راسم عبيدات
...... الأنباء الواردة فلسطينياً وإسرائيليا وعربياً ودولياً تشير إلى قرب استئناف المارثون التفاوضي الفلسطيني- الإسرائيلي،وخصوصاً أن الرئيس عباس قد وافق على استئناف المفاوضات غير المباشرة،بعد سلسلة لقاءات فلسطينية وأوروبية غربية وأمريكية،وهذا يأتي استجابة لمطلب مندوب الرباعية للشرق الأوسط "جورج ميتشل"،والسلطة الفلسطينية التي تواجه ضغوطاً كبيرة للعودة إلى هذه المفاوضات متخلية عن ما طرحته من اشتراطات سابقة بالوقف الشامل للأنشطة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية،وللتراجع عن هذا الموقف لاحقاً أمام التعنت والرفض الإسرائيلي،ولتهبط بالسقف إلى وقف سري للأنشطة الاستيطانية في القدس لمدة ستة شهور ولاحقاً لمدة ثلاثة شهور علنية ودون استجابة إسرائيلية مطلقة.
والسلطة الفلسطينية اتخذت هذا الموقف وصعدت إلى قمة الشجرة،بانية تكتيكاتها على أساس أن مثل هذا الموقف قد يفتح الطريق أمام ضغوط أمريكية وأوروبية على إسرائيل،من أجل الموافقة على جزء من اشتراطاتها ومن ثم تعود للمفاوضات،أي أن السلطة من قمة هرمها وحتى أصغر موظف فيه والتي تتحدث وتجمع عن وعلى فشل الخيار التفاوضي،لم تضع أو تبني أو ترسم استراتيجيات جديدة لمغادرة هذا النهج أو الخيار،وبما يغير أسس وقواعد وشروط المفاوضات،بل عملياً بقيت ممسكة بهذا الخيار ونظرياً تحاول الظهور بمظهر الرافض لهذا الخيار،وهذا زاد وعمق من أزمتها وفقدان الثقة بها وبخياراتها شعبياً وجماهيرياً،ولكي تخرج من هذا المأزق وتحفظ ماء وجها مع الشعب الفلسطيني،رأت أنه من الأنسب الهروب إلى الأمام والبحث عن حاضنة وغطاء عربي،يعود بها إلى هذه المفاوضات،وهي بالفعل أوعزت إلى أمين عام جامعة الدول العربية لدعوة وزراء الخارجية العرب للاجتماع وبحث المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية،تمهيداً لمؤتمر القمة العربية في آذار القادم والذي سيعقد في الجماهيرية العربية العربية،هذه القمة التي ستوفر الغطاء العربي للعودة إلى تلك المفاوضات،وبالتالي سيعود الطرف الفلسطيني مغطى عربياً إلى هذه المفاوضات وفق الاشتراطات الإسرائيلية- الأمريكية،مارثون تفاوضي عبثي بدون وقف للاستيطان ولا جداول زمنية،والتي دائماً تحرص الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على القول،بأنه لا جداول زمنية مقدسة،ولا مرجعيات ولا ضمانات دولية حقيقية ولا حضور دولي فاعل،اللهم من مجموعة التسهيلات في الإطار والشأن الحياتي والإنساني،مثل رفع عدة حواجز عسكرية والإفراج عن عشرات أو ربما بضع مئات من الأسرى ممن شارفت أحكامهم على الانتهاء والإفراج أيضاً عن قسم من أموال الضرائب الفلسطينية المستولى عليها من قبل الاحتلال ومنح مجموعة من تصاريح العمل وتصاريح( V.I.P) لعدد من الاقتصاديين ورجالات السلطة الفلسطينية،وبما يتفق ووجهة نظر "نتنياهو" وحكومته للسلام،القائمة على تحسين شروط وظروف حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال بأموال عربية ودولية،مع تأبيد وشرعنة للاحتلال.
وعلينا أن نكون صريحين وواضحين بأن ما تريده إسرائيل وأمريكا هو مفاوضات من أجل المفاوضات،مفاوضات تجعل الوقت في صالح إسرائيل،وبما يخدمها في تنفيذ خططها ومشاريعها من تصعيد وتكثيف للاستيطان في الضفة الغربية،وتهويد وأسرلة للقدس،وخصوصاً أن ما قامت وما تقوم به إسرائيل من إجراءات وممارسات في القدس والتي كان آخرها إغلاق باب العامود والبلدة القديم لمدة عامين، يشير إلى وصول المخطط الإسرائيلي إلى فصله الأخير،بحيث تخرج القدس من دائرة الصراع كلياً،ويبقى الحل الإسرائيلي للضفة الغربية هو الوحيد الممكن عملياً، والمسألة ليست وقفاً على هذا الحد،بل ما تريده أمريكا وإسرائيل من العرب وربما بقرار رسمي من القمة العربية،هو دعوة إلى ايران لعدم امتلاك أسلحة الدمار الشامل والتوقف عن مساعي امتلاك هذا السلاح ،واعتبار ذلك تهديداً لأمن المنطقة وبالذات أمن الدول العربية المجاورة،والبحث عن إقامة حلف عربي- إسرائيلي- أمريكي- أوروبي،شبيه بالتحالف الذي قام قبل ضرب العراق ومن ثم احتلاله،أي غطاء عربي لتوجيه ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية لإيران،وتشديد فرض العقوبات الدولية عليها،أو توجيه ضربة قاسمة لقوى المقاومة العربية وفي المقدمة منها حزب الله،باعتباره قاعدة إيران المتقدمة في المنطقة،وبما يشكله من تهديد جدي لإسرائيل ودول النظام الرسمي العربي.
أما بخصوص المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية،فهي في كل الأحوال لن تحصل قبل العودة إلى المفاوضات،فحصولها قبل استئناف المفاوضات ،غير ممكن لوجود فيتو أوروبي- أمريكي –إسرائيلي على ذلك،بالإضافة لرسمي عربي،حيث أن المصالحة تعني الاتفاق على برنامج وثوابت ومرجعية للمفاوضات وتجميد للاستيطان وغير ذلك،وبالتالي يشكل ذلك قيداً جدياً على قدرة الطرف الفلسطيني من العودة الى هذه المفاوضات،ومع تقديرنا لكل الجهود التي تبذل فلسطينياً من قبل العديد من القوى والأحزاب الفلسطينية والشخصيات المستقلة،والتي كان آخرها قبل حوالي أسبوعين اجتماع بين كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني بما فيهما فتح وحماس في مكتب الجبهة الشعبية في قطاع غزة وما سبقها من زيارة لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث الى القطاع واجتماعه مع قيادة حماس هناك وما تبعها من إفراج عن عدد من أعضاء حركة فتح في سجون حماس في القطاع وغيرها.
حتى لو قامت القوى والأحزاب الفلسطينية بحملات ضاغطة شعبية وجماهيرية لوقف الانقسام وإنهاءه،فهذا ليس بالممكن تحقيقه ،فطرفي الانقسام بعلاقاتهما وارتباطاتهما العربية والدولية،وكذلك التدخلات الإقليمية والدولية،تجعل من المتعذر على الطرفين بيع تلك المصالحة إلى أي طرف فلسطيني،مهما كان لديه من نوايا صادقة أو حرص على المصلحة الوطنية،فأي طرف فلسطيني ليس لديه القدرة على تقديم ضمانات لأي من الطرفين،ضمانات حول السلطة وشروط المصالحة ورفع الحصار وفتح المعابر،تلك المصالحة التي ستكون أقرب الى المحاصصة كما حصل في اتفاق مكة،ناهيك عن توفير أموال الدعم لكلا الطرفين،وأيضاً التوافق على العودة الى المفاوضات وغيرها،وهذا غير ممكن بيعه وتسويقه إلا لأطراف عربية،وبضوء أخضر أمريكي- أوروبي غربي ورضا ايراني- سوري.
من هنا نقول بأنه مع انعقاد القمة العربية،سنشهد العودة مجدداً الى المارثون التفاوضي بغطاء عربي رسمي،على اعتبار أن المفاوضات مصلحة عربية وفلسطينية،ـتلك الأسطوانة المشروخة،التي لن تجعل من غير الممكن تطبيق أي حل غير الحل الإسرائيلي،وستبقى المصالحة الفلسطينية مؤجلة ومعطلة،ولن تحدث على يد أي طرف فلسطيني،وحتى الورقة المصرية والتوقيع عليها بحاجة إلى ضوء أخضر إقليمي ودولي،وحتى تصبح المصالحة ناضجة لتسويقها عربياً ودولياً ستباع لأحد الأطراف العربية،وبضوء أخضر أمريكي- أوروبي غربي وفقط بعد العودة من قبل الجانب الفلسطيني للمفاوضات وفق شروط إسرائيل وأمريكا.
السبت، فبراير 20، 2010
المفاوضات ستستأنف بغطاء عربي والمصالحة ستباع عربياً ودولياً
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق