وجيهــة الحويــدر
- استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا انه يحق للرجل المسلم ان يتزوج اربع نساء بدون قيد او شرط، وان ذلك مباحاً لكل رجل يعتنق الاسلام، ثم علمنا ان هذا الصنف من الزواج كان في الاصل يُمارس بين بعض القبائل العربية قبل ظهور الاسلام، وان النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" لم يتزوج على زوجته الأولى وحبيبته ورفيقة شبابه خديجة بنت خويلد "رضي الله عنها"، بالرغم من فارق السن بينهما، وبالرغم من انه لم يحظ من صبيان منها. ايضا ان النبي "عليه الصلاة والسلام" نهى بشدة صهره علي بن ابي طالب "كرم الله وجهه"، بل وهدده ان هو اقدَمَ على الزواج من امرأة اخرى على ابنته المحببة الى قلبه فاطمة الزهراء "عليها السلام". هذا يبين ان النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعلم أن تعدد الزوجات فيه قهر للمرأة، واهانة لكرامتها، وكسر لقلبها لذلك لم يسمح ان تعش ابنته ذاك القهر.ايضا تبين ان اغلب زواجات النبي فيما بعد كانت لها اسبابها الخاصة، من اجل أن ينشر نفوذه، ويبسط سلطته، ويحمي الدين الجديد من بني قريش من خلال مصاهرة اشاوستهم وحلفائهم. اي انها زواجات تكتيكية وذات اغراض سياسية ومستخدمة بين شيوخ العرب وامراءهم انذاك. بالاضافة انه قام بذلك لأنه نبي، فيحق له ما لا يحق لغيره، لأن الله ائتمنه على الدين كله. لذلك في عصرنا هذا ثمة دول اسلامية توصلت لتلك القناعات مثل تركيا وتونس فمنعت تعدد الزوجات منعاً باتاً بالقانون، ودول اسلامية اخرى تسير على خطاهما مثل المغرب ومصر والاردن.
- استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان رجم الزاني والزانية من العقوبات التي اقر بها الدين واثبتها، ثم اتضح لنا ان الرجم عادة موجودة بين كثير من شعوب المنطقة حتى قبل ظهور الاديان التوحيدية، وان عقوبة الرجم لم يرد ذكرها في القرآن الشريف ابدا، بل ذُكر الجلد عوضا عنها في سورة النور قال تعالى " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"، وأن الأهم من العقوبة هو اثبات مخالفة الزنا نفسها، حيث يشترط ان تـُثبت بحظور اربع شهود، وان يعترفوا برؤية الدخول كدخول المرود في المكحلة. هذا يبين ان اقامة حد جلد الزنا صعب وأقرب الى المستحيل من الواقع، والحكمة من صعوبة تنفيذه هو من أجل ان يعزز حفظ خصوصية الناس واعراضهم وكرامتهم.
- استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان الاسلام "قابل لكل زمان ومكان" بنظمه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فإكتشفنا ان هذه العبارة عارية من الصحة ولم يرد ذكرها لا من الله ولا من قبل رسوله الكريم(ص). ان الدين صلة بين المرء وربه فقط، فليس له اية علاقة بما يجري في الوزارات والبنوك والشركات النفطية والمعالم الترفيهية. الدين من الله، بينما هذه المؤسسات جميعها استحدثها الأنسان فلا صلة لها بالعقيدة، لذلك ما يراه نساء ورجال الدين يجب ان يظل بين حيطان معابدهم، وما يراه نساء ورجال المؤسسات المجتمعية يبقى في ايطار عمل مؤسساتهم.
- استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان قوانين مثل "العين بالعين" و"القاتل يـُقتل" و"السارق تـُقطع يده"، و"الزناة يُـرجمون" وغيرها، انها قوانين من الاسلام، ثم اكتشفنا انها ايضا متواجدة بنفس السمة في الأديان التوحيدية، في توراة موسى "عليه السلام" وفي انجيل عيسى "عليه السلام" (النسخة القديمة)، وان جذور تلك القوانين ممتدة عبر التاريخ، وانها جميعها مستواحاه من شريعة "حامورابي" في بلاد ما بين الرافدين، والتي تعد أول شريعة مكتوبة في التاريخ البشري وتعود إلى العام 1780 قبل الميلاد. فثمة تشابهات كثيرة بين قانون "حمورابي" وشريعة التوارة التي اقتبست منها فيما بعد المسيحية ومن ثم الاسلام.
- استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان ثمة امور في الدين الاسلامي يجب عدم المساس بها، لأنها من ثوابته المهمة، ثم تيقنا ان هذا لا يعكس الواقع. فثمة "ثوابت" أُلغيت بالقانون الوضعي، لأنها كانت تتنافى مع الانسانية مثل العبودية والجزية، على غير المسلمين، ومحاربة "الكفار". لو ان الدول ذات الاغلبية المسلمة والتي تتبع الشريعة الاسلامية كنظام لم تلغي تلك "الثوابت الدينية" لكانت قد نـُبذت من المنظومة العالمية، وهُمشت وعاشت في عزلة. ثمة امور اخرى تعد اصول في الدين لا بد ان تـُلغى. حان الآوان لفتح باب الاجتهاد مرة اخرى ذاك الباب الذي اُغلق منذ اكثر من ستمائة عام، من اجل غربلة امور دينية كثيرة وتحديثها، خاصة قوانين الاحوال الشخصية المجحفة، والتمييز بين الجنسين في الحقوق، والتفرقة في المواطنة بين الاقليات، ومنع الحرية الشخصية وحرية التعبير والحرية الدينية وكل ما يتعلق بالمواثيق العالمية بحقوق الانسان حسب المادة الاولى التي تقول " يـُولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء."
الجمعة، يوليو 04، 2008
استغفلونا ونحن صغارُ..(2)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق