أسعد أبو خليل
وصفي التل مع أبيه عرار
كان وصفي التل قومياً عربياً حتى إنه كان يزعم أنه طُرد من الجيش البريطاني بسبب ميوله القومية العربية. قلة تتذكر أن وصفي التل التحق بحركة القوميين العرب. وكان ناشطاً قومياً في الجامعة الأميركية في بيروت، التي تخرّج منها.
كم كان فخوراً بشهادته من الجامعة الأميركية. كان يستسيغ التحدث باللغة الإنكليزية حتى إنه فضّل التحدث الى المراسلين الأجانب لترى الأمة أن ابنها البار يتحدث بالإنكليزية. يا للحضارة. يا للرقي.
ووصفي التل كان يرفض بإباء وشمم أن يخضع لفحص دم في وطنيته. ولم؟ ألم يمش في تظاهرة أو تظاهرتين في شبابه ومن أجل فلسطين؟ ألم يهتف ــ هو هتف ــ ضد الغرب والاستعمار؟
ألا يكفي هذا ويمحي كل ما صدر عن وصفي التل بعد ذلك؟وصفي التل ارتبط اسمه طبعاً بحملة أيلول الأسود: تلك المجازر التي ارتكبها الجيش الأردني ضد المخيمات الفلسطينية في الأردن. كان اسمه يثير اشمئزاز الشعب الفلسطيني في كل مكان. لكن وصفي التل كان يصر على أنه من أنصار القضية الفلسطينية.
كان دوماً (في حمأة المعارك) يردد كلاماً جميلاً عن المقاومة «الشريفة»، مثله مثل بيار الجميل الجد أثناء حصار تل الزعتر. هو كان يعادي «الإرهابيين»، فقط الإرهابيين. ما ذنب النظام في الأردن إذا كان المقاتلون الفلسطينيون يتحصّنون بين المدنيين؟
أما المدفعية فهي كانت من الضرورات العسكرية، ومن أجل كرامة الجيش والوطن. ونفي وصفي التل أن يكون النظام آنذاك تلقى دعماً إسرائيلياً (لم يكن صادقاًَ في نفيه، لكن ما علينا؟ اتركوا الرجل في دار الحق).وصفي التل كان معتدلاً. الحكومات الغربية (ما نسميه اليوم في لبنان «المجتمع الدولي») رأت فيه رجل دولة محتذى. كم رُبِّت على كتف وصفي التل؟ والتربيت على الكتف من أرفع علامات الرضى الأميركي. وينسى البعض أن وصفي التل بعدما عالج «شأفة» الإرهاب في المخيمات، تطرق الى الاقتصاد.
فهو أطلق بعد تصفية المقاومة مشروع الاتحاد الوطني في 1971، والذي تبنّى شعار «الحياة الأفضل». وصفي التل كان يعمل ما في وسعه ضد ثقافة الموت، ومن أجل ثقافة الحياة. وصفي التل كان «يحب الحياة»، وما الضير في ذلك؟الحكومة الأردنية حوّلت بيت وصفي التل الى متحف وطني. من أجل الاتعاظ فقط.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا
أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق