الأربعاء، سبتمبر 17، 2008

اشكاليات الجبهة في الناصرة كما طرحها منشورها الأول

نبيل عودة
للتفكير ، قبل فوات الأوان ...
بدأت معركة الانتخابات لبلدية الناصرة تتخذ مسارها المتوقع . الجبهة لم تجد بديلا عن المهندس رامز جرايسي ، وكان واضحا ان ترشيحه يمثل حلا لتناقضات ونقاشات وخلاف حاد داخل صفوف الجبهة ، وبين الجبهة وفرع الحزب الشيوعي في الناصرة ، والمؤسف ان قرار ترشيح رامز رافقه قرار مسيء للجسم السياسي المركزي في الجبهة ( الحزب الشيوعي ) الذي أنشأ الجبهة ، بفصل السيد زاهر بولس من قيادة فرع الحزب الشيوعي في الناصرة ، بسبب مواقفه الانتقادية من المهندس رامز جرايسي ورفض قبول ترشيحه مرة أخرى ، ومطالبة الفرع بحصة في كعكة البلدية ، على حساب الجبهة التي تحولت الى جسم مستقل نسبيا أو بشكل مطلق عن الحزب الشيوعي في الناصرة..
لا شك ان للمهندس رامز جرايسي قيمة كبرى ، ودورا كبيرا ومميزا في النشاط البلدي ، ولا يمكن الا رؤية بصماته الواضحة على عملية التطور التي شهدتها الناصرة منذ وصول الجبهة للبلدية، وقد كان الدينامو الذي قاد عملية التطوير والتغيير في المدينة ، منذ انتخابه نائبا لرئيس البلدية المرحوم توفيق زياد .عمليا رامز يدير عملية التطوير والبناء منذ اواسط الثمانينات من القرن الماضي . وهي فترة طويلة جدا ومرهقة جدا .. والمؤسف ان رامز سيتحمل نتائج الجمود والتفكك في الجسم الجبهوي ، وعدم قدرة الجبهة على توسيع تحالفاتها ، والتقوقع داخل البوتقة الضيقة نسبيا والتي تضيق باستمرار ، دون القدرة على اختراق فكر وقيود التركيبة التقليدية المملة لحركة ( وليس مجرد قائمة ) تنشد الانتصار حقا ، ومواصلة البناء والتطوير .
ومع ذلك ، أرى ان الكثير يتوقف اليوم على قدرة رامز جرايسي في توسيع قاعدة الجبهة ، وعدم البقاء داخل قيود تنظيم فقد القدرة على التطور والاتساع والابداع .
منشور الجبهة الأول الذي وزع قبل اسبوع ( الجبهة .. جبهة الناس .. كل الناس !) ، كتب بشكل مسيء جدا للجبهة . كتابة انشائية تحمل الكثير من قصر النظر والغباء السياسي ، وضعف اعلامي مريع في فهم الهدف من منشور انتخابي دعائي ، مما يجعله ادانة للجبهة في عدد من المسائل التي يطرحها هذا المنشور.
خيل لي أني أقرا أول منشور أصدرته الجبهة. كأننا ما زلنا نعيش في مرحلة تخليص البلدية من تحكم السلطة ، وكأن الزمن السياسي توقف في اواسط الثمانينات من القرن الماضي .
ان تعبير "الكرامة والخدمات" أصبح روتينا مملا . . موقف تجاوزناه مع الجبهة منذ عقود ، هل يعجز هذا الجسم عن فهم الواقع الجديد اليوم ، أم انه يعتقد ان قديمه صالح دائما وفي كل الأحوال؟
نحن لم نعد في مواجهة سيطرة سلطوية مهينة على بلدية الناصرة . وجمود مخطط في الخدمات يجعل من الناصرة مدينة لا تصلح للعيش . كرامتنا اليوم تتعلق بما تنجزه الجبهة وما أنجزته ، وهناك انجازات هامة وكبيرة . السؤال ما هي العقلية الدوغماتية التي تصر على صياغة تضر ولا تجند همم النصراويين كما كانت الحال في بداية الطريق..؟
سيقول البعض ان : "نبيل عودة ضدنا ، لا تقرأوا كلامه !!".. لا يا أصحابي ، نبيل عودة مع الناصرة وأهل الناصرة يريد ان يرى الناصرة تحافظ على مكانتها واستمرار رقيها وتطورها ، وخلافه السياسي مع جسم ما لا يقرر في مواقفه من مصالح أهل الناصرة ، وانتقاده الحاد ليس عداء ، بل رؤية تنبع من فهم الواقع الاجتماعي والسياسي ، ومن فهم ما ينتظره الغيورون على مصير الناصرة . وبنفس الوقت ليس مبايعة عمياء لأحد !!
من النقاط التي تضر بالجبهة ، والتي جاءت بالمنشور الأول : " اجراء اصلاحات جذرية ومنهجية في جهاز المستخدمين " – هذا اقرار بواقع جهاز المستخدمين يدينكم بالاهمال والعجز . من منعكم من اصلاح الجهاز ورفع مستوى خدماته للجمهور؟ اليس من العار بعد أربعة عقود تقريبا ان نظل في نفس المكان من العجز في جهاز المستخدمين ؟ اعرف كيف تختارون المستخدمين ، أو بعضهم ، ولا اريد أن أذكر حقائق عن اسلوب غير سليم وفاسد في اختيار الموظفين اسلوب مؤلم ومضر بالجبهة ومكانتها السياسية ، وليس بالبلدية وجهاز موظفيها فقط .
هل حقا كان كاتب المنشور على وعي بما يكتب؟!
جاء أيضا : " تعميق العلاقة ين البلدية والجمهور الواسع على اسس مهنية " – صباح الخير يا جبهة !! هل بعد أربعة عقود ستقنعون أهل الناصرة انكم خلال الفترة التاريخية الماضية لم تجدوا الوقت لحل هذا الوضع الذي يتحدث فيه، وبألم ، الصغار والكبار في الناصرة ؟ الحكايات كثيرة ، وللأسف معظمها صادقة . أعرف ان حل هذه الاشكالية يعني متاعب للرئيس والادارة ، ولكنه حق اساسي للمواطنين وعلاقتهم مع بلديتهم ورئيسها.
جاء أيضا : " فرض سلطة القانون في جميع مجالات العمل البلدي " – هل نفهم من ذلك ان البلدية لا تعمل بالاعتماد على سلطة القانون ، ولا تفرضه الا على البعض ..؟ أم ان كاتب المنشور لا يعرف ما يقول ، ويكشف مسائل من المفروض أن لا يطرحها منشور انتخابي لتنظيم سياسي يسيطر بشكل مطلق على ادارة البلدية منذ ما يقارب العقود الأربعة؟ هل منعكم أحد من جعل هذا البند الدعائي قيمة عليا في ادارة شؤون البلدية من يوم وصول الجبهة الأول للبلدية ؟الم يكن تطيق القانون يعني الكرامة أيضا .. بدل التسيب والارتجال حسب العلاقة أو القدرة التي يمثلها الشخص؟
لا أنتقد قصور البلدية في التطوير والبناء ، لا أنتقد قدرات المهندس رامز جرايسي واخلاصه ونقاوة كفه . أنتقد سياسة التقوقع الجبهوية المأساوية في ظروف الناصرة . أنتقد بقاء اوضاع البلدية السيئة ، التي عبر عنها المنشور بدون وعي .. وأهم ما أنتقده عجز الجبهة عن فتح ابوابها أمام تشكيل قائمة أهلية واسعة ، وليس قائمة جبهوية تفتقد لكل مركبات الجبهة .وليس سرا ان الجبهة اليوم هي قائمة انتخابية ، بعد ان فقدت مركباتها الشعبية ، نتيجة تصرفات خاطئة سياسيا وفكريا مع بداية طريقها السياسي والبلدي .
اذا أردتم الانتصار في المعركة القادمة ، فليس لكم بديل الا فتح الأبواب واسعة أمام تشكيل قائمة أهلية ، وليس قائمة مكررة انعزالية بأسماء لا تتغير ولا تتبدل ، وبعقلية سياسة الأحياء والطوائف المبتذلة !!
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com

ليست هناك تعليقات: