الثلاثاء، ديسمبر 02، 2008

ردا على الشيخ نعيم قاسم

سعيد علم الدين
أكد نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم لصحيفة "الديار"، 08.12.01، التالي: "ان مشروع الحزب ‏هو الدولة العادلة والقادرة كما انه ملتزم اتفاق الطائف".
قبل أن أدحض كلام نائب الامين العام قاسم وأعريه على حقيقته، سأترك العنان للامين العام حسن نصر الله ليدحضه هو بنفسه.
ففي 2006/01/17 قال نصر الله كلاما خطيرا جدا، انقلب به على اتفاق الطائف، وعلى الدستور وعلى الشرعية وعلى الدولة اللبنانية وشعبها وشعوبها، رافضا وباختصار قيام الدولة العادلة والقادرة. وذلك اثناء استقباله لوفد المجلس الوطني للإعلام برئاسة عبدالهادي محفوظ الذي نقل عنه:
"ان حزب الله يمكن ان يتحمل اي شيء إلا الحديث عن قدس الاقداس اي سلاح المقاومة الذي يعتبر بمثابة المس بالشرف والكرامة والعرض".
إن من يعتبر أن السلاح قدس الأقداس يكون قد انقلب نهائيا على الدولة الشرعية، أي على اتفاق الطائف الدستوري الذي أنهى الحرب بين اللبنانيين، وأدى إلى إنهاء سلطة الدويلات وتسليم أسلحتها للجيش الوطني وانضمام عناصرها للدولة القادرة والضامنة لحقوق الجميع.
وإلا فكيف ستقوم الدولة العادلة والقادرة ببسط سلطتها الشرعية على أراضيها يا شيخ نعيم، وبوجهها سلاحٌ ثقيلٌ، مرتبطٌ بالخارجِ، وقادرٌ على اشعال الحروب الكارثية والفتن الداخلية، ويفرضُ نفسه عليها ليس كأمرٍ واقعٍ فقط، بل وكقدس الأقداس أيضا؟
أهل هذا هو مشروع الحزب الذي تتحدث عنه في قيام الدولة اللبنانية العادلة والقادرة؟
أم هو مشروع الحزب في فرض الدويلة المذهبية المقدسة والمهيمنة على الدولة المنهكة والمخترقة والمغلوبة؟
ومن هنا فمن يرفض بعد الطائف تسليم سلاحه للجيش، وانضمام عناصره للدولة، وبدل إنهاء دويلته، يقوم بتجييشها ضد المذاهب الأخرى، وتثبيتها رغم ارادة اللبنانيين، وتوسيع كيانها على حساب دولتهم، كي تبقى ضعيفة وهجينة ومغلوب على أمرها، كما يفعل حزب الله الآن، إنما يرفض قيام الدولة العادلة والقادرة.
ولا عجب بعد ذلك خدمة لقدس الأقداس أن يحارب حزب الله الدولة اللبنانية بشراسة لكي لا تنهض، ويعتدي على اللبنانيين بدموية وهمجية كما حدث في 7 أيار، شالاًّ قرارها العسكري، فارضا على جيشها الوقوف على الحياد وعدم الدفاع عن شعبه الأعزل في وجه حملة السلاح المقدس!
إن من يعتبر أن السلاح قدس الأقداس يصبح السلاح قضيته المقدسة الأولى ونقطة على السطر. وترخص عنده أمامها كل التضحيات والدماء والشهداء والقضايا ومصير الأوطان وما عدا ذلك تبقى مزايدات هدفها الاحتفاظ بالسلاح فقط لا غير.
وتصبح بالتالي كل ادعاءاته وشعاراته ومقاومته واهدافه المعلنة والمخفية واهية المحتوى والمضمون.
وتصبح قضيته الأساسية قضية سلاح فقط لا غير، وليست قضية تحرير الجنوب الذي تحرر، ولا تحرير الأسرى الذين تحرروا، ولا تحرير مزارع شبعا الغير مرسمة مع سوريا والممكن عودتها إلى السيادة اللبنانية بالمفاوضات كما تعمل سوريا على استعادة جولانها المحتل بالمفاوضات، ولا تحرير فلسطين من البحر الى النهر، ولا حتى تحرير القدس نفسها، ولا يهمه البتة قيام الدولة اللبنانية العادلة والقادرة والقوية، ولا التفكير بمستقبل الشعب اللبناني ومصير وطنه، وإنما تصبح قضيته فقط قضية سلاح مقدس مربوط بالشرف الرفيع الذي يراق على جوانبه الدم.
أي يصبح اسمه الحقيقي ليس "حزب الله" وإنما "حزب السلاح" وكما وصفه بدقة الكاتب البيروتي الأستاذ محمد سلام.
نصر الله ما زال مصراً على كلامه حول قدسية السلاح حتى الآن. والدليل كيف ان حزب الله هاجم منذ أيام عبر بيان الرئيس أمين الجميل، الذي طالب في خطابه بذكرى تأسيس "الكتائب" لملمة السلاح الغيرشرعي ومن ضمنها سلاح حزب الله، لكي تنهض الدولة العادلة والقادرة.
كم كنا نتمنى أن نصدق كلام نعيم قاسم إلا أن الحقائق الجلية والتي أصبحت واضحة أشد الوضوح للرأي العام اللبناني والعربي والدولي تدحض كلامه، وتنظيرات حزبه وأدبيات مقاومته جملة وتفصيلا، حيث كَشَفَتْ السنوات الأربع المنصرمة بالممارسات العنفية الموثقة الأفعال وليس بالتصاريح المضلِّلَةِ الأقوال حقيقة مشروع "حزب الله".
الذي يعمل جاهداً من خلاله بكافة أساليب فرق تسد مدعومةً بالتحريض الإعلامي ضد قوى 14 آذار وجمهورها:
كالكذب والتلفيق، والافتراء والدجل، والتجريح والاستفزاز، والتهديد والتخوين، منتقلاً بعدها إلى التطبيق العملي: بالاعتداء على الآمنين وتوزيع السلاح على ما يسمى سريا الدفاع عن المقاومة لزرع الفتنة بين اللبنانيين وضرب الطوائف بعضها ببعض، وباحتلال بيروت العزلاء ومحاولة احتلال الجبل وكما ظهر من احداث أليمة جدا خلال السنوات الأربع المنصرمة.
بالتأكيد ان ما يدفع قاسم الى قول ما قاله هي الانتخابات النيابية التي قرب موسمها. ولكن الشعب اللبناني الملدوغ أكثر من مرة بالسموم القاتلة من جحر نعيم قاسم ونصر الله وبري وميشال عون، لن تدغدغ مشاعره هذه الكلمات. والتي لا تعبر عن الحقيقة التي صار يعرفها كل اللبنانيين، بل هي فقط للاستهلاك المحلي وذر الرماد في العيون قبيل الانتخابات كما أسلفنا. حيث سيكون فيها الصولة والجولة للناخب الحر وليس للقتلة وحملة سلاح الإرهاب والفتنة، أي السلاح المقدس.
ومما يلفت النظر قول نعيم قاسم ايضا أن "الفيدرالية هي خراب ‏للبلد. التي تجعل للطوائف ‏كانتونات داخل الكيان الواحد، "ونحن نرفض اي شكل من اشكال الكانتونات".
كلام جميل من الشيخ نعيم، إلا أنه وللأسف لا ينطبق على ما يحصل على أرض الواقع. فجماعة الحزب يعملون عكسه تماما في تطهير كانتونهم المذهبي من بقية أبناء المذاهب الأخرى. فمثلا في نهاية شهر تشرين ثاني أي قبل تصريح نعيم قاسم بلحظات تم في الضاحية حي السلم - الكفاءات التي يسيطر عليها حزب الله حرق محلا تجاريا لأحد أبناء الطائفة السنية وهو من معتري ومهجري الجنوب ايضا وقد احترق ودمر منزله في حرب تموز في قريته الجنوبية، وها هي جماعة السلاح المقدس يحرقون محله في الضاحية ايضا. بالتأكيد الحزب استنكر. ولكن مرحبا استنكار!
يستنكرون بحبر البيانات ويمارسون على الارض ابشع الممارسات.
وبدل الاستنكار اللفظي عليهم لو كانوا اصحاب نوايا حسنة دعم الدولة القادرة والعادلة في الضاحية وفي كل انحاء لبنان، لكي لا تحدث هذه الأعمال الهمجية بحق الفقراء والمساكين والمهجرين من قراهم. ولكن هذه الحادثة تؤكد استمرار تمرير مخطط مشروع التقية رغم انف الدولة اللبنانية في فرض الدويلة المذهبية وطرد وتهجير أبناء الطوائف الأخرى من كانتون الضاحية الطاهر.

ليست هناك تعليقات: