بقلم :يوسف فضل
لم اشأ أن اكتب عن هذه القمة العربية التي ستعقد في الرياض يوم الثلاثاء الموافق 27/3/2007 ليس ترفعا بل تواضعا ورأفة بنفسي لأنني غير مقتنع بجدوى هكذا قمة عربية لكن ما غير رأيي بأن أشارك بكلمة لعلها تكون كلمة خير فقد أرسل صديقا لي مقطعا من شريط فيدو للأستاذ الصحفي إبراهيم عيسى يصف فيه اجتماع القادة العرب بأنه عبارة عن ثلاثة قمم في قمة واحدة :فهي في قمة البرود كسماع شريط فاضي .
لم اشأ أن اكتب عن هذه القمة العربية التي ستعقد في الرياض يوم الثلاثاء الموافق 27/3/2007 ليس ترفعا بل تواضعا ورأفة بنفسي لأنني غير مقتنع بجدوى هكذا قمة عربية لكن ما غير رأيي بأن أشارك بكلمة لعلها تكون كلمة خير فقد أرسل صديقا لي مقطعا من شريط فيدو للأستاذ الصحفي إبراهيم عيسى يصف فيه اجتماع القادة العرب بأنه عبارة عن ثلاثة قمم في قمة واحدة :فهي في قمة البرود كسماع شريط فاضي .
وهي قمة في السخافة كقلب الشريط الفاضي وسماع الوجه الآخر منه . وهي قمة في التناحة كإعادة سماع جزء من الشريط الفاضي . هذا رأي الأستاذ إبراهيم عيسى في قمة الرياض . ولأنني محبط مثله فقط أخرجت من درج ملفات مقالاتي القديمة الجديدة مقالين عن القم العربية وعند إعادة قرائتهما لم أجد شيء قد تغير إلا الزمن أي أنني أقرا خبر وصحافة الأمس بتاريخ اليوم . اللهم شمت الحكام العرب بي والأستاذ إبراهيم عيسى وامثلنا بان تخرج القمة غير ما نتوقعه . اللهم اجعلهم يفعلوها :المقال الاول بعنوان " قمة الحضيض " نشر في May 24, 2004
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=402
لقد غسل المواطن العربي يديه من قادته بكل أنواع المنظفات المحلية والأجنبية فلم تطهرا من الدرن السياسي لكنه تعود مدفوعا من واقعه الأليم على الانتظار لمشاهدة فيلم بعنوان " مؤتمر الحضيض العربي " عله يجد جديدا يسري به النفس حتى ولو من باب تمنيتها وإيهامها بأن ما سيشاهده قد يستحق المشاهدة . ومع أن التحضير لهذا الفيلم يستغرق إخراجه مدة سنة لينتقل عرضه من صالة سينما عربية إلى أخرى مثل السيرك الذي يتنقل بقصد جني الربح من مكان لآخر مع تغيير طفيف في اللاعبين الأساسيين . .
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=402
لقد غسل المواطن العربي يديه من قادته بكل أنواع المنظفات المحلية والأجنبية فلم تطهرا من الدرن السياسي لكنه تعود مدفوعا من واقعه الأليم على الانتظار لمشاهدة فيلم بعنوان " مؤتمر الحضيض العربي " عله يجد جديدا يسري به النفس حتى ولو من باب تمنيتها وإيهامها بأن ما سيشاهده قد يستحق المشاهدة . ومع أن التحضير لهذا الفيلم يستغرق إخراجه مدة سنة لينتقل عرضه من صالة سينما عربية إلى أخرى مثل السيرك الذي يتنقل بقصد جني الربح من مكان لآخر مع تغيير طفيف في اللاعبين الأساسيين . .
إلا أن الفيلم الحالي يبدو أنه الأسوأ أو هو أسوأ من السيرك لأنه أخذ في إعدادة مساحة من الجدل السفسطائي أكبر من المساحة التي يفاوض عليها عرفات لدولته قبيل انعقاد المؤتمر صرح السيد/ عمرو موسى أن لديه " أخبارا غير سارة للأعداء " فوقع في نفسي أن هذا المؤتمر سوف يدعو إلى التجنيد الإجباري ، من باب التعبئة والتهيئة لحماية الإنسان والأرض العربية ، لكن استبعدت هذه الفكرة "الإرهابية" لعدم توفر الإرادة القتالية. وجنحت بالتفكير إلى أن قرارات وحدوية في طريقها إلى التنفيذ لكني أسقطت هذا الاحتمال البائس أيضا لأن هذا الطرح لن يتوافق مع ما تخططه أمريكا لنا . لكن والحق يقال جاءت الأخبار غير سارة للشعوب العربية قاطبة ، فهم الأعداء !!!
طبعا ، ربما كان تخلف بعض القادة العرب عن الحضور هو لدواعي أمنية ، أو أن بعض القادة اكتشفوا أن المسافة بين أي قطر عربي هي أبعد من المسافة ما بين هذا القطر وواشنطن لأنها أكثر أمانا وأقرب إلى قلوب حكامنا وطقسها رومانسي فلم لا تشد الرحال إليها ؟ فضلا أن أي رئيس عربي لم ينس أنه حارس مقثاة ( مزرعة بطيخ أو فقوس ) عند أمريكا ولا يمون بشيء على ما اؤتمن عليه لكنه أسد جسور على أبناء شعبه حين يأمر أجهزته الأمنية باعتقالهم . أصر العقيد معمر القذافي على وضع بصماته الخاصة في إخراج هذا الفيلم الرتيب فانسحب من المؤتمر احتجاجا على أجندة أعمال المؤتمر وكأن وزير خارجيته لم يكن حاضرا في التنسيق مع وزراء الخارجية العرب .أعتقد أن العقيد تفاجأ بأجندة أعمال المؤتمر التي أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها لا ترقى إلى طموحاته . فالخير له أن يقول لا. وقد صبأ بقوله إن هذه القمة هي آخر عهده بها . أتراه يستأذننا للانتقال إلى دار الآخرة؟
ألا يحق لنا أن نتساءل عن حركات القذافي البهلوانية التي لا يقصد منه سوى تسليط الأضواء وحيازة النجومية أكثر مما يحمل على صدره من ميداليات ونياشين ؟ فعلام يوجه القذافي لومه للقادة العرب ؟ أليس هو قائد عربي عريق بل يعتبر أقدم قائد عربي حاليا ؟ فلماذا لم يفعل ما يطالب به القادة العرب ؟ أم أنها اللعبة ، لعبة الثلاث ورقات التي يمارسها في كل مرة لتعفيه من المسؤولية. أما حبكة الفيلم الذي جاء عرضه في صالة تونسية في "وثيقة العهد والوفاق والتضامن العربي" فتدور حول موضوعات لتحقيق الإصلاح والديمقراطية مع مراعاة الهوية العربية وحقوق الإنسان العربي .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل المقصود بحقوق الإنسان العربي إيجاد مساحة أكبر له في السجن مع قدر موازي في أمد وطرق التعذيب ؟ أو ربما كان المقصود دعوة العقول العربية المهاجرة لتوطينها في الوطن العربي ؟ وحقوق الطفل ، أقول : إذا كان أبو الطفل ليست له حقوق فهل سيكون للطفل حقوق ؟ ربما لن نرى بعد المؤتمر أي طفل متسول في شوارعنا ، أم أن القمة وضعت منهاجا دراسيا موحدا لمرحلة رياض الأطفال ؟ وحقوق المرأة ، وما أدراك ما حقوق المرأة ، لا زلنا نناقش هل قيادة المرأة للسيارة حلال أم حرام؟ إنني أفهم أن حق المرأة العربية بسيط وهو لا يتعدى عدم تحويلها إلى أرملة أو مصادرة رزق زوجها بمطاردته أو حبسه أو حرمانه من أولاده بل على السلطة أن توفر لزوجها العمل الشريف .
وحق التعبير وحرية القضاء . فهل سترفع قوائم المنع عن الصحف والكتب والمجلات ، أم سيستجوب أي مسؤول عربي مذنب كما استجوب رامسفيلد في البيت الأبيض ، حتى ولو من باب المثل القائل : "على عينك يا تاجر" ؟ . ووضع سياسة اقتصادية عربية وتأهيل اقتصاديات الدول لأقل نموا. كلااااام جميييييل ( الأغنية ) . هل يعني هذا رفع الحواجز الجمركية وتنشيط التجارة العربية البينية ؟ والتفريق بين المقاومة والإرهاب .
يا سادة إن أمريكا واسرائيل تفرقان بين المقاومة والإرهاب على الأرض باستخدام الطائرة والمدفع وليس بالكلمات . والالتزام بالسلام العادل والشامل ، وهنا أتساءل لماذا لم يلقوا قصيدة شعر بمناسبة السلام العادل ؟ الاتفاق على حل عادل للاجئين الفلسطينيين حسب الشرعية الدولية ، ألا تذكرون أنه تم إنشاء إسرائيل بقرار من الشرعية الدولية ؟ والتأكيد على وحدة الصومال ووحدة السودان .
الصومال يا قادة منسي لأكثر من عشر سنوات ولا توجد فيه حكومة والسودان يقتل المسلمين في دار فور ولم تمنعوا قتلهم كما لم تردعوا شارون عن قتل الفلسطينيين .لقد فاتكم أن تقدموا طلب استرحام لإسرائيل لتقدم قائمة الموت ( مثل قائمة الطعام ) ليختار منها المواطن الفلسطيني طريقة الموت التي تريحه وبذلك تكونوا قد لبيتم آخر طلب للضحية . إنهاء احتلال العراق ، كيف ، تتبعها إشارة استفهام بحجم المقالة ؟ ولا يعلم الغيب إلا الله . والتضامن مع سوريا ، طبعا باقناعها بالانحناء مثل سنبلة القمح أمام الريح الأمريكية العاتية خوفا عليها من الكسر .
تجدر الإشارة إلى أن المشاركين أشروا ولم يوقعوا على هذه الوثيقة نظرا لاستمرار الخلافات بشأنها _ والتي حسب فهمي _ لن تنتهي لعشر قمم عربية أخرى . عجبي !!! طبعا لقد نسيتم أم تناسيتم أن تحددوا هيئة رقابية لمتابعة الإصلاحات ومراقبة التقدم على مسار هذه الإصلاحات . لم يشار بأي كلمة لحقوق السجين السياسي فهو ملعون ابن معلونة . ولم يذكر المشاركون أي بند للتفاهم مع أي معارضة داخلية . لكنهم مدوا غصن الزيتون مرة أخرى للعدو الإسرائيلي ، وليس الصلح العربي العربي ، بطرح مبادرة السلام التي طرحت في مؤتمر قمة بيروت مع أن المبادرة لم تأت بجديد وإنما جاءت في وقت سابق من دولة عربية لها ثقلها السياسي والمالي والبترولي والديني . ولو جاءت هذه المبادرة من السودان لما التفت إليها أحد ، وكأن هذا العدو لا يعرف أنه يحتل أرضا ليست أرضه أو أن واشنطن لا تقرأ التاريخ العربي الحديث بل إنها سوف تغير موقفها بعد أن يتم رفع التوصيات الحميدة لها بعيد الانتهاء من مشاهدة هذا الفيلم سيئ الإخراج ؟!
أعتقد أن المشكلة إنما تكمن في المواطن العربي الذي لم يمتلك بعد القدرة العقلية للاعتراف بأنه متخلف . فمن المعلوم أن الحاكم أنما هو نتاج التفاعلات الاجتماعية وإفراز للسلوك السياسي والدستوري المعمول به في وطنه . هل سأل المواطن العربي نفسه ما هو هدف دولته وما هي واجباته نحو مجتمعه . العالم يتنافس على إيجاد أشكال أخرى للحياة خارج الكرة الأرضية والمواطن العربي لا يعيش بانسجام مع حكومته على سطح الكرة الأرضية .
فلا يوجد تشخيص موحد لمشاكلنا . نحن لم نتجازو بعد أزمة الشعارات مثل " الإسلام هو الحل " في السودان "والناصرية هي الحل" في مصر " والبعث هو الحل" في سوريا والعراق " والماركسية هي الحل " في اليمن الجنوبي سابقا "والاشتراكية هي الحل" في الجزائر "والكتاب الأخضر هو الحل " في ليبيا وكلها لم تنجح ولم تلاقي الإجماع الوطني عليها لان أيا منها لم يؤمن كما لا يعترف بالتداول والتدوير السلمي للسلطة . أخذنا بالشكليات ولم نعي أن الاختلاف هو إثراء للرأي من أجل الوصول إلى أفضل الحلول السياسية والاجتماعية . إنه لم يتم مأسسة إتخاذ القرارات السياسية وإنما هي فوضى واندفاعات ذاتية للرئيس الملهم فإن أصابت نعتنا صاحبها بالبطل وإن أخطأت نعتناه أيضا بالبطل . لا توجد عادات سياسية في الوطن العربي تم الاتفاق عليها ليُنبذ من يخالفها لأننا لم نؤطرها ولم نقننها ولم نجد لها المؤسسات التنفيذية اللازمة لحمايتها ، وإنما يوجد عندنا ثقافة العيب وتعليق صورة الزعيم في كل مكان مثل الرقية أو الحجاب المقاوم للحسد والمرض لتعلو على كل الشعارات .
الغريب – وما غريب إلا الشيطان - في " مؤتمر الحضيض العربي " أن له رائحة قمامة نشرت شذاها على أكبر عدد من سكان العالم حتى أزكمت الأنوف . لكن التعبير عن سلام الشجعان ظهر مرة أخرى في المؤتمر مع أنني لا أعرف معنى لكلمة سلام الشجعان غير سقوط عدد متزايد من الضحايا الفلسطينيين المدنيين. ومما يزيد الطين بلة أن فارس السلام الفلسطيني وزمرته لا يرون في عقد القمة العربية - التي لا لزوم لها - إلا فرصة لإشباع نهمهم للمال باسم أيتام وشهداء فلسطين لتزداد أوزانهم بما يتسلطون عليه ويكنزون من مال باسم الشعب الفلسطيني ، وهكذا تقدموا للقمة بطلب عاجل للتبرع وتقديم المساعدة من أجل سلطتهم . إن كثيرا من المال الذي جمع سابقا عن طريق المجهودات الفردية لبعض الشرفاء الفلسطينيين ذوي النزاهة قد أفاد بإنشاء جامعات ومستشفيات وجمعيات خيرية أما الذي تطلبه السلطة فينتهي إلى جيوب عرفات وزمرته من مرتزقة . لم تبق سجونكم ومعتقلاتكم ، أيها القادة العرب، أي مسحة من الكرامة الإنسانية للمواطن العربي ، واقتصاديات الفقر سلخت جلودنا ولحومنا ، ورفاهيتكم أكلت طعام أولادنا ، وأرصدتكم المالية في البنوك الأجنبية قتلت مشاريعنا البسيطة ، وتخمتكم لم تدع مساحة لعلاجنا ، وقصوركم بنيت على أكواخنا وضيقت علينا الأرض بما رحبت .
لقد حولتم إبتساماتنا إلى دموع ودموعنا إلى ابتسامات فما أكثر إبتساماتنا أما دموعنا فجافه في مآقينا. إن نطقت اعتبرت كافرا في نظركم ، وإن أطبقت شفتاي بالصمت أُعتبرت زنديقا . ألم تقتنعوا بعد أنكم أصبحتم مثل ساعة قديمة معطلة ومعلقة على الحائط ، لكن من زيادة مصائبكم علينا أن أعماركم مديدة ؟". " ونمدهم في طغيانهم يعمهون ". لقد جعلتمونا شعوبا مهزومة بأيديكم قبل أيدي أعدائنا فأصبحنا محطمين ، مقهورين متقهقرين . ضيعتم وقتنا بالتناحر والاضطهاد والخيانة والمزايدات وتسييس النص الديني لصالحكم . إنكم سحلتم فينا كل معارضة نيرة وزرعتم فينا التعصب والجمود .
لقد هاجرت عقولنا إلى اوروبا وأمريكا بالجسد والتطلع . جعلتم الرحيل اليهما هو الرد على وضعنا المأزوم سيكون من الصعب على الشعوب العربية أن تنسى ما فعله الصهاينة بهم وما يفعله الأمريكان في عراق الشموخ فإن المواطن العربي سوف لن ينس تقصيركم تجاه شعوبكم . ولو رصدت الأموال التي أنفقت لإعداد لهذه القمة على الأيتام والمساكين وحولت الأموال إلى مشاريع اقتصادية هادفة بقصد تخفيف البطالة أو إنشاء مراكز للبحث العلمي لكان أجدى من ترهاتكم التي تتنادون إليها . إني كفرت بأمريكا التي أنتم بها مؤمنون وتمجدون .
**
المقال الثاني بعنوان " مؤتمر الصفقة " نشر في July.31, 2005
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=432
كثيرون هم الذين اتخذوا من الاوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر تجارة لهم الجهل يعمي أبصارنا ويضللنا أيها البشر الفانون ! افتحوا أعينكم !
كثيرون هم الذين اتخذوا من الاوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر تجارة لهم الجهل يعمي أبصارنا ويضللنا أيها البشر الفانون ! افتحوا أعينكم !
ليوناردو دافنتشي ( من رواية شيفرة دافنتشي )همسة لا يطمح الكاتب أن يجعل القاريء يرى الحقائق بعيون الكاتب بل ليشجعه أن يرى الحقائق بعيونه ( القاريء ) لقد تسببت أمريكا بالألم العاري لنا فقد قتلت أحبتنا وجراحنا لا زالت مفتوحة فلا تطلب منا أن نبتسم في وجهها .ليس من العار أن يدخل العدو أرضنا العار أن يخرج منها سالما .
محطة تأمل القاسم المشترك لدورة بطولة القمم العربية التي عقدت قبل مؤتمر القمة العربي الطاريء الحالي الذي دعا إليه الرئيس حسني مبارك لينعقد يوم الأربعاء القادم بتاريخ 3/8/2005، أنها كانت تعقد بعد وقوع مصيبة على الشعب العربي فيأتي المؤتمر لِلَملَمة الحالة العربية المفكَّكة ولإمتصاص نقمة شعبية ولتهدئة الوضع بعد وقوع المصيبة . لكن إعلان الرئيس حسني مبارك ترشيحه لولاية خامسة ودعوته لعقد مؤتمر قمة عربي طاريء في آن واحد من بلده المنوفية وهو الذي رفض كافة المناشدات لعقد مؤتمر قمة عربي طاريء عندما احتلت القوات الأمريكية العراق ، إذ كـان رده :" إن ذلك مضيعة للوقت وكل رئيس عنده ارتباطاته ومشاغله وممكن التباحث بشأن الاحتلال عبر الهاتف أو بزيارات شخصية " مما يعني أن مؤتمر القمة القادم يجيء لتنفيذ مصيبة عربية بأيدي عربية ولإنقاذ أمريكا من مأزقها في العراق . كيف ؟
مبررات احتلال العراق من المعروف للجميع أن الاحتلال الأمريكي للعراق جاء تحت مبررات وجود أسلحة دمار شامل ثم عدل المبرر ليكون التخلص من الدكتاتور صدام حسين ثم طور المبرر ليصبح منح الشعب العربي بركات الديمقراطية الأمريكية على أن تكون إرهاصاتها الأولى ( فترة التجربة ) في احتلال العراق لتنتقل التجربة الأمريكية ، مستلهمة أمريكا نجاح تجربتها في اليابان، إلى باقي الدول العربية التي ملت شعوبها وأمريكا معها من نظمها السياسية غير الشعبية. وأخيراً انتهى بنا المطاف للعيش مع الإرهاب الأمريكي والإرهاب المضاد له .
مقارنة لكن ما حصل لأمريكا في العراق جاء عكس ما توقعت الإدارة الأمريكية . إن قراءة نتائج حرب أمريكا على أرض العراق لا تحتاج لخبير عسكري أو محلل سياسي نابغة ليقول أن أمريكا فشلت وأنها تبحث عن ثقافة الهروب من العراق ، فهي تجيد فن الهروب كما لا تجيدها أي دولة أخرى لأن الهروب يحتاج إلى مؤهلات خاصة مثل التكتيك وحسن التدريب ومعرفة أسرار الهروب وهو ما نقر بتفوق أمريكا به . ولأن نشر الديمقراطية من فوق الدبابة لن يلغي أن العراق سيبقى بلداً عربيا إسلاميا ونسيجه الاجتماعي شبيه بأي نسيج عربي في الدول المجاورة للعراق مما يوثق التواصل سواء عن طريق القرابة أو الامتدادات العائلية والقبلية ، أي إن العراق لم يصبح معزولا عن التفاعل والتأثير منه وبه بحكم موقع المكان والسكان والجغرافيا وهو ليس بجزيرة معزولة مثل اليابان .
أيضا إن العراق بلد مسلم وأن الدين الإسلامي وجد فيه أرضا خصبة لإقامة حضارته عليه مما جعل العراق أحد ركائز الحضارة الإسلامية ولا زال تأثير الدين الإسلامي واقعا في الحياة اليومية للشعب العراقي ولا يحتاج إلى ديمقراطية أمريكا وإنما يحتاج الدين الإسلامي الذي هو مطلب شعبي إلى تفعيل التطبيق لتحقيق العدالة الاجتماعية والرحمة للجميع فليس من السهل أن تهزم حضارة الحرب الأمريكية حضارة الدين الإسلامي فكريا كما هزمت المسيحية الفكر البوذي في اليابان . تقييم يمكن تلخيص الوضع العسكري بعد الاحتلال الأمريكي للعراق بالنقاط التالية :
- 1- بما أن سياسة أمريكا تقوم على خلق عدو لمقارعتها لأن قيمها تقوم على التحدي سواء بخلق عدو من الفضاء الخارجي أو محاربة الطبيعة فقد طلبت أمريكا في بداية احتلالها للعراق ، وهي متمتعة بنشوة النصر ، من دول الجوار للعراق بفتح حدودها لكافة المجاهدين ( الإرهابيين ) لدخول العراق ليكون العراق أرض معركة معهم للتخلص منهم لكن ما حصل هو عكس التخطيط الأمريكي .
2- لقي المجاهدون العرب التغطية والاستيعاب من الشعب العراقي مع أنهم ليسوا المقاتلين الوحيدين ضد الأمريكان في العراق فهناك أفراد المقاومة العراقية التي يتمتع أفرادها بالتدريب العسكري النظري والعملي كون العراق خاض حروب من بداية الثمانينات من القرن الماضي حتى تاريخ احتلاله من قبل أمريكا . ويقوم الإعلام الأمريكي على إظهار أن المقاومة العراقية ليست من الشعب العراقي وإنما من مخلوقات قادمة من الفضاء العربي وتُلبِسها ثوب زرقاوي وهذا يتوافق مع نهج المقاومة العراقية التي لا زالت قياداتها متخفية وترفض التفاوض مع الأمريكان .
3- المقاومة العراقية هي الحاكم الفعلي على أرض الواقع حتى أن أفرادها يقومون بزيارات تفتيشية للدوائر الحكومية لمعرفة من يكون على رأس عمله ومن المتغيب .
4- يعتكف أفراد الجيش الأمريكي في صوامع ثكناته العسكرية خوفا من المقاومة العراقية ويرفض الجندي الأمريكي الخروج للقتال لعدم اقتناعه بجدوى وأهداف الحرب في العراق .
5- على الرغم من إطلاق أمريكا لحوالي أكثر من 12 محطة فضائية عراقية لبث الخلاعة والهاء الشعب العراقي عن واجب القتال وتسطيح عمل المقاومة بحيث يكون موقف المشاهد هو اللاموقف من أجل تحييده ومن ثم سهولة توجيه المشاهد العراقي إلى الراحة وعدم التواصل والتفاعل مع قضاياه المصيرية وأهمها دعم المقاومة إلا أن واقع الحال المقروء يقول إن أعداد أفراد المقاومة في ازدياد .
6- إن ما يشاهده المواطن العراقي الذي يرى بأم عينه التناقض الفاضح بين ما يعلنه الاحتلال الأمريكي عن عدد ضحاياه وخسائره المادية وما يشاهده من أرقام حقيقية لعدد قتلى الاحتلال يشجعه على الانتماء للمقاومة .
7- إن أعضاء الحكومة العراقية المؤقتة إما خارج العراق خوفا من المقاومة العراقية أو يمكثوا في بيوتهم تحميهم أحضان نسائهم وهم يطالبون القوات الأمريكية بعدم الرحيل وتركهم في ورطتهم لوحدهم . أهي بارقة أمل ؟ الشعب العربي يعيش فترة اعتزاز لم يعشها سابقا لكثرة الهزائم التي لحقت به لكن انقلب الحال البائس بفضل ما تلحقه المقاومة العراقية من خسائر وتفوُّق على القوات الأمريكية والشاهد أن الكثير منا يتهامس سِراً بالفرح على ما يحصل لأمريكا في العراق حتى أن معظم شعوب الكرة الأرضية تشاركنا هذا السرور بخاصة شعوب العالم الثالث . وكل شعب له أسبابه الخاص لشعوره بالسرور لما يلحق بالقوات الأمريكية من خسائر في العراق .
وهذا لتفوق أمريكا بخلق أعداء لها أكثر من الأصدقاء . ببساطة متناهية إن استطاعت أمريكا البقاء في العراق فلتبقى!! نشر الديمقراطية الأمريكية أدركت أمريكا أنها مهزومة في العراق وأن العراق سيكون نقطة انكسارها فعدلت من استراتيجيتها في تطبيق ونشر ديمقراطيتها في العالم العربي . إذ كانت تدعو إلى التطبيق الراديكالي السريع وإزالة أنظمة الحكم وخلق معارضة ديمقراطية لكن وزيرة خارجية أمريكا كونداليزا رايس عدلت عن لهجتها أثناء زيارتها الأخيرة إلى مصر بقولها :" إن أمريكا إحتاجت إلى مائة عام لتستوعب وتمارس الديمقراطية " .
وهي نفسها التي قامت بمقابلة المعارضة المصرية في أول زيارة لها حتى أن الحزب الحاكم في مصر اتهم المعارضة بالعمالة لأمريكا وكأن ما يقوم به الحزب الحاكم في مصر هو لمصلحة الشعب المصري . بل إن أمريكا تطلب من الحكام العرب عدم التخلي عن إعادة ترشيحهم للرئاسة لأن أمريكا اقتنعت أنه في حالة تطبيق الديمقراطية أنها لن تضمن أن يأتي حاكم عربي على مزاجها وأنها لن تقبل بحاكم عربي تفرزه الديمقراطية الأمريكية. إعادة التجديد للرئيس حسني مبارك جددت أمريكا قبولها للرئيس حسني مبارك فترشح لفترة حكم جديدة . لكن التجديد لفترة حكم قادمة له أثمانه في السياسة الأمريكية والواجب الوفاء بها ، إحداها أن يدعو إلى مؤتمر قمة عربي طاريء لإنقاذ أمريكا من ورطتها في العراق ( حك ظهر متبادل )
وقبل أيام عاد السيد عمرو موسى من أمريكا بالبيان الختامي لمؤتمر القمة العربي الطاريء ، ووافقت كافة الدول العربية على الحضور . البيان الختامي للمؤتمر ما هي أهداف مؤتمر القمة العربي الذي سيبحث مصالح الشعب العربي تلفيقا ومصالح أمريكا فعليا . لا أضرب بالمندل ولم أتصل بالأخ معمر القذافي ليعلمني عن البيان الختامي كعادته في نشر البيان الختامي قبل إذاعته لكن يبدو أنه مطلوب منه أن يصمت في الوقت الراهن .المنطق السليم يقود إلى أن البيان الختامي سيغطي البنود التالية أو ما يدور حولها من معنى :
- 1- الحفاظ على وحدة الشعب العراقي العربي ووحدته الجغرافية مع أن تقسيم العراق هو الظاهر على الساحة السياسية العراقية . فمنطقة كردستان تعتبر دولة قائمة بذاتها لكنها تنتظر الحماية الأمريكية ضد تدخل تركيا وإيران وسوريا .أما منطقة الجنوب العراقي فهي خاضعة لسيطرة الشيعة الإيرانية . أما منطقة الوسط التي يقطنها السنة ستبقى مسرح للفوضى .
2- مساعدة الحكومة العراقية والشعب العراقي على استتباب الأمن والنهوض بالاقتصاد العراقي.
3- الدعوة لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وإرسال قوات (ردع) عربية بديلة لضبط الأمن. علما أن هذه القوات ستكون أهدافا سهلة لتنال منها المقاومة العراقية أو أن تنضم قوات الردع العربية إلى المقاومة العراقية .
4- إرسال البعثات الدبلوماسية العربية على مستوى السفراء . 5
- عدم الرضوخ للإرهاب والدعوة لعقد مؤتمر دولي ضد الإرهاب .
6- دعوة الدول الأوروبية لإعادة المعارضين على أراضيها بخاصة ذوي التوجهات الإسلامية كل إلى بلده لمحاكمته .إذ تمارس أمريكا حاليا ديمقراطية التعذيب إذ تطلب من كافة الدول العربية أن ترسل أفراد مخابراتها للتحقيق مع السجين من تلك الدولة داخل السجون الأمريكية المنتشرة حول العالم ذلك أن المحقق العربي أقدر على السب والضرب بل والكفر بالتعرض للذات الالهية إلى أصغر عذراء في خِدرها وتصلها قرابة مع السجين .
7- أما بهار البيان الختامي فهو قرار إحالة الشؤون الاقتصادية العربية إلى لجنة متخصصة لمناقشة التجارة البينية العربية والاعفاءات الجمركية .
8- مساعدة السلطة الفلسطينية بالمساعدات العينية والمالية والسيطرة على الوضع الأمني.
9- تصنيف أي عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي في خانة الإرهاب وذلك بعد انسحاب إسرائيل من غزة وسوف يتم ملاحقة مؤيدي العمل العسكري في كافة البلاد العربية (يريد شارون الانسحاب من غزة لإدراكه أن النصر حليف المقاومة العراقية لذلك رفض طلب أمريكي بتأجيل الانسحاب من غزة لما بعد مرحلة انسحاب القوات الأمريكية من العراق لأن مصلحة شارون أهم من مصلحة أمريكا) .إنقاذ أمريكاهكذا سيتم انقاذ أمريكا .
ومن باب رد الجميل لها ستطلب أمريكا من دول الخليج ارسال بعض من جيوشها للعراق لأنها أنقذتهم من خطر صدام حسين لكن من المتوقع أن الدول العربية التي سترسل قواتها هي : مصر والاردن والمغرب وتونس والجزائر ودول الخليج . سوق المواد المستعملة ( البالة ) في الزرقاء على غرار ما فعله الفيتناميين من تصنيع الأواني المنزلية من مادة الألمنيوم التي يحصلون عليها من كثرة اسقاط طائرات الفانتوم الأمريكية أثناء الحرب الفيتنامية الأمريكية فان سوق البالة في مدينة الزرقاء في الأردن يعج بالمنتجات العسكرية الأمريكية التي تغنمها المقاومة العراقية وترسلها للبيع بدءا من البسطار (الحذاء العسكري ) والملابس الأمريكية إلى فوهات الدبابات الأمريكية فيرسلها الزرقاوي إلى مدينته الزرقاء لتكون شاهد عيان على خسائر الأمريكان وبيان شراسة المقاومة العراقية . نسبة نجاح هذا المؤتمر تتساوى مع نسبة الفشل وهذا يعتمد على رد الفعل العربي الشعبي الذي يستطيع أن يُفشل ما تفكر به أمريكا ليرسلها وما تمثل من أفكار إرهابية وما يمثل سياستها إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم .
أو أن تنجح أمريكا بالهروب من مأزقها وتبدأ حروب إرهابية عربية عربية وهذه هي المصيبة المخفية التي نحن بانتظارها . إن هروب أمريكا من العراق وبفضل هذا المؤتمر سيكون بلا اعتذار أو دفع تعويضات أو محاكمة أمريكا لكن حرب العراق ستؤثر على العقيدة العسكرية الأمريكية وستنكفيء أمريكا على ذاتها تجتر ثقافة العداء والتحيز لأن قيمها الأخلاقية قد فشلت لأنها حاولت تسويقها من قناة الإرهاب الذي هو التجارة الأمريكية النامية والرابحة لبيع صفقات الأسلحة الأمريكية . وجهة نظر شخصية .
أثناء إحدى خطب الجمعة ومن مسجد في إحدى الدول العربية وقف الخطيب قائلا :" اللهم لا شماته واننا ضد قتل الأبرياء لكن بريطانيا تستحق ما يحصل لها على أراضيها جراء جرائمها في العراق " . وقد أكمل بإرسال رسالة إلى الرئيس بوش قال فيها :" إلى الأخ العزيز بوش .إننا ضد الإرهاب وعلى استعداد أن نقاتل في صفوف الجيش الأمريكي إذا :- 1- خروج الأمريكان من العراق . 2- تنفيذ إتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي . 3- خرج الأمريكان من أفغانستان . البداية هل ينهي هذا المؤتمر مشاكل أمريكا في العراق ويرمي بكرة الحل في ملعب الساحة العربية ؟ أم يكون هذا المؤتمر بداية العتمة التي تسبق بزوغ الفجر للشعب العربي ؟
إن ما يجدد الثقة بهذه الأمة هو حجم ما تتعرض له من مؤامرات داخلية ودولية . وليس أمامنا من سبيل إلا بتحمل مسؤولياتنا في مقاومة الإرهاب الأمريكي الذي نعيشه دون رضانا وعلى أراضينا . كيف أمكن لجرثومة الإرهاب الخبيثة أن تغزونا فكريا وسياسيا وعسكريا ؟ أين المناعة الدينية والتربوية والإعلامية والتثقيفية في تحصين شبابنا ضد هذه الجرثومة ؟ فلا نلوم الجرثومة الدخيلة بل نلوم نظامنا المناعي الفاشل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق