أسامه طلفاح
كم كنت أتمنى نجاح العملية السياسية و أهل السياسية داخل أمتنا العربية و لو لمرةٍ واحدة ، حتى في إطار التقسيمات الإستعمارية التي حدثت و بعد ما أصبح الوطن العربي عبارةً عن عدةِ دويلات ؛ لم ينجح أهل السياسة "الإقليمية" بيومٍ من الأيام في الإتفاق حول المصلحة العامة المشتركة للجميع.
فكلٌ منّا يدعي الحتمية المطلقة لرأيه ووجهة نظره و يدافع عنها بوحشيه ، متناسياً المصحلة العامة لوطنه و أهله و أمته داخل تلك الأقاليم. و هنالكَ أمثلةٌ كثيرة لا يمكن حصرها في إطارِ أمتنا العربية حول مضمون الفشل السياسي الذريع ، و لعل من أبرزها الآن ؛ ما يحدث في فلسطين و لبنان و العراق ، وغيرها.
وبالرغم من خضوع كلٍ من فلسطين و العراق لاحتلالٍ غير أخلاقي بشع ، إلا أن الوضع في فلسطين رغم كلّ الأهوال و الآلام و المصاعب أفضل حالاً من العراق ؛ فما يعيشه العراق اليوم من احتلال و دمار و قتل و تشريد و تفجيرات، لم تشهده كتب التاريخ ؛ الأمر الذي أعاد بلداً عربياً مثل العراق مئات السنوات إلى الوراء جراّء هذا الاحتلال البشع ، مما جعل من العراق ساحةً متواصلة من الدماء و الدمار و القتل و التشريد و العذاب الذي لم نشهده من قبل حتى في أرض فلسطين الحبيبة.
بلا شك أن السياسة الغربية أيضاً لا تخلوا من المنازعات و الشتائم و الخلافات الكثيرة ، و لكن كلّ الفرقاء في تلك الدول يقفون يداً بيد و يتحدون جميعاً لأجل أوطانهم و لمصلحة أممهم و هذا ما نفتقره في الداخل العربي في هذه الآونة .
فقد أصبح سائداً في إطار أمتنا العربية أن الفشل و السياسة صنوان لا يفترقان و لم يُرتبط عنصر النجاح في يومٍ من الأيام بمعنى و مفهوم السياسة العربية.
بالأمس دخل عنصرٌ آخر بعيد أشد البعد عن السياسة العربية و عمل على توحيد العراقيين جميعاً و رسم الفرحة الميّتة و المقتولة و المسمومة على شفاه ملايين العراقيين ، بعد الفوز الذي حققه المنتخب العراقي لكرة القدم على شقيقه المنتخب السعودي ضمن نهائيات كأس أسيا لكرة القدم.
ونجح أهل الرياضة بما لم ينجح به يوماًَ أهل السياسة ، نجح في توحيد العراقيين سُنّةً و أكراد و شيعة و تركمان تحت سقفٍ واحد و تحت مِظلةٍ واحدة . فيما لم ينجح أهل السياسة في العراق إلى توحيد أنفسهم لا العراقيين فحسب؛ من أجل العراق و ما يعيشه العراق من آلامٍ و أوجاع تشيب لهولها الوِلدان.
أتمنى أن يلعب المنتخب العراقي كلّ يوم و ينتصر "كروياً" كي تبقى الإبتسامة تطوق شفاه أطفالنا في العراق الحبيب بعيداً عن صور الدم و القتل و التفجيرات .
إلى أن يصل اليوم الذي ينتصر فيه العراق سياسياً مع نفسه و أهله و أمته داخل إطار أمتنا العربية و الإسلامية التي و بكلّ تأكيد تشتاق للعراق العظيم ، العراق العربي الخالص المميز الجميل ، الذي اعتدنا عليه منذ القدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق