عطا مناع
مع كل يوم يمر على الشعب الفلسطيني تزداد القناعة لدى كافة الشرائح أن التضليل والكذب والمتاجرة بدماء الوطنيين الفلسطينيين أصبح جزءا من أداء الطبقة السياسية التي أصبحت أسيرة لمواقفها وممارساتها المتناقضة مع الواقع المميت، وكأننا نعيش في عصر تقديم الضحايا للإلهة الصماء، تلك الآلهة التي أخذت على عاتقها العبث بمصير الشعب وقضيته من خلال التمترس خلف مواقف لم تعد تقنع احد إلا من وضع كيسا في رأسه واتبع من اعتقد أنة يمتلك الحقيقة المطلقة.
في خضم التصادم الداخلي وعمليات الاستقطاب والتبعية العمياء الغير قابلة للنقاش حيث أجواء التخوين والتكفير ضاعت الطاسة واستغل الاحتلال الإسرائيلي تلك الأجواء ليوغل في الدم الفلسطيني بإعلان المحرقة في قطاع غزة والتي امتدت للضفة الغربية، والغريب أن أصحاب غزة ورام اللة لم يرتقوا الى مستوى دم أبناء شعبهم ، ولو كانوا كذلك لاتخذوا خطوات طارئة بعيدة عن الاشتراطات والتكتيك الاعتراضي المدعوم بسيل من السباب والتهجمات والتصريحات المضللة والكاذبة المعبرة عن الفراغ الأيدلوجي والسياسي لكل طرف.
كان يفترض أن تتداعى الفصائل الفلسطينية لمواجهة محرقة غزة باتخاذ قرارات شجاعة تعزز حالة الصمود والتضحيات التي سطرها أهلنا في غزة، لا يكفي أن ننادي بالمقاومة، فالمقاومة بحاجة لجبهة داخلية موحدة متضامنة، لكن العكس هو ما حصل حيث لم يخجل البعض من الطعن في المقاومة والشعب يذبح ويسقط منة المئات من الشهداء والجرحى غالبيتهم من الأطفال والمدنيين، وهذا ينطبق على من اعتقد أنة يمتلك حق الرد بالمثل.
أسئلة كثيرة تقلق الشعب الفلسطيني وتنغص علية حياتية لتضاف الى القهر والموت والإذلال الذي تمارسه دولة الاحتلال، إذا لم يوحدنا الدم الفلسطيني المستباح من الدولة العبرية فما الذي سيوحدنا..؟ وهل نحن ضحية لعبة سياسية تعبر عن مصالح الأطراف المتقاتلة؟ لماذا يعززون بتصريحاتهم النارية عملية الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية؟ والى متى تستمر ظاهرة الموت المجاني وتحويل الشعب الى أرقام، وهل انقسام الشعب الفلسطيني الى نصف يلهث وراء المفاوضات الغير مجدية ونصف آخر ينادي بالمقاومة يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني.
غزة تذبح يوميا، والضفة الغربية مستباحة، حيث الاعتقالات اليومية وملاحقة قوات المستعربين للمقاومين الفلسطينيين تحت سمع وبصر حكومة تسير الأعمال، وقد جاءت عملية اغتيال القادة الأربعة محمد شحادة وعيسى مرزوق وعماد الكامل واحمد البلبول لتكشف العجز التي تغرق فيه الأجهزة الأمنية، ولتبين أن لا حول لنا ولا قوة، خاصة أن عملية الاغتيال وقعت على بعد عشرين مترا من تجمع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، واستمرت حسب شهود العيان لمدة ثلاث دقائق، مما يعزز أن الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية مقيدة حتى العنق ولا تستطيع اتخاذ أي إجراء مقاوم لجرائم الاحتلال، هذا ما ثبت في بيت لحم وغيرها من محافظات الضفة.
المشكل أنهم يحاولون إقناع الشعب أنهم قادرون، ولديهم خطط أمنية واقتصادية وتنموية .... الخ من عمليات التضليل التي باتت مكشوفة لدى الشعب، ففي قطاع غزة حكومة مقالة وفي الضفة حكومة تسير أعمال، حكومتان لشعب واحد، تسيران بعكس التاريخ وتجسدان الضعف وعدم القدرة على اتخاذ قرارات تحقق المصالح الوطنية العليا، لدرجة أن الوطن تكثف لعبر عن مصالح وزير يعمل على تحقيق مصالحة الشخصية وليذهب الوطن الى الجحيم.
إن استمرار التناطح على السلطة بين رام اللة وغزة سيقودنا الى حتمية الاضمحلال والهبوط الى القاع وتعزيز التبعية وتشريع السياسة الإسرائيلية التي تنادي بالمحرقة والتطهير العرقي، سيهدم المسجد الأقصى المبارك وهناك من يقرع جدران الخزان، ستهود القدس بالكامل وسنشهد نكبة اشد قسوة من نكبة عام 1948 . سنقاوم نعم، لكن مقاومتنا ستفرغ من مضمونها في ظل الموقف الدولي المعادي لنا والصمت العربي الذي أصبح واقعا لا مهرب منة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق