الياس بجاني
اليوم ونحن نتذكر استشهاد الرئيس الشهيد الشيخ بشير الجميل، لا بد لنا أولاُ من أن نستلهم من نضاله القدوة والعزيمة والإيمان والثبات، وثانياً أن نلفت القادة والمسؤولين والسياسيين الذين ضعفت ذاكرتهم، وتخدرت ضمائرهم، وماتت الوطنية في داخلهم، وقل إيمانهم، وخاب رجاؤهم وأعمت بصائرهم الأطماع الذاتية، نلفتهم إلى إن مَن لا يَحمِلْ منهم صَليبَ لبنان وإكليل الشوك، ويتحسس عذابات شعبه المقهور، ويتنسك في محراب قضيته والهوية، فهو لَيسَ أَهْلاً لتبؤ سُدَّة القيادة والمسؤولية، ومن هو فاتر منهم ومتقلب وحربائي في مواقفه والممارسات سيبصقه الناس لا محالة!!
لهؤلاء القادة والسياسيين الأقزام الذين بالكاد يتذكرهم الناس وهم أحياء يرزقون، ويلعنون ساعتهم وكفرهم والهرطقات، نقول: إن البشير وبعد مرور 26 سنة على استشهاده لا يزال حياً في قلوب ووجدان وضمائر الأحرار والشرفاء والسياديين من أهلنا في الوطن الأم المعذب، كما في بلاد الانتشار الواسعة، فيما انتم يا أشباه الرجال أموات في نظر الناس رغم كل مالكم والنفوذ والضوضاء الكاذب والمفتعل من حولكم.
يا بشير، يا باش، يا حلم لبنان الحرية والسيادة والاستقلال والكرامات، يا ابن وطن الأرز البار، نم قرير العين فحلمك، حلم الحرية والكرامة والجباه العالية لا يزال وهاجا،ً وراياته لا تزال خفاقة، وهو سوف يعيش ويكبر ويتحقق طالما بقي لبنانياً واحداً حراً.
في هذه الذكرى الأليمة لا بد لنا من مراجعة حال وطننا، وكفر وجنوح غالبية قادته، وتسمية الأشياء بأسمائها، كما علمنا البشير الذي قال: جئت لأشهد للحقيقة مهما كانت. والحقيقة أن السواد الأعظم من الحكام والسياسيين والقادة عندنا قد فقدوا البوصلة القيمية والأخلاقية والإيمانية وأوصلوا وطن الأرز إلى حال يرثى لها.
نعم، لقد أثبت هؤلاء، وهم الطبقة الحاكمة في لبنان، والمتحكمة برقاب وأعناق ناسه، ومن ورائهم الطغمات الحزبية والمجتمعية، والإقطاعية والأصولية، والمقاومتية الكاذبة، والشعوبية المتمذهبة بكل تلاوينها، أثبتوا أنهم عاجزون عن التصدي لتحديات المرحلة الاستقلالية التي تلت انسحاب الجيش السوري المحتل وخروجه المذل من لبنان على وقع أقدام شباب ثورة الأرز.
طبقة أثبتت أنها عاقرة فكراً وعلماً، منطقاً وتنظيما،ً وإيماناً ونوايا، وكان جلياً هذا العجز الفاضح والناطح خلال الحرب العبثية التي شنها حزب الله الأصولي على إسرائيل سنة 2006 وتسببت بما تسببت به من كوارث وضحايا وخسائر وسقوط أقنعة.
طبقة أثبتت أنها الفشل بعينه وأمه وأبوه وذلك من خلال عجزها عن مواجهة حزب ولاية الفقيه وهو يغزو القسم الغربي من العاصمة، ومن ثم يحاول احتلال الجبل، وما أعقب ذلك من غزوات وانتشار مسلح فاضح لمقاتلي هذا الحزب الشمولي والأصولي، ليس فقط داخل دويلته، بل في البقاع وصنين والشمال وجزين وغيرها العشرات من المواقع والمناطق. كما أن معظم ردات الفعل على جريمة اغتيال حزب الله للطيار سامر حنا كانت مخجلة ومعيبة، ودون المستوى الوطني المطلوب.
إن اللبناني العاقل المتنور بالحكمة والمنطق، وصاحب الضمير والثوابت الوطنية والأخلاقية يجب أن يرفض السير الغنمي وراء أوهام وأطماع وغرائز زعامات وقيادات ومرجعيات نرجسية تفتقد إلى كل مقومات الأحاسيس البشرية، وهي لا وجود في قاموسها للحريات والحقوق والديموقراطية واحترام الرأي الآخر.
اللبناني المؤمن بقضية وطنه ومواطنيه والحقوق، وبحلم البشير، وليس بهالة قيادات وزعامات عليه أن يزدري بامتياز كل منطق قطعان المواشي وممارسات القادة والسياسيين والحكام المسوخ، ويحتقر كل حربائية ودجل الطبقة السياسية الكوارثية التي بليَّ لبنان بموبقاتها وكفرها والهرطقات.
إن المتتبع لمجريات الأمور والراصد لمواقف وأفعال الممسكين بقرار البلد حكاماً ومعارضة وفي شتى المواقع لا بد وانه مدرك تردِّي الأحوال على كل الصعد ومتلمس شعور الأحرار من شعبنا الرافضين طبقة سياسية نتنة، وطغمة حاكمة منبثقة منها، وهم بأسى يتحسرون على ضياع فرص استعادة الدولة القادرة والعادلة التي طالما منوا النفس بها.
فالناس لا تسمع من الحكام الموالاة والمعارضة، الذين جمعتهم حكومة واحدة، سوى الكلام العكاظي يلقى على عواهنه، في سجالات إعلامية مسرحية مملة ورتيبة، وهم مجوا جولات الشتائم العقيمة التي لا نهاية لها، فيما حدود البلد بجنوبه وبقاعه وشماله مشرعة للأغراب وشذاذ الأفاق، وتهريب الأسلحة، والدويلات والمربعات الأمنية التي أقامها حزب الله وربعه تزداد قوة ونفوذاً على حساب سلطة الدولة، والعصبيات الفئوية تحتدم، والفساد يستشري، وعجز الخزينة ومعه عبء الدين العام يزداد ملايين ومليارات، والانقسامات السياسية تستفحل، ومعضلة البطالة تتفاقم، والأزمة المعيشية تتصاعد، وحركة الهجرة نزيف مستمر، وقد بينت الدراسات والتقارير الأخيرة أن ما يقارب الربع مليون لبناني قد رحلوا عن وطن الأرز خلال السنتين الماضيتين.
إن أخطر ما نتج عن هذا الواقع المذري هو كفر الأشراف والأحرار بالحكام والسياسيين، معارضة وموالاة على حد سواء، إضافة إلى حال إحباط مأساوي وانحداري عام حيث لم يعد يتبين المواطن أية بارقة أمل أمامه بمخرج وشيك من الأزمة المستحكمة.
إن ما يحز في النفس ويزعج ليس تحجر عقول وعفونة ضمائر كتبة وفريسيين وعشارين ومهرطقين من أهل السياسة الأتباع والحواشي وأصحاب الشعارات العروبية الوهم، والمقاومة الدونكشتية، والماركسية الساقطة، والأصولية المجرمة، ومعهم ربع المعالف والسفارات. فهؤلاء والشهادة لله، تاريخهم مخزي ومعروف، في حين أن حاضرهم والمستقبل لن يكونا بحال أفضل، فمن شب على شيء شاب عليه.
إن ما يحزن، ويؤلم ويحبط بالفعل، فهو الجنوح الغير مبرر والغير مفهوم وطنياً للعماد ميشال عون وتوليه علنية ودون خجل أو وجل مهمة تغطية كل أفعال حزب الله وإيجاد المبررات لها، بدءاً من حرب الـ 2006، وصولاً إلى غزو بيروت والجبل، مروراً بربطه مصير سلاح هذا الحزب بعودة فلسطيني الشتات، وأخيراً وبالطبع ليس آخراً تجريمه للقتيل وتبرئته للقاتل في حادثة إسقاط مروحية الجيش، ومن ثم إعلانه الحرب على جريدة لوريان لو جور.
يتغاضى جنرال الرابية عن دروس كان من المفترض أن يتعلمها من التاريخ ويأخذ العبر منها. فقد وثق الناس به، ورأوا فيه صورة المخلص، وصدقوا طروحاته والشعارات، وضحوا في سبيل القضية التي كان يحمل لواءها بكل ما يملكون. سُجنوا واضطهدوا وأفقروا وهجروا، وفُبركت لهم الملفات القضائية.
سانده الناس الأحرار ونظيفي الكف طوال سني حقبة العذاب والغربة والنفي على خلفية أنه حر القرار، وضميره حي، ويعمل ضمن قناعات وثوابت وطنية راسخة، ومترفع عن المصالح الشخصية والمنافع. فإذا به وبعد أن وضعه الناس الأشراف هؤلاء في صدارة المسؤولية وسلموه صكوك التوكيل ينقلب على أطروحاته والوعود وينكص بما أبرم من عهود ووعود، وبين ليلة وضحاها انتقل من قاطع إلى آخر، وراح يطل بوجوه ومواقف هجينة وغريبة، ويستعمل لغة تخاطب ومفردات ليست من شيمه، ويتخذ أشكالاً لم يألفها فيه الناس.
إن المطلوب وبصدق من جنرال الرابية في ذكرى البشير الـ 26 أن يستعيد ماضيه النضالي والسيادي واللبناني الصرف، ويعود إليه ولذاته، تلك الذات التي عرفها الناس فيه وأحبوه بسببها، وأن يرجع وبسرعة إلى خط ونهج وشعارات البشير، وهو الذي اكتسب شعبيته بنتيجة تبنيه لها والمقاومة من خلالها.
المطلوب من الجنرال ومن الذين جرفتهم الأمواج، وأبعدتهم الرياح عن الشطآن، المطلوب منهم صحوة ضمير صادقة، ومراجعة ذات ثاقبة، واعتراف بتعثر خيارات خاطئة، واقتناع بضرورة تعديل مسارات منحرفة، ولجم لنزوات وغرائز قبل فوات الأوان!!!
إن لم يتعظ هؤلاء المنقلبين على حلم البشير والشاردين والمرتدين عن خط السيادة والحرية والاستقلال والكرامات، ويتوبوا ويقدموا الكفارات الوطنية، فإن حسابهم مع شعبهم سيكون عسيراً عندما تأتي الساعة، وهي لا محالة آتية وعلاماتها والتباشير لاحت هنا وهناك وهنالك حيث انقشع الضباب، والهالات زالت، وسقطت الأقنعة، وانكشف المستور، ولم يبق إلا البكاء وصريف الأسنان.
اليوم ونحن نتذكر استشهاد الرئيس الشهيد الشيخ بشير الجميل، لا بد لنا أولاُ من أن نستلهم من نضاله القدوة والعزيمة والإيمان والثبات، وثانياً أن نلفت القادة والمسؤولين والسياسيين الذين ضعفت ذاكرتهم، وتخدرت ضمائرهم، وماتت الوطنية في داخلهم، وقل إيمانهم، وخاب رجاؤهم وأعمت بصائرهم الأطماع الذاتية، نلفتهم إلى إن مَن لا يَحمِلْ منهم صَليبَ لبنان وإكليل الشوك، ويتحسس عذابات شعبه المقهور، ويتنسك في محراب قضيته والهوية، فهو لَيسَ أَهْلاً لتبؤ سُدَّة القيادة والمسؤولية، ومن هو فاتر منهم ومتقلب وحربائي في مواقفه والممارسات سيبصقه الناس لا محالة!!
لهؤلاء القادة والسياسيين الأقزام الذين بالكاد يتذكرهم الناس وهم أحياء يرزقون، ويلعنون ساعتهم وكفرهم والهرطقات، نقول: إن البشير وبعد مرور 26 سنة على استشهاده لا يزال حياً في قلوب ووجدان وضمائر الأحرار والشرفاء والسياديين من أهلنا في الوطن الأم المعذب، كما في بلاد الانتشار الواسعة، فيما انتم يا أشباه الرجال أموات في نظر الناس رغم كل مالكم والنفوذ والضوضاء الكاذب والمفتعل من حولكم.
يا بشير، يا باش، يا حلم لبنان الحرية والسيادة والاستقلال والكرامات، يا ابن وطن الأرز البار، نم قرير العين فحلمك، حلم الحرية والكرامة والجباه العالية لا يزال وهاجا،ً وراياته لا تزال خفاقة، وهو سوف يعيش ويكبر ويتحقق طالما بقي لبنانياً واحداً حراً.
في هذه الذكرى الأليمة لا بد لنا من مراجعة حال وطننا، وكفر وجنوح غالبية قادته، وتسمية الأشياء بأسمائها، كما علمنا البشير الذي قال: جئت لأشهد للحقيقة مهما كانت. والحقيقة أن السواد الأعظم من الحكام والسياسيين والقادة عندنا قد فقدوا البوصلة القيمية والأخلاقية والإيمانية وأوصلوا وطن الأرز إلى حال يرثى لها.
نعم، لقد أثبت هؤلاء، وهم الطبقة الحاكمة في لبنان، والمتحكمة برقاب وأعناق ناسه، ومن ورائهم الطغمات الحزبية والمجتمعية، والإقطاعية والأصولية، والمقاومتية الكاذبة، والشعوبية المتمذهبة بكل تلاوينها، أثبتوا أنهم عاجزون عن التصدي لتحديات المرحلة الاستقلالية التي تلت انسحاب الجيش السوري المحتل وخروجه المذل من لبنان على وقع أقدام شباب ثورة الأرز.
طبقة أثبتت أنها عاقرة فكراً وعلماً، منطقاً وتنظيما،ً وإيماناً ونوايا، وكان جلياً هذا العجز الفاضح والناطح خلال الحرب العبثية التي شنها حزب الله الأصولي على إسرائيل سنة 2006 وتسببت بما تسببت به من كوارث وضحايا وخسائر وسقوط أقنعة.
طبقة أثبتت أنها الفشل بعينه وأمه وأبوه وذلك من خلال عجزها عن مواجهة حزب ولاية الفقيه وهو يغزو القسم الغربي من العاصمة، ومن ثم يحاول احتلال الجبل، وما أعقب ذلك من غزوات وانتشار مسلح فاضح لمقاتلي هذا الحزب الشمولي والأصولي، ليس فقط داخل دويلته، بل في البقاع وصنين والشمال وجزين وغيرها العشرات من المواقع والمناطق. كما أن معظم ردات الفعل على جريمة اغتيال حزب الله للطيار سامر حنا كانت مخجلة ومعيبة، ودون المستوى الوطني المطلوب.
إن اللبناني العاقل المتنور بالحكمة والمنطق، وصاحب الضمير والثوابت الوطنية والأخلاقية يجب أن يرفض السير الغنمي وراء أوهام وأطماع وغرائز زعامات وقيادات ومرجعيات نرجسية تفتقد إلى كل مقومات الأحاسيس البشرية، وهي لا وجود في قاموسها للحريات والحقوق والديموقراطية واحترام الرأي الآخر.
اللبناني المؤمن بقضية وطنه ومواطنيه والحقوق، وبحلم البشير، وليس بهالة قيادات وزعامات عليه أن يزدري بامتياز كل منطق قطعان المواشي وممارسات القادة والسياسيين والحكام المسوخ، ويحتقر كل حربائية ودجل الطبقة السياسية الكوارثية التي بليَّ لبنان بموبقاتها وكفرها والهرطقات.
إن المتتبع لمجريات الأمور والراصد لمواقف وأفعال الممسكين بقرار البلد حكاماً ومعارضة وفي شتى المواقع لا بد وانه مدرك تردِّي الأحوال على كل الصعد ومتلمس شعور الأحرار من شعبنا الرافضين طبقة سياسية نتنة، وطغمة حاكمة منبثقة منها، وهم بأسى يتحسرون على ضياع فرص استعادة الدولة القادرة والعادلة التي طالما منوا النفس بها.
فالناس لا تسمع من الحكام الموالاة والمعارضة، الذين جمعتهم حكومة واحدة، سوى الكلام العكاظي يلقى على عواهنه، في سجالات إعلامية مسرحية مملة ورتيبة، وهم مجوا جولات الشتائم العقيمة التي لا نهاية لها، فيما حدود البلد بجنوبه وبقاعه وشماله مشرعة للأغراب وشذاذ الأفاق، وتهريب الأسلحة، والدويلات والمربعات الأمنية التي أقامها حزب الله وربعه تزداد قوة ونفوذاً على حساب سلطة الدولة، والعصبيات الفئوية تحتدم، والفساد يستشري، وعجز الخزينة ومعه عبء الدين العام يزداد ملايين ومليارات، والانقسامات السياسية تستفحل، ومعضلة البطالة تتفاقم، والأزمة المعيشية تتصاعد، وحركة الهجرة نزيف مستمر، وقد بينت الدراسات والتقارير الأخيرة أن ما يقارب الربع مليون لبناني قد رحلوا عن وطن الأرز خلال السنتين الماضيتين.
إن أخطر ما نتج عن هذا الواقع المذري هو كفر الأشراف والأحرار بالحكام والسياسيين، معارضة وموالاة على حد سواء، إضافة إلى حال إحباط مأساوي وانحداري عام حيث لم يعد يتبين المواطن أية بارقة أمل أمامه بمخرج وشيك من الأزمة المستحكمة.
إن ما يحز في النفس ويزعج ليس تحجر عقول وعفونة ضمائر كتبة وفريسيين وعشارين ومهرطقين من أهل السياسة الأتباع والحواشي وأصحاب الشعارات العروبية الوهم، والمقاومة الدونكشتية، والماركسية الساقطة، والأصولية المجرمة، ومعهم ربع المعالف والسفارات. فهؤلاء والشهادة لله، تاريخهم مخزي ومعروف، في حين أن حاضرهم والمستقبل لن يكونا بحال أفضل، فمن شب على شيء شاب عليه.
إن ما يحزن، ويؤلم ويحبط بالفعل، فهو الجنوح الغير مبرر والغير مفهوم وطنياً للعماد ميشال عون وتوليه علنية ودون خجل أو وجل مهمة تغطية كل أفعال حزب الله وإيجاد المبررات لها، بدءاً من حرب الـ 2006، وصولاً إلى غزو بيروت والجبل، مروراً بربطه مصير سلاح هذا الحزب بعودة فلسطيني الشتات، وأخيراً وبالطبع ليس آخراً تجريمه للقتيل وتبرئته للقاتل في حادثة إسقاط مروحية الجيش، ومن ثم إعلانه الحرب على جريدة لوريان لو جور.
يتغاضى جنرال الرابية عن دروس كان من المفترض أن يتعلمها من التاريخ ويأخذ العبر منها. فقد وثق الناس به، ورأوا فيه صورة المخلص، وصدقوا طروحاته والشعارات، وضحوا في سبيل القضية التي كان يحمل لواءها بكل ما يملكون. سُجنوا واضطهدوا وأفقروا وهجروا، وفُبركت لهم الملفات القضائية.
سانده الناس الأحرار ونظيفي الكف طوال سني حقبة العذاب والغربة والنفي على خلفية أنه حر القرار، وضميره حي، ويعمل ضمن قناعات وثوابت وطنية راسخة، ومترفع عن المصالح الشخصية والمنافع. فإذا به وبعد أن وضعه الناس الأشراف هؤلاء في صدارة المسؤولية وسلموه صكوك التوكيل ينقلب على أطروحاته والوعود وينكص بما أبرم من عهود ووعود، وبين ليلة وضحاها انتقل من قاطع إلى آخر، وراح يطل بوجوه ومواقف هجينة وغريبة، ويستعمل لغة تخاطب ومفردات ليست من شيمه، ويتخذ أشكالاً لم يألفها فيه الناس.
إن المطلوب وبصدق من جنرال الرابية في ذكرى البشير الـ 26 أن يستعيد ماضيه النضالي والسيادي واللبناني الصرف، ويعود إليه ولذاته، تلك الذات التي عرفها الناس فيه وأحبوه بسببها، وأن يرجع وبسرعة إلى خط ونهج وشعارات البشير، وهو الذي اكتسب شعبيته بنتيجة تبنيه لها والمقاومة من خلالها.
المطلوب من الجنرال ومن الذين جرفتهم الأمواج، وأبعدتهم الرياح عن الشطآن، المطلوب منهم صحوة ضمير صادقة، ومراجعة ذات ثاقبة، واعتراف بتعثر خيارات خاطئة، واقتناع بضرورة تعديل مسارات منحرفة، ولجم لنزوات وغرائز قبل فوات الأوان!!!
إن لم يتعظ هؤلاء المنقلبين على حلم البشير والشاردين والمرتدين عن خط السيادة والحرية والاستقلال والكرامات، ويتوبوا ويقدموا الكفارات الوطنية، فإن حسابهم مع شعبهم سيكون عسيراً عندما تأتي الساعة، وهي لا محالة آتية وعلاماتها والتباشير لاحت هنا وهناك وهنالك حيث انقشع الضباب، والهالات زالت، وسقطت الأقنعة، وانكشف المستور، ولم يبق إلا البكاء وصريف الأسنان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق