الأربعاء، مارس 19، 2008

الذكرى السنوية الخامسة لاغتصاب بغداد

راسم عبيدات

......... يوماً بعد يوم يتضح حجم الأكاذيب التي روجتها وسوقتها الإدارة الأمريكية ودول أوروبا الغربية، ومعهم العديد من دول النظام الرسمي العربي ،لاغتصاب عاصمة الرشيد والخلافة واحتلال العراق، فمن مقولة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،الى العلاقة ما بين القيادة العراقية البعثية وتنظيم القاعدة،وانتهاء بالاتهام بالدموية والديكتاتورية ودعم "الأرهاب" ، ونكتشف أن كل هذه الحجج أثبتت زيفها وفضحتها أمريكيا نفسها، والمؤسسات الدولية التي تسطي عليها وتصادر قراراتها، حيث ثبت عدم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وكذلك لم يثبت أن القيادة العراقية،أقامت أية علاقات مع تنظيم القاعدة،أو وفرت له الدعم والمساندة،فالقيادة العراقية لم تخجل أو تخفي صلتها ودعمها لقوى وحركات المقاومة المشروعة ،وعلى رأسها المقاومة الفلسطينية
أما حول تهمة دمقرطة العراق،وما يسمى بإنقاذه من الطاغية الرئيس الشهيد القائد صدام حسين والقوى البعثية،فانا على ثقة وقناعة تامة،بأن كل الشعب العراقي بمختلف ألوان طيفه السياسي والحزبي ، وطبعاً باستثناء القوى العملية والمأجورة،تقول نار عهد الرئيس الشهيد صدام حسين ولا جنة هؤلاء من الطغم المأجورة والعملية، ومع موعد الذكرى الخامسة لاغتصاب بغداد أخذت تبدو اللوحة والصورة أكثر وضوحاً، وأخذت الكثير من فئات الشعب العراقي، والتي ربما البعض منها في البداية ،خدعته ماكنة الكذب الإعلامية الأمريكية والغربية ،حول حقيقة أهداف الغزو، ألا وهي تعليم وتثقيف العراقيين بما يسمى بالديمقراطية الأمريكية، ديمقراطية المصالح وخدمة الرؤى والتوجهات والأهداف الأمريكية، وأية ديمقراطية تخرج عن هذا السياق والنص ،فهي غير شرعية أو تنم عن جهل أصحابها بمصالحهم، وهذا ما حدث مع الشعب الفلسطيني، حيث مارس الديمقراطية في أوائل عام 2006 ، بموافقة أمريكيا نفسها، وعندما أفرزت هذه الديمقراطية قوى لا تروق لأمريكا وإسرائيل والعديد من دول النظام الرسمي العربي،رفضتها أمريكيا وإسرائيل ،وشنوا على الشعب الفلسطيني ،حرباً شعواء في كل الميادين والمستويات، ووصل الأمر حد الحصار والتجويع والإبادة الجماعية
أما في العراق فبعد احتلاله من قبل قوى العدوان الأمريكية،جرى تنصيب قوى عميلة ومأجورة ،وضعت نصب أعينها بالأساس،المشاركة مع قوى العدوان في نهب خيرات البلد ، ومأسسة الفساد والرشوة، وتشكيل مليشيات وعصابات،تعمل على إشاعة سياسة القتل والدمار، وتخريب وتفتيت النسيج المجتمعي والوطني العراقي، وتعميق الجهوية والعشائرية والقبلية، ودفع الشعب العراقي،نحو الاحتراب والاقتتال الطائفي،والعمل على تقسيم وتجزئة العراق على أساس طائفي،وبالتالي فإن ما يسمى بإشاعة الديمقراطية المزعومة،جرى ترجمته بما يخدم المصالح الأمريكية، وبما يجعل العراق مرتعاً خصباً لعصابات الإجرام والقوى الدائرة في الفلك الأمريكي،بحيث تمنع إعادة تطور وتقدم العراق، وبما يسلخه عن واقعه العربي والقومي،وفي عهد القوى المأجورة والمنصبة أمريكياً، تفاقمت أزمات العراق على كل الصعد والمستويات، بحيث لم يعد هناك أي نوع من الأمن والأمان لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى العام، وكذلك يجري بشكل مبرمج ومنظم، ومن قبل مليشيات الإجرام التي تقودها القوى الحاكمة،انتهاك يومي لأعراض العراقيات، وإعدامات بالجملة على الهوية،وتنكيل غير مسبوق بالعراقيين وسجنهم في مركز تعذيب ومسالخ، ناهيك عن أن الوضع الاقتصادي يشهد أسوء ما عرفه العراق من أزمات، حيث العراق إحدى أكبر الدول المصدرة للنفط،يستورد النفط من الخارج،إذا هذه ملامح الديمقراطية الأمريكية المزعومة، قتل ودمار وتخريب وفساد وإذلال في سبيل أن يبقى النفط العراقي،تحت السيطرة الأمريكية، بتوكيل لأمراء الحرب والفساد والمأجورين من أمثال الجلبي والمالكي والطالباني وغيرهم لحكم العراق، وبما يضمن تخريبه وتمزيق وحدته، ولعل المقاومة العراقية بمختلف ألوان طيفها السياسي وعلى رأسها القوى البعثية، كانت تدرك وتعي ما يراد ويخطط للعراق، ومن هنا نلمس أن المقاومة العراقية،بعد خمس سنوات على اغتصاب بغداد،غدت أكثر تنظيمياً وتسليحاً وتطوراً وقدرة على إيقاع خسائر بشرية متصاعدة ومتزايدة في صفوف القوى العادية، وهي تحقق المزيد من الانتصارات بتوجيهها لضربات مؤلمة لقوى الاحتلال، هذا التطور والتصاعد النوعي في عمليات المقاومة العراقية، يعمق من أزمة المأزق الأمريكي في الوحل العراقي، حيث تتعالى الدعوات للانسحاب من العراق ليس في أوروبا وحدها ،بل وفي أمريكيا نفسها، وهناك الكثير من يعتقدون بفشل السياسة الخارجية الأمريكية، والتي أطاحت بالعديد من جنرالات الحرب الأمريكيين ،الذين دعوا وأيدوا غزو العراق واحتلاله،هذه السياسة التي تثبت فشلها،ليس في العراق وحده،بل على امتداد ساحة الشرق الأوسط كاملة،من فلسطين وحتى العراق، تؤكد على أن لا خيار أمام الشعوب العربية وقواها وأحزابها الثورية والقومية والوطنية والجهادية،سوى خيار المقاومة والنضال والكفاح، وقوى المقاومة العربية، أقرب من أي وقت مضى في سبيل تحقيق أهدافها،في دحر المشروع الأمريكي،متعدد الحلقات والمستهدف بالأساس إحكام السيطرة على كامل المنطقة العربية لسنوات وعقود طويلة، والاستمرار في نهب خيراتها وثرواتها، وإعادة صياغة جغرافيتها، من خلال تقسيم وتجزئة وتفتيت وتذرير الكثير من الأقطار العربية،بهدف خلق كيانات اجتماعية هشة، تقودها زعامات ليس لديها أية سيطرة فعلية على بلدانه من حيث الاقتصاد والثروات،ويرتبط وجودها بتحالفات ومعاهدات عسكرية وأمنية مع أمريكيا لسنوات طويلة،ناهيك عن إغراقها في دهاليز ومستنقعات الحروب الأهلية والداخلية والاحتراب والاقتتال الطائفي والعشائري والقبلي وغيرها.
ومن هنا فإنني أقول في الذكرى الخامسة لاغتصاب عاصمة الرشيد والخلافة، ومعقل الثورة والثوريين العرب على مر التاريخ والعصور،أنه يتوجب على كل قوى المقاومة العربية، وفي كل أقطارها ،أن ترفع من درجة التعاون والتنسيق فيما بينها،من أجل أن تواجه وتتصدى لقوى البغي والعدوان الأمريكي والغربي، وأن تزيد من حجم ضغوطها الجماهيرية والكفاحية،على الطغم العربية الرسمية الحاكمة المنهارة والمتواطئة والمتحالفة مع قوى العدوان،في سبيل حماية عروشها ومصالحها، فهزيمة المشروع الأمريكي في المنطقة،يمهد ويعبد الطريق، نحو الكثير من المنجزات والانتصارات لصالح الأمة العربية، وفي مقدمتها تحرير فلسطين قضية العرب الأولى،وهزيمة قوى المقاومة والممانعة والمعارضة العربية، معناه سبات عربي وإسلامي ،قد يمتد لعشرات سنوات القادمة، وتقسيمات وتشظيات للوطن على نحو أشد وأسوء من (سايكس بيكو).


القدس – فلسطين
19/3/2005
Quds.45@gmail.com

ليست هناك تعليقات: