سعيد علم الدين
لا في عصور الانحطاط العثمانية المظلمة الغابرة؛
ولا في عقود الاستعمار الفرنسي المنصرمة البائرة؛
ولا في فترة الاستقلال اللبناني الذهبية العامرة،
ولا في عهد الاستغلال الثوري القومجي لقضية فلسطين العادلة؛
ولا حتى في العقود السود الثلاث الماكرة، للاحتلال البعثي الأسدي البغيض للبنان، والذي نجح من خلالها هذا النظام في إجهاض تجربة لبنان الديمقراطية الحديثة، والهيمنة عليه، واستتباعه ذليلاً، ومحاولة قضمه، وتشويه شخصية بعض زعمائه وابتزازها بكل الوسائل المخابراتية السافلة والحيل اللاأخلاقية الخسيسة؛
لا في هذه العهود ولا تلك، حدثنا التاريخ عن مهرج سياسي لبناني سخيف من الوزن الخفيف كميشال عون.
أما أن يصبح بوزن الذبابة، فهذا ما سنتطرق اليه. خاصة وأنه طار مغروراً على بساط من القمامة الفاخرة، التي تتكاثر فيها الوحوش المفترسة الضارية، وتنغل بداخلها الحشرات الضارة القارضة، وتخرج منها السموم الفتاكة القاتلة، والروائح النتنة المؤذية.
ولكن لا بد من العودة والتذكير ثانية بفترة الاستقلال الذهبية والتي امتدت من أربعينيات القرن الماضي وحتى بداية السبعينيات، وكانت بحد ذاتها فترة غنية عابرة، ومحصلة رائعة لأكبر تجربة حضارية فذة لصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، صهرتهم عن دون قصد في بوتقة الوحدة الوطنية الرائعة، تجلى ذلك في أروع صوره في الرابع عشر من آذار، ومظاهرته المليونية العفوية الشعبية الخالدة.
هذه الصيغة الحضارية التي يتميز بها لبنان تتعرض الآن وبشكل سافر وإرهابي دموي لهجمة شمولية مذهبية إيرانية سورية يشارك بها سياسيون لبنانيون مخادعون امثال ميشال عون وجماعة "شكرا سوريا" لتغييرها.
التضحية من أجل هذه الصيغة لإحيائها من جديد، وبناء لبنان السيد الحر الديمقراطي العربي المستقل على أساسها، هو اليوم المهمة الأساسية التي تقع على عاتق الشعب اللبناني لإيصال قيادات وطنية صلبة مخلصة وأمينة في الانتخابات القادمة لتمثيل مصالحه خير تمثيل في البرلمان القادم العتيد، ولكي ينهض لبنان المزدهر وتنهض معه الفترة الذهبية التي تحدثنا عنها.
فهذه الفترة التي انقطعت عرى وشائجها في السبعينيات، بسبب تداعيات القضية الفلسطينية والتدخلات العربية، ما زالت النخب اللبنانية الحالية ومن كل الطوائف تكافح وتناضل بهمة الأحرار من ثوار الأرز وتقدم أغلى الشهداء لإعادة ما انقطع ومتابعة طريقها رغم الآلام من أجل خلاص لبنان المطروح على مائدة اللئام للمقايضات وعقد الصفقات.
لقد كانت فترة الاستقلال الذهبية: منفتحة بثقة على كل الحضارات، واقتصادية مزدهرة رغم شح موارد البلاد، وديمقراطية واعدة رغم شوائب النظام السياسي الطائفي، وتعددية ثقافية دينية ومذهبية وفكرية وعرقية وصحافية رائدة وناجحة جدا في أجواء من الحرية السياسية، وحرية التعبير، تفتقدها كل دول المشرق والمغرب العربي كافة، مما أخاف أنظمة الدكتاتوريات العربية والاستبداد والفساد والشعارات، فانهالت عليها حسداً لإجهاضها بقوة العملاء والمخابرات: تزرع الفتن بين أبنائها والأحقاد، وتشتري اصحاب النفوس الصغيرة والدنيئة بالسلاح والليرات، وتحيك لهم في الظلام المؤامرات.
لقد طار ميشال عون بطائرة بشار الأسد الرئاسية، والتي يعرف عون قبل غيره بأن هيكلها مصنَّعٌ من عظام الشعب السوري المكسرة تحت بطش نظامه، ومقاعدها الفخمة مطرزةٌ باللحم السوري المفروم بمفارم مخابراته، وشبابيكها الصغيرة تذكر بخنق الحرية وزج أحرار سوريا في معتقلاته، أما وقودها فهي من دم الجيش السوري المسفوح في كل مكان، ولكن ليس من أجل تحرير جولانه.
ولهذا فعندما خرج ميشال عون من الطائرة البشارية كان خروجه كخروج الذبابة فرحة مغرورة بصيدها الثمين من برميل القمامة.
تطير من حولها كل شعاراته ووطنياته وتبجحاته وبطولاته في السيادة والحرية والاستقلال كريش الذباب.
وتطير من حولها ايضاً نظرياته ومقالاته وادبياته وعنترياته وكتابه الأسود ضد النظام السوري كريش الذباب.
الذي تغير هنا هو ميشال عون وليس بشار وريث حافظ في ارهابه ضد اللبنانيين ومحاولة قتل روح الحرية فيهم.
عون باع المبادئ والكرامة ونقل البندقية من كتف لكتف بثمن بخس.
أما عندما طلب بسخافته من الشعب اللبناني الاعتذار أصبح بنظر الملايين أخف وزناً من الذبابة الخارجة توا من برميل الأقذار.
الأحد، ديسمبر 07، 2008
كيف أصبح ميشال عون بوزن الذبابة؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
طول بالك سعيدوو....ليش ممحوق هل قد...بكرة بتجي الانتخابات ومنعرف وزن كل واحد.... وعلى فكرة أنا أحب وزن الذبابة لانه خفيف ومريح وليس ثقيل كوزن الجحش ....وبسلامة فهمك
إرسال تعليق