شربل بركات
يعيّد العالم اليوم ميلادا جديدا وينتظر بداية سنة أخرى ولبنان لم يستقر بعد ولا قدر أن يرتاح من عناء "الجهاد" في سبيل الغير...
يحتفل العالم اليوم بميلاد السيّد المسيح وجيران أرض المسيح الذين حملوا اسمه رغم كل الصعاب وانغرسوا في تراب هذا الجبل ليحفظوا فيه إرث المحبة ورغبة الانفتاح، يعانون التجارب القاسية ويعاندون كل الرياح...
ولكن في مغارة ولد ملك المجد ليعلّمنا التواضع، وعلى الصليب ارتفع ليعلّمنا التحمّل، ولم نكن مرة مبهورين ببهاء هذا العالم وبهجته ولا خائفين من شقائه وراغبين عن حمل صليبه...
يعيّد العالم اليوم بالفرح الآتي من عند الله ولا نزال نحن ننتظر من عنده تعالى، الفرج وكلنا أمل أن يفهم اخوة لنا يشاركوننا هذا البلد أن سر بقائه وحافز وجوده مرهونان بالتعاون بين بنيه، بتقبّل الآخر، والعمل على نشر الخير لا الشر وحماية الحياة، أعز ما وهبنا الله، لا الدفع للقضاء عليها...
يعيّد العالم اليوم وشعب لبنان موعود بالاستقرار وبعودة دورة الحياة إليه؛ فيحلم الشباب بمستقبل زاهر قاعدته العمل والنشاط لا العنف والشحن، وأدواته الانفتاح والتعاون لا الانغلاق والتمترس خلف أسلحة الحقد والشر...
يعيّد العالم اليوم وجزء من اللبنانيين لا يقدرون على الحلم بعد أن يجتمعوا بالأهل والأقارب وأن يفرحوا بالعودة للوطن الذي حملوه دوما في القلوب ودافعوا عنه وحده يوم ضاعت المعالم وكثرت الأحقاد...
يعيّد العالم اليوم وجزء آخر من اللبنانيين منسيين في سجون "الأشقاء" يتاجر بعواطف أهلهم فلا يعرفون أهم أحياء أم أموات ولا قرار حولهم في مراكز القرار...
يعيّد اللبنانيون اليوم مع أمل جديد، ولو بخجل، أن تصبح الدولة صاحبة القرار في ما خص العلاقات مع الجيران، وها هي أول سفارة لسوريا تفتح أبوابها لتعلن عن الاعتراف الشكلي بين البلدين، فهل نحلم بسفارة لفلسطين ترفع عنا هاجس التوطين، وسفارة لإسرائيل تخلصنا من عناء الحروب وتفتح لنا باب الشرق الأوسط الجنوبي؟...
يعيّد اللبنانيون اليوم وهم غير خائفين أن تسرق سيارتهم من أمام أعينهم بكل وقاحة ويطلب ثمنها فدية لاعادتها، لأن الدولة قامت لأول مرة منذ زمن بعرض جدي لفرض القانون في بعض المناطق الخارجة عن سلطتها، فهل نتأمل بأن يصبح فرض القانون عدوى تطال بقية المحميات والمراكز والدويلات؟ أم أننا سنتوقف عند هذا الحد كي لا نصاب بالطمأنينة أو الغرور؟...
يعيّد اللبنانيون اليوم ونحن نشعر بقليل من التساوي في مجال الإعلام ولأول مرة نري أن المسيح والمسيحيين لهم الحق أيضا بالتكريم والاحتفال بدون عقد ومركبات نقص... رأينا برامج طيلة النهار عن المحبة التي ينشرها بعض العاملين في هذا الحقل تظهر بالمناسبة فتشعرنا بأن الدنيا لا تزال بألف خير طالما هناك من يشعر مع المحتاج ويحس مع الجائع ويفتش عن المنسي، وهذه هي روح العيد الذي نعيّد له اليوم. فهل تكون بداية حسنة لمستقبل مختلف يثبّت حضورا مسيحيا بدون مخلفات الذمية البغيضة وحضورا إسلاميا متعاونا ومنفتحا ينهي فورة الأصولية القاتلة ليعطي الإسلام وجها حضاريا مختلفا بدأت بشائره مع بادرة الملك عبدالله في التحاور بدل التقاتل؟...��
يعيّد اللبنانيون اليوم والعالم يمر بأزمة حقيقية فهل تكون الأزمة العالمية مدخلا لتنظيم مستقبلي واعد أم لسلسلة من ردات الفعل الغير مدروسة التي تقودنا إلى مزيد من التأزم والحروب؟...
بانتظار أن تحمل لنا سنة 2009 مزيدا من الفرج والأمل بمستقبل واعد للبنان والمنطقة والعالم نتمنى للجميع أن ينعموا بدفء الأعياد بين الأهل وجمال الفرح الآتي بضحكة الأطفال والسلام الذي بشرت به الملائكة يوم مولد ملك المجد...
كل عام وأنتم بخير
الجمعة، ديسمبر 26، 2008
ميلاد مجيد وعام سعيد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
سحقا سحقا سحقا لك الجهاد في لبنان هم قتلة الابرياء والصهاينة والامريكان هم المساكين تبا لهده الموازنة هدا ليس غريبا على شخص مثلك عميل من عملاء الصهاينة
إرسال تعليق