الأربعاء، مارس 12، 2008

( لا ).. أطلقها مدوية.. مفوضا أمري لله !!


ممتاز الشريف
منذ سنوات عدة و الحديث عن المقاومة أو مجرد الاقتراب منها بات دربا من الانتحار تقريبا باعتبارها باتت من المسلمات و المقدسات في آن معا لا يجوز بحال من الأحوال طرحها و لو من باب إسداء النصح أو محاولة التقييم و استخلاص الدروس و العبر حرصا على النهوض بواقعها و الارتقاء به ,على اعتبار كل من يحاول الاقتراب من هذه المنطقة ( الحرام ) متهم سلفا بالسعي لسحب البساط الشرعي من تحت أقدامها و بالتالي عدوا لها و داعيا للقضاء عليها ..هكذا وبكل بساطة ..و كأن شرعية المقاومة باتت مرهونة بموقف فرد أو مجموعة أو حتى بمواقف دولا و حكومات بعد مسيرة عشرات السنين من العرق و الدم و الكفاح و التلظي في المنافي و الشتات المعمد بالآلاف المؤلفة من الشهداء و الجرحى و المعتقلين و التي توجت بإقرار المنظومة الدولية و اعترافها بها كحق مشروع كفلته له مبادئ و قوانين و لوائح الأمم المتحدة التي لا يمكن لدول مهما عظمت أن تتهرب من هذا الإقرار أو التملص منه أو التشكيك فيه وحتى لو حاولت فلن يغير ذلك من الأمر شيئا .., و بالتالي فان التلويح بعصا الخروج عن الطاعة لكل من حاول الاقتراب من هذه القضية و إعداد قوائم التوصيفات و النعوتات و الاتهامات الجاهزة التي لا تقل في أبسطها عن الخيانة و العمالة لكل من حاول الاجتهاد في رأي أو موقف يلامس المقاومة في أدائها أو أساليبها أو نوعية عملياتها أو مواقيتها أو ساحاتها أو, ..أو, ..,أو أي شيء ذو علاقة مباشرة بها .., حتى باتت المقاومة حكرا خاصا بشريحة من أبناء هذا الشعب دون سواه .., وأن كل من سواهم يفترض أن يكونوا وقودا لها ليس إلاّ ..فهذه الفئة هي من أطلقت الثورة , و هي من كانت وقودها , و هي حامية حماها و سياجها و حارسها الوحيد المستأمن عليها و كل من عدا هذه الفئة متهم حتى تثبت براءته من لائحة الاتهام المعدة سلفا و التي لن يخرج منها بريئا أبدا !!
لقد مرت المقاومة الفلسطينية بمراحل عدة لم يكن يحبط بها سوى الإجماع و الإجماع فقط و من مختلف فئات الشعب و شرائحه إضافة إلى إجماع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في الوطن و الشتات ..,لأنها كانت تعبيرا صادقا عن قناعات الكل الفلسطيني , و تمثل الأمل في حريته و استقلاله و استعادة حقوقه , و لأنها كانت تعبيرا صادقا عن روح البذل و العطاء في سبيل الوطن .., أما و قد تغيرت المعطيات بعد مؤتمر مدريد و اتفاقية أوسلو فيجب الإقرار بتغير الواقع ..بدليل المشاهد التي تناقلتها محطات التلفزة و الفضائيات و وسائل الإعلام كافة لجماهير شعبنا التي خرجت في الشوارع للاحتفاء بهذا الحدث .., و بدأت مسيرة السلام التي وعد دهاقنة الخبث و الإجرام في الكيان الصهيوني بمدها لتستمر لعشرات السنوات !!, فبدأت المسيرة بالتعثر الذي ما فتئ أن تحول إلى عقبات كأداء سرعان ما تحولت إلى انهيارات طالت المسيرة بكاملها و انعكست آثارها على الواقع الفلسطيني بكامله .., و مرة أخرى لم يكن أمام شعبنا سوى العودة للمقاومة و النضال و بأوجه و أشكال متجددة و بزخم أكبر.. مستفيدا من المستجدات على الواقع الفلسطيني اثر عودة مقاتلي الثورة بكل ما حملوه من خبرة و من سلاح و ما أعطاه إعادة تموضع قوات الاحتلال خارج المدن و المخيمات من بعض الحرية للحركة التي كانت مقيدة تماما قبل ذلك .., فعادت عمليات المقاومة من جديد و بأشد مما كانت بفعل الوقائع الجديدة على الأرض , و بفعل الالتفاف الجماهيري من حولها ..؛ ناهيك عن موقف القيادة ممثلة بموقف الرمز الخالد أبا عمار ( رحمه الله ) الداعم لها سرا و علنا .., و حتى ذلك الوقت لم يكن هناك من يختلف أو يتحفظ على عمليات المقاومة و أشكالها .. و مرة أخرى يمكن استذكار موقف الشارع الفلسطيني اثر كل عملية كانت تنفذها المقاومة ( مع ضرورة التفريق بين متطلبات العمل السياسي الرسمي و القناعات الشخصية ) .., و لعل السر في هذا الإجماع و الالتفاف كان نابعا من وحدة الموقف الفصائلي الملتزم بموقف سياسي موحد – أو على الأقل ..هذا ما كان معلنا و ظاهرا للعيان – و عندما نقول الموقف الفصائلي فإنما نعني مواقف الفصائل السياسية على الساحة بما تملكه من أجنحة عسكرية منظمة و معبأة و مسيّسة تلتزم التزاما حديديا بما تقره قياداتها السياسية .. ..
أمّا و قد تغيرت قواعد اللعبة من خلال كسب العدو الجولة الإعلامية و تصوير العمليات الفدائية على أنها إرهاب موجه في غالبيته للمدنيين و بالتالي حقه في الرد دفاعا عن مواطنيه , إضافة لتمكن العدو من تصوير مناطق السلطة الفلسطينية و كأنها دولة تمتلك السلاح و العتاد و عليها تحمل نتائج أفعال مواطنيها .. و قد ساعد البعض الفلسطيني في تعزيز هذا الموقف من خلال ( انفلات ) بدأ يطفو على سطح الواقع الفلسطيني سواء على الجانب السياسي أم على الجانب الخاص بالعمل النضالي لبعض الأجنحة العسكرية التابعة لتلك الفصائل , بل و تشظّي البعض منها الذي سرعان ما أفرز ميليشيات اقترن العديد منها بأجندة خارجية طارئة على الواقع الفلسطيني .., مما حول الواقع الفلسطيني إلى أشبه ما يكون بالبازار السياسي ..و الدفع مقبول بكل أنواع العملات و الأوراق المالية و البنكنوت !!
من هنا ..أجد لزاما علينا كسر هذا الصمت ( الذي حاوله البعض – القليل - من الأخوة الزملاء و نالوا ما نالوه من قدح و تطاول ) الذي لم يعد مقبولا خاصة بعد أن أصبحت أجندات بعض الميليشيات تفرض كأجندات فلسطينية على الكل الفلسطيني القبول و الإقرار بها رغم أن أثمان هذه الأجندات لا توضع و لا توظف في الرصيد الفلسطيني العام , و إنما تذهب لحسابات ( أفراد ) و يخسر الشعب خيرة و أصدق أبنائه ممن تأخذهم الحمية و تستغل صدق و طهر قناعاتهم و عواطفهم و قيمهم .., فعندما تصبح بعض العمليات المحسوبة على المقاومة لأجل زيادة رصيد هذه الجهة أو تلك من قوائم الشهداء ليس إلاّ يصبح لزاما علينا أن نصرخ بأعلى صوتنا ( لا ) .., و عندما يكلفنا قتل صهيوني مائة شهيد مناّ علينا أن نصرخ ألف ( لا ) .., و عندما يكون الثمن لتسبب الهلع لبضعة خنازير هو تدمير أحياء على رؤوس ساكنيها و خلق آلاف الحالات من الهلع لفلذات أكبادنا يصبح لزاما أن نقول للمتسبب في ذلك مخطئ ألف مرة .., و عندما يكون سقوط ما أسميناه تجاوزا ( صاروخا ) أو حتى لو كان عابرا للقارات ..في أرض خلاء أو على أطراف منزل مهجور سيسبب محرقة أخرى فمن الواجب القول لا ..ثم لا !! , و عندما تصبح المواقف رهنا لمصالح هذا التنظيم أو ذاك وبما يحقق مصالحه بغض النظر من قربه أو بعده عن المصلحة الوطنية يقبله متى شاء و يرفضه متى شاء ..علينا أن نطلقها مجلجلة ..لا .., بل و علينا أن نعيد النظر في الكثير من أدائنا , و من تكتيكاتنا , و من أساليبنا بما يخدم أهدافنا ..و إذ نقول أهدافنا فإنما نعني أهداف الشعب الفلسطيني ككل لا أهداف فئة أو فصيل أو تنظيم على حساب المصلحة العامة التي لا بد من إعادة الاتفاق على محدداتها و إعادة صياغة موقف موحد من كل ثوابتنا التي باتت في مهب الريح بفعل هذا التشظي و التمزق الذي نعيشه و الذي لن يخدم سوى الأعداء و المنتفعين الساعين لزيادة أرصدتهم بأي ثمن و لو على حساب الوطن و مستقبله و دماء أبنائه .


ليست هناك تعليقات: