الأربعاء، مارس 05، 2008

رايس تزرع الأوهام مجدداً

راسم عبيدات

.......بعد موسم الذبح والقتل والحرق والتطهير العرقي الذي تعرض وما زال يتعرض له شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة ، جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية"رايس" مجدداً ،إلى المنطقة لكي تبث سمومها وحقدها ، فهي بدلاً من أن تدين العدوان الإسرائيلي الهمجي على شعبنا الفلسطيني، برأت الاحتلال من المسؤولية عن ذلك، وحملت المقاومة الفلسطينية المسؤولية عن ما حدث، وهذا الانحياز السافر لصالح العدو الإسرائيلي ،نعرفه ونخبره جيداً ونلمس نتائجه على جلود أبناء شعبنا الفلسطيني قمع وإذلال يومي، ولكن الغريب أن البعض في الساحة الفلسطينية، قد أدمن على الوعود والأوهام الأمريكية، ولا يبني إستراتيجية وخياراته إلا على هذه الأوهام والأكاذيب، والتي باتت نافرة ومقرفة ومقززة، وتستفز مشاعر أصغر طفل فلسطيني،فمنذ ما سمي بمؤتمر السلام" انابوليس" وحتى اللحظة الراهنة أكثر من عشرين لقاء على مستوى القمة بين عباس"وأولمرت" لم يتمخض عنها أية نتائج عملية، وتصب في خدمة ما يسمى بالمعتدلين الفلسطينيين والعرب،بمعنى تقديم تنازلات إسرائيلية جوهرية وجدية في ملفات رئيسية مثل اللاجئين ،القدس، الاستيطان وغيرها، بل في كل لقاء توجه للطرف الفلسطيني المزيد من الصفعات والإهانات، والتي وصلت حداً لا يمكن القبول به أو السكوت عليه، ولكن اللافت للنظر أنه في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر والمتصاعد على شعبنا، فإن هناك من يقول وينظر فلسطينياً بأنه لن يسمح للمتطرفين بجرنا إلى دائرة العنف والتطرف، وأنا بدوري أتساءل وأسأل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مع من يريد صنع السلام؟، وهل هذا المجتمع الذي ينضح بالعنصرية والتطرف، والموغل في عقلية البلطجة والزعرنة، والمتنكر لأبسط حقوق شعبنا الفلسطيني جاهز للسلام؟، فالحكومة الإسرائيلية بشقيها السياسي والعسكري، تعلن جهراً وعلناً، أنه لا وقف للاستيطان لا في القدس ولا حتى في الضفة الغربية، ولا حتى إزالة"الكرفانات" الاستيطانية، بل لا بد من العمل على شرعنتها،وكم من مرة هدد العديد من أعضاء ورؤساء كتل برلمانية مؤتلفة مع "أولمرت" وحزبه في الحكومة ،بالانسحاب منها إذا ما تطرقت لقضايا الحل النهائي مثل قضية القدس، وأبعد من ذلك فهّم في عدوانهم الهمجي على قطاع غزة، قالوا وكشفوا عن أهدافهم الحقيقية بحق الشعب الفلسطيني،فوزير الدفاع الإسرائيلي"يهود بارك"، كان يبحث عن نصوص ومخارج قانونية توفر له الغطاء لارتكاب مجازر جماعية في القطاع ،ونائبه "متان فلنائي" قال بالفم المليان على الفلسطينيين أن ينتظروا المحرقة، "وعوزي لاندو" من حزب المفدال قال، يجب إبادة وحرق البلدة الفلسطينية بأكملها،إذا ما انطلق منها صاروخ واحد تجاه إسرائيل، "واسرائيل كاتس"، من حزب الليكود، قال انه يجب حرق غزة من الجو على غرار ما قامت به القوات الروسية في العاصمة الشيشانية غروزني .
باختصار قيادة متعطشة للدم الفلسطيني، وتبحث عن سبل وطرق ترحيله وتهجيره وليس صنع السلام معه ولأنها ترى في وجوده وبقاءه على أرضه خطراً على وجودها ومستقبلها، ورغم كل ذلك فهناك في الجانب الفلسطيني ، من يؤكد ليل نهار على التمسك بخيار التفاوض من أجل التفاوض، هذا التفاوض الذي يجري استغلاله من قبل إسرائيل من اجل فرض الأمر الواقع على الأرض ،"ورايس" وغيرها من الأوروبيين من سولانا إلى الأمين العام بان كي مون لا يهمهم الدم الفلسطيني المسفوك أو المجازر المرتكبة بحقه، بل همهم الأول والأخير ينصب على إسرائيل وأمنها ووجودها وتفوقها، "ورايس" والإدارة الأمريكية تأتي للمنطقة ،كلما كان هناك تحضير لمواسم ذبح عربية وإسلامية، وكما أشرت في مقالة سابقة ،يبدو أن المنطقة ستشهد موسم ذبح عربي- إسلامي هذه المرة ليس بالقطاعي والمفرق بل بالجملة ،وشامل من فلسطين وحتى إيران، فالإدارة الأمريكية تدرك وباتت مقتنعة، انه في سبيل المحافظة على وجودها ومصالحها في المنطقة، فلا بد من التخلص من سوريا وإيران، فالعقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية والدبلوماسية وحدها لا تكفي ولا بد من جراحات عسكرية، وحشد البوارج على الشواطئ اللبنانية ،يندرج في هذا السياق، وكذلك استصدار قرارات من مجلس الأمن بتشديد العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، والحشد العسكري الإسرائيلي لأكثر من عشرة فرق في الجولان وجنوب لبنان، كل ذلك يدخل في صميم التحضيرات لموسم الذبح هذا، وموسم الذبح دائماً يتطلب، بث أوهام وأكاذيب ووعود خادعة وبراقة ،لقوى الاعتدال العربي، حول الرغبة والجدية الأمريكية في حل القضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي- الإسرائيلي، والخطر الذي تمثله إيران على دول المنطقة بامتلاكها للبرنامج والسلاح النووي، وخطورة وجود وتنامي قوة وشعبية قوى جهادية مناضلة ومقاومة على غرار حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، ولتحقيق هذا الهدف ،لا بد من التخلص من مصادر الخطر والشرور "والارهاب" سوريا وإيران وقوى المقاومة والممانعة في فلسطين ولبنان والعراق ،وهذا لن يتأتي بدون دعمهم ومساندتهم لواشنطن في الترويج والمشاركة في هذا الموسم، وهناك سبب وجيه آخر ربما، دفع "رايس" للقدوم وهو أن تشرف على جدول أعمال القمة العربية، وقد تمهد لذلك بعقد لقاءات مع دول معسكر الاعتدال العربي، وتبحث معهم في حضور القمة أو عدم حضورها في دمشق،ارتباطاً بالملف اللبناني،أي الضغط على سوريا من أجل أن تسمح بانتخاب رئيس للبنان خارج إطار الدستور والتوافق اللبناني، وكذلك وجود بند صريح على جدول أعمال القمة العربية، يدعو إلى الاعتراف بإسرائيل دون ربط ذلك بموافقتها على المبادرة العربية.
باختصار"رايس" أتت للمنطقة العربية والى فلسطين، لكي تزرع الأوهام مجدداً ، ولكي تقول لقوى الاعتدال العربي والفلسطيني، أن الإدارة الأمريكية، تعمل من أجل تحقيق رؤية"بوش" دولتين لشعبين، هذه الرؤية التي لا نجد أي سبب يدعونا نحن الفلسطينيين، نقتنع أو نتوهم ،أنه يتم العمل على تحقيقها إلا إذا أصاب البعض منا الخبل والجنون، فالإدارة الأمريكية، تقدم الدعم والإسناد والتغطية والاحتضان، لكل ما ترتكبه إسرائيل من مجازر ومذابح وتطهير عرقي بحق شعبنا الفلسطيني، ولا تمارس أي ضغط بل وحتى انتقاد لإسرائيل وممارساتها، وهناك من هو في الساحة الفلسطينية، من يطلب" الدبس من قفا النمس"، وينام ويصحو ويحلم بأن الحل غير ممكن إلا بالتفاوض، هذا التفاوض المارثوني والعبثي، الذي أضحى عبء وخطر على شعبنا ووحدته وحقوقه، لأنه غير مسقوف بزمن ولا مرجعية دولية له، ولا آليات للتنفيذ والتطبيق،ووفق الاملاءات والاشتراطات الإسرائيلية.

القدس – فلسطين

5/3/2006

Quds.45@gmail.com

ليست هناك تعليقات: