الياس بجاني
احتل التركي العثماني لبنان ما يزيد عن 400 سنة (1516-1918) بالحديد والنار، لكنه لم يتمكن، ورغم إجرامه وبطشه، من فرض ثقافة "التتريك" على الشعب اللبناني، ولا هو نجح حتى جزئياً في جعل لغته بديلةً للغة اللبنانية.
اصطدمت محاولات التركي "التركيعية" والإستعلائية "والبطشية" بتشبث اللبنانيين العنيد بثقافتهم وهويتهم وتاريخهم، والأهم بإيمانهم ورجائهم وقيمهم وأخلاقياتهم وبمعايرهم الحقة والمحقة لما هو خير وشر، فانتصروا هم واندحر العثماني.
من جانب آخر أجاد الانتداب الفرنسي في الشق الحضاري والسلمي وهو المؤمن بحقوق الإنسان وبمبدأ الخير العام، فنجح في التماهي مع الثقافة والإيمان اللبنانيين، وطوّر، خلال ما يقل عن 30 سنة بالتعاون الطوعي والكامل مع أبناء لبنان، ثقافة لبنانية فرنسية مشتركة صلبة ازدهرت أكثر وأكثر حتى بعد خروج فرنسا، وهي لا تزال مرسخة في نفوس وضمائر وممارسات اللبنانيين.
في المقلب الآخر، وخلال 30 سنة من الاحتلال السوري الهمجي والبربري والوحشي، فشل البعثي وكل من لف لفه من جماعات الإرهاب والأصولية والإيديولوجيات المستوردة وتجار القوميات والتحرير المسرحي الكاذب، فشلوا جميعا في اقتلاع أي من ثوابت ثقافة أهلنا المتجذرة في كيانهم والمجبولة بتربة أرضهم المقدسة، فاندحروا، كالأتراك تماماً، وأُجبروا على ترك لبنان يجرجرون وراءهم الخيبة والذل.
على ممر 7000 سنة تمكن اللبناني المؤمن بريه وثقافته وقيمه وأخلاقه وعناده من مواجهة وإفشال كل أطماع ومخططات وقهر وعنف مئات الغزاة والمحتلين والفاتحين الذين لم يتركوا من أثر لهم في وطن الأرز غير سطور قليلة محفورة على صخور نهر الكلب.
من هنا فإنه من الواجب الأخلاقي محاكمة كل الذين هللوا "كالببغاوات"، "لبطولة" سمير القنطار، وقبلوا صاغرين، خلافاً لكل أسس ومعايير الثقافة والحضارة والأعراف اللبنانية والشرّع الدينية والحقوقية، بخلع هذه الصفة (البطولة) على أفعاله وارتكاباته.
نعم من الواجب محاكمة كل القيادات اللبنانية من رسميين وسياسيين ورجال دين ومثقفين، الذين شاركوا في "عرس الكذب والدجل"، وهم في نفس الوقت يقولون بالتزامهم وتمسكهم بأطر وأسس رسالة لبنان الحضارية ودستور وقوانين بلدهم، وبشرعة حقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الخاصة بحقوق المدنيين في أزمنة الحروب، وبتعاليم أديانهم والقيم والمبادئ والأخلاق المتوارثة عن الأجداد.
بفعلتهم "الخطيئة" هذه، وبدون خجل أو وجل، تنكروا للثقافة اللبنانية ولكل مكوناتها الإنسانية والقيمية والأخلاقية والحقوقية، وضربوا عرض الحائط بتضحيات الآلاف من اللبنانيين الأبرار الذين قدموا أنفسهم قرابين على مذبحها ليبقَ لبنان حراً وسيداً ومستقلاً، وبلداً حضارياً نموذجاً للانفتاح والتسامح والتعايش يهلل للبطولة الحقة ويقدر القيم المتوارثة.
بفعلهم "الذمي" هذا، ماشى جميع هؤلاء ثقافة حزب الله الأصولية والانغلاقية "الملالية"، ثقافة ولاية الفقيه التي هي نقيضاً كاملاً للثقافة اللبنانية، ولكل ما هو مجتمع مدني، وشرائع حقوق، وحريات وديموقراطية وحضارة. ثقافة مذهبية وإرهابية بعيدة كل البعد عن الشعور الإنساني المترفع عن الشر والغدر وعن الحقد الأعمى الذي يبرر الجرائم ويُعظِم المجرمين.
فلو كان سمير القنطار دخل إلى إسرائيل كما فعل وهاجم قافلة جنود أو حتى استسلم قبل أن يقدر على ذلك وسُجِن، كان استقباله اليوم بالتأكيد مبررا، أما أنه قتل بوحشية مدنياً وابنته وبدون شفقة، فلا الشهامة العربية تسمح بأن يُهلل له، ولا أي من الأديان يبرر بأن تلصق البطولة به.
إن لبنان المجروح مجدداً من هجمات حزب الله على عاصمته وأهلها وعلى الجبل، لا يحق للمسؤولين الرسميين فيه أن يجاروا هذا الحزب ويشاركوا بتمثيلياته الفارغة من أي أخلاقية، ولو من أجل أن يلتحق بالركب الساعي للسلام الداخلي، فالتسامح مع الفاجر تشجيع له للاستمرار في فجوره وتعنته.
من حق أهل السجين، أي سجين كان، ومهما كانت فعلته التي سجن بسببها أن يفرحوا بخروجه من السجن، وربما أن يهللوا بعودته ولو لم يشرفهم التصرف الذي أدخله السجن، ولكن ليس من حق القيادات والزعامات والأحزاب اللبنانية التي رفعت راية ثورة الأرز والحريات والثقافة اللبنانية في مواجهة ثقافة ولاية الفقيه ومشروع حزب الله الأصولي والمذهبي، أن تهرول لاهثة وراء هرطقات هذا الحزب والقبول بمعايير البطولة التي تقول بها ثقافته.
ليس من حق هؤلاء تغليب منطق الذمية على ممارساتهم وأقوالهم والقبول بدور الطبول والصنوج و"الرديدة" "والزقيفة"، وذلك بعد أن نزل بشجاعة وفروسية إلى الشارع، منذ عام 2005 وأكثر من مرة وبشكل حضاري وسلمي، مليون ونصف مليون لبناني أوكلوا لهم مهمة الوقوف في مواجهة ثقافة ومشروع حزب الله.
من حق السيادي اللبناني على كل قادة ثورة الأرز من النواب والوزراء ورؤساء الأحزاب، وأيضاً الحكام والرسميين الذين هللوا لمعايير "بطولة" القنطار المناقضة للثقافة اللبنانية، أن يخرجوا إلى العلن ويقدموا للشعب اللبناني والعالم الحر إما اعتذارهم وتوبتهم على فعلتهم الشنيعة، أو استقالاتهم من مواقعهم ليلتحقوا بحزب الله.
احتل التركي العثماني لبنان ما يزيد عن 400 سنة (1516-1918) بالحديد والنار، لكنه لم يتمكن، ورغم إجرامه وبطشه، من فرض ثقافة "التتريك" على الشعب اللبناني، ولا هو نجح حتى جزئياً في جعل لغته بديلةً للغة اللبنانية.
اصطدمت محاولات التركي "التركيعية" والإستعلائية "والبطشية" بتشبث اللبنانيين العنيد بثقافتهم وهويتهم وتاريخهم، والأهم بإيمانهم ورجائهم وقيمهم وأخلاقياتهم وبمعايرهم الحقة والمحقة لما هو خير وشر، فانتصروا هم واندحر العثماني.
من جانب آخر أجاد الانتداب الفرنسي في الشق الحضاري والسلمي وهو المؤمن بحقوق الإنسان وبمبدأ الخير العام، فنجح في التماهي مع الثقافة والإيمان اللبنانيين، وطوّر، خلال ما يقل عن 30 سنة بالتعاون الطوعي والكامل مع أبناء لبنان، ثقافة لبنانية فرنسية مشتركة صلبة ازدهرت أكثر وأكثر حتى بعد خروج فرنسا، وهي لا تزال مرسخة في نفوس وضمائر وممارسات اللبنانيين.
في المقلب الآخر، وخلال 30 سنة من الاحتلال السوري الهمجي والبربري والوحشي، فشل البعثي وكل من لف لفه من جماعات الإرهاب والأصولية والإيديولوجيات المستوردة وتجار القوميات والتحرير المسرحي الكاذب، فشلوا جميعا في اقتلاع أي من ثوابت ثقافة أهلنا المتجذرة في كيانهم والمجبولة بتربة أرضهم المقدسة، فاندحروا، كالأتراك تماماً، وأُجبروا على ترك لبنان يجرجرون وراءهم الخيبة والذل.
على ممر 7000 سنة تمكن اللبناني المؤمن بريه وثقافته وقيمه وأخلاقه وعناده من مواجهة وإفشال كل أطماع ومخططات وقهر وعنف مئات الغزاة والمحتلين والفاتحين الذين لم يتركوا من أثر لهم في وطن الأرز غير سطور قليلة محفورة على صخور نهر الكلب.
من هنا فإنه من الواجب الأخلاقي محاكمة كل الذين هللوا "كالببغاوات"، "لبطولة" سمير القنطار، وقبلوا صاغرين، خلافاً لكل أسس ومعايير الثقافة والحضارة والأعراف اللبنانية والشرّع الدينية والحقوقية، بخلع هذه الصفة (البطولة) على أفعاله وارتكاباته.
نعم من الواجب محاكمة كل القيادات اللبنانية من رسميين وسياسيين ورجال دين ومثقفين، الذين شاركوا في "عرس الكذب والدجل"، وهم في نفس الوقت يقولون بالتزامهم وتمسكهم بأطر وأسس رسالة لبنان الحضارية ودستور وقوانين بلدهم، وبشرعة حقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الخاصة بحقوق المدنيين في أزمنة الحروب، وبتعاليم أديانهم والقيم والمبادئ والأخلاق المتوارثة عن الأجداد.
بفعلتهم "الخطيئة" هذه، وبدون خجل أو وجل، تنكروا للثقافة اللبنانية ولكل مكوناتها الإنسانية والقيمية والأخلاقية والحقوقية، وضربوا عرض الحائط بتضحيات الآلاف من اللبنانيين الأبرار الذين قدموا أنفسهم قرابين على مذبحها ليبقَ لبنان حراً وسيداً ومستقلاً، وبلداً حضارياً نموذجاً للانفتاح والتسامح والتعايش يهلل للبطولة الحقة ويقدر القيم المتوارثة.
بفعلهم "الذمي" هذا، ماشى جميع هؤلاء ثقافة حزب الله الأصولية والانغلاقية "الملالية"، ثقافة ولاية الفقيه التي هي نقيضاً كاملاً للثقافة اللبنانية، ولكل ما هو مجتمع مدني، وشرائع حقوق، وحريات وديموقراطية وحضارة. ثقافة مذهبية وإرهابية بعيدة كل البعد عن الشعور الإنساني المترفع عن الشر والغدر وعن الحقد الأعمى الذي يبرر الجرائم ويُعظِم المجرمين.
فلو كان سمير القنطار دخل إلى إسرائيل كما فعل وهاجم قافلة جنود أو حتى استسلم قبل أن يقدر على ذلك وسُجِن، كان استقباله اليوم بالتأكيد مبررا، أما أنه قتل بوحشية مدنياً وابنته وبدون شفقة، فلا الشهامة العربية تسمح بأن يُهلل له، ولا أي من الأديان يبرر بأن تلصق البطولة به.
إن لبنان المجروح مجدداً من هجمات حزب الله على عاصمته وأهلها وعلى الجبل، لا يحق للمسؤولين الرسميين فيه أن يجاروا هذا الحزب ويشاركوا بتمثيلياته الفارغة من أي أخلاقية، ولو من أجل أن يلتحق بالركب الساعي للسلام الداخلي، فالتسامح مع الفاجر تشجيع له للاستمرار في فجوره وتعنته.
من حق أهل السجين، أي سجين كان، ومهما كانت فعلته التي سجن بسببها أن يفرحوا بخروجه من السجن، وربما أن يهللوا بعودته ولو لم يشرفهم التصرف الذي أدخله السجن، ولكن ليس من حق القيادات والزعامات والأحزاب اللبنانية التي رفعت راية ثورة الأرز والحريات والثقافة اللبنانية في مواجهة ثقافة ولاية الفقيه ومشروع حزب الله الأصولي والمذهبي، أن تهرول لاهثة وراء هرطقات هذا الحزب والقبول بمعايير البطولة التي تقول بها ثقافته.
ليس من حق هؤلاء تغليب منطق الذمية على ممارساتهم وأقوالهم والقبول بدور الطبول والصنوج و"الرديدة" "والزقيفة"، وذلك بعد أن نزل بشجاعة وفروسية إلى الشارع، منذ عام 2005 وأكثر من مرة وبشكل حضاري وسلمي، مليون ونصف مليون لبناني أوكلوا لهم مهمة الوقوف في مواجهة ثقافة ومشروع حزب الله.
من حق السيادي اللبناني على كل قادة ثورة الأرز من النواب والوزراء ورؤساء الأحزاب، وأيضاً الحكام والرسميين الذين هللوا لمعايير "بطولة" القنطار المناقضة للثقافة اللبنانية، أن يخرجوا إلى العلن ويقدموا للشعب اللبناني والعالم الحر إما اعتذارهم وتوبتهم على فعلتهم الشنيعة، أو استقالاتهم من مواقعهم ليلتحقوا بحزب الله.
هناك تعليقان (2):
هاه هاااه هااااااه هههههههه.... ولك ليه صاير معك هيك يا الياس ...يا حرااااام خالص بالمرة...
والله يا سيد الياس حتى وان اختلفنا مع هذاالحزب ولكن قليل من الأنفة و الغيرة العربية ، القنطار وان قتل طفلة فهم قتلوا أطفالا . فهل قلوبنا حجر .
إرسال تعليق