راسم عبيدات
.....هناك الكثير من المناضلين ينقشون أسمائهم في الذاكرة والوجدان الفلسطيني عميقاً،لما يقدمونه من نضالات وتضحيات،وما يجترحونه من مآثر الصمود والبطولية،في سفر نضال شعوبهم،وريف رام الله وأبنائها من الذين نقشت أسمائهم في سفر النضال الوطني الفلسطيني،فمجدي الريماوي ابن قرية بيت ريما،والتي هي قلعة من قلاع المقاومة والنضال منذ عشرات السنين،صار على درب ونهج من سبقوه من أبناء البلدة،وكان رمزاً وقائداً نضالياً،شارك في العمل الوطني والكفاحي في إطار حزبه،الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،ودفع ضريبة هذا النضال مطاردة وسجون،وآمن بأن النضال الحقيقي،والذي يشكل قدوة ومثالاً للأعضاء وللناس،هو أن يكون القائد في الميدان وفي المقدمة،وحتى لحظة اغتيال الوزبر المتطرف"رحبئام زئيفي"،والتي جاءت في إطار الرد على جرائم الاحتلال واغتيال الأمين العام السابق للجبهة الشعبية القائد أبو علي مصطفى،كان مجدي مناضلاً عادياً كأي مناضل آخر،ولكن بعد العملية النوعية،والتي شكلت سابقة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني والمتمثلة بسرعة ونوعية رد الجبهة الشعبية على اغتيال أمينها العام السابق،جعل اسم مجدي الريماوي ورفاقه،محور اهتمام ليس الشعب الفلسطيني وحده،بل محور اهتمام عربي ودولي،وبقدر ما أحدثت تلك العملية حالة واسعة من الفخر والاعتزاز والارتياح في الشارع الفلسطيني،بقدر ما شكل صدمة وضربة قوية لحكومة إسرائيل وأجهزة مخابراتها،والتي أعلنت حرباً شاملة على الجبهة الشعبية والشعب الفلسطيني،بهدف اقتلاع الجبهة من جذورها،وكانت بيت ريما على رأس هذه الأهداف،حصار واقتلاع أشجار وحرق مزروعات وقتل حيوانات وهدم بيوت واعتقالات،وطورد مجدي ورفاقه،واشترك أكثر من جهاز مخابرات في ملاحقتهم ومطاردتهم ،ليجري اعتقالهم في أحد السجون السلطة الفلسطينية في أريحا،بأشراف أمريكي- بريطاني،وليجري بعد أكثر من أربع سنوات ونصف من الاعتقال،هدمه على رؤوسهم من قبل سلطات الاحتلال،واعتقالهم بتواطؤ أمريكي- بريطاني،وموقف غير مبرر ومفسر من السلطة الفلسطينية،ويدخل مجدي زنازين الاحتلال وسجونه،ويسجل موقفاً بطولياً في التحقيق والصمود،ويرفض مجرد الرد على أسئلة محققيه،وفي السجن يشكل نموذجاً وقائداً ،ليس على مستوى رفاق حزبه،بل على مستوى الحركة الأسيرة،مؤمناً وقانعاً أنه أدى ويؤدي دوراً في إطار الدفاع عن شعبه وحقوقه وحريته واستقلاله،ومجدي على المستوى الأسري يملك عائلة وأسرة مناضلة،فزوجته السيدة فتحية البرغوثي (الريماوي) استطاعت أن تقود وعبر العملية الانتخابية الديمقراطية مجلس بلدي قرى بني زيد الغربية بكفاءة عالية،وحققت الكثير من الانجازات في الجانب الخدماتي والجماهيري لهذه القرى،عدا عن دورها الأسري والوطني،فهي ناشطة في القضايا النسوية،وفي كل المناشطات والفعاليات التضامنية مع الأسرى،ناهيك عن أنها محط ثقة واحترام أهل بلدتها،وهي تقول وترى أن زوجها ورفاقه،والذين سجلوا سابقة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني وسفر نضاله،بعمليتهم النوعية والتي تركت آثراً وصدىً واسعين،على قدرة المقاومة الفلسطينية في الرد على جرائم الاحتلال،يستحقون أن يخرجوا من سجون الاحتلال،وهم مرفعوا الهامات،وهذا لن تحققه لا حسن النوايا ولا صفقات الإفراج،بل أن الفرصة المتاحة والمتوفرة لهم،أن يكونوا ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي المأسور"شاليط".
أما قرية بلعين ،إحدى قرى رام الله الغربية،القليلة بعدد سكانها،الكبيرة بأفعالها ونضالاتها،فقد أضحت العنوان الأبرز في النضال الشعبي والجماهيري،وتحديداً في الفعاليات والاحتجاجات الأسبوعية منذ ما يزيد على ثلاث سنوات،ضد جدار الفصل العنصري،والذي قطع أوصال البلدة والتهم أكثر من 60% من أراضيها الزراعية والمخصصة لتوسعها،وهذه النضالات حققت العديد من الانجازات،لعل من أبرزها تعديل جزئي لمسار جدار الفصل،حرر من خلاله جزء من الأرضي التي التهمها الجدار ،ناهيك أن هذه النضالات الجماهيرية،أصبحت مثالاً يحتذى في القرى والبلدات الفلسطينية،التي يتلوى على ويقتطع جدار الفصل العنصري أراضيها،فها هي نعلين وسلمونه وجيوس والمعصرة وغيرها،تسير على نفس النهج والدرب،وبطل بلعين أشرف أبو رحمة الملقب"بالضبع"،سمعته وشهرته جاوزت حد فلسطين،وبفضله وبفضل نضالات أهل بلدته،أصبحت بلعين محج وقبلة الكثير من الوفود التضامنية الأجنبية ووسائل الأعلام محلية ودولية،فأشرف أعاق ولمدة خمس ساعات متواصلة بدء الجدار،من خلال تعلقه على قمة الرافعة،التي تنزل الكتل الأسمنتية الخاصة به،وكان تصرفه هذا إيذانا بنضال شعبي وجماهيري متواصلين ضد جدار الفصل العنصري،يتسلح فيه أهل بلعين بوحدة الإرادة والهدف،وبوحدة لكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،قل نظيرها في زمن الانقسام وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة،"والضبع" لم يقصر نضالاته على قريته،بل شارك القرى الأخرى فعاليتها واحتجاجاتها،حيث ذهب إلى قرية نعلين،وهناك جرى اعتقاله من قبل جنود الاحتلال،والذين كانوا قد عقدوا العزم على تصفيته وإسكات صوته إلى الأبد،حيث أخذوه إلى منطقة مزوية وبعيدة عن الأنظار،وقام أحد جنود الاحتلال بأمر من ضابطه،بإطلاق رصاصة مطاطية على قدمه من نقطة الصفر،وهو معصوب العينين ومكبل اليدين،ومن ثم تنكشف هذه الجريمة من خلال طالبة تدعى سلام عميرة،حيث روعتها هذه الجريمة البشعة،ودفعها حسها الوطني وانتماءها الصادقين،لتوثيق هذا المشهد على "شريط" تخرجها والذي قامت بمسحه لتوثيق هذا المشهد،ولكي يقوم لاحقاً مركز حقوقي إسرائيلي،ببث مشاهد تلك الجريمة،والتي بدلاً من أن تعتقل حكومة الاحتلال وتحاكم الجنود الذين قاموا بهذه الجريمة،اعتقلوا والد الفتاة التي صورت الشريط،أما الجنود الذين قاموا بهذا العمل،فقد اعتبر عملهم،ليس جريمة بل تصرف غير لائق.
هذه مآثر وبطولات أبناء ريف رام الله مجدي الريماوي وأشرف أبو رحمة،حفرت عميقاً في ذاكرة ووجدان شعبنا،وهي بطولات تستحق التأريخ والأرشفة،فرغم قساوة ورداءة المرحلة وسوداويتها،إلا أن شعبنا قادر على مواصلة التضحية والعطاء،وثورة وشعب أنجب مثل هؤلاء القادة،في العمل التنظيمي والجماهيري،يستحق أن يعيش بحرية وكرامة،ونضالات مجدي وأشرف وغيرهم من أبناء شعبنا،لا بد لها من أن تثمر نصراً وحرية.
الثلاثاء، سبتمبر 09، 2008
بيت ريما .. مجدي الريماوي.. بلعين .. أشرف أبو رحمه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق