نبيل عودة
نحن نفتخر بالمطران شقور ونجله على الدور التربوي العظيم الذي قام ، ويواصل القيام به في مجتمعنا العربي في اسرائيل .وأعتقد ان تصريحاته ربما زلة لسان لم يعنها حرفيا أنما اراد حض ابناء الطوائف المسيحية على المزيد من العطاء الوطني في هذا الزمن الأغبر والسيء ، حيث تكثر هجرة ابناء الطوائف المسيحية من الشرق العربي ، بسبب المعاناة والاضطهاد الذي يتعرضون له من قوى متطرفة تدعي التدين كذبا وبينها وبين الأصالة الدينية ، هوة لا يمكن ردمها.
ان واقع المسيحيين اليوم في الشرق سيء جدا . اقرأوا مقال وزير الاعلام الأردني السابق ، صالح القلاب ، حول واقع المسيحيين المهين في الشرق ، ونقده اللاذع للتعامل معهم .اقراوا مقال الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت التي تنتقد بقسوة تعامل السلطات المصرية مع أقباط مصر . اقرأوا مقال الصحفية الفلسطينية ناديا عيلبوني حول ما جرى من جرائم بحق المسيحيين في غزة . اقرأوا مقالا ممتازا للأمير طلال بن الوليد نشره قبل أكثر من 6 سنوات ، يحذر فيه من هجرة المسيحيين بسبب الآضطهاد والتعامل الظلامي معهم ، ويقول ان العالم العربي يفقد بذلك الطبقة صاحبة المصلحة في التطوير الاقتصادي والاجتماعي والقادرة على مد جسور نحو الحضارة العربية التي ما زال الشرق يشحدها . وكذلك هناك مقال بنفس الروح للصحفي الكبير محمد حسنين هيكل.
الحقيقة التاريخية ان ابناء الطوائف المسيحية في الشرق ، لعبوا دورا أساسيا في كل الرقي الحضاري للدولة العربية الاسلامية ، منذ زمن العباسيين ، خاصة في فترة هارون الرشيد وابنيه الأمين والمأمون ، والى يومنا الراهن . عشرات العقول المسيحية ، والاسلامية أيضا تغادر الوطن قهرا .. ويمكن القول ان التنوير يغادر عالمنا العربي ، من هنا أفهم صرخة المطران الياس شقور. ان من يقرا المقابلة كاملة يفهم الموقف السليم للمطران شقور. ومن يريد ان يزاود ،أو يتحين الفرصة لأمر في نفس يعقوب ، عليه ان يعرف أولا ما أنجزه هذا الانسان لمجتمعه العربي بكل طوائفه ، من فتح مكتبات عامة ، عرفت ان احداها في نحف وافتتاح مدرسة ثانوية في دبورية .. وسجله أكبر من ان يسجل بهذه العجالة الصحفية.
لست الآن في باب استعراض الدور التاريخي للمسيحيين العرب ، ولكني لا بد من أن أشير الى حقيقة لا يمكن تجاهلها ان المسيحيين العرب كانوا وراء نشوء الحركات القومية العريية ونشر الصحافة والمسرح والرواية والطباعة والوعي القومي ( أول مطبعة أقيمت في بيروت من الارساليات المسيحية)، ويكفي الحديث عن دور الآباء اليسوعيين في لبنان الذين انقذوا اللغة العربية من التتريك . ويكفي أيضا الاشارة الى دور ادباء المهجر ، وكلهم مسيحيون ، الذين أعطوا للثقافة العريية والحضارة العربية أدبا راقيا ما زال يسحرنا حتى اليوم ، وشكل انطلاقة لغوية عربية رفعت اللغة العربية الى مصاف اللغات الحية . وفتحوا امام الثقافة العربية آفاقا واسعة حدودها السماء.
هل من ينكر دور المسيحيين العرب في تطوير الصحافة في مصر ، وتطوير المسرح والسينما وسائر الفنون؟ ان الحديث الذي أدلى به المطران شقور ( بالأساس العنوان الذي إختارته الصحيفة لأمر لا يخدم الهدف من الحديث مع شخصية دينية وناشطة اجتماعيا وتعليميا ) يجب ان يفهم بنسبيته ، وليس بمضمونه المطلق. لأن الأب شقور هو متابع للنهج الحضاري المسيحي الوطني ، الذي يفتح الآفاق للتعليم أمام الاف الطلاب العرب من جميع الطوائف.ويقوم بدور نضالي لا يمكن الاستهانة به ، من أجل تعزيز مكانة المسيحيين في الشرق ، وتعزيز مكانة ابناء العروبة بكل دياناتهم ، أمام ما يواجهونه من مؤمرات على أوطانهم ومستقبلهم.
بالطبع نحن ضد الطائفية البغيضة ، نحن ضد الكراهية بين ابناء الوطن الواحد.
استعرضوا الأحزاب القومية العربية ، تجدوا ان المسيحيين العرب كانوا ضمن القوى الطلائعية في التأسيس والتنظير والنشاط الفكري والسياسي وارساء الأخوة الوطنية .
لا أحب حديث الطوائف ، ولكن طرح الموضوع خرج عن اطاره . ونحن ، بقدر انتمائنا الى دين ما ، ننتمي الى قومية والى ثقافة والى تاريخ هو فخر لكل ابناء العروبة ، وأرجو عدم المزايدة على المطران الياس شقور.
نبيل عودة- كاتب وناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com
الأربعاء، يوليو 30، 2008
لا تزايدوا على المطران شقور
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق