الخميس، مارس 20، 2008

المسيحيون والموارنة بالتحديد مجددًا ضحايا قانون الانتخاب!


وليد قاطرجي

إن ما يدور اليوم حول قانون الانتخاب المنتظر لعام 2009 ما هو إلا جدل عقيم لا يقدم ولا يؤخر، ولن يؤثر في واقع الكتل النيابية الخاصة بالمسلمين إلا بنسب بسيطة، بينما ضحايا قوانين الانتخاب (والمقصود بالطبع المسيحيين)، فإن نوابهم سيتوزعون كالعادة على الكتل الإسلامية للعمل كموظفي استقبال في قصر قريطم والمختارة وعين التينة والضاحية، وشهود زور في الوقت نفسه كما يفعل البعض منهم في زمن العملة الخضراء، ما يعني أن الأزمة ستستمر إلى ما لا نهاية لحين ظهور معطيات تقنع جميع الأطراف بضرورة إعادة الحق للمسيحيين وتمكينهم من اختيار نوابهم وتأمين المشاركة الفعالة للجميع حسب ما نص عليه اتفاق الطائف.
من هنا، فان قانون الانتخاب لم يعد يهم في أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة كما يتمنى ذلك الزعماء الشيعة باعتبارهم الأكثر عددًا كما يعتقدون ويستطيعون إيصال حلفاؤهم من المسيحيين والمسلمين السنة والشيعة، ولا أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة كما يتمنى ذلك المسلمون السنَّة المستأثرين اليوم بالسلطة، ولا أن يكون قانون القضاء أو الدوائر الصغرى اللذين يطالب بهما المسيحيون منذ التسعينات ويرفضهما الدروز وذلك خوفًا من إيصال مسيحيي التيارات الأخرى في مناطقهم ما يخلق حالة مسيحية مستقلة، وهذا بالطبع ما يرفضه وليد جنبلاط على وجه الخصوص من خلال دفاعه الشرس عن وصايته المكتسبة والموروثة منذ حقبة الوصاية السورية حتى اليوم على مسيحيي الجبل.
الواضح والمؤكد أن التأثير المتوقع لن يطال المسلمون الشيعة والسنة، والمؤكد أيضًا أن أمر زعمائهم محسوم منذ الآن، الشيعة مثلاً سينتخبون نوابهم بحسب التكليف المعتاد من قبل مرجعياتهم الدينية، أما السنَّة، على سبيل المثال أيضًا، فإن نسبة المقترعين منهم لا تتجاوز 20 بالمائة في أقصى الحالات، ما يعني أن الذين ينتخبون هم فقط الذين يعتاشون من فتات تيار المستقبل، إلى جانب الذين نالوا الجنسية اللبنانية عام 1994 من المسلمين السوريين والفلسطينيين وعدد كبير من الأكراد وما يسمى بالعرب.
إن قانون الانتخاب المتوقع وكيفما سيصدر، فإنه سيكون بمثابة مؤامرة وهزيمة جديدة تضاف إلى سجلات الهزائم التي مني بها المسيحيون وعلى رأسهم الموارنة بالتحديد بسبب انقساماتهم ورهاناتهم وولاءاتهم وآخرها اصطفاف بعض قيادتهم خلف الحريرية السياسية التي تستغل عدد كبير من نوابهم لخدمة مشاريعها المستترة، إلى جانب السكوت المخيف من قبل مرجعياتهم الروحية تجاه ما يجري، ما يشعرهم من جديد بأن المؤامرة ضد وجودهم ما زالت مستمرة وبزخم أكبر بكثير مما عانوا منه في الماضي.
المسيحيون مجددًا تحت المجهر، خاصة أولئك الذين يحلمون باسترجاع الدور المسيحي الفاعل في لبنان والمنطقة، وعلى رأسهم تكتل التغيير والإصلاح، فأنهم مطالبون بإعادة تقييم موقفهم من مكاتب الخدمات المشبوهة التي بدأت تنتشر تحت رايات قوى السلطة المتعددة في بعض المناطق، وأخذها على محمل الجد لتجنيب المسيحيين المزيد من حملات الافتراء والتضليل التي تشنها وسائل إعلام تيار المستقبل وحلفاؤه ضد نواب التكتل ورئيسه دولة الرئيس العماد ميشال عون الذي يحاول بمفرده إعادة العرش المسيحي المخلوع والمسلوب من قبل هذه السلطة وأزلامها.
لا يبدو أن المعركة الانتخابية المقبلة ستكون صعبة كما يردِّد البعض، وذلك لأن الناخب الحقيقي هو الدولار الأمريكي، ومن المؤكد بأن الغلبة ستكون لمن يمتلك المزيد منه لجلب الناخب المنهك المسيحي قبل المسلم هذه المرة، الذي وللأسف لم يعد يكترث لا لماضيه ولا لسمعته وكرامته.
انتخابات عام 2009 أن حصلت، فستكون فرصة سانحة تروي ظمأ المنهكين خاصة في ظل الأزمات المعيشية الضاغطة. فالعملة الخضراء كانت وستبقى وسيلة الماكينات الانتخابية الأسهل في حصد المزيد من المقاعد من أجل السيطرة على برلمان ساحة النجمة وفرض رئيسًا شيعيًا عليه على شاكلة نائب الرئيس الكاثوليكي الحالي فريد مكاري.

ليست هناك تعليقات: