الأحد، مارس 23، 2008

أنا وأنت" كالدجاجة"التي تبيض ذهبا


عطا مناع

أكثر ما أثارني وأفزعني إعلان الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضبط أطنان من الأدوية الفاسدة في بعض محافظات الضفة الغربية، الأدوية المضبوطة لمرضى السرطان وشبكيات لعمليات القلب، طبعا ..حدث ولا حرج عن عشرات الأطنان من الأغذية الفاسدة والمواد التي يتناولها الأطفال والطحين المهرب المنتهي الصلاحية واللحوم الحمراء والدجاج القادم من المستوطنات الإسرائيلية وأخيرا أجهزة الهاتف النقال.

أنا وأنت مجرد مادة للاتجار حولونا إلى مجرد شيء وجردونا من حقوقنا التي منحتها لنا القوانين الإلهية والوضعية على حد سواء، تكالب علينا صغار التجار ووكلاء مكبات النفايات والطبقة السياسية التي يفترض أن تشكل سندا لنا، لقد أدركوا اللعبة واستغلوا الفرصة ووزعوا مصادر الثروة وباعوا الشعب بالرخيص، تجاوزوا القوانين كمن يحاول أن يغطي الشمس بالغربال، وخرجوا علينا بخطبهم العصماء في محاولة لدغدغة مشاعرنا الوطنية بمحاولات مكشوفة، ولكنها سياسة استغباء الشعب المدرك لكل شاردة وواردة.

أيعقل أن الشرفاء من قادة الشعب وعقلاءه لا يرون الجرائم الاقتصادية والسياسية والأخلاقية التي ترتكب بحق شعبهم ؟ كيف يسمحون للقطط السمان وتجار الموت بالعبث بملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ؟ أين سيادة القانون ؟ وماذا عن الوعود التي قطعها على نفسه الدكتور سلام فياض رئيس وزراء حكومة تسير الأعمال ؟ لقد قال أنة سينافس إسرائيل اقتصاديا، وأعلن أنة سيحارب ثقافة عدم الدفع، ولكن أين الحكومة من مئات الانتهاكات والتجاوزات التي تحولت لواقع يومي وكأننا كشعب نخضع لعملية ترويض للتعايش مع واقعنا المر.

إن اعتماد المنطق العفوي في معالجة أسباب الفساد المستشري في المجتمع الفلسطيني تعبير عن غباء وهروب من الحقيقة التي تصفعنا كل يوم. فالحق بين والباطل بين. والقانون الفلسطيني واضح وليس بحاجة لتدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإصدار اوامرة بالتحقيق في قضية الأدوية والطحين الفاسد، إن تدخل الرئيس يؤكد الضعف والوهن الذي يعيشه القانون الفلسطيني بتطبيقاته المختلفة، هذا القانون الذي لعب دورا سافرا في استشراء الفساد واستقواء الفاسدين الذي عرفوا من أين تؤكل الكتف، هؤلاء أدركوا أن السجن ليس لهم وإنهم محميون من شتى الأوساط، ومن يعتقد غير ذلك فليعلن كم فاسد اعتقل وحوكم منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية.

وبعيدا عن النوايا الطيبة التي المسها في بعض الأقلام التي تشجع دون أن تدري تفاقم الظاهرة، لا بد أن نعترف بننا نواجه فسادا منظما يستهدف البنيتين التحتية والفوقية للشعب الفلسطيني، وان الفساد تحول من سلوك فردي إلى جريمة منظمة تلقى الدعم والحماية من شخصيات لها وزنها الثقيل، وقد كشفت السلطة الفلسطينية عدد من ملفات الفساد مثل صفقة الاسمنت المصري وصفقات الأدوية والاتجار بالأراضي وإهدار المال العام، ولكن المتابعة العرجاء والأعذار الواهية والطبطبة غطت على هذه القضايا وأغلقت الملفات.

استنتج وفي ظل تفاقم الفساد كما ونوعا، أننا كشعب مستهدف من كل الأطراف وان للطابور الخامس المدعوم من بعض الساسة الفاسدين دورا محوريا في استمرار ماساتنا، وان تلك الطبقة التي لم تؤمن يوما بشعبها تنظر إلية كالدجاجة التي تبيض ذهبا، لذلك إذا فكرتم قليلا تجدوا الوكالات مسيطر عليها من شخصيات لها ثقلها السياسي، وجاءت قضية السيد روحي فتوح الذي قاد الشعب الفلسطيني لمدة 60 يوما إلا دليل واضح على حجم المشكلة.

إن حالة الطوارئ التي أعلنت بعد الحسم العسكرية التي قامت بة حماس في قطاع غزة اقتصرت على الجانب السياسي وملاحقة المعارضة الحمساوية في الضفة، لقد برزت ثقافة جديد في أوساط الشعب الفلسطيني " ثقافة ما بعد الاقتتال"، هذه الثقافة اتسمت باليأس وفقدان البوصلة عند الكثير من أقطاب العمل السياسي وقد ترجمت على ارض الواقع بانتهاك السوق الفلسطيني بميادينه المختلفة، وقد انطبق ذلك على قطاع غزة في مرحلة ما باستخدام الأنفاق لإغراض ربحية من بعض أصحاب رؤؤس الأموال، وبما أننا بصدد فساد مبرمج طال الطبقات المسيطرة لا بد من اتخاذ إجراءات صارمة لملاحقة الفاسدين وتطهير المؤسسات الرسمية منهم خاصة أنها باتت مصدرا للفساد.

ليست هناك تعليقات: