راسم عبيدات
........الآن وبعد أن إستطاعت حماس أن تحرر الصحفي البريطاني " آلن جونستون " بعد أربعة شهور من الإحتجاز ، هذا الإحتجاز الذي الحق وما زال يلحق ضرراً بالغاً ، ليس بسمعة الشعب الفلسطيني ، بل ويشوه عدالة قضيته ونضاله المشروع ، ويخلق الحجج والذرائع للبعض لوصمه " بالإرهاب " وهذا التحرير يثبت أن هناك من كان في الساحة الفلسطينية ، من هو معني بإستمرار حالة الفوضى والفلتان ، في إطار تشبثه بمصالحه ومراكزه وإمتيازاته وأجنداته الخاصه ، والتي كان دائماً يحاول تغليفها بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني ، وبغض النظر حول ما قامت به حماس من حسم للإمور عبر الخيار العسكري ، هذا الحسم الذي نرى أنه غير مبرر ومشروع لما له من مخاطر جدية على الديمقراطية والتعددية ، إلا أنه في إطار البحث عن الأسباب والذرائع ، كنا نجد من يدفع ويجبر حماس على هذا الخيار، وعند الحديث عن الإنقلاب على الشرعية، فيجب أن يكون هناك وضوح في هذا الجانب ، فالشرعية ليس تمثيلها مقتصراً على الرئاسة ، بل أيضاً الحكومة شرعية والمجلس التشريعي شرعي ، ونستغرب كيف يجري إعتقال أعضائه من قبل الرئاسة وحكومة الطوارىء ، والمسألة يجب النظر لها في الإطار الشمولي ، ولعل تشكيل حكومة الطوارىء والإنقلاب على الدستور وتعطيل العمل به والمراسيم المتتالية وما تبع حسم حماس للقطاع عسكرياً ، من نشر للفوضى والفلتان في الضفة الغربية ، هو أشد خطورة من أقدمت عليه حماس ولا يشكل حلاً للوضع الفلسطيني ، بل أنه يدخل الساحة الفلسطينية في مزيد من التوهان وفقدان البوصلة ، ويعزز من حالة الإفتراق والشرذمة والإحتراب الداخلي في الساحة الفلسطينية، والتي نرى أنه لا مخرج لها إلا بالحوار والوحدة ، حوار ووحدة تقومان على أسس واضحة ، ودون قفز عن كل إرث المرحلة السابقة ، مع تجريم ومحاسبة كل الذين عبثوا بأمن المواطن الفلسطيني وحياته وقضيته ومشروعه الوطني ، وأيضاً كل من تجاوز الخطوط الحمراء ، وأبدى إستعداده للإستقواء بالخارج على أبناء شعبه وقضيته ، ولكون حالة الفلتان الأمني تشكل مخاطر حقيقة على المجتمع الفلسطيني بنية وتركيبة ونسيج ، فإنه من الهام جداً إقتلاع قياداتها وتشكيلاتها من الجذور، والتي نرى أنها معشعشة ومتغللة في المستويات العليا من الأجهزة الأمنية ، و "مافيات" ومليشيات العشائر والقبائل ، هذه "المافيات" المسؤولة عن 90% من حالة الفلتان الأمني ، حيث نرى أن " طخيخة " الأعراس والمآتم ، وما يقومون به من أعمال زعرنة وعربده محتضنه ومغطيه من قبل جهات نافذة في أعلى الهرم السلطوي، والذي يجب أن تجري داخله حملة واسعة من التطهير، والذي ربى الأجهزة على الإرتزاق والعمل غير المشروع ، بدل الدفاع عن أمن الوطن والمواطن ، ولعل تجربة إختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية القائد أحمد سعدات ورفاقه من سجن أريحا ، كشفت القصور العالي ليس عند الأفراد ، بل عند من هم مسؤولين عن هذه الأجهزة ، حيث ظهرت هذه الأجهزة بشكل مهين ومسيء لكل الشعب الفلسطيني بتاريخه ونضالاته ، واليوم فإن ضبط الأمور ، والمعالجة الجادة لحالة الفلتان ، والتي طالت كل شيء ، فإنه بات من الضروري المطلوب العمل على ضرب المليشيات العشائرية والجهوية ومصادرة أسلحتها ، والتي أصبحت تقيم سلطة داخل سلطة ، بل وفي بعض الأحيان تمتلك من الأسلحة والسلطة ما لا تمتلكه السلطة نفسها ، وهذه العشائر أصبحت محصنه من المحاسبة والمسائلة ، وأفرادها ممنوع الإقتراب منهم ، أو حتى إعتقالهم على أية جرائم ومخالفات يرتكبونها ، وهذا بحد ذاته يشكل خطورة عالية جداً على وحدة شعبنا الفلسطيني ، ويعزز من الجهوية والقبلية في المجتمع الفلسطيني ، ويقضي على أية إمكانية لإقامة دولة أو سلطة فلسطينية ، وهذا النهج التدميري علينا العمل على إجتثاثه من جذوره ، وبالضرورة رفع الغطاء التنظيمي أو السياسي عن أي شخص أو فرد يرتكب أو يمارس ممارسة من شأنها الإضرار بالمجتمع الفلسطيني وأمنه وممتلكاته ومشروعه الوطني ، وفي الوقت الذي يشعر فيه المواطن الفلسطيني ، أن الأجهزة الأمنية ليست فئوية وجهوية ، وتوفر الأمن والأمان للمواطن بغض النظر عن إنتمائه السياسي ، عندها يتم إضعاف دور العشائرية والقبلية ، وكذلك فإن الكثير من الممارسات وأعمال العربدة والزعرنة ، يقوم بها أشخاص ليس لهم علاقة بالوطن والوطنية ، حيث يقومون بفرض الخاوات والسرقات ، تحت يافطة الوطنية ، أو الإنتماء لهذا التنظيم أو ذاك ، وهم ما نصطلح على تسميته " بطخيخة الأعراس والمآتم " ، فهذه الجماعات يجب العمل على ضربها وتفكيكها، وجمع سلاحها الذي يستخدم في أغراض ليست وطنية أو شريفة ، وهنا فإنه يتوجب على كل الأجنحة العسكرية لكل الفصائل رفع الغطاء التنظيمي والسياسي ، عن مثل هذه المليشيات ، والتي أضرت وشوهت صورة النضال الوطني الفلسطيني ، وعمقت من شعور الأحباط والياس بين الناس ، من الفصائل والأحزاب ، حيث أصبح المواطن يشعر بحالة من القهر من ممارسات تلك الجماعات والتي تتستر بهذا الفصيل أو ذاك ، واليوم فبعدما تم تحرير الصحفي البريطاني " آلن جونستون " ، والذي نأمل أن يكون تحريره فاتحة خير لوقف كل الإعتداءات على صحفيي شعبنا أولاً، وعلى كل ضيوف شعبنا الفلسطيني من صحفيين وغيرهم ، وهذا يتطلب تكاتف وتوحد كل الجهود الخيرة لأبناء شعبنا أحزاب وفصائل وأجهزة أمنية وغيرها، وكذلك فإنه من الملح والضروري ، أن يكون هناك غرفة عمليات موحده لكل الأجنحة العسكرية الفلسطينية ، وأن يكون هناك مجلس للأمن القومي الفلسطيني ، فمن غير المقبول والمعقول ، أن تقوم كل مليشيا أو تيار بفرض أجندتها على الشعب الفلسطيني ، المرحلة جداً خطيره وتتطلب أعلى قدر من الحرص والمسؤولية عند الجميع ، وهذا فقط ممكن من خلال حوار وتوافق داخلي ، فعهد الهيمنة والتفرد ولى إلى غير رجعة ، ومن غير الجائز والمقبول أن نقبل على أنفسنا أن نحاور الإسرائيليين، ونرفض الحوار الداخلي ، والجميع منا يدرك أن الشعب الفلسطيني بكل ألوانه وأطيافه مستهدف من أقصى يمينه إلى أقصى يساره، ونحن لمسنا الرد الإسرائيلي على قمة شرم الشيخ ، والتي قال الإسرائيليون، أنهم بصدد تقديم تنازلات جدية للشعب الفلسطيني والرئاسة الفلسطينية ، وهذه التنازلات لمسها الشعب الفلسطيني على جلده مزيدا من القتل والتدمير ، والمسألة ليست رشوة هنا أو هناك ، فالأموال المحتجزة والمسطي عليها ، هي حق للشعب الفلسطيني ، وهو ما يتحمل المسؤولية وليس غيره ، ومن غير المقبول أن يخرج البعض ، ويصرح بأن حماس جوعت الشعب الفلسطيني خمسة عشر شهراً، في إطار الصراع الفصائلي ، ولعل الذي حدث يشكل درس وعبرة للجميع للمراجعة والتقييم ، من أجل وضع أسس حقيقية للوحدة والحوار ، وفي الوقت الذي لا نقر فيه ما قامت به حماس ، فعلينا أن نتذكر أن رد الفعل على ذلك لم يكن بأقل خطورة منه على شعبنا وقضيتنا .
القدس – فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق