السبت، سبتمبر 06، 2008

الطريق إلى الوحدة العربية

حسين راشد

الوحدة العربية ذاك الشعار الذي حمله الكثيرين من قادة و مناضلين عرب.. منهم من يعرف مغزاه ومنهم من لا يحمل سوى الشعار ولا يدركون حقيقة أهمية هذه الوحدة.. بل وقوتها المنتظرة التي ستغير شكل العالم كله بما تحمل من مقومات وصفات و وجود تاريخي وجغرافي و صلة رحم إنساني .. بل والمدهش في هذه الأمة أنها أنجبت خير بني آدم على الأرض (الرسل والأنبياء) والصالحين .. نعمت أرض العرب منذ بدء التكوين بحماية الله و بخاصية لم تأت لغيرها من الأراضي في العالم أجمع فهي حاضنة الرسالات السماوية و من أرضها تكونت خلاياهم وعلى أرضها تمت معجزات الله.. وفيها كما اتفق سائر العلماء على أن بها (أرض الميعاد) أو لنقل (الحشر) ومنها نبدأ الحياة الأخرى.
قد تكون تلك المقدمة معلومة للجميع.. ولكن ليس كل ما هو معلوم مفهوم .. وليس كل ما هو مفهوم معمول به أو له .. بل إن الإنسان لخاصيته (النسيان) تأخذه الحياة إلى أمور الدنيا وينسى الآخرة ورب الآخرة .. ويتوهم البعض أن الموروثات الإنسانية من علم ما هي إلا أساطير الأولين .. وأن العلم الحديث رغم انه تفوق على ذاته وأنتج تكنولوجيا متطورة إلا أنه لم يغفل حتى الآن هذه الحقيقة المؤكدة .. قدسية ارض العرب.. و أهميتها الدنيوية و الأخروية.. فتكالبت شعوب العالم على نهش حق سكانها .. واستعمارها على مر العصور .. لأسباب سياسية وجغرافية و بعض منها اقتصادية .. ولكن لمن يريد التوغل في العمق البشري سيجد أن الإنسان غالباً ما يعود إلى فطرته التي فطره الله عليها .. وإن نسي يوماً أو عاماً فتأتيه لحظات العودة دونما إرادة ..
كل هذا من الناحية الكونية .. أما من الناحية العربية العربية فهناك أسباب قد نستطيع أن نقول عليها مسائل سياسية ,كما نستطيع أن نوصمها بأنها مسائل فكرية من الطراز الأول .
فأعداء الإنسانية لهم خط معلوم .. وطريق معوج لا يستقيم ولو استقامت الحية في مشيها .. وأن هذا الفكر يعتمد اعتمادا كلياً على قاعدة (فرق تسد) ومن هذه القاعدة تنشأ الاختلافات .. و تدس الفتن بين الأخ وأخيه .. ويتوهم البعض أن خطر الأخ أكبر من خطر العدو .. وتلك مسألة في غاية الأهمية .. لان بالفعل الضربة حينما تأتي من أخ تكون قاتلة .. ولكن كيف استطاعوا أن يستميلوا ذاك الأخ ليضرب أخيه .. لو استطعنا أن ندرك الوسيلة التي استدركوا بها هذا الأخ فحتماً سنستطيع إفاقته و عودته إلى رشده .. لأننا خلقنا جميعاً أخوة .. ولم نخلق لنكون أعداء ..
هنا تلوح لي بعض المناقشات التي تحدث بيني وبين بعض أصدقائي المثقفين والحزبيين .. والنقاش في مثل تلك الأمور له والحمد لله شكل اخوي راقي . نستطيع من خلاله أن نتوصل لحقائق الأمور .. وطالما هدف البحث هو اللقاء فنصل دون أدنى مجهود .. بل نصبح جميعاً رغم الاتجاهات الفكرية والأيدلوجية أن نتفق على الحل . وإن كانت النتيجة معلومة لكنها في الأصل مغطاة بوابل التشوه الإعلامي المقيت .
كثرت في الحقب الزمنية الفائتة عبارات التخوين .. و أصبح كل من لم يستطع أن يواجه الحقيقة بقوة إلا أن يستعين بهذه العبارة كي يتهم أخيه بها فينظر إليه المغفلين أنه الشريف الوحيد .. وان فعل الخيانة هو ما أدى بنا إلى هذه الهوة السحيقة , طال الحديث في أكثر من مرة وأكثر من مناسبة لأجد تلك التهمة الجاهزة موضوعة بلا سند أو حق .. أو ما يدل عليها .. فكان علي أن أفكر جيداً في مثل هذا الأمر .. فمن الممكن حينما اختلف مع شخص منهم أن يطعنني بهذه العبارة .. ويلصق بي صفة الخيانة .. وهذه الكلمة لما لها أثر كبير في النفس تعد محطمة لكل ما ينتجه الإنسان من فكر هادف نبيل .
وقف أمام احدهم ذات مرة وقلت له .. هل سمعت يوماً أن هناك أحداً من الغاضبين من سياسة بوش أنه وصمه بالخيانة ؟!! فقال لا .. ثم قلت له هل سمعت يوماً أن أحدهم وصم أي مسئول يهودي بأنه خائن رغم الفضائح التي تظهر على السطح من ممارسات و سرقة أموال الشعوب .. قال لا .. قلت له أتعلم لماذا؟
انتبه لي قائلاً في تعجب لماذا ؟!! قلت له لأنهم يعلمون جيداً خطورة هذه الكلمة في وقع النفوس .. فحتى لو كان بينهم خائن فهم يتعاملون معه داخلياً .. وينتهي أمره ثم بعد ذلك قد تراه في إعلامهم أنه وطني وطنية لا مثيل لها .. وأنه خدم البلاد بشكل أسطوري .. أتعلم لماذا؟.. زادت حيرته .. قلت لأن هذه الصفة ينأوا بأنفسهم أن يوصموا بها لعلمهم بتبعاتها من سياسة (فرق تسد) فهي في الأساس فقد الشرف.. ومن فقد شرفه أو أصبحت عليه علامات الشك.. أصبحت كالعدوى تتنقل من الشخص للشخص.. حتى توصم بها الشعوب التي ظهرت بها.. فتتفكك الشعوب ولا تستطيع أن تتجمع على شخص. وتكون لهم الغلبة.. وكأنني قد ضربته على رأسه بثقل من حديد.. لكنها الحقيقة الغائبة..
حين نستطيع أن نلفظ هذه العبارة من داخلنا .. ونعرف كيف نتعامل مع الخارجين عن الصف العربي دونما إساءة للعروبة سنستطيع حقاً أن نتوحد... لأنه في هذا الوقت سيرانا الشعب بشكلنا الحقيقي لا المشكوك بأمره.. فيلتحم الشعب بالقادة و تتوحد الكلمة والصف. فهيا بنا نبدأ ..حتى لا يطول علينا الطريق ..
فهل من مجيب .

**

نائب رئيس حزب مصر الفتاة
وأمين لجنة الإعلام
رئيس تحرير جريدة مصر الحرة الالكترونية
رئيس الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني

ليست هناك تعليقات: