عطا مناع
في حضرة غزة الفلسطينية حتى العظم تسقط الكلمات أمام شلال الدم الزكي، وتفقد الخطابات مضمونها هذا إذا كان لها مضمونا أصلا، لان كافة العيون شاخصة منشدة إلى ساحة المقاومة الأخيرة، إلى الحصن الأخير الذي يقف وحيدا يقاوم بلحم أطفالنا وصمود أهلنا الأسطوري وإيمانهم بان لا مفر من الثبات في وجه المحرقة التي أعلنها متئان فلنائي بالفم المليان عندما قال"إنها المحرقة".
بالفعل إنها المحرقة، حرب إبادة تستهدف كل الفلسطينيين أينما وجدوا وقد بدؤا بغزة، المحرقة لن تستثني أحدا حتي من يعتقد أنة بمأمن، فحلم"ملوك إسرائيل" الذين شردوا الشعب الفلسطيني عام 1948 لا زال حيا وهو الخلاص من الشعب الفلسطيني وتصفيته ثقافيا وجسديا، ومقولات غلاة زعماء اليمين أمثال شارون وكهانا وزئيفي ولبيرمان دليل واضح على سياسة التطهير العرقي تجاه الفلسطينيين، هناك من طالب بالوطن البديل وفشل، وآخر عمل إلى تنفيذ سياسة الترنسفير وفشل، ناهيك عن ارتكاب المذابح والتنكيل بحق الشعب الفلسطيني الذي لا زال يتمسك بحقوقه بالرغم من وجود شريحة تغرد خارج السرب.
المؤكد أن دولة الاحتلال ماضية في محرقتها ضد غزة الفلسطينية، ويتضح ذلك من حجم الضحايا الكبير وطريقة القتل الإجرامية حيث استهداف قناصة جيش الاحتلال للمدنيين بهدف القتل وخاصة الأطفال، فاستهداف الأطفال سياسة مقصودة للنيل من عزيمة المقاومة وللضغط على القيادة السياسية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية وإرسال إشارات واضحة بأنها المحرقة.
إن الوجع الذي استوطن في غزة جراء جرائم دولة الاحتلال يمتد ويتسع ليعم إرجاء الوطن ولن تمنعه الخلافات السياسية، إن مشاهد الأطفال الشهداء والأشلاء المتفحمة وقطع اللحم الفلسطيني المتناثرة على الأرض بفعل صواريخهم تلزمنا بإعلان حالة الطوارئ لإغاثة غزة وتقديم الدعم والمساندة اللامحدودة لأبناء جلدتنا في القطاع، لان دمهم دمنا ولحمهم لحمنا ولا يحق لأي كان أن يمنعنا عنهم هؤلاء الذين يسطرون صفحات مجدنا ويدافعون عن وجودنا وكرمتنا.
لا مفر من المقاومة والصمود، لأنها المعركة الأخيرة، غزة هي حصننا الأخير بسقوطها لا سمح اللة نسقط، لذا يجب أن نوفر لها مقومات الصمود في وجه المحرقة وقتلة الأطفال، بالضرورة استنفار كافة الطاقات محليا ودوليا لفضح المذبحة التي بدأت بأكثر من خمسين شهيدا ومئات الجرحى جلهم من المدنيين، لا يكفي الاستنكار والتصريحات الكلامية، المطلوب أن ترتقي القيادة الفلسطينية إلى مستوى الدم المسفوك وحجم الألم والوجع في غزة، لان الأيام القادمة تحمل الأخطر والوقت ضيق.
إعلانهم بحرق غزة يتطلب من القيادة الفلسطينية أن تتحرر من خلافاتها مع حركة حماس وتتداعى لدعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يفترض منها أن تكون في حالة اجتماع دائم، على المجلس المركزي إعلان حالة الاستنفار، والمتوقع من السيد الرئيس محمود عباس كرئيس للشعب الفلسطيني أن يقفز عن الخلافات ويعلن عن حكومة وحدة وطنية تمثل المجموع الوطني حكومة ترتقي لمستوى الحدث وتعمل على درء الخطر عن الشعب الفلسطيني، لا يجوز الاستمرار في المفاوضات ودولة الاحتلال تحول شعبنا إلى أشلاء متفحمة.
التفرج على حرق غزة مشاركة غير مباشرة، وتصريحات وزير الإعلام الدكتور رياض المالكي بمثابة موافقة ضمنية من الحكومة على المحرقة، إننا في خضم مرحلة غاية في الخطورة لا تستطيع حكومة التكنوقراط استيعابها والتعامل معها، وعلى حركة فتح والقوى الفلسطينية الأخرى استعادة زمام المبادرة وإعادة صياغة الأهداف الوطنية بما يتلاءم مع مصالح الشعب العليا وثوابته، ومصالح شعبنا الفلسطيني تفرض على القوى الوطنية الفلسطينية اتخاذ خطوات تعيد العافية للوحدة الوطنية من خلال الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإشاعة الديمقراطية والتضامن الحقيقي مع غزة.
غزة حصننا الأخير، وحركة حماس رأس الحربة في مواجهة المحرقة، ومليون ونصف المليون فلسطيني مهددين بالإبادة الجسدية بعد فشل الحصار من تحقيق اهدافة، غزة بلا دواء وبلا كهرباء، غزة جوعت وبقيت صامدة ، لقد فشلوا في اخصاعها فقرروا حرقها، لكنها صامدة بإمكانيتها المتواضعة وبمقاومتها التي حيرت جنرالات الاحتلال الذين وقفوا عاجزين أمام عنفوانها، غزة حصننا الأخير لن تسقط ولن تضعف لكنها تحتاج إلى دعم من الجبهة الداخلية ولو بالكلمة الصادقة وهذا اضعف الإيمان، غزة وحيدة تدفن أطفالها بصمت تدافع عنا وتسقط ورقة التوت عن تجار المرحلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق