ربحان رمضان
روى لي ابن الحلاق الصيداوي المقيم بجانب ثانوية فخر الدين للبنات في مدينة بيروت اللبنانية عن جده لأبيه الذي كان كان من الموالين لآل حمية * (عائلة كردية في طاريا (منطقة البقاع اللبناني ) القادمة إليها من العراق مع جدهم حمو الكردي ، وهم على المذهب الشيعي * . بأن كرديا اسمه حمو يعتقد أنه من آل حمية كان له ثلاثة أولاد ، اسماهم حبا بالسيد الحسن بن علي عليهما السلام (حسن) ..
اسم الأول حسن الذي ولد عندما زار يوسف بن سيفا باشا (الكردي) والي طرابلس قرية طاريا ..
وثانيهما حسن الذي ولد في سنة قحط جلبت على السكان الويلات ..
وثالثهما حسن الذي ولد وأبيه في ساح القتال يقاتل عوضا عن الوالي ..
تابع الحلاق روايته فقال لي : أن حمو قرر ذات يوم السفر إلى كربلاء لزيارة مرقد الحسين عليه السلام عن طريق حلب - الموصل ، وفي أثناء سفره أصيب بمرض بالحمى فمات ، ودفنه أصحابه بالقرب من مدينة كركوك التي كانت تسمى في ذلك الزمان ب "كاركوك " والتي تعني " العمل المنظم " باللغة الكردية .
لما علم أولاده بالخبر أقاموا له عزاء لمدة أربعون يوم ، ثم اجتمعوا على وصية والدهم فوجدوا أنه كتب في طيها : حسنان يرثان ، وحسن لا يرث .
لما لم يجدوا حلا اقترح أحدهم أن يذهبوا إلى مايسمى ب (الشرع) والذي يعرف بأنه كبير القوم ، وأكثرهم تدينا ً ..
في اليوم التالي انطلقوا نحو بعقلين المدينة التي استقر بها القائد الكردي معن الأيوبي في أوائل القرن الثاني عشر للميلاد بغية مقابلة شيخ القرية وسؤاله عن وصية والدهم .
في الطريق بالقرب من ضيعة بر الياس رأوا ثلاثة نسوة .
قال الأول : هذه المرأة التي تضع يدها على صدرها لمرضع .
قال الثاني : وتلك التي تضع يدها على بطنها لحامل .
أما الثالث فقال : الثالثة عذراء ..
وأكملوا الطريق .
توقفوا لشرب الماء بالقرب من قرية تعلبايا وكانت هناك مساحة من الأرض فيها بقايا حصيد شعير .
قال الأول : كان هنا جمل أعور .
تبعه الثاني فقال : وهو أزعر ** .
فقال الثالث : ويحمل زبيبا ً وقمح .
وأكملوا الطريق ، فأوقفهم بالقرب من ضيعة قب الياس رجل يولول ويقول ضاع جملي .. ضاع جملي ..
سأله الأول : هل هو أعور؟
- أجاب الرجل : نعم أعور .
سأله الثاني : وهل هو أزعر ؟
- أجاب الرجل : نعم ، يحمل زبيبا ً وقمح .
سأله الثالث : وهل يحمل زبيبا ً وقمح .
أجاب الرجل : هو ، هو جملي ، أنتم سرقتم جملي .
ولمـّا لم يصدقهم الرجل أصرّ أن يذهب معهم إلى الشارع ..
رحب بهم شيخ "بعقلين" فبادره الرجل الذي أضاع جمله قائلا ً :
- إنهم سرقوا جملي .
وكيف عرفت أنهم سرقوه ؟ سأله الشيخ .
- لقد وصفوه وأحسنوا الوصف .أجاب الرجل صاحب الجمل .
ثم توجه الشيخ بكلامه إلى الإخوة الثلاثة وقال : من أين عرفتم أنه أعور ، وأزعر ، ويحمل زبيبا ً وقمح ؟
الأول قال : عرفته أعور لأن الكلأ في المكان الذي كنا فيه مأكول من جهة واحدة ، كان الجمل يرى في عينه اليسرى والجهة المأكولة في الجهة اليمنى .
الثاني قال : أما أنا فقد عرفته أزعر لأن خريئته (برازه) كامل ، وخريئة الجمل عادة يقسمها ذيله إلى قسمين .
فلو كان ذيله كامل لكانت خريئته مقسومة إلى قسمين .
أما الثالث فقال : وجدت في المكان الذي كان فيه الجمل ذباب ، ونمل ، ذباب أتى من أجل الزبيب ، ونمل أتى من أجل القمح .
التفت القاضي إلى الرجل وقال : هؤلاء لم يسرقوا جملك ، وإنما وصفوه ، دعنا نسمع حاجتهم .
فشرح حسن قضية وصية والدهم على شيخ "بعقلين" .
أجابه القاضي : بعد تناولنا الطعام سأجيبكم على السؤال .
قدم الشيخ لضيوفه الأكل وخرج يستمع إلى باحة الدار ليأكلوا كما يشتهون .
واحدهم قال : هذا الخروف رضع من كلبة .
فلما سمع الشيخ هذا الكلام نادى الراعي مباشرة ، وسأله : هل رضع هذا الخروف من كلبة ؟!! .
أجاب الرعي : أي والله يا شــيخ ، فقد ماتت أم الخروف وهو قبل فطامه فأرضعته كلبة .
ثم عاد ليسمع بقية التعليقات .. فقال حسن الثاني ، وهذا الخبز عجنته حائض .
فأسرع إلى زوجته وسألها : هل أنت حائض ؟
قالت : نعم ، ليس عندي من يساعدني ويعجن العجين بدلا ً مني .
ثم عاد الشيخ ليسمع ما تبقى من تعليقات ، فقال الثالث :
إنما المضيف ابن حرام ، قدم لنا الأكل وخرج ليأكل وحده .
فدخل الشيخ وقال :
- أنت ياحسن ترث ، وأنت ياحسن ترث .
- أما أنت يا حســـــن فلن ترث ، لأنه لا يعرف ابن الحــرام إلا (ابن الحرام ) .
= = = = = = = = =
- * اقرأ أكراد لبنان للأستاذ الباحث محمد علي الصويركي .
روى لي ابن الحلاق الصيداوي المقيم بجانب ثانوية فخر الدين للبنات في مدينة بيروت اللبنانية عن جده لأبيه الذي كان كان من الموالين لآل حمية * (عائلة كردية في طاريا (منطقة البقاع اللبناني ) القادمة إليها من العراق مع جدهم حمو الكردي ، وهم على المذهب الشيعي * . بأن كرديا اسمه حمو يعتقد أنه من آل حمية كان له ثلاثة أولاد ، اسماهم حبا بالسيد الحسن بن علي عليهما السلام (حسن) ..
اسم الأول حسن الذي ولد عندما زار يوسف بن سيفا باشا (الكردي) والي طرابلس قرية طاريا ..
وثانيهما حسن الذي ولد في سنة قحط جلبت على السكان الويلات ..
وثالثهما حسن الذي ولد وأبيه في ساح القتال يقاتل عوضا عن الوالي ..
تابع الحلاق روايته فقال لي : أن حمو قرر ذات يوم السفر إلى كربلاء لزيارة مرقد الحسين عليه السلام عن طريق حلب - الموصل ، وفي أثناء سفره أصيب بمرض بالحمى فمات ، ودفنه أصحابه بالقرب من مدينة كركوك التي كانت تسمى في ذلك الزمان ب "كاركوك " والتي تعني " العمل المنظم " باللغة الكردية .
لما علم أولاده بالخبر أقاموا له عزاء لمدة أربعون يوم ، ثم اجتمعوا على وصية والدهم فوجدوا أنه كتب في طيها : حسنان يرثان ، وحسن لا يرث .
لما لم يجدوا حلا اقترح أحدهم أن يذهبوا إلى مايسمى ب (الشرع) والذي يعرف بأنه كبير القوم ، وأكثرهم تدينا ً ..
في اليوم التالي انطلقوا نحو بعقلين المدينة التي استقر بها القائد الكردي معن الأيوبي في أوائل القرن الثاني عشر للميلاد بغية مقابلة شيخ القرية وسؤاله عن وصية والدهم .
في الطريق بالقرب من ضيعة بر الياس رأوا ثلاثة نسوة .
قال الأول : هذه المرأة التي تضع يدها على صدرها لمرضع .
قال الثاني : وتلك التي تضع يدها على بطنها لحامل .
أما الثالث فقال : الثالثة عذراء ..
وأكملوا الطريق .
توقفوا لشرب الماء بالقرب من قرية تعلبايا وكانت هناك مساحة من الأرض فيها بقايا حصيد شعير .
قال الأول : كان هنا جمل أعور .
تبعه الثاني فقال : وهو أزعر ** .
فقال الثالث : ويحمل زبيبا ً وقمح .
وأكملوا الطريق ، فأوقفهم بالقرب من ضيعة قب الياس رجل يولول ويقول ضاع جملي .. ضاع جملي ..
سأله الأول : هل هو أعور؟
- أجاب الرجل : نعم أعور .
سأله الثاني : وهل هو أزعر ؟
- أجاب الرجل : نعم ، يحمل زبيبا ً وقمح .
سأله الثالث : وهل يحمل زبيبا ً وقمح .
أجاب الرجل : هو ، هو جملي ، أنتم سرقتم جملي .
ولمـّا لم يصدقهم الرجل أصرّ أن يذهب معهم إلى الشارع ..
رحب بهم شيخ "بعقلين" فبادره الرجل الذي أضاع جمله قائلا ً :
- إنهم سرقوا جملي .
وكيف عرفت أنهم سرقوه ؟ سأله الشيخ .
- لقد وصفوه وأحسنوا الوصف .أجاب الرجل صاحب الجمل .
ثم توجه الشيخ بكلامه إلى الإخوة الثلاثة وقال : من أين عرفتم أنه أعور ، وأزعر ، ويحمل زبيبا ً وقمح ؟
الأول قال : عرفته أعور لأن الكلأ في المكان الذي كنا فيه مأكول من جهة واحدة ، كان الجمل يرى في عينه اليسرى والجهة المأكولة في الجهة اليمنى .
الثاني قال : أما أنا فقد عرفته أزعر لأن خريئته (برازه) كامل ، وخريئة الجمل عادة يقسمها ذيله إلى قسمين .
فلو كان ذيله كامل لكانت خريئته مقسومة إلى قسمين .
أما الثالث فقال : وجدت في المكان الذي كان فيه الجمل ذباب ، ونمل ، ذباب أتى من أجل الزبيب ، ونمل أتى من أجل القمح .
التفت القاضي إلى الرجل وقال : هؤلاء لم يسرقوا جملك ، وإنما وصفوه ، دعنا نسمع حاجتهم .
فشرح حسن قضية وصية والدهم على شيخ "بعقلين" .
أجابه القاضي : بعد تناولنا الطعام سأجيبكم على السؤال .
قدم الشيخ لضيوفه الأكل وخرج يستمع إلى باحة الدار ليأكلوا كما يشتهون .
واحدهم قال : هذا الخروف رضع من كلبة .
فلما سمع الشيخ هذا الكلام نادى الراعي مباشرة ، وسأله : هل رضع هذا الخروف من كلبة ؟!! .
أجاب الرعي : أي والله يا شــيخ ، فقد ماتت أم الخروف وهو قبل فطامه فأرضعته كلبة .
ثم عاد ليسمع بقية التعليقات .. فقال حسن الثاني ، وهذا الخبز عجنته حائض .
فأسرع إلى زوجته وسألها : هل أنت حائض ؟
قالت : نعم ، ليس عندي من يساعدني ويعجن العجين بدلا ً مني .
ثم عاد الشيخ ليسمع ما تبقى من تعليقات ، فقال الثالث :
إنما المضيف ابن حرام ، قدم لنا الأكل وخرج ليأكل وحده .
فدخل الشيخ وقال :
- أنت ياحسن ترث ، وأنت ياحسن ترث .
- أما أنت يا حســـــن فلن ترث ، لأنه لا يعرف ابن الحــرام إلا (ابن الحرام ) .
= = = = = = = = =
- * اقرأ أكراد لبنان للأستاذ الباحث محمد علي الصويركي .