خالد ساحلي
الانتفاع الفوقي الطبقي داخل المجتمع يحتّم على الفرد العناية بكل المسالك الناقلة لنفايات انتفاعه حتى تأخذ طريقها لمجاريها دون إثارة الانتباه لطبقات المجتمع برائحتها العفنة أو بانسداد قنوات تصريف فسادها.
إن ذلك يثير الاستياء في النفوس و يغرس القلق في قلب الهدوء؛ يفجّر الفوضى ويحرّك احتجاج الجميع للمطالبة بالإصلاح. قد يعرّض ذلك الهرم لفقدان توازنه بمجرد التدافع نحو الأعلى لأجل رؤية ما يحدث والوقوف على معرفة سبب حياتهم في هذا الوسط العفن الذي قلب عليهم جوّهم الصافي النقي إلى وسط نتن الرائحة.
هذا يدفع إما للهروب والرحيل ومغادرة ما هم تحت تأثيره أو التكتل لأجل الصعود حتى على البنية حامية الهرم نفسها وتكسير القوانين وأصنامها... سيفعلون ذلك رغم تفرقهم واختلاف مستوياتهم داخل المجتمع.
إن الانتفاع الفوقي في الهرم إنما حصّل هذا بفضل السلالم التي تخطاها داخل البناء السياسي و الثقافي بعد أن ألفه المجتمع و المجتمع ألفه و ألف خطابه الإيديولوجي الداعي للتغير والإصلاح. الأغلبية تندفع وراء الجاهز و المباشر لذلك تقع في شراك الأكاذيب السياسية المنطلقة من مرجعيات ثقافية داخل إطار المجتمع التابع.
الأقلية هنا لا تتدخل لا في صناعة التغيير و لا الحث عليه لأنها ترى ذلك مؤشر نهاية متعفنة وبداية فوضى لحقبة جديدة تتخذ الحياد الايجابي. الأقلية هي و لا شك المؤمنة بالفكرة الغير ثابتة للخطاب، لأنها تحمل دائما الفكرة المشككة الباحثة عن النتائج في الأسباب والمعلنة عن الأزمات قبل حدوثها، هذه الفئة تحذر قبل وقوع الخطر لكن لا يسمع لها صوت و لا يلقى لها بال لأنها تعتبر مثالية وقتها توضع في زمرة الذباب الطنان الأخضر المفسد لنوم البغل المستريح بعد العناء وعمله الشاق.
الأقلية هنا لا تتدخل ولا تشارك في حل الاحتقان أو السعي للانفراج السلمي بعد الانسداد الجزئي أو الكلي مع أنواع الطبقات المختلفة داخل المجتمع. تبقى الأقلية الورقة الأخيرة التي تلجا إليها إما السلطة لتخطب نيابة عنها و لتحسين الوضع القائم و إطفاء نار الفوضى من خلال ما تقدمه من توعية و توجيه للرأي العام لأنها تملك وسائل الإقناع و إما تكون مقصد الجماهير فهي تحتاجها لتفاوض بواسطتها النظام القائم داخل هرم السلطة.
في الوقت ذاته العداء تخفيه الجهتين لهذه الأقلية . حين تنطلي حيلة السلطة داخل الهرم لا تعدو الأقلية إلا مذنبا وجب محاسبته و نفيه. هذه الفئة القليلة حاملة الجرس مصدر الإزعاج بتهمة التآمر على قلب الوضع القائم. أما جهة الجماهير المصدّقة للوعود و النائمة في عسل الأكاذيب فكانت الوسيلة الحقيرة المنتقمة من الأقلية المفكرة إما بإقصائها من الحياة الفكرية و إما بوضع الحواجز المثبطة المتمثلة في المقاطعة الواسعة أو بالتكذيب بالابتعاد عن جرعاتها العلاجية ورشقها باللإ استماع و اللا إتباع لأمرها.وإفساد الناس لبنائها بما تداولوه من افتراءات فيتطير منها الخلق وتحل اللعنة عليها أينما توجهت.
من تكون إذا الفئة القليلة أليست هي امتزاج لأفكار السلطة والمجتمع؟ أليس للمجتمع نخبة و للسلطة نخبة ونخبة الحياد؟ لا وجود للفكرة البريئة الساذجة كما لا وجود للفكرة المحتالة لا الأولى تجسر على تكسير الشائع و أصنامه ولا الثانية تسمح بالمنافسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق