محمد داود
مرة أخرى يتكرر التاريخ والمشهد، الهدف منه إسقاط نظام عربي جديد، فبالأمس القريب كانت الهجمة الامبريالية لإسقاط نظام الرئيس العراقي "صدام حسين" والنتيجة إغراق العراق في آتون الصراع الطائفي والمذهبي الذي أودى بحياة مئات الألوف من العراقيين ولا يزال الجرح نازف والهيمنة مستمرة وتتسع نحو تجزئة العراق الحر واستنزاف موارده وثرواته ومقدراته النفطية، ... واليوم الدعوة لإسقاط النظام السوداني برئاسة "عمر البشير" بعد اتهام الأخير باقتراف جرائم حرب بحق الأقليات في دارفور بعد طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية قبل أيام وإصداره مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني تحمل عشرة تهم منها : "الإبادة وجرائم ضد الإنسانية والتحريض على القتل والتعذيب والاعتداء على مدنيين والنهب" وهو ما حذر منه الزعيم الليبي معمر القذافي في قمة دمشق الأخيرة عندما استهزاء من الموقف العربي المزري وطالب بالتحقيق في ملابسات شنق الزعيم العربي "صدام حسين" العضو في الجامعة العربية ووجه كلامه للعرب قائلاً :" دوركم قادم لتكرار تجربة إعدام صدام وتصفية قيادته بأكملها.
إذاً النية تتجه في الأشهر القريبة إلى التصعيد لا سيما بعد الدعوة لإجلاء موظفين من الأمم المتحدة خشية على حياتهم لابتزاز حكومة البشير التي رفضت تنفيذ مذكرات بتسليم متهمين دبلوماسيين صدرت بحقهما تهم ارتكاب جرائم حرب في السودان، لذلك يكمن هدف اتهام البشير إلى عرقلة تقدم تطبيق اتفاقات السلام في الجنوب والجهود في دارفور في ظل إشراف من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، فالمسألة باتت واضحة هو تدخل سافراً في شؤون السودان الداخلي وتجاهلاً للقانون الدولي, وخرقاً لسيادته لنيل من وحدته واستقراره. والمخاوف من أن يتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة البند السابع من ميثاقه والذي يعطي صفة الإلزامية لقراراته، وهو ما يعني تحول القوات الدولية التي دعا المجلس لنشرها بدارفور من خلال قراره رقم 1706 من قوات "حفظ السلام" إلى "فرض السلام، يكون الهدف منه تعزيز "الانقلابات العسكرية والفوضى الخلاقة المستشرية برعاية صهيوأمريكية" خاصة بعد إحالة الملف إلي مجلس الأمن لتنفيذه سعياً لاستكمال المشروع الشرق أوسطي وتنفيذاً لخارطة الدم الأمريكية، لتجزئة الوطن العربي ودوله على غرار نموذج العراق بالتالي سيكون الرئيس السوداني أمام جملة من الخيارات والتحديات أحلاها مراً ما لم ينتفض العرب لنصرته , وهي :
1- أن يسلم رئيس السودان عمر البشير نفسه للمحكمة الدولية وهذا أمر مستبعد.
2- التعامل مع قرار المحكمة كأن لم يصدر، فالأمر ليس بالبساطة أن يسلم نفسه لذلك الأمر مرشح لاندلاع صراع والانتقام إلى دول متورطة في قرار المحكمة الدولية، فهناك دول إقليمية تعتبر السودان أمنها القومي لها.
3- تقديم موعد الانتخابات المقرر لها عام 2009 رغم صعوبة المطلب، من ناحية قانون الانتخابات، والضغط على القوي السياسية لإجراء انتخابات مبكرة في السودان من ناحية ثانية.
4- تحقيق نوع من المصالحة الوطنية واستغلال ذلك للتخفيف من حدة قرار المحكمة أو إلغائه كلية لاسيما مع الأطراف المتصارعة في دارفور التي تشمل حوالي 28 حركة عسكرية ومدنية، على رأسهم حركة العدل والمساواة العسكرية التي هاجمت أم درمان قرب الخرطوم قبل شهر، التي تتخذ من إسرائيل مقراً لها ومركزاً لتدريب عدد كبير من قواتها وتزويدها بالعدة والعتاد وأشكال الدعم الأخرى وقد أعترف عبد الواحد بتلك الروابط وأهميتها في لقاء بثته قناة الجزيرة قبل عدة أشهر وأنكشف الموقف هذه الأيام، وأيضاً حركة تحرير السودان المسلحة وآخرين، على أي حال إذا نجحت الحكومة في تحقيق هذه المصالحة فإنها تكون قد حققت خطوة مهمة نحو تخفيف القرار الذي ستصدره المحكمة الدولية بشأن الرئيس السوداني.
5- الخلاص من الرئيس البشير، باغتياله علي أيدي أجهزة حكومية صديقة، سعياً للالتفاف علي قرار المحكمة الدولية الذي يدعم تنفيذه مجلس الأمن الدولي، بمساهمة الدول الطامعة الكبرى"الامبريالية" التي تتنافس فيما بينها، واحتواء كل من روسيا والصين على قسمة الثروات، والفائض من البترول المكتشف حديثا ولأهمية السودان وموقعه الاستراتيجي ومناخه الجغرافي.
لهذا يجري السعي الإمبريالي على إفشال مشروع المصالحة الوطنية، وابتزاز الرئيس السوداني بهدف دفعه إلى عدم تسليم نفسه للمحكمة الدولية، حتى يقف الجميع أمام استحقاق يرفض السودان من خلاله قرار المحكمة الدولية كونه يتعامل الأخير بازدواجية في المعايير مع القضايا العربية وخاصة الفلسطينية، وبهذا المخطط المنشود ستشهد السودان الكارثة الكبرى، في حال اتهام البشير بارتكاب جرائم حرب، فعندئذ يصبح نظامه في نظر المجتمع الدولي فاقداً للشرعية، وبالتالي الفوضى العارمة والقتل بالجملة، وتمزق وحدة السودان إلي عدة دويلات وأقاليم جغرافية مستقلة، وربما حرب أهلية وصراع طائفي وعرقي وتشكيل فرق للموت والتصفية كما المشهد العراقي وغيره، عملاً بمقولة فرق تسد ينتهي بالخلاص من التوجه الإسلامي لنظام الحكم في السودان، وصحيح أن هذا التوجه تراجع مؤخراً بعد إبعاد الترابي ولكن مازال التوجه الإسلامي للسودان لا يريح الغرب، فسابقته حفرت في الأذهان عندما استضاف تنظيم القاعدة علي أراضيه لعدة سنوات.
إننا نتمنى من أوكامبو أن ينتبه إلى فلسطين التي تصرخ وتستغيث منذ قرن من الزمان ولكن ما من مجيب، جرائم حرب .. قتل .. أسلحة محرمة .. حصار بحق الإنسانية .. انتهاكات بحق الأرض، الشجر، الحجر، المقدسات .. وكل من ينطق أنه فلسطيني "أطفال، نساء، شيوخ"، يرتكبها اليوم باراك واولمرت عبر صيرورة تاريخية من المذابح قادها العصابات الصهيونية الهمجية من شامير إلى مناحم بيجين واسحق رابين وبيريس وشارون وكثيرون .. في فلسطين وبيروت وسيناء، فهل نسيت سيد اوكامبوا الاستيطان والجدار العنصري الفاصل الذي يبتلع أراضي الفلسطينيين في الضفة والقدس وكل مكان من فلسطين وقد أدنتموه، ماذا عن الرئيس الأمريكي الحالي بوش والبريطاني السابق بلير وقيامهم بشن حروب وحشية في أفغانستان والعراق، والممارسات المجرمة في معتقل جوانتمونا، أم أنه مصرح لهم أن يرتكبوا الفظائع تحت ستار الديمقراطية وإفشاء السلام والدفاع عن حقوق الإنسان التي أرساها من قبل الرئيس الأمريكي السابق ترومان الذي قرر ضرب مدينتين يا بانيتين "هيروشيما ونجازاكي" في الحرب العالمية الثانية عام 1945 م وقتل وحرق مئات الألوف من البشر.
إن الزعيم البشير سعى لأن تكون السودان وحدة واحدة جغرافياً وسياسياً أمام التحديات الداخلية الخارجية واحترم الاتفاقات أهمها ابوجا الذي يحث على المواطنة والمساواة والشراكة وإيجاد نظام فيدرالي وإعطاء حكم ذاتي لإقليم دارفور المعروف بمساحته الشاسعة وحدوده المفتوحة التي تعد مرتعاً لعدد من القبائل والمتمردين وقاعدة تشاد الخلفية فجميع الانقلابات التي حدثت في هذا البلد الأفريقي تم تدبيرها من دارفور التي اتسمت بتجارة السلاح لما يشكله الإقليم من وضع جغرافي عرف بالحزام الفرنكفوني.
..... فكونوا مع السودان وحكومته قبل فوات الأوان ولا تكرروا المشهد العراقي .......
كاتب وباحث
Mhsd_20100@hotmail.com
مرة أخرى يتكرر التاريخ والمشهد، الهدف منه إسقاط نظام عربي جديد، فبالأمس القريب كانت الهجمة الامبريالية لإسقاط نظام الرئيس العراقي "صدام حسين" والنتيجة إغراق العراق في آتون الصراع الطائفي والمذهبي الذي أودى بحياة مئات الألوف من العراقيين ولا يزال الجرح نازف والهيمنة مستمرة وتتسع نحو تجزئة العراق الحر واستنزاف موارده وثرواته ومقدراته النفطية، ... واليوم الدعوة لإسقاط النظام السوداني برئاسة "عمر البشير" بعد اتهام الأخير باقتراف جرائم حرب بحق الأقليات في دارفور بعد طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية قبل أيام وإصداره مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني تحمل عشرة تهم منها : "الإبادة وجرائم ضد الإنسانية والتحريض على القتل والتعذيب والاعتداء على مدنيين والنهب" وهو ما حذر منه الزعيم الليبي معمر القذافي في قمة دمشق الأخيرة عندما استهزاء من الموقف العربي المزري وطالب بالتحقيق في ملابسات شنق الزعيم العربي "صدام حسين" العضو في الجامعة العربية ووجه كلامه للعرب قائلاً :" دوركم قادم لتكرار تجربة إعدام صدام وتصفية قيادته بأكملها.
إذاً النية تتجه في الأشهر القريبة إلى التصعيد لا سيما بعد الدعوة لإجلاء موظفين من الأمم المتحدة خشية على حياتهم لابتزاز حكومة البشير التي رفضت تنفيذ مذكرات بتسليم متهمين دبلوماسيين صدرت بحقهما تهم ارتكاب جرائم حرب في السودان، لذلك يكمن هدف اتهام البشير إلى عرقلة تقدم تطبيق اتفاقات السلام في الجنوب والجهود في دارفور في ظل إشراف من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، فالمسألة باتت واضحة هو تدخل سافراً في شؤون السودان الداخلي وتجاهلاً للقانون الدولي, وخرقاً لسيادته لنيل من وحدته واستقراره. والمخاوف من أن يتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة البند السابع من ميثاقه والذي يعطي صفة الإلزامية لقراراته، وهو ما يعني تحول القوات الدولية التي دعا المجلس لنشرها بدارفور من خلال قراره رقم 1706 من قوات "حفظ السلام" إلى "فرض السلام، يكون الهدف منه تعزيز "الانقلابات العسكرية والفوضى الخلاقة المستشرية برعاية صهيوأمريكية" خاصة بعد إحالة الملف إلي مجلس الأمن لتنفيذه سعياً لاستكمال المشروع الشرق أوسطي وتنفيذاً لخارطة الدم الأمريكية، لتجزئة الوطن العربي ودوله على غرار نموذج العراق بالتالي سيكون الرئيس السوداني أمام جملة من الخيارات والتحديات أحلاها مراً ما لم ينتفض العرب لنصرته , وهي :
1- أن يسلم رئيس السودان عمر البشير نفسه للمحكمة الدولية وهذا أمر مستبعد.
2- التعامل مع قرار المحكمة كأن لم يصدر، فالأمر ليس بالبساطة أن يسلم نفسه لذلك الأمر مرشح لاندلاع صراع والانتقام إلى دول متورطة في قرار المحكمة الدولية، فهناك دول إقليمية تعتبر السودان أمنها القومي لها.
3- تقديم موعد الانتخابات المقرر لها عام 2009 رغم صعوبة المطلب، من ناحية قانون الانتخابات، والضغط على القوي السياسية لإجراء انتخابات مبكرة في السودان من ناحية ثانية.
4- تحقيق نوع من المصالحة الوطنية واستغلال ذلك للتخفيف من حدة قرار المحكمة أو إلغائه كلية لاسيما مع الأطراف المتصارعة في دارفور التي تشمل حوالي 28 حركة عسكرية ومدنية، على رأسهم حركة العدل والمساواة العسكرية التي هاجمت أم درمان قرب الخرطوم قبل شهر، التي تتخذ من إسرائيل مقراً لها ومركزاً لتدريب عدد كبير من قواتها وتزويدها بالعدة والعتاد وأشكال الدعم الأخرى وقد أعترف عبد الواحد بتلك الروابط وأهميتها في لقاء بثته قناة الجزيرة قبل عدة أشهر وأنكشف الموقف هذه الأيام، وأيضاً حركة تحرير السودان المسلحة وآخرين، على أي حال إذا نجحت الحكومة في تحقيق هذه المصالحة فإنها تكون قد حققت خطوة مهمة نحو تخفيف القرار الذي ستصدره المحكمة الدولية بشأن الرئيس السوداني.
5- الخلاص من الرئيس البشير، باغتياله علي أيدي أجهزة حكومية صديقة، سعياً للالتفاف علي قرار المحكمة الدولية الذي يدعم تنفيذه مجلس الأمن الدولي، بمساهمة الدول الطامعة الكبرى"الامبريالية" التي تتنافس فيما بينها، واحتواء كل من روسيا والصين على قسمة الثروات، والفائض من البترول المكتشف حديثا ولأهمية السودان وموقعه الاستراتيجي ومناخه الجغرافي.
لهذا يجري السعي الإمبريالي على إفشال مشروع المصالحة الوطنية، وابتزاز الرئيس السوداني بهدف دفعه إلى عدم تسليم نفسه للمحكمة الدولية، حتى يقف الجميع أمام استحقاق يرفض السودان من خلاله قرار المحكمة الدولية كونه يتعامل الأخير بازدواجية في المعايير مع القضايا العربية وخاصة الفلسطينية، وبهذا المخطط المنشود ستشهد السودان الكارثة الكبرى، في حال اتهام البشير بارتكاب جرائم حرب، فعندئذ يصبح نظامه في نظر المجتمع الدولي فاقداً للشرعية، وبالتالي الفوضى العارمة والقتل بالجملة، وتمزق وحدة السودان إلي عدة دويلات وأقاليم جغرافية مستقلة، وربما حرب أهلية وصراع طائفي وعرقي وتشكيل فرق للموت والتصفية كما المشهد العراقي وغيره، عملاً بمقولة فرق تسد ينتهي بالخلاص من التوجه الإسلامي لنظام الحكم في السودان، وصحيح أن هذا التوجه تراجع مؤخراً بعد إبعاد الترابي ولكن مازال التوجه الإسلامي للسودان لا يريح الغرب، فسابقته حفرت في الأذهان عندما استضاف تنظيم القاعدة علي أراضيه لعدة سنوات.
إننا نتمنى من أوكامبو أن ينتبه إلى فلسطين التي تصرخ وتستغيث منذ قرن من الزمان ولكن ما من مجيب، جرائم حرب .. قتل .. أسلحة محرمة .. حصار بحق الإنسانية .. انتهاكات بحق الأرض، الشجر، الحجر، المقدسات .. وكل من ينطق أنه فلسطيني "أطفال، نساء، شيوخ"، يرتكبها اليوم باراك واولمرت عبر صيرورة تاريخية من المذابح قادها العصابات الصهيونية الهمجية من شامير إلى مناحم بيجين واسحق رابين وبيريس وشارون وكثيرون .. في فلسطين وبيروت وسيناء، فهل نسيت سيد اوكامبوا الاستيطان والجدار العنصري الفاصل الذي يبتلع أراضي الفلسطينيين في الضفة والقدس وكل مكان من فلسطين وقد أدنتموه، ماذا عن الرئيس الأمريكي الحالي بوش والبريطاني السابق بلير وقيامهم بشن حروب وحشية في أفغانستان والعراق، والممارسات المجرمة في معتقل جوانتمونا، أم أنه مصرح لهم أن يرتكبوا الفظائع تحت ستار الديمقراطية وإفشاء السلام والدفاع عن حقوق الإنسان التي أرساها من قبل الرئيس الأمريكي السابق ترومان الذي قرر ضرب مدينتين يا بانيتين "هيروشيما ونجازاكي" في الحرب العالمية الثانية عام 1945 م وقتل وحرق مئات الألوف من البشر.
إن الزعيم البشير سعى لأن تكون السودان وحدة واحدة جغرافياً وسياسياً أمام التحديات الداخلية الخارجية واحترم الاتفاقات أهمها ابوجا الذي يحث على المواطنة والمساواة والشراكة وإيجاد نظام فيدرالي وإعطاء حكم ذاتي لإقليم دارفور المعروف بمساحته الشاسعة وحدوده المفتوحة التي تعد مرتعاً لعدد من القبائل والمتمردين وقاعدة تشاد الخلفية فجميع الانقلابات التي حدثت في هذا البلد الأفريقي تم تدبيرها من دارفور التي اتسمت بتجارة السلاح لما يشكله الإقليم من وضع جغرافي عرف بالحزام الفرنكفوني.
..... فكونوا مع السودان وحكومته قبل فوات الأوان ولا تكرروا المشهد العراقي .......
كاتب وباحث
Mhsd_20100@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق