د. عبدالله المدني
نواصل هذا الأسبوع ما بدأناه في الأسبوع ما قبل الفائت من استعراض للأسماء البنغالية التي نفعت البشرية والإنسانية باكتشافاتها واختراعاتها ونظرياتها العلمية، وذلك من منطلق محاولة قد تنجح لتبديد الصورة السلبية التي تلازمنا عن البنغاليين، أو التي صارت محفورة في دواخلنا كنتيجة لتورط بعض عناصر العمالة البنغالية في الخليج في جرائم القتل والسرقة والتزوير وترويج المخدرات وما صاحب هذه التطورات من قيام وسائل الإعلام ودور العبادة ونواب السلطة التشريعية في أكثر من بلد خليجي بالتحريض ضدهم مستخدمة أسلوب التعميم الظالم. فمن الأسماء التي لم نستعرضها في الحلقة الأولى ومن المهم استعراضها في هذه الحلقة:
المزيد من الشخصيات البنغالية التي ساهمت في الارتقاء بالبشرية
ديليب مهالانابيس: عالم بيولوجي ترأس وأدار المركز العالمي لأبحاث أمراض الإسهال في بنغلاديش أثناء حرب البنغال في مطلع السبعينات، فساهمت جهوده واكتشافاته العلمية والعلاجية البسيطة والرخيصة والمتوفرة في إنقاذ حياة نحو 40 مليون إنسان. ويدين ديليب في الكثير مما تعلمه للجامعات ومراكز الأبحاث العلمية الهندية التي التحق بها هو وزوجته في أواسط الستينات من القرن المنصرم.
نيغ ناد ساها: عالم فيزياء توصل إلى المعادلة الشهيرة المعروفة باسمه " معادلة ساها" والتي تستخدم في معرفة مكونات النجوم.
كومار ميترا: من أوائل من قام بدراسة طبقات الجو العليا، وهو إحدى الشخصيات التي عملت مع الفيزيائية البولندية ميري كوري في مجال الإشعاع، بل اعتمدت الأخيرة عليه في أبحاثها لفحص الايونات. وبسبب من ذلك منح زمالة الجمعية الملكية للعلوم، وسمي موقع على القمر باسمه.
ماني لال بهوميك: ساهم مساهمة كبيرة في اختراع نوع من تكنولوجيات الليزر الذي صار يستخدم حديثا في عمليات الليزك، وذلك أثناء عمله مع مؤسسة أبحاث وتكنولوجيات شركة نورثرب الأمريكية في لوس انجيلوس، ولاحقا أثناء انضمامه إلى جامعة كاليفورنيا. و جاء الإعلان الأول عن اكتشافه في عام 1977 في جمعية طب العيون الأمريكية في دينفر بولاية كلورادو الأمريكية. بعدها طور الرجل اكتشافه ليصبح أمرا محوريا في جراحة العيون و استبدال النظارات بالعدسات اللاصقة.
برافولا تشاندرا روي: رائد من رواد علوم الصيدلة والكيمياء في القرن التاسع عشر، ومكتشف العنصر المعروف باسم " نترات الزئبق"، وهو أول من أسس شركة للأدوية والمستحضرات الطبية في الهند البريطانية، وذلك قبل وفاته في عام 1944 .
سوبهاش موخوباداياي: عالم فيزياء وطب. وهو أول شخصية في شبه القارة الهندية وثاني شخصية على مستوى العالم – من بعد البريطاني باتريك ستيبتاو – يجري عملية ناجحة لزراعة أطفال الأنابيب، وذلك في أكتوبر 1978. و استفاد الرجل كثيرا في هذا الحقل مما تعلمه في الكلية الكنسية الاسكتلندية في كلكتا. لكن المؤسف أن رجلا بهذه القامة العلمية ترك مهملا، دون تكريم أو احتفاء، بل طالته سهام التنديد والإهانة من قبل المتطرفين، الأمر الذي دفعه إلى الانتحار في منزله في 19 يونيو/ حزيران 1981 .
جمال نصر الدين: أحد أشهر علماء الفيزياء والرياضيات البنغاليين الذين اعتمدت عليهم الجامعات الأمريكية. وهو يعمل حاليا كأستاذ في جامعة شيتا غونغ البنغالية كما يترأس مركز الأبحاث والعلوم الفيزيائية والرياضيات التابع للجامعة ذاتها. ويدين الرجل للكثير مما تعلمه إلى جامعة شيتا غونغ أولا ثم إلى كلية ترينيتي بجامعة كمبردج التي نال منها على درجة الدكتوراه في الرياضيات التطبيقية في عام 1964، وأخيرا إلى جامعة ميريلاند التي عمل بها ما بين عامي 1963 و1965 ، إضافة إلى العديد من الجامعات الأمريكية الأخرى التي اختارته في السبعينات كأستاذ زائر أو كباحث في مؤسساتها البحثية المتقدمة.
أمل كومار راي تشودري: عالم في الفيزياء و احد الرواد المعروفين بإسهاماتهم القيمة في علوم الفلك، وخاصة المعادلة المسماة باسمه" راي تشودري ايغويجن " والتي تعتبر مفتاح فهم واثبات الكثير من النظريات الفلكية. غير أن المؤسف أن نظرياته لم يتم الاعتراف بها في بلده إلا في السبعينات أي حينما صار بطلا في الخارج، و قبل فترة زمنية وجيزة من وفاته. وكتكريم متأخر له قام بعض المؤسسات العلمية بإطلاق اسمه على وحدات أو دوائر بداخلها، كما تم إعداد فيلم قصير يوثق لمشواره العلمي والعملي.
جاويد كريم: أحد ثلاث شخصيات وقفت وراء إطلاق فكرة موقع يوتيوب المعروف الخاص بعرض الكليبات السينمائية والتلفزيونية والدعائية المصورة. ولد كريم في عام 1979 في ألمانيا الشرقية لأم ألمانية كانت تعمل كأستاذة جامعية لمادة الأحياء وأب بنغالي مهاجر. وفي عام 1992 قررت العائلة الانتقال إلى الولايات المتحدة، حيث درس الابن علوم الكمبيوتر في جامعة الينوي وتخرج في عام 2004، أي قبل أن يقابل كل من تشاد هورلي وستيف تشين ويؤسس الثلاث موقع يوتيوب الذي اشترته شركة غوغل العالمية في أكتوبر/ تشرين الأول 2006 في صفقة بلغت قيمتها 1.65 بليون دولار، كان نصيب كريم منها 64 مليون دولار. ورغم هذه الثروة الطائلة في يد شاب مثله، فان كريم قرر أن يتفرغ لنيل درجة علمية أعلى في علوم الكمبيوتر من جامعة ستانفورد الشهيرة.
فليكن هذا المقال بحلقتيه جلدا للذات ان شئتم!
وجملة القول أن البنغاليين لا يساعدوننا فقط في العديد من الأعمال التي نوكلها إليهم في المكتب والمنزل، وإنما هناك أيضا أشياء نستخدمها أو نستمتع بها دون أن، ندري أن علماء من بني البنغال وقفوا وراءها مثل المادة التي تصنع منها الطائرة التي نعبر بها القارات والمحيطات في رحلاتنا وإسفارنا، والعدسات اللاصقة التي أراحتنا من ارتداء النظارات المتعبة، وسماعات بوز التي اتاحت لنا الاستمتاع بأصوات نقية ترافق الأفلام، و اليو تيوب الذي نتصفحه بحثا عن آخر الكليبات المصورة دون عناء، والراديو الذي نسمع من خلاله الأخبار والأغاني، والوسيلة المتبعة في إنجاب أطفال الأنابيب، والتصاميم الهندسية المستخدمة في بناء ناطحات السحاب.
فماذا قدم بنو يعرب يا ترى للبشرية والإنسانية مقابل إنجازات بني البنغال آنفة الذكر؟
د. عبدالله المدني
محاضر وباحث أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين
تاريخ المادة : 7 ديسمبر 2008
البريد الالكتروني: elmadani@batelco.com.bh
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق