الياس بجاني
في مقالتنا هذه نحن لا نخاطب العماد، ولا ضميره، ولا وجدانه، ولا بصيرته، ولا حتى نسعى لتذكيره بالوعود والعهود والشعارات، وذلك لأننا فقدنا كل أمل بعودته الطوعية إلى ذاته وتاريخه وثوابت كنيسته وجماعته. لقد أمسينا متأكدين بما لا يقبل الشك بأن الرجل قد رحل من قاطع السيادة والحرية والاستقلال وهجره وابتعد، وابتعد عنه كثيراً، وهو لن يعود إليه، لا اليوم ولا غداً. كما أن هذا القاطع السيادي وناسه قد لعنوا خياراته وتحالفاته الجديدة لعنة المسيح للتينة غير المثمرة، ونبذوها، وهم لن يقبلوه بينهم حتى ولو عاد بعد ما ارتكبه بحقهم وبحق الوطن وبحق الحقيقة والمصداقية من هرطقات وانحرافات وأخطاء وخطايا.
الهدف من هذه المقالة هو فقط حك ضمائر وعقول، وفرك ذاكرة وذكاء أولئك اللذين يدعون أنهم أحرار وسياديين، فيما ورغم شرود العماد "المُعمد بميرون وعطايا الشقيقة الشقية" عن كل ما هو لبناني من ثوابت ومرجعيات وتاريخ ومبادئ، ورغم كل ارتكاباته وتحالفاته الغريبة العجيبة، لا يزالون يقفون معه ويؤيدونه بعد أن انتقل من قاطع إلى آخر.
عشية رحلة حج العماد إلى بلاد الأمويين حيث أعد له بعث الشام برنامجاً حافلاً، لا بد لنا من العودة إلى سجل هذا الرجل بما يخص مواقفه من النظام السوري ووضعه في متناول الجميع، وذلك شهادة للحق وإلتزاماً بالحقيقة.
في سلسلة من 12 مقالة كتبها العماد عون سنة 2000 وحملت عنوان "المآثر السورية في لبنان" نستعير من الحلقتين الخامسة والسادسة مواقفه من النظام السوري، وذلك لنقض كل تبريراته لزيارته السورية بلسانه وقلمه، ونترك الحُكم على كل هذه التناقضات الفاضحة لذكاء وذاكرة الأحرار والسياديين في وطن الأرز.
في 28 أيلول سنة 2000 في النشرة اللبنانية، عدد 235 ، الحلقة 5 من سلسلة "المآثر السورية في لبنان"، كتب العماد عون يقول:
("لقد اختبرنا النظام السوري في حالة الاسترخاء، ولم يرد أن يعترف بأن في لبنان مشكلة، لذلك لم يرد أن يحاور، واستمر لاطماً بيديه ورافساً برجليه، واليوم يدّعي هذا النظام بأن سوريا محاصرة، ولا يعترف بأن في لبنان مشكلة، ويرفض الحوار ثم يلطم بيديه ويرفس برجليه. ونتساءل لماذا يراد منا الأخذ بعين الاعتبار الوضع الراهن طالما أن سوريا تعمل على تذويب الكيان اللبناني وضمه إلى سوريا، ولا تزيح قيد أنملة عن هذا الهدف."
وفي نفس المقالة قال العماد: "إن إلغاء لبنان الوطن السيد هو الهدف السوري، ومن أجله اغتيل بشير الجميل، وينعم الذين قتلوه بحماية النظام السوري، وقد أطلق سراح حبيب الشرتوني ونقل إلى سوريا مع وصول قواتها إلى سجن روميه، ولنفس السبب اغتيل رينه معوض وهو في حماية السوريين، ثم اختفت جميع الأدلة وجُهِّل الفاعل ولم يُجرَ أي تحقيق، ولنفس الغاية جرت ثلاث محاولات لاغتيالي، ولما فشلت المحاولات اجتيحت المنطقة الحرة، وأطلق سراح المجرمين ونُفيت...أترى هذا هو النظام الذي سيحيلنا إلى التحقيق؟ أتراه ينسى أنه هو سيحال إلى المحاكمة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية؟ قايين، قايين، لقد قتلت هابيل ومات فيك الضمير، قبضة العدالة آتية ولن يطول الانتظار".)
يا إلهي، هل من عاقل في لبنان بعد يمكنه أن يثق بالعماد ويصدقه؟ قال العماد أمس "إنه ذاهب إلى سوريا كصديق ورأسه مرفوع". لا نعتقد ذلك أبداً، بل العكس هو الصحيح. نعتقد أنه كان من حق اللبنانيين السياديين على العماد إن يعتذر من النظام السوري علناً عن كل ما قاله عنه وسوّق ضده وضد ممارساته ومخططاته وإجرامه وإرهابه. لماذا؟ لأن كل ما قاله العماد عن النظام "الشقيق" لا يزال على حاله، وبالتالي العماد أخطأ، وليس النظام، ومن يخطئ عليه الإعتذار.
لا، لا راس مرفوع ولا من يحزنون وكفى استخفاف بعقول بالناس.
ترى هل سيبلع اللبناني رزم هرطقات العماد الديماغوجي الذاهب استدعاءً وزحفاً إلى سوريا ضارباً عرض الحائط بكل ما كان قاله على مدار 18 سنة عن نظامها البعثي الإرهابي كاشفاً عوراته. خصوصاً وأن هذا النظام هو هو، ولم يتغير بأي شكل من الأشكال، لا فكراً، ولا علاقات، ولا ممارسات، ولا اجراماً، ولا احتراماً للحقوق والشرائع؟ وأي صفحة جديدة، يمكن للعماد أن يفتحها معه وهو، "قايين الذي قتل أخيه هابيل".!!
في 2 تشرين الأول سنة 2000 في النشرة اللبنانية، عدد 236 ، الحلقة 6 من سلسلة المآثر "السورية في لبنان"، كتب العماد عون يقول:
("وما أشبه اليوم بالأمس حيث تعود الغوغائية سيدة الموقف ليبرر السوري استمراره باحتلال لبنان. وتعود بي الذاكرة إلى أحداث الحرب الأليمة، إلى بدايتها، إلى شمال لبنان، وبالتحديد إلى بيت ملاّت وتل عباس ودير عشاش ودير جنين ومنجز ورحبة، حيث قتلت عناصر الصاعقة الفلسطو-سورية العشرات من الأهالي والرهبان وحرقت الكنائس وهجّرت القرى. وبعد أن أضرم النظام السوري النار في حجر لبنان وفي بشره، في ظل أجواء إعلامية مشابهة تماماً لما يحاول أن يفعله اليوم، دخل إليه إطفائياً بطلاً لينقذه من نفسه. ليس المهم بالنسبة لنا أن يفتعل النظام السوري الذرائع ليبرّر احتلاله للبنان، ولكن ما لا أستطيع قبوله هو أن يفرض على اللبنانيين تبنّي جرائمه، ويجعل من نفسه قاضياً فيها. جرائم ضد الإنسانية لا تسقط مسؤوليتها مع مرور الزمن(".
يا أهل لبنان الأحرار، هل بعد ما يمكن أن يقال عن تناقضات هذا الرجل الذي يدعي اليوم وتبريراً لزيارة حجه السورية "إنه يريد بناء علاقات طبيعيه مع سوريا ومن يريد أن يستمر في معاداتها فليفعل ذلك وحده"؟
أما أكثر ما يضحك ويبكي في تبريرات زيارة الحج التي يطلقها قناديل الرابية من ودائع ونواب ومداحين وشتامين بالأجرة، ومن ضمنهم الصهر سندة الضهر، تلك التي تقول "إن العماد يريد أن يقول للمسيحيين في سوريا إن لهم إخوة في لبنان."
بالطبع هؤلاء لم يقرأوا ما كتبه عمادهم عن قتل الصاعقةا لفلسطو- سورية للرهبان وحرق الكنائس وتهجير القرى والبلدات المسيحية. كما أنهم ربما لم يستوعبوا قول عمادهم،" إن جرائم سوريا هي ضد الإنسانية ولا تسقط مسؤوليتها مع مرور الزمن."
في النهاية نسأل كيف يمكن أن يُوكل إلى الذئب مهمة حراسة القطيع، ونترك الباقي لذاكرة وذكاء أهلنا الأحرار.
*اضغط هنا لقراءة مقالة العماد عون "المآثر السورية في لبنان" الحلقة الخامسة
http://www.10452lccc.com/general%20aoun/n235.pdf
*اضغط هنا لقراءة مقالة العماد عون "المآثر السورية في لبنان" الحلقة السادسة
http://www.10452lccc.com/general%20aoun/aoun2.10.02.pdf
*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
هناك تعليق واحد:
الجنرال عون أرزة جذورها ضاربة في الارض ورأسها يعانق السماء .....حماه المسيح
إرسال تعليق