راسم عبيدات
......يبدو أن سعّار المستوطنين وجرائمهم ضد المواطنين العرب آخذة في التصاعد والتواصل والشمولية،وبدأت تأخذ أشكال منظمة وشعبية،ولم تعد المسألة قصراً على فئات معزولة أو هامشية من قطعان المستوطنين المتطرفين،بل في ظل وجود حواضن سياسية واجتماعية ودينية لهذه القطعان الاستيطانية،وفي ظل غياب المحاسبة أو المسائلة أو تطبيق القانون على هؤلاء المستوطنين،وجدنا أن هناك حالة واسعة من الانفلات لهذه القطعان المسعورة،والتي بدأت بشن حرباً شاملة على المواطنين العرب،على طول وعرض مساحة فلسطين التاريخية،فقبل ما يقل عن شهرين،وتحت حجة وذريعة قيام أحد المواطنين العرب باختراق حرمة عيد الغفران اليهودي وسياقة سيارته في عكا،قامت قطعان المستوطنين بشن حرب شاملة على عكا وسكانها العرب،حيث أصيب عدد كبير من المواطنين العرب،وحوصر العديد منهم في البيوت، وأحرقت الكثير من ممتلكاتهم وبيوتهم ومتاجرهم، ووجدت تلك الحرب تشجيعاُ من أعضاء كنيست ورئيس البلدية نفسه والذي قاد بنفسه عملية التحريض على العرب، فيما يؤشر الى بداية حملة تطهير عرقي وترحيل قسري للسكان العرب في مناطق 1948، تكون بدايتها طرد وترحيل السكان العرب من المدن المختلطة،وما يخطط له اليمين والمستوطنين من القيام بمظاهرة استفزازية في داخل مدينة أم الفحم العربية في الأيام القليلة القادمة،يدعم وجهة النظر هذه،والهجمة لم تقتصر على عكا والامتداد الى يافا وغيرها من المدن العربية داخل الخط الأخضر،بل صعد المستوطنين المشبعين بأفكارمغلقة وعنصرية وأيدولوجيا توراتية مغلفة بالأساطير والخرافات من حربهم لتطال الضفة العربية ومدينة القدس،وقد برزت تجليات هذه الهجمة المسعورة في أبشع وأشرس صورها في مدينة الخليل،حيث يقوم غلاة المستوطنين المتطرفين والمزروعين في خمسة بؤر استيطانية هناك أكبرها "كريات أربع"، تحت سمع وبصر الجيش وحمايته، بشن حرب شاملة على المواطنين العرب هناك،وبعد أن أقدم الجيش الاسرائيلي على إخلاء هؤلاء المستوطنين من بيت عائلة الرجبي الذي استولوا عليه،بدأت تلك القطعان بشن حرب دروس على كل ما يمت للوجود الفلسطيني هناك بصلة من بشر وشجر وحجروحيوان،حيث قام المستوطنين بإحراق عشرات المنازل والمحال التجارية وتقطيع الأشجار واتلاف الممتلكات،واطلاق النار والاعتداءات على المواطنين العرب، والتي أدت الى اصابة ما لا يقل عن خمسين منهم،وبالطبع هذه الحملة المدعومة والمحروسة من قوى الجيش والأمن الاسرائيلي ومباركة الجهاز السياسي،شاركت فيها كلاب المستوطنين المسعورة كأصحابها ونهشت العديد من المواطنين،وحتى لم تسلم سيارات الاطفاء والاسعاف من تلك الإعتداءات،والتي منعت من الوصول الى ساحة الأحداث لإخلاء الجرحى والمصابين واخماد الحرائق،وأحرق ودمر العديد منها،وبما أن المستوطنين دولة فوق القانون كحال الدولة الراعية والحاضنة لهم،والتي 95% من اعتداءاتهم على المواطنين العرب تغلق وتسجل ضد مجهول،وفي الحالات القليلة جداً والتي يحاكم فيها المستوطنين،تكون الأحكام خفيفة جداً وغير رادعة وفي سجون مفتوحة.
وفي اطار تلك الحرب الشاملة التي يشنها المستوطنين،عملوا على تأطير وتنظيم أنفسهم،بحيث أصبحت العنصرة والتطرف تياراً شعبياً يحظى بالدعم والتأييد في مختلف المؤسسات والهيئات بأشكالها وتسمياتها المختلفة ومن قمة الهرم السياسي والديني وحتى المؤسسات واللجان المحلية والبلدية،وواضح جداً أن نصيب الشمال الفلسطيني الضفة الغربية،من تلك الاعتداءات والهجمات ،ليس بأقل ما جرى ويجري في الخليل،حتى أن المستوطنين استخدموا في هجماتهم على القرى الفلسطينية هناك بورين وعقربا وحوارة وسالم وعورتا ودير شرف وبيتا وكفر قليل وغيرها الصواريخ ،وأحرقوا وسرقوا المحاصيل الزراعية،ومنعوا في الكثير من الحالات المزارعين الفلسطينيين من قطف ثمار مزروعاتهم،وفي العديد من الحالات أطلقوا الخنازير البرية في أراضي المزارعين الفلسطينيين لتدمر مزروعاتهم وتهاجمهم،ووصل الأمر أيضاً حد اعدام أحد الرعاة الفلسطينيين بدم بارد،ناهيك عن الكثير من الاصابات التي أوقعوها في صفوف المواطنين نتيجة تلك الاعتداءات،والتي بالطبع يرافقها قطع واغلاق الطرق المؤدية والموصلة الى القرى العربية.
وما يحدث في الداخل والضفة الغربية،يجد تجلياته بشكل سافر في القدس العربية،حيث هدم المنازل وتشريد المواطنين،ونبش قبور الموتى،وتكثيف الاستيطان والاستيلاء على المنازل،واقامة الكنس في البلدة القديمة وبالقرب من المسجد الأقصى وحفر الانفاق تحته وغير ذلك،وبما يشير الى أن ما يحاك ويخطط بحق القدس والمقدسيين من تهويد وأسرلة وتطهير عرقي،يجري على قدم وساق،وبمشاركة ودعم ومساندة من أعلى سلطة سياسية،وفي اطار سعيها لإحكام السيطرة على القدس الشرقية،وإخراجها من دائرة التفاوض في أية عملية سلام محتملة.
وما يجري ويحصل من هجمات وحرب شاملة من قبل قطعان المستوطنين وتصاعد سعّارهم،ليس بمعزل عن رعاية ودعم واحتضان من أعلى المستويات السياسية،وهذه الرعاية والاحتضان والتفاخر والتباهي والتسابق من قبل الأحزاب الاسرائيلية في دعم الاستيطان والمستوطنين،نرى أنه يزداد ويتصاعد مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات الاسرائيلية،فهناك حاجاتان أساسيتان وهما من الثوابت لمختلف ألوان الطيف السياسي الاسرائيلي،ألا وهي أن زيادة شعبيتها وجماهيريتها وتمثيلها في الكنيست والحكومة،يؤمنها لها قدر أعلى من ارتكاب المجازر والجرائم بحق العرب والفلسطينيين ودعم الاستيطان والمستوطنين،ونحن نلحظ ذلك في تصاعد الحرب والحصار على أهلنا في قطاع غزة،والحرب الشاملة التي يشنها المستوطنين على شعبنا في كافة أماكن وجوده من عكا حتى الخليل،ومن جنين حتى رفح،تستدعي من كل أبناء شعبنا الفلسطيني،بمختلف ألوان طيفهم السياسي،ضرورة أن يعوا ويدركوا جيداً،أنه بدون وحدتهم وانهاء عوامل الفرقة والانقسام واعادة الوحدة واللحمة الى جناحي الوطن ،فأنهم غير قادرين على المواجهة والتصدي لجرائم المستوطنين،والتي باتت على درجة عالية جداً من الخطورة ،والتي تستهدف وجودنا العربي الفلسطيني على أرضنا،وهذه الهجمات والحرب الشاملة،تأتي كبروفات تمهيداً لعمليات تطهير عرقي وترحيل قسري واسعتين،قد يكون شعبنا وأهلنا في مناطق 1948 إحدى عناوينها وربما تكون القدس الاستهداف الأول قبل غيرها،وما بين أن تكون عكا أو القدس أو الخليل مسألة وقت ليس إلا،ولذلك فلنتسامي فوق جراحاتنا ونلجم خلافاتنا وصراعتنا على وهم سلطة لا تمتلك من مقومات السيادة حتى مغادرة أو تنقل دون اذن الاحتلال للكبير قبل الصغير والوزير قبل الغفير.
الجمعة، ديسمبر 05، 2008
سعّار المستوطنين من عكا حتى الخليل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق