الأربعاء، سبتمبر 24، 2008

أولمرت – بوش نهايات مأساوية

راسم عبيدات
......يبدو أن "أولمرت" قد وصل نهايته السياسية المحزنة،قبل شركاءه قي العملية السياسية من فلسطينيين وأمريكان،وصلها وهو يئن تحت أوزار فضائحه وإخفاقاته وخيبات أمله في كل المناحي شخصياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً،فهو على المستوى الشخصي تحدق به فضائح الرشاوي والفساد وتبيض الأموال من كل صوب وحدب،وقد تقوده إلى السجن عدة سنوات.
أما على المستوى السياسي،فخيبات أمله لم تنعكس عليه فقط،بل وعلى شركاءه في الحكومة،فهو وصل إلى رئاسة الحكومة ورئاسة"كاديما" الحزب الذي أسسه شارون ومن ثم دخل في غيبوبة طويلة ومستمرة مكنت"أولمرت" من خلافته برئاسة الحزب والحكومة لمدة سنتين وتسعة أشهر،والتي كل التحليلات تقول أن فترة حكمه، كانت أسوء فترة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة،والمهم هنا أن "أولمرت" بنهايته السياسية،ربما هو الآخر سيدخل في غيبوبة طويلة شبيهة بغيبوبة "شارون"،وقد تكون ممهد لدخول حزب"كاديما"،هو الآخر في غيبوبة عميقة بعد أن ظهرت عليه بوادر التفكك والتحلل بعد فوز ضابطة الموساد السابقة"تسيفي ليفني" برئاسته،حيث ألمح منافسها وزير الدفاع السابق"شاوول موفاز" عن نيته اعتزال العمل السياسي.
"فأولمرت" في تشكيلة حكومته الأولى، كان زعيم حزب العمل السابق "عمير بيرتس"وزيراً للدفاع،وبسبب قلة خبرته العسكرية،والإخفاقات في الحرب العدوانية على لبنان في صيف/2006،اضطر لتقديم استقالته،وكذلك خسر زعامة حزب العمل،أما "ابراهام هيرشيزون" والذي عينه وزيراً لحقيبة المالية،فسرعان جشعه وطمعه وحبه للمال،ما أطاح به حيث اتهم بالفساد وتلقي الرشاوي،أما الوزير"حاييم رامون" والذي اختار المواجهة مع محكمة العدل العليا،والذي خسر المعركة،فقد اضطر لتقديم استقالته بعد فضيحة التحرش الجنسي بإحدى العاملات في الوزارة،في حين الذي خلفه في وزارة العدل" دانييل فريدمان"،بدلاً من المساهمة في رفع شأن القضاء والقضاة،فقد عمل كثور هائج ضد الجهاز القضائي وألحق به ضرراً بالغاً،وفترة رئاسته للوزارة ،كانت الثقة والمصداقية في الجهاز القضائي في أدنى مستوياتها ودرجاتها.
أما كبرى خيباته وإخفاقاته في المجالين الأمني والعسكري،فقد كانت سوء التقدير وسوء الطالع والعنجهية والغرور،هي التي دفعت به وبوزراء آخرين إلى اتخاذ قرار بشن حرب على لبنان،بعد أن قام حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين،والهزيمة العسكرية التي لحقت بإسرائيل في هذه الحرب،أحدثت هزة واسعة في المجتمع الإسرائيلي،وتشكلت عدة لجان تحقيق غير رسمية ورسمية وأهمها لجنة"فينوفراد"،والتي أقرت بشكل واضح بعدم تحقيق إسرائيل لأي انجاز حقيقي وجدي في هذه الحرب،هذه الحرب ترتب عليها استقالات وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وقائد المنطقة الجنوبية وعدد من قادة الجيش الآخرين،ورغم أن "أولمرت" استمر بتمسكه بالكرسي ورفض النتائج وتوصيات لجنة "فينوفراد" والمظاهرات التي استمرت لمدة ليست قصيرة تطالبه بالاستقالة من منصبه،فقد حاول أن يعوض عن ذلك في الجانب السياسي،من خلال التفاوض والعملية السياسية مع السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس،والذي حاول حتى أخر يوم ولقاء له مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس،أن يتوصل الى اتفاق ولو على شكل إعلان مبادئ أو اتفاق سقف غير ملزم،بحيث هذا الاتفاق يشكل رصيد ايجابي له في نهاية مستقبله السياسي،بدل من دخول التاريخ من زاوية الفساد والرشاوي والإخفاقات والهزائم،ولكن وصل نهاية مستقبله السياسي دون أن يتحقق هذا الاتفاق،وعلى جبهة حماس المسيطرة على السلطة في قطاع غزة،سعى لعقد هدنة مع حماس،هذه الهدنة التي كانت مثار خلاف،والتي كان من خلالها يراهن على تحقيق انجاز، ربما يتلخص في الضغط على حماس مقابل الموافقة على هذه التهدئة،أن تخفف وتلين من شروطها ،لإطلاق سراح الجندي المأسور "جلعاد شاليط"،ولكن حماس أصرت على موقفها ،ولم تمنح "أولمرت" مثل هذا الانجاز الذي يحسن من صورته وسمعته، وحظه على جبهة المفاوضات مع سوريا،لم يكن بأحسن حظ من الجبهة الفلسطينية،حيث أنه لم ينجح في تحويل المفاوضات غير المباشرة مع سوريا والتي رعتها تركيا،ولم تحظى بالموافقة الأمريكية إلى مفاوضات مباشرة،وبالتالي لم يكن هنا أي انجاز سياسي يذكر،وفي الجبهة اللبنانية والتي كان يراهن فيها على تفجير الوضع الداخلي اللبناني،وتجريد حزب الله من قدراته العسكرية،لم تجري الرياح كما تشتهي سفنه،حيث نجحت قطر وبجهد سوري وعربي في حل مشكلة الاستعصاء اللبناني،وأصبح حزب الله أقوى مما مضى وزاد من قدراته العسكرية كماً ونوعاً،بل وربما أصبحت صواريخه قادرة على الوصول الى أي هدف قي إسرائيل.
والنهاية المأساوية لمصير"أولمرت" السياسي،هي على الأرجح تنتظر الرئيس الأمريكي"جورج بوش" والذي شن حربه العدوانية على العراق واحتلها ونهب خيراتها وثرواتها،وقتل وشرد أبنائها،وأدخلها في متاهات الحروب الطائفية والمذهبية،وكذلك أفغانستان التي هوجمت تحت يافطة وذرائع الحرب على "الإرهاب"،والشعب الفلسطيني الذي رفض خياره الديمقراطي وفرض عليه الحصار الظالم،وسوريا التي حوصرت وعوقبت تحت حجج وذرائع دعم ومساندة"الإرهاب"،وإيران فرض عليها الحصار والعقوبات، لمحاولتها امتلاك التكنولوجيا والسلاح النووي،وفي كل ذلك لم تجني وتحصد أمريكيا سوى الفشل والهزائم،فهي لم تحقق انتصارات لا في العراق ولا أفغانستان،بل تتعمق أزماتها في المستنقعين العراقي والأفغاني،والمقاومة في كلا البلد تتصاعد وتتطور كماً ونوعاً،والشعب الفلسطيني لم يستسلم ورفض الخضوع للشروط والامتلاءات الأمريكية- الإسرائيلية لما يسمى بالسلام،وسوريا كسرت حلقات الحصار والعزلة الأمريكية،وأضحت لاعب إقليمي قوي في الكثير من قضايا المنطقة،أما ايران فلم تأبه بالتهديدات والعقوبات الأمريكية،واستمرت في تطوير قدراتها العسكرية،وكذلك برنامجها النووي،والتي اعتبرت امتلاكه حق مشروع لها،ولم تكن هذه خيبات الأمل الوحيدة للإدارة الأمريكية،فحزب الله اللبناني أجهض ولادة المشروع الأمريكي الشرق الأوسط الكبير،والنظام الحليف لها في جورجيا تلقى ضربة قاسمة على يد القوات الروسية.
إذا هذا ما حصده "أولمرت" وبوش بسبب سياساتهما العدوانية،وما تقوم عليه رؤيتهما ومواقفهما من إخضاع للآخرين بالقوة،ودون مرعاه لأهدافهما وتطلعاتهما في الحرية والاستقلال،وعدم تقبل ما يروجونه ويسوقونه من أكاذيب وادعاءات حول محاربة ما يسمى بالإرهاب،وهم يشاهدون" أولمرت وبوش" يمارسون كل أشكال وأنواع الإرهاب بحق الشعوب المضطهدة والمظلومة.

ليست هناك تعليقات: