بدر عبدالملك
كاتب بحريني
كثرت في المرات السابقة وخلال ستة أعوام مسألة التجنيس، وكلما هدأ الوضع قليلا طفت جذوة ذلك الملف بعد أن تم ادخاله في الدرج في قسم الملفات المعلقة أو المؤجلة، فقد باتت حساسية شعب البحرين من موضوع التجنيس تثير أعصاب الكثيرين، فاختلط الموضوعان التجنيس كحق طبيعي يمر بقنوات وشروط للحصول عليها وتلك شرعية دولية مع احتفاظ كل بلد بشروطه وظروفه، ولكن في نهاية المطاف يصبح موضوع التجنيس حق للأفراد الذين يعيشون في بلد ما ولفترة محددة ويعطونها من حياتهم وإنتاجهم الشيء الكثير، وللشيء الكثير معان مختلفة!
غير أن التجنيس السياسي وهو المصطلح الذي درجنا على سماعه واستيعاب أبعاده يعود ويستيقظ مرة أخرى في صورة ذلك الداعية »العالم العلامة والفهيم الفهامة« وجدي غنيم، فهو نمط من التجنيس السياسي دينيا ومذهبيا، ليحتل صدارة مسألة التجنيس ليثير غبارا طائفيا لا يرى أخطاره إلا من »ملكت إيمانهم« وبمعنى آخر أن تمنح السكين للجزار لكي يعيث سلخا في شعبنا باسم الإسلام، وكأنما البحرين بذلك التجنيس حلت الناقص من تعدادنا السكاني لكي نقبل في الأمم المتحدة وقد كان من شروط عضويتها أن يكون داعية لا يشق له غبار في الفتنة والحرائق وشق الصفوف ونثر الويلات من عظائم الأمور لمجرد انه يحمل وساما عالميا حصل عليه من منظمة المؤتمر الإسلامي برتبة »داعية خدم الأمة«.
هذا الخادم الجديد فاق خدمته للحرمين بل وفاق أولئك الأنصار الذين خرجوا مع الرسول ينشرون دعوتهم ويقاتلون في صفوفه مهما كانت الظروف قاهرة والبلدان والتضاريس وعرة، فهم لا يخافون الطامة الكبرى من اجل الحق والرسالة، بينما رأينا الداعية الجديدة تفضل مدن هوليود وضواحي بركلي هيلز ولوس انجلوس وشواطئ ميامي، فهناك ليس الدولارات ابنة العم سام وحدها تنضح فرحا في الجيوب وإنما عبيد هارلم الفقراء يركضون خلفه من مدينة الى مدينة للاستزادة من نصوصه وأحاديثه المكررة التي اعتاد الصبية حفظها صما بكما وهم لا يفقهون بل وسيحل مسلمو أمريكا بؤسهم الاجتماعي بحفظ أفكاره!، لهذا وجدنا أنفسنا في بحرين التآخي كلما رفعنا بنيانا للتوافق الاجتماعي وتحريك سفينتنا نحو الانسجام يخرج لنا المصنوع من نار الوسواس الخناس، حيث يطير من مكان إلى مكان ومن محطة إلى محطة ومن مدرسة إلى مدرسة باعثا ونافخا في جذوة الكراهية والاختلاف.
ما يفعله الأخوة في منبرهم وتوجهاتهم نسوا أن دولارات النفط هي وحدها الخدمة للأمة ونسوا أننا بعد »محنة التجنيس« بمثل هؤلاء الدعاة ندخل بعد التيمم نحو التدنيس - بدلا من التطهر بماء دلمون الزلال في دعاته النيّرين من الطائفتين - من أدران مصيبة الشقاق الطائفي والتوجهات الاجتماعية والدينية القائمة على الحقد. فهل البحرين بحاجة لداعية خلت من بعده الدعاة ؟!!
لماذا التدليس والتجنيس ونحن ختمنا صغارا وعرفنا أن بعد العسر يسرا، وهانحن نترك خلفنا استبداد ثلاثة عقود وندخل في مشروع إصلاحي أنقذنا من محنة الصدام والعنفوان، ولكننا بسلوكنا هذا ندفن أدوات وأسلحة الفتك في عقول الناشئة بطريقة اخطر من الرصاص والقنابل المدوية والمفخخات، ففي كل كلمة ينفثها الداعية نغذي الأبناء والبنات بمفاهيم خاطئة، وبذلك الوهم نغرق في مستنقع الخطيئة السياسية قبل الخطيئة الدينية والأخلاقية.
كثرت في المرات السابقة وخلال ستة أعوام مسألة التجنيس، وكلما هدأ الوضع قليلا طفت جذوة ذلك الملف بعد أن تم ادخاله في الدرج في قسم الملفات المعلقة أو المؤجلة، فقد باتت حساسية شعب البحرين من موضوع التجنيس تثير أعصاب الكثيرين، فاختلط الموضوعان التجنيس كحق طبيعي يمر بقنوات وشروط للحصول عليها وتلك شرعية دولية مع احتفاظ كل بلد بشروطه وظروفه، ولكن في نهاية المطاف يصبح موضوع التجنيس حق للأفراد الذين يعيشون في بلد ما ولفترة محددة ويعطونها من حياتهم وإنتاجهم الشيء الكثير، وللشيء الكثير معان مختلفة!
غير أن التجنيس السياسي وهو المصطلح الذي درجنا على سماعه واستيعاب أبعاده يعود ويستيقظ مرة أخرى في صورة ذلك الداعية »العالم العلامة والفهيم الفهامة« وجدي غنيم، فهو نمط من التجنيس السياسي دينيا ومذهبيا، ليحتل صدارة مسألة التجنيس ليثير غبارا طائفيا لا يرى أخطاره إلا من »ملكت إيمانهم« وبمعنى آخر أن تمنح السكين للجزار لكي يعيث سلخا في شعبنا باسم الإسلام، وكأنما البحرين بذلك التجنيس حلت الناقص من تعدادنا السكاني لكي نقبل في الأمم المتحدة وقد كان من شروط عضويتها أن يكون داعية لا يشق له غبار في الفتنة والحرائق وشق الصفوف ونثر الويلات من عظائم الأمور لمجرد انه يحمل وساما عالميا حصل عليه من منظمة المؤتمر الإسلامي برتبة »داعية خدم الأمة«.
هذا الخادم الجديد فاق خدمته للحرمين بل وفاق أولئك الأنصار الذين خرجوا مع الرسول ينشرون دعوتهم ويقاتلون في صفوفه مهما كانت الظروف قاهرة والبلدان والتضاريس وعرة، فهم لا يخافون الطامة الكبرى من اجل الحق والرسالة، بينما رأينا الداعية الجديدة تفضل مدن هوليود وضواحي بركلي هيلز ولوس انجلوس وشواطئ ميامي، فهناك ليس الدولارات ابنة العم سام وحدها تنضح فرحا في الجيوب وإنما عبيد هارلم الفقراء يركضون خلفه من مدينة الى مدينة للاستزادة من نصوصه وأحاديثه المكررة التي اعتاد الصبية حفظها صما بكما وهم لا يفقهون بل وسيحل مسلمو أمريكا بؤسهم الاجتماعي بحفظ أفكاره!، لهذا وجدنا أنفسنا في بحرين التآخي كلما رفعنا بنيانا للتوافق الاجتماعي وتحريك سفينتنا نحو الانسجام يخرج لنا المصنوع من نار الوسواس الخناس، حيث يطير من مكان إلى مكان ومن محطة إلى محطة ومن مدرسة إلى مدرسة باعثا ونافخا في جذوة الكراهية والاختلاف.
ما يفعله الأخوة في منبرهم وتوجهاتهم نسوا أن دولارات النفط هي وحدها الخدمة للأمة ونسوا أننا بعد »محنة التجنيس« بمثل هؤلاء الدعاة ندخل بعد التيمم نحو التدنيس - بدلا من التطهر بماء دلمون الزلال في دعاته النيّرين من الطائفتين - من أدران مصيبة الشقاق الطائفي والتوجهات الاجتماعية والدينية القائمة على الحقد. فهل البحرين بحاجة لداعية خلت من بعده الدعاة ؟!!
لماذا التدليس والتجنيس ونحن ختمنا صغارا وعرفنا أن بعد العسر يسرا، وهانحن نترك خلفنا استبداد ثلاثة عقود وندخل في مشروع إصلاحي أنقذنا من محنة الصدام والعنفوان، ولكننا بسلوكنا هذا ندفن أدوات وأسلحة الفتك في عقول الناشئة بطريقة اخطر من الرصاص والقنابل المدوية والمفخخات، ففي كل كلمة ينفثها الداعية نغذي الأبناء والبنات بمفاهيم خاطئة، وبذلك الوهم نغرق في مستنقع الخطيئة السياسية قبل الخطيئة الدينية والأخلاقية.
إن من يمجدون الداعية بتعبيرات ونعوت جوفاء كان بإمكانهم أن يمنعوا عنه دولارات النفط ويقولوا له »يا أخينا المسلم والداعية، إن إخوتنا في بنغلاديش والصومال هم أحوج منا لك، فهناك أيضا الأمة بحاجة لخدمتك، هناك في الصومال يشتعل القتال ونحتاج لمن يطفئها وهناك في بنغلاديش تكاثر وفقر متواصل نرغب منك الذهاب للموعظة والحد من النسل فلعل الذين في تلك الأمكنة الفقيرة يكتشف أغنياؤها ضرورة الالتفات إلى مسألتين التناقض الحاد بالفقر الشديد والثراء الفاحش وسط محيط من البؤس، مثلما هناك تناقض حاد بين شدة الفقر وتزايد النفوس »بدلا من تزايد الفلوس«.
هناك الفقراء المسلمون في الصومال وبنغلاديش لا يملكون الدولارات ولا دخل »النفط« فاذهب وسنرسل لك مرتبك الشهري دعما لك ولكن ليس من صناديق سرية ولا جمعيات بغطاء معلن، وانما ستكون في غطاء مصرف شخصي. فهل نحن بحاجة لمعرفة من هي الفئة الضالة في بلدنا حتى وان تعطرت بالكرستيان ديور وتأنقت بربطة عنق وبدلة باريسية، فوحدها تدرك من أين تؤكل الكتف ومع من تبيع أوراقها الخفية.
هناك الفقراء المسلمون في الصومال وبنغلاديش لا يملكون الدولارات ولا دخل »النفط« فاذهب وسنرسل لك مرتبك الشهري دعما لك ولكن ليس من صناديق سرية ولا جمعيات بغطاء معلن، وانما ستكون في غطاء مصرف شخصي. فهل نحن بحاجة لمعرفة من هي الفئة الضالة في بلدنا حتى وان تعطرت بالكرستيان ديور وتأنقت بربطة عنق وبدلة باريسية، فوحدها تدرك من أين تؤكل الكتف ومع من تبيع أوراقها الخفية.
مجتمعنا لا يحتاج لأسرار الكذب ولا للتلاعب بذكاء الناس، فهل نحن بحاجة لمرشد يغرقنا في أول الموج أم نتبع غرابا لا يدلنا إلا لدار الخراب فهو وحده رمز للموت والدفن؛ لهذا صار الشيطان والغراب بلونين في الخطاب الثقافي عند جميع الشعوب هو اللون الأسود. فلا تدخلونا في جنازات مستمرة بالحزن واللطم بدعاة من هذا النموذج عرفوا دورهم المطلوب ويغطون أهدافهم الخفية قبل حصولهم على جواز السفر وإذا ما امتلكه فانه سيكشر عن أنيابه الصفراء.
باركوا للداعية خدمته للأمة إذا ما ذهب للصومال وبنغلاديش فهي أكثر حاجة وضرورة من بلادنا الهادئة، والتي تنعم بخلافاتها واختلافاتها الودية ويكفيها من ملفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق