أراشيف ويجهزها بالتواريخ المطلوبة على الرفاريف خدمة لسياسة الولي الفقيه.
نُذَّكر هنا نصر الله بأننا والحمد لله في دولة ديمقراطية برلمانية منفتحة ومنذ الاستقلال عام 46 وقبله وليست شمولية مظلمة ومنغلقة، وعندنا صحافة حرة مستقلة متعددة لا يخفي عليها شيء وحرية تعبير، وليست صحافة الحزب الواحد الثرثارة والمكممة للأفواه.
لهذا لو أن كلامه "عن الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان منذ 48 الى السبعينات" كان صحيحا لقرأناه موثقا في الجرائد اللبنانية واستمعنا إليه في الأخبار.
هنا أرشيف الصحافة اللبنانية الحرة أهم بكثير من أراشيف ورفاريف استيز عين التينة. الذي حول مجلس النواب ويا للأسف من فخر للبلد وعز وزينة إلى تينة دامعة ملتوية مكسورة الظهر وحزينة.هنا لا بد من توطئة تاريخية للرد بدقة ووضوح على كلام نصر الله. سأركز على خطوطها العريضة موجزاً في الجزء الثالث من هذا المقال. يتبع!

ليست هناك تعليقات: