نقولا ناصر
بينما يسعى الاحتلال الاميركي في العراق الى تعريب واقلمة وتدويل الدعم لنظام ما زال هذا الاحتلال يحاول اقامته في بغداد يستنكف من يفترض فيهم ان يكونوا الحلفاء الطبيعيين للمقاومة العراقية عن تعريب واقلمة وتدويل التضامن مع هذه المقاومة التي سيقرر انتصارها او هزيمتها مصير فشل او نجاح المشروع الاميركي – الاسرائيلي الاقليمي وبالتالي مصير أي مقاومة وكل مقاومة لهذا المشروع المندمج استراتيجيا وتكتيكيا حد التطابق مع المشروع الصهيوني في فلسطين .
ولم تخف الادارة الاميركية منذ غزوها عام 2003 انها تسعى الى اعادة رسم خريطة المنطقة انطلاقا من العراق ، بهدف استيعاب دولة المشروع الصهيوني باعتبارها "دولة اصيلة" من دول الاقليم ، على اساس هوية تعددية "شرق اوسطية" اكبر تلعب فيها القوميات المجاورة الايرانية والتركية والاثيوبية والاقليات القومية والطائفية ادوارا تطغى على دور الاغلبية العربية التي منحت للاقليم هويته العربية الاسلامية .
وفي هذا السياق فقط يمكن فهم ما قاله سماحة الشيخ حسن نصر الله يوم الاربعاء الماضي اثناء الاحتفال بتحرير الاسرى اللبنانيين والشهداء العرب من سجون الاحتلال الاسرائيلي ومقابره "الرقمية" عن ان "الهوية الحقيقية لشعوب منطقتنا الأصيلة الراسخة الثابتة لمنطقتنا ولامتنا هي هوية المقاومة وإرادة المقاومة وثقافة المقاومة ورفض الذل والاحتلال والهوان أياً كان المحتلون وأياً كان الطغاة وأياً كان الجبابرة" .
وفي هذا السياق يكون الحديث عن المقاومة في فلسطين ولبنان منقوصا اذا لم يكتمل بالحديث عن الدور الفاصل الذي يلعبه نجاح المقاومة العراقية او فشلها في تقرير مصير القضية العربية والاسلامية في فلسطين ولبنان خصوصا بعد ان ثبت بالتجربة الفلسطينية اللبنانية ان "وطنية" المقاومة سوف تظل مهددة ان نجحت قوى الاحتلال في عزلها عن خطوط امدادها الحيوية مع محيطها الجغرافي – السياسي العربي والاسلامي .
ويسجل لحزب الله الذي ولد في رحم الاحتلال ثم تسلم راية قيادة المقاومة الوطنية اللبنانية الى النصر ، اضافة الى النموذج القدوة الذي قدمه للمقاومين للاحتلال والمقاتلين من اجل حرية الاوطان في المنطقة والعالم ، انه كان اعلى صوتا من نظرائه الفلسطينيين في التاكيد في خطابه يوم الاربعاء على وحدة ما سماه "المقاومات" وعلى "تنوعها" عندما قال ان "راية المقاومة لا تسقط ، تنتقل من مجموعة إلى مجموعة ، من فصيل إلى فصيل ، من حزب إلى حزب ، من عنوان إلى عنوان ، ولكن تبقى الأحزاب والفصائل والأطر والعناوين مجرد مظهر خارجي للجوهر الحقيقي لهذه الأمة ، جوهر المقاومة" .
كما يسجل للحزب وقائده انه بالرغم من انتمائه المعلن "الايديولوجي" -- ان صح التعبير لوصف ولائه الديني -- الى "ولاية الفقيه" ("أنا أفتخر أن أكون فردا في حزب ولاية الفقيه ... ولاية الفقيه تقول لنا نحن حزبها" – 26/5/2008) فانه لم يجد أي غضاضة في الاختلاف علنا مع الموالين لهذه الولاية في العراق وفي الانحياز الى المقاومة العراقية ومعارضة مشاركتهم في "العملية السياسية" التي خطط لها وهندسها ويرعاها الاحتلال الاميركي ، ليؤكد في خطاب اخر: " نحن مع المقاومة في فلسطين، في العراق في كل مكان يحمل فيه وطني شريف سلاحه من أجل تحرير أرضه من الاحتلال والهيمنة والوصاية" وليسوغ اختلافه بقوله ان" الشيعة ليسوا حساباً واحداً ، والسنة ليسوا حساباً واحداً وليسوا معسكراً واحداً ، وليسوا مشروعاً واحداً .. ليحاسب بعضنا الآخر على أساس مواقفه الوطنية والقومية" .
لذلك سوف يظل المراقبون في انتظار تفسير للسبب الذي جعل خطاب نصر الله الاربعاء الماضي بتجاهل امرين متلازمين لا يمكن ذكر احدهما الا مقرونا بذكر الاخر واختيار تجاهل احدهما يقتضي بالضرورة تجاهل الاخر والامران على وجه التحديد هما المقاومة العراقية والاحتلال الاميركي وكلاهما لم يرد له أي ذكر في خطاب رجل يعهد فيه اعداؤه قبل انصاره الصدق في القول والعمل .
وكان تجاهل الامرين لافتا للنظر لان الرجل لم يقصر حديثه على المقاومة اللبنانية ولبنان بل توسع في القول فلسطينيا وعربيا لكنه ضن ولو ببضع كلمات على مقاومة يستعر اوارها في العراق وهي بكل المقاييس في مجاهديها وشهدائها واسراها وابعادها الاستراتيجية اكبر حجما واعمق اثرا من نظيراتها في فلسطين ولبنان بعد ان اعجزت القوة الاميركية الاعظم في التاريخ عن ترويض او اخضاع الشعب العراقي خلال ما يزيد على خمس سنوات من جهاد الكر والفر .
وفي ضوء تاريخ الرجل ومواقفه الواضحة لا يمكن الا ايجاد الاعذار لهذا التجاهل غير ان التفسير سوف يظل استحقاقا قائما لانه لا يمكن القبول باي حال بان تكون المقاومة اللبنانية جزءا مما وصفه مجاهد عراقي بالقلم ب"بالموقف اللاقومي للنظام الرسمي العربي تجاه العراق" والا سيكون قد صح ما اضافه هذا المجاهد بان "الامة كلها خذلتنا واستكثرت على نفسها النصر" !!
وتتضح الاهمية الفائقة لتضامن المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، ولو كان هذا التضامن جهادا باللسان وهو اضعف الايمان ، مع نظيرتها العراقية مما يرشح من احساس متسع بالخذلان العربي والاسلامي في الادبيات المنشورة للمقاومة العراقية بكل اطيافها . ولفت النظر مؤخرا في هذا السياق عتب "بعثي" منشور على البعثيين العرب عندما تساءل من لقب نفسه ب"الوليد العراقي" في الاول من تموز / يوليو الجاري: "رفاقنا في القيادات القطرية العربية اين هم منا في محنة احتلال العراق؟" ليضيف متسائلا عما "قدمته" هذه القيادات "لرفاقها" العراقيين .
فلسطينيا وجد هذا "العتب البعثي" مسوغا له مؤخرا في صمت "الرفاق" في جبهة التحرير العربية والجبهة العربية على دور "المعرف" الذي قالت تقارير الانباء ان الرئيس محمود عباس لعبه فيما وصفته هذه التقارير بمصافحة اللقاء العابر بين نظيره الذي يعتبر رمزا سياسيا للنظام الذي انبثق عن الاحتلال الاميركي للعراق جلال طالباني وبين وزير حرب دولة الاحتلال الاسرائيلي ايهود باراك على هامش المؤتمر الثالث والعشرين للاشتراكية الدولية في اليونان اول الشهر الجاري .
ان الحيز الكبير الذي تشغله المقاومة الفلسطينية وقضيتها الوطنية العادلة في ادبيات المقاومة العراقية لا نظير له في المقابل وباستناء بيانات مؤيدة عامة قليلة ونادرة من حركة المقاومة الاسلامية حماس وبعض المقالات عن المقاومة العراقية في وسائل نشر "فصائلية" فان منظمة التحرير الفلسطينية تكاد تكون بكماء رسميا ، لا بل انها بالرغم من وجود "الرفاق" في لجنتها التنفيذية تبدو "منفتحة" على النظام الذي جاء الاحتلال الاميركي به وراضية بانضمام هذا النظام الى السلام "كخيار استراتيجي" عربي ، ما يثير اسئلة جادة حول استمرار وجود هؤلاء الرفاق ممثلين في قيادتها وحول جدية مواقفهم السياسية المعلنة .
وما زالت الحركة الوطنية الفلسطينية بشقيها المقاوم والسياسي في الخندق المواجه للاحتلال وبالتالي فان الاصطفاف الطبيعي لها بمجملها ينبغي ان يكون الى جانب المقاومة العراقية لا الى جانب النظام في المنطقة الخضراء ببغداد الذي يصطف مع الاحتلال ضدها وهذا فارق جوهري هناك بوادر على ان قيادة المنظمة بدات تتجاهله .
*كاتب عربي من فلسطين
بينما يسعى الاحتلال الاميركي في العراق الى تعريب واقلمة وتدويل الدعم لنظام ما زال هذا الاحتلال يحاول اقامته في بغداد يستنكف من يفترض فيهم ان يكونوا الحلفاء الطبيعيين للمقاومة العراقية عن تعريب واقلمة وتدويل التضامن مع هذه المقاومة التي سيقرر انتصارها او هزيمتها مصير فشل او نجاح المشروع الاميركي – الاسرائيلي الاقليمي وبالتالي مصير أي مقاومة وكل مقاومة لهذا المشروع المندمج استراتيجيا وتكتيكيا حد التطابق مع المشروع الصهيوني في فلسطين .
ولم تخف الادارة الاميركية منذ غزوها عام 2003 انها تسعى الى اعادة رسم خريطة المنطقة انطلاقا من العراق ، بهدف استيعاب دولة المشروع الصهيوني باعتبارها "دولة اصيلة" من دول الاقليم ، على اساس هوية تعددية "شرق اوسطية" اكبر تلعب فيها القوميات المجاورة الايرانية والتركية والاثيوبية والاقليات القومية والطائفية ادوارا تطغى على دور الاغلبية العربية التي منحت للاقليم هويته العربية الاسلامية .
وفي هذا السياق فقط يمكن فهم ما قاله سماحة الشيخ حسن نصر الله يوم الاربعاء الماضي اثناء الاحتفال بتحرير الاسرى اللبنانيين والشهداء العرب من سجون الاحتلال الاسرائيلي ومقابره "الرقمية" عن ان "الهوية الحقيقية لشعوب منطقتنا الأصيلة الراسخة الثابتة لمنطقتنا ولامتنا هي هوية المقاومة وإرادة المقاومة وثقافة المقاومة ورفض الذل والاحتلال والهوان أياً كان المحتلون وأياً كان الطغاة وأياً كان الجبابرة" .
وفي هذا السياق يكون الحديث عن المقاومة في فلسطين ولبنان منقوصا اذا لم يكتمل بالحديث عن الدور الفاصل الذي يلعبه نجاح المقاومة العراقية او فشلها في تقرير مصير القضية العربية والاسلامية في فلسطين ولبنان خصوصا بعد ان ثبت بالتجربة الفلسطينية اللبنانية ان "وطنية" المقاومة سوف تظل مهددة ان نجحت قوى الاحتلال في عزلها عن خطوط امدادها الحيوية مع محيطها الجغرافي – السياسي العربي والاسلامي .
ويسجل لحزب الله الذي ولد في رحم الاحتلال ثم تسلم راية قيادة المقاومة الوطنية اللبنانية الى النصر ، اضافة الى النموذج القدوة الذي قدمه للمقاومين للاحتلال والمقاتلين من اجل حرية الاوطان في المنطقة والعالم ، انه كان اعلى صوتا من نظرائه الفلسطينيين في التاكيد في خطابه يوم الاربعاء على وحدة ما سماه "المقاومات" وعلى "تنوعها" عندما قال ان "راية المقاومة لا تسقط ، تنتقل من مجموعة إلى مجموعة ، من فصيل إلى فصيل ، من حزب إلى حزب ، من عنوان إلى عنوان ، ولكن تبقى الأحزاب والفصائل والأطر والعناوين مجرد مظهر خارجي للجوهر الحقيقي لهذه الأمة ، جوهر المقاومة" .
كما يسجل للحزب وقائده انه بالرغم من انتمائه المعلن "الايديولوجي" -- ان صح التعبير لوصف ولائه الديني -- الى "ولاية الفقيه" ("أنا أفتخر أن أكون فردا في حزب ولاية الفقيه ... ولاية الفقيه تقول لنا نحن حزبها" – 26/5/2008) فانه لم يجد أي غضاضة في الاختلاف علنا مع الموالين لهذه الولاية في العراق وفي الانحياز الى المقاومة العراقية ومعارضة مشاركتهم في "العملية السياسية" التي خطط لها وهندسها ويرعاها الاحتلال الاميركي ، ليؤكد في خطاب اخر: " نحن مع المقاومة في فلسطين، في العراق في كل مكان يحمل فيه وطني شريف سلاحه من أجل تحرير أرضه من الاحتلال والهيمنة والوصاية" وليسوغ اختلافه بقوله ان" الشيعة ليسوا حساباً واحداً ، والسنة ليسوا حساباً واحداً وليسوا معسكراً واحداً ، وليسوا مشروعاً واحداً .. ليحاسب بعضنا الآخر على أساس مواقفه الوطنية والقومية" .
لذلك سوف يظل المراقبون في انتظار تفسير للسبب الذي جعل خطاب نصر الله الاربعاء الماضي بتجاهل امرين متلازمين لا يمكن ذكر احدهما الا مقرونا بذكر الاخر واختيار تجاهل احدهما يقتضي بالضرورة تجاهل الاخر والامران على وجه التحديد هما المقاومة العراقية والاحتلال الاميركي وكلاهما لم يرد له أي ذكر في خطاب رجل يعهد فيه اعداؤه قبل انصاره الصدق في القول والعمل .
وكان تجاهل الامرين لافتا للنظر لان الرجل لم يقصر حديثه على المقاومة اللبنانية ولبنان بل توسع في القول فلسطينيا وعربيا لكنه ضن ولو ببضع كلمات على مقاومة يستعر اوارها في العراق وهي بكل المقاييس في مجاهديها وشهدائها واسراها وابعادها الاستراتيجية اكبر حجما واعمق اثرا من نظيراتها في فلسطين ولبنان بعد ان اعجزت القوة الاميركية الاعظم في التاريخ عن ترويض او اخضاع الشعب العراقي خلال ما يزيد على خمس سنوات من جهاد الكر والفر .
وفي ضوء تاريخ الرجل ومواقفه الواضحة لا يمكن الا ايجاد الاعذار لهذا التجاهل غير ان التفسير سوف يظل استحقاقا قائما لانه لا يمكن القبول باي حال بان تكون المقاومة اللبنانية جزءا مما وصفه مجاهد عراقي بالقلم ب"بالموقف اللاقومي للنظام الرسمي العربي تجاه العراق" والا سيكون قد صح ما اضافه هذا المجاهد بان "الامة كلها خذلتنا واستكثرت على نفسها النصر" !!
وتتضح الاهمية الفائقة لتضامن المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، ولو كان هذا التضامن جهادا باللسان وهو اضعف الايمان ، مع نظيرتها العراقية مما يرشح من احساس متسع بالخذلان العربي والاسلامي في الادبيات المنشورة للمقاومة العراقية بكل اطيافها . ولفت النظر مؤخرا في هذا السياق عتب "بعثي" منشور على البعثيين العرب عندما تساءل من لقب نفسه ب"الوليد العراقي" في الاول من تموز / يوليو الجاري: "رفاقنا في القيادات القطرية العربية اين هم منا في محنة احتلال العراق؟" ليضيف متسائلا عما "قدمته" هذه القيادات "لرفاقها" العراقيين .
فلسطينيا وجد هذا "العتب البعثي" مسوغا له مؤخرا في صمت "الرفاق" في جبهة التحرير العربية والجبهة العربية على دور "المعرف" الذي قالت تقارير الانباء ان الرئيس محمود عباس لعبه فيما وصفته هذه التقارير بمصافحة اللقاء العابر بين نظيره الذي يعتبر رمزا سياسيا للنظام الذي انبثق عن الاحتلال الاميركي للعراق جلال طالباني وبين وزير حرب دولة الاحتلال الاسرائيلي ايهود باراك على هامش المؤتمر الثالث والعشرين للاشتراكية الدولية في اليونان اول الشهر الجاري .
ان الحيز الكبير الذي تشغله المقاومة الفلسطينية وقضيتها الوطنية العادلة في ادبيات المقاومة العراقية لا نظير له في المقابل وباستناء بيانات مؤيدة عامة قليلة ونادرة من حركة المقاومة الاسلامية حماس وبعض المقالات عن المقاومة العراقية في وسائل نشر "فصائلية" فان منظمة التحرير الفلسطينية تكاد تكون بكماء رسميا ، لا بل انها بالرغم من وجود "الرفاق" في لجنتها التنفيذية تبدو "منفتحة" على النظام الذي جاء الاحتلال الاميركي به وراضية بانضمام هذا النظام الى السلام "كخيار استراتيجي" عربي ، ما يثير اسئلة جادة حول استمرار وجود هؤلاء الرفاق ممثلين في قيادتها وحول جدية مواقفهم السياسية المعلنة .
وما زالت الحركة الوطنية الفلسطينية بشقيها المقاوم والسياسي في الخندق المواجه للاحتلال وبالتالي فان الاصطفاف الطبيعي لها بمجملها ينبغي ان يكون الى جانب المقاومة العراقية لا الى جانب النظام في المنطقة الخضراء ببغداد الذي يصطف مع الاحتلال ضدها وهذا فارق جوهري هناك بوادر على ان قيادة المنظمة بدات تتجاهله .
*كاتب عربي من فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق