سعيد علم الدين
وإذا كان اليهود قد وصفوا أنفسهم بأنهم شعب الله المختار، فصدقوا ذلك، صفقوا وهللوا في سرهم ابتهاجا لهذا الانتصار الإلهي، الذي ما أراحهم يوما وما ارتاحوا وأراحوا لحظة واحدة في حياتهم ومنذ سنوات التيه في سيناء. وها هي الحروب والفتن ومؤامرات أو بروتوكولات حكماء صهيون وأسرارها وتداعياتها ما زالت تلاحقهم عداءً للساميةِ ويلاحقونها في كل مكان. وقد تسببوا بسبب ذلك بمأساة رهيبة لا تُغتفر للشعب الفلسطيني المنكوب بشعب الله المختار.
وكيف يَعِدُ الله شعبَهُ المختار بأرض الميعاد على حساب حقوق الفلسطينيين المعمرين لأرض فلسطين قبل اليهود بآلاف السنين؟
لقد جلب اليهود لأنفسهم بهذا التوصيف كراهية وحقدا وحسدا وبغضاء وغيتوات عنصرية في معظم الدول التي استضافتهم أو أضافوا أنفسهم إليها وظلوا جسما غريبا في داخلها، لأنهم اعتقدوا بأنهم شعب الله المختار، أي الأعْلَون . حتى أن هتلر بسبب ذلك ولأسباب أخرى قرر إبادتهم عن بكرة أمهم وأبيهم. ولو قدر له وانتصرت النازية في الحرب العالمية الثانية لانقرضت اليهودية نهائيا من العالم ومعها شعب الله المختار.
وإذا كان اليهود قد وصفوا أنفسهم هكذا رغم أننا نرفض ذلك، لأن الله عادلٌ ولا يمكن أن يميز شعبا عن شعب آخر، وإلا فإن الله الذي يقوم بهذا التمييز هو إله لليهود فقط أو إله يهودي. وإذا أخذنا بهذه النظرية نكون كمن يؤمن بإله عنصري ليس له علاقة بباقي البشر.
فالله الحق يفقد ألوهيته ويتحول إلى أداة بيد البعض عندما يميز عشوائياً بين البشر.
رغم مؤتمر القمة العربي الأخير في الرياض وكل الضوضاء الإعلامي والكلامي الذي رافقه لا نعتقد بأنه سيستطيع انتشال الواقع العربي والإسلامي المرير من البئر.
ففي الصومال هناك انهيار كامل منذ عشرات السنوات للمجتمع والدولة والشرعية، حيث تحولت المحاكم الإسلامية الأصولية إلى مجموعات إرهابية لتوزيع الجهل والفقر والبؤس على الناس.
وفي العراق المنكوب بأقزام النظام الدموي الصدامي الذي قدم بحماقاته المتكررة دون ان يرعوي العراق لقمة سائغة في فم الغول الأمريكي، والمذبوح حتى الوريد من جماعات الإرهاب الهمجي السني والشيعي، والمستباح بخبث من الشقيق العربي السوري الذي يرسل السيارات المفخخة والإرهابيين لقتل المدنيين العراقيين، وأيضا بحقد دفين من الشقيق العجمي الإسلامي الذي يرسل مخابراته الإلهية تعيث في العراق تخريبا وتقسيما وتفجيرا.
الهدف المنشود في نظر الحلف الإيراني السوري هو ان تنهار الدولة العراقية الديمقراطية الجديدة ولا تقوم لها قائمة. إنه أعظم انتصار لهذا الحلف الإلهي أن تفشل التجربة العراقية حتى ولو اختفى العراق كوطن عريق وعظيم وحضاري نهائيا من الخارطة. مع ان نجاد تحدث عن محو إسرائيل عن الخارطة إلا أن هدفه الأسمى محو العراق ولبنان وعند الوصول الى إسرائيل ستنتهي الممحاة.
ولهذا ففي لبنان تحول الحلف الإلهي إلى وحشا ضاريا من خلال أنيابه الصاروخية يريد أن يفترس الحكومة اللبنانية المنتخبة شرعيا ويحول المجتمع إلى غابة من الوحوش بعد أن اخترقته المخابرات السورية بأفاعيها التي تنفث سموم الفتنة علنا بين اللبنانيين وفي كل مكان.
في الماضي كانوا يرتكبون الجريمة ويتهمون ببساطة إسرائيل أما اليوم فقد انكشفوا على حقيقتهم الخبيثة وصاروا يرتجفون خوفا وهلعا من كلمة محكمة دولية. تهاوت ورقة التوت عنهم وكشفت المحكمة حقيقتهم قبل أن تتشكل. تم القبض على العديد من السوريين في عمليات التفجير والقتل آخرها عملية عين علق.
"فتح الإسلام" زرعتها المخابرات السورية في المخيمات الفلسطينية لممارسة فن الإجرام ضد اللبنانيين. أي أن هدف الحلف الإلهي أو الشيطاني لا يهم التوصيف ما دام الجوهر والهدف واحد وهو العمل على تدمير لبنان والعراق ولو استطاعت أيديهم أن تطول أكثر لما بقي لشعب فلسطين أدنى أمل. واذا نظرنا إلى كل دول العالم العربي والإسلامي الأخرى حتى المستقرة قليلا نجد أن واقعها من سيء إلى أسوء اقتصاديا وسياسيا، ثقافيا واجتماعيا، أخلاقيا وروحيا: الفساد منتشر، والجهل مسيطر، والفقر شيء طبيعي، والتخلف مطلوب، والبؤس على الوجوه، والمرض حالة عادية والشفاء يأتي من الله، والناس هائمة على غير هدى تنتظر الفرج من الغيم الأزرق. الملايين المؤمنة تذهب سنويا إلى الحج لتؤكد أننا أكثر الأمم تعبدا وإيمانا ودينا وممارسة شعائر وتقديس طقوس في هذا العالم. السودان ما زال يطبق الشريعة بقطع الأيدي والأرجل ليتكاثر المعاقين والمرضى في المجتمع، وهو بمشاكله وحروبه ليس أفضل من باكستان حيث السنة والشيعة يفجرون مساجد بعض دون خوف من ساعة حساب وآخرة وعقاب. وكأن تفجير مسجد للشيعة هو الطريق إلى الحوريات المنتظرات في الجنة. وكأن قتل المصلين في مسجد السنة هو الخط الروحي للوصول إلى الفردوس. المستقبل العربي والإسلامي مظلم ككل هذه العقول الظلامية المتحكمة بالناس والمجتمع ومؤتمر القمة لن يغير هذا الواقع بالكلام. وبعد كل ذلك بأي توصيف واقعي نستطيع نحن العرب توصيف أنفسنا دون أن نجرح شعور الكبرياء عند البعض ونتعرض لنرجسيتهم. ألسنا بحق شعب الله المنهار دون منازع؟ ودولنا وأنظمتنا وإنساننا ومجتمعاتنا في تراجع وانهيار وهزائم متتالية لا تنتهي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق