عبـد الكـريم عليـــان
قبل التاسع من تشرين الثاني الفارط الموعد الذي كان يمكن أن يوقع فيه الفلسطينيون وثيقة اتفاق القاهرة الذي تأجل إلى إشعار آخر.. واتهمت فيه حركة حماس بإفشال الحوار حيث طالبت باجتماع ثنائي بينها وبين حركة فتح قبل حوار القاهرة الأمر الذي رفضته تماما حركة فتح، حضرت جلسة نقاش شارك فيها ممثلين عن معظم الفصائل الفلسطينية، ودار نقاش ساخن بين معظم ممثلي الفصائل من جهة، ومع الجمهور من جهة أخرى.. وطالب الجميع حركة حماس في غزة وكذلك السلطة في رام الله بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين لديهما كبادرة لحسن النوايا، فيما ركز ممثل حركة حماس بالحديث عن التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والسلطات الإسرائيلية محاولا اتهام السلطة الفلسطينية بشكل سافر للعلاقة المشبوهة بينها وبين إسرائيل.. مما دفعني لتوجيه سؤالا مهما لحركة حماس في هذا الجانب، وهو: ما الفرق بين ما تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، وبين ما تقوم به أجهزة حماس في غزة من ملاحقة ومراقبة عناصر المقاومة من غير حماس، وفي بعض الأحيان دارت بينهما اشتباكات مسلحة كان نتيجتها إصابات متعددة؟ بالطبع! كان الجواب مبهما بعيدا عن جوهر السؤال بأن لا فرق ففي الضفة قانون ويجب الحفاظ عليه.. وفي غزة تهدئة ويجب الحفاظ عليها حتى تتمكن حركة حماس وحكومتها من تنفيذ منهاجها الظلامي بالقوة مستخدمة العاطفة الوطنية لدى الفلسطينيين لتحقيق أهدافا جديدة/قديمة لدى حركة الإخوان المسلمين والمستفيد الأول والأخير منها هو: إسرائيل وأمريكا بوش ومن تحالف معهما .
ليس خافيا على أحد أن البرنامج السياسي لحركة حماس هو نفسه برنامج حركة الإخوان المسلمين والذي يسميه البعض منهاجا وليس برنامجا، وهذا المنهاج لا يتضمن إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة لها هويتها السياسية والاقتصادية والثقافية، فالجميع يعرف أهدافها في بناء (الأخ والأخت) المسلم القوي البنية والعقيدة تمهيدا لبناء الأسرة القوية ومن ثم المجتمع وصولا إلى الدولة ومن ثم الخلافة كشكل من أشكال الوحدة بين الدول.. هذا جميل ورائع وطموح لا يرفضه أي مسلم على وجه البسيطة، لكن هل هذا ممكنا في واقع المسلمين والعرب الحالي من جهة..؟ وفي زمن يسود فيه البقاء للأقوى؟ وفي واقع أن العالم أصبح قرية صغيرة لا يمكن لدولة أن تعيش لوحدها منعزلة عن باقي دول العالم؟ وفي وقت تفككت فيه الدول وتغيرت فيها مفاهيم المواطنة..؟ الحلم شيء والواقع شيء آخر.. والسؤال الأهم الذي يخصنا هو: إذا كان الأمر يخص المسلمين جميعا، لماذا لا يبدءون أولا في أوطانهم الغير محتلة من أحد، إلا من ملوكها وحكامها..؟ أليس جديرا بهذه الحركة أن تبدأ من هناك.. لتؤسس لنا دولة نموذجية يحتذى بها حيث تعتمد على أبنائها في إنتاج كل ما يلزم لاستمرارها قوية وتستطيع مواجهة الأخطار المحدقة بها؟؟ ولماذا علينا استخدام (الإرهاب والعنف) لتحقيق ذلك إذا كان ديننا يدعو إلى الحسنى؟ لماذا مطلوبا من الفلسطيني دائما أن يدفع الثمن دون مقابل؟ وأخيرا لا يجد دولة إسلامية أو غير ذلك من الحلم المشوه..؟!
كلنا يعرف دور سوريا وإيران ودولا أخرى.. في قرار حركة حماس وتنظيمات فلسطينية أخرى وأثرها على القضية الفلسطينية خاصة في حالة الوفاق التي كان يمكن أن تتم في القاهرة لإعادة الوحدة لشعبنا.. هل تساءلت حركة حماس (الإخوان المسلمين) إذا ما كانت إيران وكذلك سوريا تقبلان بوجود حركة، أو أكثر تتبني نهج الإخوان المسلمين في مجتمعاتها؟؟ كلنا يذكر كيف تعامل النظام السوري مع الإخوان المسلمين في ثمانينات القرن الماضي بمدينة حماة السورية وضواحيها.. وكذلك إيران الشيعية لن تقبل بالفكر الوهابي يتغلغل بين مواطنيها..؟ هل تساءلت حركة حماس ماذا ستفعل فيما لو عقدت سوريا وإسرائيل اتفاق سلام بينهما، وهذا أصبح قاب قوسين، أو أدنى..؟ متى كانت سوريا الأسد حريصة على القضية الفلسطينية والفلسطينيين؟ ألم ترتكب قواتها المجازر ضد الفلسطينيين في تل الزعتر ولبنان؟ لماذا أبقت سوريا حدودها مغلقة أمام العمل الفدائي ضد إسرائيل طوال الوقت وحتى الآن؟ أو لماذا لا تدعم سوريا شعبها في الجولان المحتل لمقاومة إسرائيل؟
من يعيش في غزة يلاحظ تماما علامات الفرح والابتهاج على وجوه الإخوان وهم يركبون خيول الماغنوم فائقة السرعة كأنهم حققوا النصر المبين.. وشعب غزة يعيش أسوأ مراحل حياته على مر التاريخ فالحصار يزداد شدة ومعاناة الناس تزداد قسوة يوما بعد يوم وعادت الناس لتستخدم بوابير الكاز لطهي الغذاء، لكنهم عجزوا عن استخدام الملابس البالية كحافظات لأطفالهم بدلا من حفاظات البامبرز الحديثة لعدم توفرها؛ لأن تجار الأنفاق لم يجلبوها من مصر حيث أنها لا تجلب لهم ربحا وفيرا.. والكهرباء صارت بالقطارة حيث تقطعنا عن الكتابة ولا نستطيع توصيل رأينا بسرعة.. هذه غزة الإمارة التي تريدها حماس كمنطلقا لغزو العالم وتأسيس دولة الخلافة؟؟ كيف سيتم ذلك؟ وهم يخدعون الناس ببرنامج مقاومة كاذب سقفها لا يزيد عن تهدئة طويلة الأمد مع جيش الاحتلال الذي لن يجتاح غزة..؟!
عضو صالون القلم الفلسطيني
Elkarim76@hotmail.com
الأحد، ديسمبر 21، 2008
حركة حماس من المقاومة إلى تهدئة طويلة الأمد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق