الخميس، سبتمبر 18، 2008

الأعلام الفلسطيني بين العسكرة والانجزة

عطا مناع

هنا في فلسطين بلد الانقلابات وامتهان كرامة الإنسان والقتل على الهوية السياسية والتمثيل بجثث المناضلين واستخدام الأسلحة المتوسطة في عمليات الاعتقال والتحام أطفال حي الصبرة في قطاع غزة بشظايا القذائف المضادة للدروع أو الأطفال والمناطق العسكرية المغلقة أمام عدسات الكاميرا والمفتوحة للصحافة المستنسخة التي تكبر ليل نهار لأرباب نعمتها الذين يعلفوها ويغدقوا عليها، إنها صحافة العسكرة والتبعية وطمس الحقيقة، الصحافة التي هي ظل سيدها.

الطامة الكبرى أن صحافة العسكرة في الضفة الغربية وقطاع غزة باتت تتحرك بشكل مكشوف باتجاه طمس الحقيقة وتجميل الواقع المؤلم للمواطن الفلسطيني الذي انفض عنها بعد أن أيقن خيانتها لنفسها، إنها الصحافة التي تحولت لمندوب أو مخبر للفصائل والأجهزة الأمنية، فالمتابع للأحداث الأخيرة في حي الصبرة يستطيع أن يرى بوضوح ما تناقلته الصحافة الالكترونية التابعة للحكومة المقالة من دجل وشعوذة وتضليل من تحويل الضحية لمجرم والشد على سواعد العسكر الذين دكوا المنازل ومثلوا بالجثث ليخرجوا منتصرين رغم سقوط الثر من 13 ضحية وعشرات الجرحى والمعتقلين الذين كان اللة في عونهم وأعانهم على ما سيلاقونه في أقبية التعذيب.

هذا النموذج من الصحافة العار على السلطة الرابعة التي عمدت على كشف الحقائق ووضعها في متناول الشعب دون الالتفات لهذا الاتجاه أو ذاك، والملفت أن بعض الصحفيين الفلسطينيين المعتقدين أنهم يعرفوا مكن أين تؤكل الكتف أتقنوا مهارة اللعب على الحبال وربط الخيوط مع أدوات الدكتاتورية متجاوزين الجغرافيا والايدولوجيا ليعيشوا الفراغ المهني ويصبحوا فريسة سهلة للذي يدفع أكثر حتى لو كانت عظمة أو بقايا مائدة، وهذا غيب الفواصل وأذاب الخطوط الحمر وكان الزواج الغير مقدس بين صحافة العسكرة وصحافة الانجزة.

وصحافة الانجزة التي حولت مجتمعنا لخراب لاعتمادها أجنده مشوهة لا علاقة لها بالصحافة الوطنية، فخطاب هذه الصحافة للذي يمول برامجها، وهذا يفقدها هويتها فتصبح ناطقة بلغات متعددة إلا اللغة العربية، هي صحافة إيرانية وصينية وأمريكية وعبرية وأوروبية، صحافة تدس السم في الدسم وتجاهر بأنها مدعومة من الأمريكان أحيانا والإسرائيليين أحيانا أخرى، لا تتورع عن الانبطاح للأجندات المناهضة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني، صحافة ينطبق عليها قول الشاعر العراقي مظفر النواب"يدافع عن كل قضايا الكون ويعرب من وجه قضيته..........".

وبلا شك فان العامل الاقتصادي ونسج العلاقات من القوى المتنفذة دفع بهذه التجمعات للسطح حتى أن بعضها لم يعد يخجل من نشر برنامجه المدعوم أمريكيا في الصحف الرسمية متسلحا بملايين الدولارات التي تطرح في الشارع الصحفي الفلسطيني، تلك الملايين التي أنتجت صحافة همها الوحيد تلميع الاخذيه وطمس الجرائم المركبة التي ترتكب بحق الفلسطيني من خلال حيا ديتها المفرطة وتلاعبها بالجمل والاصطلاحات التي تستهدف عقل المواطن الفلسطيني في عملية مسح دماغ غير مسبوقة.

إن غياب الوعي عند البعض الصحفي للواقع الفلسطيني الطاريء وضرورة امتشاق الصحفيين الفلسطينيين الحقيقة بعيدا عن التبعية دفع بالجسم الصحفي للقاع، وخاصة في ظل غياب الممارسة الديمقراطية في نقابة الصحفيين التي تحولت لهيكل بدون لحم، نقابة باتت تشكل عبثا على الصحفيين الفلسطينيين الطامحين لتصويب الواقع الصحفي، حيث باءت كل المحاولات التي تنادي بانتخابات لنقابة الصحفيين الفلسطينيين بالفشل رغم الضغوط المتكررة لإجراء انتخابات والتي كان اخرها قبل أسبوع في الزيارة التي قام بها الاتحاد الدولي للصحفيين للنقابة، هذا الاتحاد الذي مل من المطالبة بإجراء انتخابات ولكن لا حياة لمن تنادي والمبرر الانقسام الفلسطيني.

في المحصلة النهائية لا يصح إلا الصحيح، واعتقد أن الجمعة المشمشية لصحافة العسكرة والانجزة الذراع الضاربة لأعداء الشعب الفلسطيني، وأنا متفائل أن المجتمع الفلسطيني بسلطاته الثلاث لن يكون عاقرا وسيأتي اليوم الذي تتكشف فيه الحقائق عن الجرائم الفكرية التي ارتكبت بحق هذا الشعب، وكنت ارغب في ان تنفض نقابة الصحافيين غبار سنوات السبات عندها وتفتح ملفات الفساد الوقح في بعض الأوساط الصحفية المدعومة من بعض الفاسدين والمنتفعين، وعلى نقابة الصحفيين ونقيبها الزميل نعيم الطوباسي أن يمسكوا بالحلقة المفقودة التي تعتبر قارب النجاة بالنسبة للحركة الصحفية الفلسطينية قبل فوات الأوان، لان في هذا الفعل الوطني في كشف الحقائق يكرمون شهداء الحركة الصحفية أمثال الزميل حسن عبد الحليم الذي دفع حياته ثمنا للحقيقة حول صفقات الأراضي المباعة للإسرائيليين وطارق أيوب ودروزة ودعنا وشناعة والمئات من جيش الصحفيين الذين لا زالوا يمسكون الحقيقة ولم تستقطبهم عشرات الملايين من دولارات التطبيع الإعلامي القادمة من الغرب التي لعبت دورا رئيسيا في خلق صحافة مشوهة استحدثت قيما تتنافي مع واقع الشعب الفلسطيني، وهذه القضية ستكون موضوع مقالي القادم.

ليست هناك تعليقات: