سالم جبران
خصصت مجلة "الهلال" المصرية العريقة عدداً خاصاً (يونيو/حزيران 2007) لموضوع التنوير وإشكالياته في العالم العربي.
وقال الأستاذ مجدي الدقاق، محرر "الهلال" إن القرن العشرين كان بداية لنهضة عربية كبيرة ارتكزت على مفاهيم ومباديء جديدة وسادت فيها قيم الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر والتسامح وإعلاء شأن العقل وحرية التفكير والبحث والاجتهاد والاستناد إلى العقلية العلمية وتحرر المرأة.
وقال الأستاذ الدقاق: "ساهم القرن العشرون بمبادئه ومفاهيمه الجديدة في خلق إنسان حر، أبدع دون خوف، ولم يقيِّده سوى التزامه الوطني وضميره الإنساني". وأشار الكاتب إلى أن القرن العشرين شهد، في العالم العربي، ميلاد فن القصة القصيرة والرواية والمسرح والفنون التشكيلية وتشكَّل النقد الأدبي الحديث على أسس عصرية مستفيداً من النقد العالمي.
والحقيقة أن الثقافة العربية شهدت نهضة عاصفة خصوصاً في مصر وبلاد الشام وصارت الأسماء الخالدة مثل طه حسين وأحمد أمين وقاسم أمين وعباس محمود العقاد ومحمد حسين هيكل وعلي عبد الرازق ومحمد عبده وسلامه موسى وجورجي زيدان وبطرس البستاني وأحمد فارس الشدياق ومارون عبود وعمر فاخوري ورئيف خوري أعلاماً قيادية تصوغ وتبلور عقلية أمة ليس فقط أدبياً، بل سياسياً واجتماعياً، من خلال التحالف الصارم مع التجديد والعصرنة والانفتاح على منجزات الثقافة العالمية.
وبعد هذا الاستعراض الممتاز، الدقيق تاريخياً أيضاً، يقول الكاتب :"ما الذي حدث بعد ذلك؟" ويجيب قائلاً: "لقد ظلّت قوى الظلام، المعادية للإبداع وللعلم، تتربص بكل المكاسب التي حققتها قوى الإصلاح وهالها أن تنتصر القيم النبيلة وتسود تلك القيم التي لا يجدون فيها تربة صالحة لزرع أفكارهم الماضوية الداعية للخرافة والدجل وتغييب العقل ومعاداة الحريات، واستطاعت في غفلة تيار التنوير، استدعاء الماضي بأفكار وفتاوى أسست لفكر أحادي يقدس النص ويكرس الجهل والتبعية، ويفرق بين الناس ويعادي الثقافة والعلماء والفن والإبداع والمرأة، ويرفض الاختلاف ويدّعي، وحده ، امتلاك الحقيقة"!!
ويقول الكاتب إن المجتمعات العربية أصبحت في مفترق طرق بعد أن دخل عقلها في نفق الأزمة، لذا بات علينا أن نذعن، جميعاً، لهؤلاء الخارجين من كهوف الماضي أو نتصدى لهم حفاظاً على ما حققته حضارتنا من إنجازات.
وفي ختام مقاله الهام يطالب الأستاذ مجدي الدقاق بإعادة نشر إبداع الرواد، في مطالع القرن العشرين، في طبعات شعبية رخيصة لكي تكون في متناول الجميع ويذكر تحديداً تراث أحمد أمين وقاسم أمين وخالد محمد خالد وطه حسين وعباس محمود العقاد وعلي عبد الرازق ومحمد عبده وسلامه موسى وجورجي زيدان ولويس عوض.
يجب أن نرحب أولاً، من الأعماق، بإثارة الأستاذ الدقاق، لهذه المسألة الجوهرية، المصيرية، ولكننا نريد أن نلاحظ، بأسف، أن الأستاذ الدقاق يتكلم عن نهج الردة الثقافية والحضارية، كما لو كان "انقلاباً عسكرياً" مفاجئاً، ويتهرب، أو لا يجد الوقت الكافي للتعمق في أسباب الردة الظلامية من التنوير إلى التخلف التي لم تكن انقلاباً مفاجئاً بل عملية سياسية واقتصادية رجعية كانت هي ذاتها محتاجة إلى وأد التنوير، وكان النظام السياسي الذي دخل مرحلة الرجعية والتخلف أساساً موضوعياً لاستعادة الروح للقوى الرجعية الظلامية التي لم تلبث أن حاربت، بشراسة، التنوير والإصلاح والاعتدال والديمقراطية وفرضت احتكاراً على الدين والفكر الديني، ثُمَّ لم تلبث أن بدأت بتفسير الدين تفسيراً معادياً للعقل والاجتهاد ونشرت الأساطير والخزعبلات وحاصرت كل منهج عقلي بوصفه "ارتداداً عن الدين والايمان"(؟!)
الأستاذ الدقاق، وهو المثقف الممتاز يعرف بلا شك أن مفكراً مصرياً نشر في الثلاثينيات كتاباً بعنوان "لماذا أنا ملحد" فلم يُقتل ولم يُسْجن، وبعد مدة رد عليه عالم محترم بكتاب مضاد بعنوان" لماذا أنا مؤمن". هل يُمكن أن يحدث شيء كهذا الآن، في مصر أو أية دولة عربية؟!!
ألا يعرف الأستاذ الدقاق أن الأزهر يحسم حسماً لا نقض فيه، أن يُنشر كتاب ما أو لا، ألا يعرف الأستاذ الدقاق ماذا كان مصير كتاب "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ؟ وماذا كان مصير رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب حيدر حيدر؟ هل الجامعات في مصر الآن، أكثر حرية علمية أو أقل حرية علمية، مما كانت عليه أيام طه حسين؟ هل رفض الاختلاف والتعدد هو فقط في أوساط الجهلة الظلاميين، أم أيضاً "قانون عام" عند كل الأنظمة العربية تقريباً؟ أحقاً بإمكان طالب التاريخ في مصر أو سورية أو العراق أو السعودية أن يبحث بحرية، تاريخ بلاده وينشره ويأخذ الدكتوراة عليه، ويصبح بعد ذلك أستاذاً في الجامعة الوطنية المحلية؟
علينا أن نقول مهما كان ذلك مؤلماً، إن الثورات الجمهورية العسكرية، ابتداء من الثورة المصرية وكل ما تبعها، أقامت نظام "الحزب الواحد"، نظام العقيدة الواحدة، نظام الرأي الواحد، وهذا ساد في الحكومة وساد في الجيش وساد في الجامعات وساد في المدارس وساد في دور النشر وساد في الصحف وحيث تكون السيادة لرأي واحد يختنق الفكر ويذبل الإبداع!!
وفي ظل السطوة المطلقة للنظام العسكري(الذي أسمته الأصولية" نظاماً علمانياً"!!) كانت الأوساط الدينية الظلامية تنشر الحقد على النظام وتنشر الخرافات وتنشر التفسيرات الغيبية لمفاهيم الدين والحياة. وكان الشعب الفقير الذي يحس باغتراب شديد عن النظام يقع فريسة للأصولية الدينية المعادية للعلم والديمقراطية والتعددية والحرية والمساواة للمرأة وشرعية الاختلاف والتعددية. وإذا كان النظام في مصر (أيام الرئيس الراحل عبد الناصر وبعده) أكثر مرونة من الأنظمة العربية، الأخرى، فإننا نشعر بالذهول والفاجعة إزاء مشكلة غياب الحريات وانتصار القهر في ظل نظام صدّام حسين في العراق وفي ظل النظام البعثي في سورية وفي ظل نظام القذافي في ليبيا. والحقيقة أنه وجدت فسحة من الحرية في لبنان، فقط، في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وربما لذلك تحالفت كل الأنظمة العربية لتدمير لبنان!
ما نريد أن نقوله للأستاذ مجدي الدقاق إن الظلامية "لم تنتصر فجأة في غفلة التنوير" ، بل كانت إفرازاً طبيعياً للنظام الدكتاتوري العسكري، نظام الحزب الواحد، نظام "النخبة العسكرية المغلقة" التي تتقاسم المراكز والمناصب والامتيازات بعيداً عن عيون الشعب، وخلال التحييد الكامل لإرادة الشعب.
وحتى لا نطيل فإننا نصل إلى الخلاصة مباشرة. إعادة طباعة كتب الرواد صحيحة دائماً. ولكن هذه الكتب، وحدها ، لن تُحْدِث الانطلاقة ولن تصد الظلامية ولن تنقل العقل العربي من "الكسل البليد" إلى "النهوض المتدفق".
عالمنا العربي بحاجة تاريخية، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. إلى النهضة الحقيقية باستعادة الشعب لحريته وسيادته، وقيام نظام ديمقراطي تعددي يقوم على المنافسة السلمية بين النخب والقيادات، ويقوم على الحرية والديمقراطية والتعددية وشرعية الاختلاف وينزع من أيدي القوى الظلامية احتكار تفسير الدين واحتكار الله سبحانه وتعالى!
الأمة العربية بحاجة إلى التنوير ليس فقط في المنشورات، بل أيضاً في المدارس والجامعات والإعلام والصحافة، بحاجة إلى خلق انطلاقة نحو العلم والتفكير العلمي والتكنولوجيا والتحالف مع كل منجزات التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. الانغلاق هو الموت البطيء، والمطلوب مواكبة الحضارة العالمية بعقلية واثقة بالنفس، تأخذ من منجزات العالم، بدون أن تفقد هويتها وشخصيتها، بل لكي تُغني هويتها وشخصيتها.
أن نفاخر بتراثنا الكلاسيكي والحديث- هذا أمر هام جداً، ولكن الأهم هو أن نكون قادرين على إبداع حضارة جديدة وطنية الروح واللغة والإطار، إنسانية الأهداف والاتجاهات.
المطلوب، إذن، ليس فقط، نشر كتب الرواد في طبعات شعبية رخيصة، بل أساساً الثورة الاجتماعية، السياسية، الثقافية، العصرية التي تجعلنا جزءاً من الحضارة الإنسانية، لا متفرجين سلبيين على حضارة الآخرين.
salim_jubran@yahoo.com
خصصت مجلة "الهلال" المصرية العريقة عدداً خاصاً (يونيو/حزيران 2007) لموضوع التنوير وإشكالياته في العالم العربي.
وقال الأستاذ مجدي الدقاق، محرر "الهلال" إن القرن العشرين كان بداية لنهضة عربية كبيرة ارتكزت على مفاهيم ومباديء جديدة وسادت فيها قيم الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر والتسامح وإعلاء شأن العقل وحرية التفكير والبحث والاجتهاد والاستناد إلى العقلية العلمية وتحرر المرأة.
وقال الأستاذ الدقاق: "ساهم القرن العشرون بمبادئه ومفاهيمه الجديدة في خلق إنسان حر، أبدع دون خوف، ولم يقيِّده سوى التزامه الوطني وضميره الإنساني". وأشار الكاتب إلى أن القرن العشرين شهد، في العالم العربي، ميلاد فن القصة القصيرة والرواية والمسرح والفنون التشكيلية وتشكَّل النقد الأدبي الحديث على أسس عصرية مستفيداً من النقد العالمي.
والحقيقة أن الثقافة العربية شهدت نهضة عاصفة خصوصاً في مصر وبلاد الشام وصارت الأسماء الخالدة مثل طه حسين وأحمد أمين وقاسم أمين وعباس محمود العقاد ومحمد حسين هيكل وعلي عبد الرازق ومحمد عبده وسلامه موسى وجورجي زيدان وبطرس البستاني وأحمد فارس الشدياق ومارون عبود وعمر فاخوري ورئيف خوري أعلاماً قيادية تصوغ وتبلور عقلية أمة ليس فقط أدبياً، بل سياسياً واجتماعياً، من خلال التحالف الصارم مع التجديد والعصرنة والانفتاح على منجزات الثقافة العالمية.
وبعد هذا الاستعراض الممتاز، الدقيق تاريخياً أيضاً، يقول الكاتب :"ما الذي حدث بعد ذلك؟" ويجيب قائلاً: "لقد ظلّت قوى الظلام، المعادية للإبداع وللعلم، تتربص بكل المكاسب التي حققتها قوى الإصلاح وهالها أن تنتصر القيم النبيلة وتسود تلك القيم التي لا يجدون فيها تربة صالحة لزرع أفكارهم الماضوية الداعية للخرافة والدجل وتغييب العقل ومعاداة الحريات، واستطاعت في غفلة تيار التنوير، استدعاء الماضي بأفكار وفتاوى أسست لفكر أحادي يقدس النص ويكرس الجهل والتبعية، ويفرق بين الناس ويعادي الثقافة والعلماء والفن والإبداع والمرأة، ويرفض الاختلاف ويدّعي، وحده ، امتلاك الحقيقة"!!
ويقول الكاتب إن المجتمعات العربية أصبحت في مفترق طرق بعد أن دخل عقلها في نفق الأزمة، لذا بات علينا أن نذعن، جميعاً، لهؤلاء الخارجين من كهوف الماضي أو نتصدى لهم حفاظاً على ما حققته حضارتنا من إنجازات.
وفي ختام مقاله الهام يطالب الأستاذ مجدي الدقاق بإعادة نشر إبداع الرواد، في مطالع القرن العشرين، في طبعات شعبية رخيصة لكي تكون في متناول الجميع ويذكر تحديداً تراث أحمد أمين وقاسم أمين وخالد محمد خالد وطه حسين وعباس محمود العقاد وعلي عبد الرازق ومحمد عبده وسلامه موسى وجورجي زيدان ولويس عوض.
يجب أن نرحب أولاً، من الأعماق، بإثارة الأستاذ الدقاق، لهذه المسألة الجوهرية، المصيرية، ولكننا نريد أن نلاحظ، بأسف، أن الأستاذ الدقاق يتكلم عن نهج الردة الثقافية والحضارية، كما لو كان "انقلاباً عسكرياً" مفاجئاً، ويتهرب، أو لا يجد الوقت الكافي للتعمق في أسباب الردة الظلامية من التنوير إلى التخلف التي لم تكن انقلاباً مفاجئاً بل عملية سياسية واقتصادية رجعية كانت هي ذاتها محتاجة إلى وأد التنوير، وكان النظام السياسي الذي دخل مرحلة الرجعية والتخلف أساساً موضوعياً لاستعادة الروح للقوى الرجعية الظلامية التي لم تلبث أن حاربت، بشراسة، التنوير والإصلاح والاعتدال والديمقراطية وفرضت احتكاراً على الدين والفكر الديني، ثُمَّ لم تلبث أن بدأت بتفسير الدين تفسيراً معادياً للعقل والاجتهاد ونشرت الأساطير والخزعبلات وحاصرت كل منهج عقلي بوصفه "ارتداداً عن الدين والايمان"(؟!)
الأستاذ الدقاق، وهو المثقف الممتاز يعرف بلا شك أن مفكراً مصرياً نشر في الثلاثينيات كتاباً بعنوان "لماذا أنا ملحد" فلم يُقتل ولم يُسْجن، وبعد مدة رد عليه عالم محترم بكتاب مضاد بعنوان" لماذا أنا مؤمن". هل يُمكن أن يحدث شيء كهذا الآن، في مصر أو أية دولة عربية؟!!
ألا يعرف الأستاذ الدقاق أن الأزهر يحسم حسماً لا نقض فيه، أن يُنشر كتاب ما أو لا، ألا يعرف الأستاذ الدقاق ماذا كان مصير كتاب "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ؟ وماذا كان مصير رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب حيدر حيدر؟ هل الجامعات في مصر الآن، أكثر حرية علمية أو أقل حرية علمية، مما كانت عليه أيام طه حسين؟ هل رفض الاختلاف والتعدد هو فقط في أوساط الجهلة الظلاميين، أم أيضاً "قانون عام" عند كل الأنظمة العربية تقريباً؟ أحقاً بإمكان طالب التاريخ في مصر أو سورية أو العراق أو السعودية أن يبحث بحرية، تاريخ بلاده وينشره ويأخذ الدكتوراة عليه، ويصبح بعد ذلك أستاذاً في الجامعة الوطنية المحلية؟
علينا أن نقول مهما كان ذلك مؤلماً، إن الثورات الجمهورية العسكرية، ابتداء من الثورة المصرية وكل ما تبعها، أقامت نظام "الحزب الواحد"، نظام العقيدة الواحدة، نظام الرأي الواحد، وهذا ساد في الحكومة وساد في الجيش وساد في الجامعات وساد في المدارس وساد في دور النشر وساد في الصحف وحيث تكون السيادة لرأي واحد يختنق الفكر ويذبل الإبداع!!
وفي ظل السطوة المطلقة للنظام العسكري(الذي أسمته الأصولية" نظاماً علمانياً"!!) كانت الأوساط الدينية الظلامية تنشر الحقد على النظام وتنشر الخرافات وتنشر التفسيرات الغيبية لمفاهيم الدين والحياة. وكان الشعب الفقير الذي يحس باغتراب شديد عن النظام يقع فريسة للأصولية الدينية المعادية للعلم والديمقراطية والتعددية والحرية والمساواة للمرأة وشرعية الاختلاف والتعددية. وإذا كان النظام في مصر (أيام الرئيس الراحل عبد الناصر وبعده) أكثر مرونة من الأنظمة العربية، الأخرى، فإننا نشعر بالذهول والفاجعة إزاء مشكلة غياب الحريات وانتصار القهر في ظل نظام صدّام حسين في العراق وفي ظل النظام البعثي في سورية وفي ظل نظام القذافي في ليبيا. والحقيقة أنه وجدت فسحة من الحرية في لبنان، فقط، في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وربما لذلك تحالفت كل الأنظمة العربية لتدمير لبنان!
ما نريد أن نقوله للأستاذ مجدي الدقاق إن الظلامية "لم تنتصر فجأة في غفلة التنوير" ، بل كانت إفرازاً طبيعياً للنظام الدكتاتوري العسكري، نظام الحزب الواحد، نظام "النخبة العسكرية المغلقة" التي تتقاسم المراكز والمناصب والامتيازات بعيداً عن عيون الشعب، وخلال التحييد الكامل لإرادة الشعب.
وحتى لا نطيل فإننا نصل إلى الخلاصة مباشرة. إعادة طباعة كتب الرواد صحيحة دائماً. ولكن هذه الكتب، وحدها ، لن تُحْدِث الانطلاقة ولن تصد الظلامية ولن تنقل العقل العربي من "الكسل البليد" إلى "النهوض المتدفق".
عالمنا العربي بحاجة تاريخية، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. إلى النهضة الحقيقية باستعادة الشعب لحريته وسيادته، وقيام نظام ديمقراطي تعددي يقوم على المنافسة السلمية بين النخب والقيادات، ويقوم على الحرية والديمقراطية والتعددية وشرعية الاختلاف وينزع من أيدي القوى الظلامية احتكار تفسير الدين واحتكار الله سبحانه وتعالى!
الأمة العربية بحاجة إلى التنوير ليس فقط في المنشورات، بل أيضاً في المدارس والجامعات والإعلام والصحافة، بحاجة إلى خلق انطلاقة نحو العلم والتفكير العلمي والتكنولوجيا والتحالف مع كل منجزات التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. الانغلاق هو الموت البطيء، والمطلوب مواكبة الحضارة العالمية بعقلية واثقة بالنفس، تأخذ من منجزات العالم، بدون أن تفقد هويتها وشخصيتها، بل لكي تُغني هويتها وشخصيتها.
أن نفاخر بتراثنا الكلاسيكي والحديث- هذا أمر هام جداً، ولكن الأهم هو أن نكون قادرين على إبداع حضارة جديدة وطنية الروح واللغة والإطار، إنسانية الأهداف والاتجاهات.
المطلوب، إذن، ليس فقط، نشر كتب الرواد في طبعات شعبية رخيصة، بل أساساً الثورة الاجتماعية، السياسية، الثقافية، العصرية التي تجعلنا جزءاً من الحضارة الإنسانية، لا متفرجين سلبيين على حضارة الآخرين.
salim_jubran@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق